الاثنين، 23 يونيو 2014

سليمان وإبليس . . 2 שלמה ואשמדאי


وصل بنياهو, عبد سليمان الأمين, وإبليس إلى أورشليم. جيء بإبليس بعد ثلاثة أيام للمثول أمام الملك. تظاهر إبليس بالحزن أمام سليمان وقال :
انظر, أنت ملك وأنا ملك, لماذا أغضبتني وأخرجتني من مكاني, وأنت تملك بلدانًا وحلفاء كُثر؟
فأجابه سليمان: أنا لا أطلب منك سوى أن تذكر لي ما هو المخلوق الصغير "شامير/الدودة التي تفلّ الصخر", وأين تتحفظ عليه؟

أجاب إبليس: أنا لست سيدًا للدودة الآن, لأنني سلمتها لوزير البحر! استدعي وزير البحر. فقال الوزير: وأنا أيضًا لم اعد أملك سلطانًا على تلك الدودة, ويقوم على حراستها الآن أحد الطيور, واسمه "الهدهد". خرجوا في طلب الهدهد, وبعد مشقة بحث عثروا عليه في عشّ بأحد التلال, جعلوه يترك مكانه, وبالفعل كانت الدودة هناك.
أخذوا الدودة العجيبة من مكانها, ووضعوها على سطح الحجارة الضخمة, فقامت بتجهيزها بشقِّها وإعدادها للبناء, قامت الدودة بما هيئها الله للقيام به, ولذلك قيل: لم يسمع صوت أداة من حديد!, في نحت حجارة الهيكل.
شاهدإبليس عظمة الملك سليمان وفخامته مُلكِه, فحسده وعرض عليه أن يتبادل مملكته ؛ جبال الظلام بمملكة سليمان, أورشليم.
سحر إبليس/سيد الجنّ؛ وتقمّص شخصيّة الملك, وجلس على العرش, وأخذ سليمان بقفزة واحدة واتى به على مسافة 400 فرسخ بعيدًا عن المدينة. وجعل سليمان فقيرًا بائسًا يسير حافي القدمين, يرتدي أسمالا, ويلتحف السماء, ويتردد على الأبواب (يتسوَّل), صائحًا : أنا سليمان أنا سليمان! فحسبه الناس مجنونًا.
وملك إبليس كل ما كان لسليمان. وأخذ يتحدث باسمه, وسار على نهجه, وعرف أيضًا كيف يتحدث بحكمته وعقله الرزين.
كما لم يستطع رؤساء المحكمة العليا الذين تتفوق حكمتهم على الكل, أن يكتشفوا أمره ولم يتمكنوا من التمييز بين الطاهر والنجس!.
حزن سليمان وتكدّرت نفسه, وناجى ربه قائلا:
يا ملك العالم! منذ أمد ليس ببعيد كنت أملك بلادًا عظيمة وأراض شاسعة, لم تكن هناك نهاية لكنوزي وثرواتي, فكان الذهب والفضة في أرضي كالحجارة, أما الآن فلم يعد بيدي أي شيء, أصبحت تحت رحمة أصحاب الفضل منتظرًا خبزهم, ولا أملك غير عصاي!
على الفور ذكَّره يهوه بفضائل أبيه داود, وطرد إبليس إلى حيث كان عند جبال الظلام وأعاد سليمان إلى ملكه وإلى كرسي عرشه.
عرف سليمان, حينئذ, تقلبات الحياة, وأنها لا تساوي شيئًا دون عون الله ومؤازرته للإنسان, وأن الأحوال يمكن أن تتبدل إلى نقيضها في لمحة بصر! - وقام بتأليف كتاب الأمثال الذي ينسب إليه. وعن جل ما جاء بسفر الأمثال:
أن الله هو حاكم العالم, وحكَمُه, وأن الحكمة منحة منه, وأن إرادته محلها ضمير الإنسان, وأن الله فوق الكل, وأن النجاة تتم بالأعمال وأن الإنسان خيّر أو شرير, يكافأ الأول بحياة مديدة سعيدة, ويعاقب الثاني بحياة تعيسة وبموت مبكر!.
كما يحث السفر على الأمانة, والعدل والحقّ والصلاح والرأفة وعدم الانتقام.
ويستدل من الخطاب بعبارات مثل: يا بني, واسمعوا يا بنون" كمعلم لتلميذه أو كأب لابنه, على وجود نظام تعليم وتهذيب وتثقيف.
ويعدّ كتاب الأمثال نموذجًا لقدوة حسنة في حياة العائلة اليهودية, رئيسها الأب ينصح ويرشد أولاده إلى البرّ, والصلاح, والابتعاد عن الغش, والذميمة, والرذيلة والفسق. وأولادًا يحترمون آباءهم ويطيعونهم, وزوجة فاضلة ربة بيت تدير شؤونه وتساعد زوجها في تربيتهم كما وصفها في نهاية السفر بإصحاح مرتب على الأبجدية "امرأة فاضلة من يجدها"؟
ويحذر الأولاد من السقوط في شَرَك الهوى, دون التقيّد بمنهج الله. ويحثهم على الفضيلة والأعمال الخيرة والشريفة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ولا شكّ أن مثل هذه القصص لابد ان تحمل خلف ما يبدو من ظاهرها معان خفيّة, ودروسًا مستفادة, فهذه دودة تقوم بما لم يستطع الإنسان القيام به! ولنا في قصة هُدهد سليمان درسًا بليغًا!
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق