الأربعاء، 18 يونيو 2014

داود وبَتْشَبَع "דוד" ו"בת-שבע"

هو "داود" وأبوه "يَسِي", وجدّه "عوبيد" فالاسم الكامل هو "داود بن يسي بن عوبيد". وهو الابن الأصغر بين ثمانية بنين, وكان أشقر مع حلاوة العينين وحسن المنظر. هكذا جاء وصفه. عُرفت أمه بالتقوى.
لما كان داود أصغر أبناء أبيه فقد أوكل إليه العناية بالأغنام, وأظهر شجاعة نادرة وإخلاصًا فريدًا في أداء مهمته, وينسب إليه قتل أسد ودبّ كانا هاجما قطيع الغنم!. كما تمتع داود بمواهب فنيّة رفيعة فأجاد اللعب على القيثار, وهذا هو سرّ تأليفه للمزامير والأناشيد. كما كان محاربًا لا يشق له غبار ولذلك أسند إليه قتال "جُليات", فانتصر عليه على الرغم من فارق القوّة بينهما.

كان لداود ثماني زوجات, هن: "ميكال", و"أحينُوعَم", و"أبِيجَايِل", و"مَعْكَه", و"حَجِّيثْ", و"أَبِيطَال", و"عَجْلَة", و"بَثْشَبَعَ، التي كانت زوجة أُورِيَّا الحثي, وهذه الأخيرة هى التي سيتناول المنشور تفاصيل قصتها كما جاءت بسفر صموئيل بكتاب "العهد القديم".
وتذكر الأسفار أن داود اتخذ نساء وسراري من أورشليم بعد مجيئه من حبرون, فولد له بنين وبنات, نذكر منهم: "أمنون", و"كالب", و"أبشالوم", و"ثامار", و"ادونيا" و"شفطيا", و"يثرعام", و"شموَّع", و"شوباب", و"ناثان", و"سليمان", و"يبحار", و"اليشوَّع", و"نافح", و"يافيَّع", واليَشاماع", و"الياداع", و"اليفالط", وبنت هى "تامار".
توصف حياة داود بالرائعة والمجيدة والملهمة لكن يشوبها ارتكاب المعاصي واقتراف الآثام, كتلك الخطيئة التي اقترفها داود حين ضاجع بت شبع الفلسطينية, والتي يجسدها نبي يدعى "ناثان" في روايه لداود, معاتبًا إياه على فعلته, وهى القصة المعروفة بـ "نعجة الفقير", والقصة تحكي عن رجل غني حلّ عليه ضيف, لكن الغني كان طماعًا فسطا على النعجة الوحيدة لدى جاره الفقير من أجل إعدادها للضيف. والهدف الواضح من الحكاية هو إثارة انتباه داود, أو إقرار حكم معين, وبعد أن قرر داود العقاب الذي يجب أن يلحق بمن يفعل ذلك يخبره "ناثان" بأن هذا الغني هو (داود) نفسه :
(وأرسل الرب ناثان إلى داود. وعندما وفد عليه قال له: عاش رجلاَن في مدينة واحدة، أحدهما ثريّ والآخر فقير. وكان الغنيّ يمتلك قطعان بقر وغنم كثيرة. وأما الفقير فلم يكن له سوى نعجة واحدة صغيرة، اشتراها ورعاها فكبرت معه ومع أبنائه، تأكل مما يأكل وتشرب من كأسه وتنام في حضنه كأنها ابنته. ثم نزل ضيف على الرجل الغنيّ، فامتنع أن يذبح من غنمه ومن بقره ليعد طعامًاً لضيفه، بل سطا على نعجة الفقير وهيأها له. عندئذ احتدم غضب داود على الرجل الغنيّ وقال للنبي ناثان: حيّ هو الرب، إن الجانيَ يستوجب الموت، وعليه أن يردّ للرجل الفقير أربعة أضعاف لأنّه ارتكب هذا الذنب ولم يُشفق).
والأصل في الحكاية, كما جاء بالسفر, هو أن داود ضاجع "بت شبع" زوجة "أوريا" الحثي, الذي كان رآها تستحم عارية من فوق سطح بيته, فسأل عنها وأرسل لها رسلا فأتى بها وضاجعها,ثم أرسل زوجها في مهمة قتالية في مكان خطر قُتل فيه "أوريا". وبعد أن انقضى حداد "بت شبع" على زوجها, تزوجها داود, وأنجبت طفلا, هو "سليمان" عليه السلام!. وهو ما أغضب الرب فأرسل له النبي "ناثان" يقص عليه هذه الحكاية الرمزية, ويعدد نعم الرب عليه, ويعاتبه على فعلته, ويتوعده بعقاب شديد:
(فقال ناثان لداود: أنت هو الرجل! وهذا ما يقوله الرب إله إسرائيل: لقد اخترتك لتكون ملكاً على إسرائيل وأنقذتك من قبضة شاءول، ووهبتك بيت سَيّدك وزوجاته، وولّيتك على بني إسرائيل ويهوذا. ولو كان ذلك قليلا لَوهبتك المزيد. فلماذا احتقرت كلام الرب لتقترف الشرّ أمامه؟ قتلت أوريّا الحثي بسيف العمونيين وتزوجت امرأته. لذلك لن يفارق السيف بيتك إلى الأبد، لأنك احتقرتني واغتصبت امرأة أوريّا الحثيّ. واستطرد: هذا ما يقوله الرب: سأثير عليك من أهل بيتك من يُنزل بك البلايا، وآخذ نساءك أمام عينيك وأعطيهنّ لقريبك، فَيضاجعهنّ في وضح النهار. أنت ارتكبت خطيئتك في السّرّ، وأنا أفعل هذا الأمر على مرأَى جميعِ بني إسرائيل وفي وضح النهار. فقال داود لناثان: قد أخطأْت إلى الرب. فقال ناثان: والرب قد نقل عنك خطيئتك، فلن تموت. ولكن لأنك جعلت أعداء الرب يشمتون من جراء هذا الأمر، فإنّ الابن المولود لك يموت).
يقرّر داود (أن الجاني يستوجب الموت، وعليه أن يردّ للرجل الفقير أربعة أضعاف) ما يساوي النعجة!.
وداود, في الفكر اليهودي, ملك وحسب, ويصور كشاعر ومحب وعاشق, يرتكب الذنوب بسرعة غريبة, ثم يندم عليها بالسرعة نفسها. وأظهر داود شجاعة منقطعة النظير في قتال الفلسطينيين حينما صرع جُليات (جالوت) بالمقلاع.
وكما قرأنا كيف نسبت التوراة إليه اغتصاب "بَتْشَبَع", زوج "أوريا" الحيثي, وكيف دفع بزوجها أوريا إلى جبهة قتال ساخنة, مع العمونيين, كي يتخلص منه بالموت, وتبقى المرأة خالصة له؟
ليس غريبًا إذن أن نرى الرب يخبر داود, على لسان ناثان النبي, بأن يترك مهمة بناء "بيت الرب" لابنه سليمان, يقول داود, مخاطبًا ابنه سليمان :
"يابُنيّ، كان في نيتي أن أبني هيكلا لاسم الرب إلهي. ولكن الرب خاطبني قائلا: لقد أهْرَقت دماءً كثيرة على الأَرض وخضت حروباً عظيمة، ولهذا لا يمكنك أن تبني بيتاً لاسمي؛ غير أَنه يُولَد لك ابن يكون رجل سلام وأمن، وأنا أُريحه من جميع أعدائه المحيطين به، فيكون اسمه سليمان، وأجعل السلام والسّكينة يسودان إسرائيل في أيامه. هو يبني بيتًا لاسمي"
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق