لم أجهد نفسي في البحث عن شهادات إسرائيليين تقرّ بهزيمة إسرائيل في حرب
السادس من أكتوبر 1973, فقد وجدت ضالتي وأكثر في تقرير القاضي الإسرائيلي
رئيس لجنة تقصي الحقائق حول الهزيمة في تلك الحرب - نقرأ معًا :
صفحات من كتاب : قاضي في أورشليم
דפים מספר: שופט בירושלים
بعد حرب أكتوبر 1973 قامت إسرائيل بتشكيل لجنة لتقصى الحقائق وذلك برئاسة رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية, القاضي شيمعون اجرانات وقد اصدرت هذه اللجنة تقريرها فى 1500 صفحة، لم ينشر منها سوى 40 صفحة فقط, لما تتضمنه صفحات التقرير من قصور شديد وإهمال يصل إلى حدّ الفضيحة !!
المصدر : جيورساليم بوست
فى أواخر التسعينات أصدرت الكاتبة "بنينا لاهاف", أستاذة القانون بجامعة بوسطن, كتابًا عن "شيمعون أجرانات" تناقش فى أحد فصوله لجنة أجرانات وتأثيرها عليه، وهنا سيتم عرض ترجمة لبعض فقرات من مقدمة الكتاب ومن الفصل الثالث عشر الخاص بلجنة أجرانات
عنوان الكتاب : قاضى فى أورشليم - رئيس محكمة العدل شيمعون اجرانات والقرن الصهيونى
المقدمة
إن مكانة شيمعون اجرانات بالنسبة للقانون الإسرائيلى تعادل مكانة ديفيد بن جورين بالنسبة للسياسة الإسرائيلية.
الفصل الثالث عشر - الحرب ولجنة اجرانات
أن لجنة اجرانات المشكلة بقرار من مجلس الوزراء للتحقيق فى أسباب الانهيار خلال حرب يوم كيبور ، قذفت بأجرانات داخل أخطر أزمات إسرائيل . وأصبح هدف لاقسى أنواع النقد الذى عرفته إسرائيل . تقارير لجنة اجرانات كانت موضوعا رئيسيا فى كل مكان، على الصفحات الأماميه للجرائد، بالإذاعة والتلفزيون وعلى لسان كل سائق تاكسى وصاحب متجر عبر البلد. أصبح لكل إسرائيلى رأى واضح فى نتائج التقارير.
الطبيعة العنيفة للرأى العام كانت تجربة جديدة لاجرانات، فقد تحول فجأة من مركز وظيفى موقر ومنعزل نسبيًا كرئيس لمحكمة العدل إلى متهم بالعمالة والمشاركة فى حل الحكومة والتحيز والموالاة. لقد تحمل الهجوم بكرامة وتحفظ ولكن المعاناة شديدة والجروح لم تندمل. لقد أصبح حزينا لآخر أيامه لمجرد ذكر اللجنة ويصر بشدة على وجود سوء فهم.
الساعة الثانية ظهرا، انطلقت صفارات الإنذار كأكثر حدث زلزل إسرائيل فى تاريخها منذ الاستقلال. هجوم مفاجئ لكل من مصر وسوريا مخطط ومنفذ بشكل جيد. خلال 3 أسابيع مات أكثر من 3500 جندى إسرائيلي وجرح أكثر من 2500 وتقريبا 350 أسير. إسرائيل واجهت أول هزيمة. صحيح انه بنهاية الحرب استعادت معظم المناطق التى خسرتها وأعادت بناء السيادة العسكرية، لكن تلاشى الشعور بأنها دولة لا تقهر وأنها القوة الإقليمية بالمنطقة. ذهبت نشوة النصر لحرب 1967 مجددة مخاوف هولوكوست آخر.
بعد يومين من يوم كيبور، ضللت الحكومة الإسرائيلية نفسها وشعبها بتوقع أن معجزة حرب 1967 ستعيد نفسها، وأن العرب سيدفعوا ثمن وقاحتهم. فقط فى ليلة الثامن من أكتوبر كان هناك بعض الحقيقة التى تكشفت بحرص فالجيش يعانى خسائر ضخمة على كلا الجبهتين.
بعد حرب الأيام الستة، بدت الصهيونية كاملة، الدولة اليهودية دمجت النصر بالقوة. مطالب ورغبات العرب بالكاد ما تهم. إسرائيل ستحتفظ بالأراضى التى غزتها حتى يتقبل العرب الشروط الإسرائيلية للسلام. موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلي ذا الشخصية الكاريزمية (القوية التأثير) والواسع الاعجاب صاغ عبارة (مدينة شرم الشيخ بدون سلام أفضل من سلام بدون شرم الشيخ). الصهيونية تحولت إلى عقيدة من الفخر والقوة.
بينما تستمر الحرب، يتضح أكثر فأكثر أن هناك بعض الحسابات الفنية الخاطئة والفظيعة. رغم وجود مؤشرات لإعداد مصر وسوريا للحرب. فإن القيادة الإسرائيلية فشلت فى إعطاء مصداقية لتلك المؤشرات، كان هناك قناعة بأن العرب لن يبدءوا الحرب.
لجنة اجرانات - التحقيق
بينما بدا وقف إطلاق النار، فإن الرأى العام يشتط غضبًا. وكلما عرف الشعب حقيقة الحرب كلما زاد الغضب والسخط. تزايد الغضب لتحديد المسئولية. من المسئول عن فشل إسرائيل فى توقع الهجوم وما هو الثمن المفروض أن يدفع ؟ التقارير اليومية عن الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون الذى سيستقيل خلال فترة قصيرة نتيجة فضيحة ووترجيت، تزيد من الدور المحورى للمسئولية.
لكن حكومة جولدا مائير مازالت قابعة. مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية كانت معروفة ببطلة الوضع الراهن . فى مشهد محرج رفض كلا من ديان ومائير تحمل مسئولية عدم استعداد إسرائيل . مهما كانت الأسباب فإن مجلس الوزراء لن يحمل نفسه المسئولية. فقط وزير العدل يعقوب اس. شابيرو قدم استقالته بعد فشله فى إقناع ديان بتحمل المسئولية والاستقالة. هذه الأحداث عجلت بتشكيل لجنة اجرانات. القانون الإسرائيلى يتيح لمجلس الوزراء تعيين لجنة لتقصى الحقائق تملك القوة القانونية لتنفيذ التحقيقات. قررت جولدا مائير، بعد كثير من التردد فى أن تسير فى ذلك الطريق .
فى 18 نوفمبر 1973 انهى النائب العام الاستشارات الخاصة بتشكيل اللجنة . بالمصادفة ، هو نفس اليوم الذى أصيب فيه "ديفيد بن جورين", أول رئيس وزراء لإسرائيل, بنزيف حاد بالدماغ. هكذا كانت حرب يوم كيبور سببا فى نهاية عصر وخاتمة لفصل فى التاريخ الصهيونى .
كان على اجرانات اختيار اعضاء لجنة تقصى الحقائق طبقا لقرار مجلس الوزارء، لم يتهرب اجرانات من المسئولية كما فعل مجلس الوزارء فقد كان يستطيع تعيين اى رئيس للجنة وان يتجنب المشاكل، ولخطورة الموقف قرر اجرانات تحمل المسئولية وان يكون رئيسًا للجنة.
شكل أجرانات اللجنة من أعضاء منهم "موشى لانداو" ليكون بديلا له فى حال مرضه ،وهو زميله ومحل ثقته منذ عملهم سويا بمحكمة حيفا. بالاضافة إلى لانداو تم اختيار "إسحاق نبنزهل" المراقب العام بالدولة، لم يكن اى من الثلاثة له خبرة عسكرية فعلية ولذا تم اضافة اثنين من الجنرالات هما: "يجائيل يادين" و"حاييم لاسكوف." وبمرور الوقت ووصول اللجنة إلى نتائج تم اتهام الجنرالان بانهم عملوا لصالح ديان وضد اليعازار.
عندما اعلن اجرانات عن اللجنة المشكلة، أفاضت عليه وسائل الإعلام والسياسين بالمديح. صحيفة هارتس عبرت عن رايها بأن اللجنة تعطى اسرائيل فرصة تحويل الألم الذى تحملته إلى تصرف فعال ورأت الصحيفة انه من غير المحتمل ان تصدر اللجنة توصيات قبل انتخابات الكنيست القادمة فى 31 ديسمبر 1973 .
تم تأجيل الانتخابات إلى شهر ديسمبر بدلا من شهر اكتوبر 1973 وذلك لظروف الحرب، انتهت الانتخابات وكأن الحرب لم تحدث فقد فاز حزب العمل بها والذى يرأس قائمة مرشحيه جولدا مائير وأعضاء من مجلس الوزراء وقت الحرب بما فيهم وزير الدفاع "موشى ديان"، وظل حزب الليكود برئاسة مناحم بيجن بالمعارضة. مع ذلك لم يهدئ غضب الشعب ، وكان يقابل ديان بصيحات "القاتل" كما تلقت جولدا مائير نصيبها من عبارات الاهانة. طالب المتظاهرون ديان بالخروج من منصبه واصروا على ان يتحمل المسئولية, اما جولدا مائير فقد تمسكت بالوضع الراهن.
اصدرت اللجنة ثلاثة تقارير، كل تقرير جاء فى جزئين أحدهم طويل ومفصل وعلى اعلى درجات السرية والأخر قصير ومتاح للجميع . قدمت اللجنة أول توصياتها فى 1 ابريل 1974 والتى فجرت ضجيج هائل صدم الامة وعرى الحكومة وعرض اجرانات ولجنته لنقد الشعب القاسى. تحول اجرانات واللجنة التى تحمل اسمه من منزلة رفيعة كمنقذين للامة إلى مجموعة من المنحرفين الذين قدموا معروفا غير مقبول.
التخلص من القيادة العسكرية
هل كان ابراء للحكومة؟
أخذت اللجنة فى الاعتبار نوعين من المسئولية: مسئولية الحكومة, ومسئولية القيادة العسكرية. بالنظر للحكومة فقد حددت اللجنة سؤال المسئولية وهو هل جولدا مائير وموشى ديان يتحملان المسئولية البرلمانية بسبب فشلهم فى توقع الهجوم ؟ رات اللجنة ان ذلك خارج سلطتها القضائية وأن هذا السؤال يدخل فى اختصاصات المؤسسات السياسية (الكنيست،و الأحزاب السياسية, ومجلس الوزارء). ولذلك رفضت اللجنة اقرار المسئولية على قيادة الدولة وتركتها للشعب وممثليه ليكونوا القضاة .
لكن اللجنة لم ترفض مراجعة كافة الامور المتعلقة بمسئولية القيادة السياسية. فأخذت على عاتقها مهمة تحديد ما اذا كان كلا من رئيسة الوزارء "مائير" أو وزير الدفاع "ديان" مسئولين مسئولية شخصية عن فشل اسرائيل فى توقع الهجوم. وان السؤال القانونى هو ما إذا كان كلا من مائير أو ديان مهملين فى تأدية واجباتهم الرسمية السابقة للحرب . وقد توصلت اللجنة إلى ان اى منهم لم يكن مهملا. ولأن اللجنة طرحت جانبا الحكم بالمسئولية البرلمانية وحيث انها لم تجد المسئولية الشخصية فالنتيجة لا مائير او ديان مسئولين.
على عكس ذلك فإن القيادة العسكرية لم تكن بهذا الحظ. لأن الضباط العسكريين هم بالاساس موظفين بالحكومة. بخلاف مائير وديان المنتخبين، فاللجنة لم تجد مشكلة فى الحكم على تصرفاتهم. وكان الحكم واضحًا وقاطعًا فقد اوصت بفصل رئيس الاركان وجنرالين للفرق وعدد من الضباط الصغار.
ولاحظت اللجنة أن القيادة العسكرية لديها كل المعلومات الضرورية لتوقع الهجوم ولكن فشل الجنرالات فى قراءة ما هو واضح بسبب "المفهوم" السائد والذى يفترض أن مصر لن تدخل الحرب طالما أن القوة الجوية المصرية اقل من القوة الجوية الإسرائيلية، وأن البلاد العربية لن تدخل الحرب بدون مصر، وان توسيع الحدود الإسرائيلية سيعطى الفرصة للجيش النظامى لصد أى هجوم بكفاءة لحين وصول قوات الاحتياط.
أيضا الايمان بقدرة المخابرات الإسرائيلية بتحذير رئيس الإركان بوقت كافى.
فحرب يوم كيبور أبطلت كل هذه الافتراضات. لأنهم سمحوا لأنفسهم ليكونوا اسرى "المفهوم" ولذا كان على هؤلاء الجنرالات الرحيل. بمقارنة الحكم على العسكريين فإن الحكم على الحكومة كان متساهلا. الشعب والمراقبون كان لديهم مشكلة فى فهم كيف افلت مجلس الوزارء من هذه الكارثة الرهيبة وترك اللوم على القيادة العسكرية فقط.
اشتعل غضب الشعب للشعور بأن النتيجة غير عادلة والاحساس بالمعايير المزدوجة .
النقد
لماذا استنكر المراقبون التقرير، كتقرير مشوه وغير عادل؟
كان هناك نقدا عاما ونقدا محددا ويحتوى على جدال سياسى وقانونى. النقد العام يلوم ان سبب حرب ليس الفشل فى توقع الهجوم ولكن الرؤية العامة التى تكونت بعد حرب عام 1967 . فالنصر المذهل ولد الغرور والغطرسة. كما طور الإسرائيليون صورة ذاتية للقوة ، ساعد عليها صورة العرب ضعاف وعاجزين وغير أكفاء . ا
لرأى العام يرى ان الوضع الراهن مفيد لإسرائيل وان التغيير مرحب به فقط فى حالة إذا ما قبل العرب الشروط الإسرائيلية للسلام .
الإسرائيليون لم يصدقوا تصريحات الرئيس المصرى أنور السادات فى استعادة الكرامة العربية وأن الحرب فقط تستطيع تغيير الوضع الراهن واعطاء القوة الدافعة للمفاوضات. فشل السادات فى الاتصال مع جولدا مائير لانها كانت اسيرة لمفهومها الخاص . يقول النقاد أن مفهوم مائير-ديان كان أم المفاهيم وولد بالتالى المفهوم العسكرى الذى شجبته اللجنة. كما ان اللجنة فشلت كما قال النقاد فى انها لم تستطع تحديد الأشخاص المسئولين فعلا عن الشعور بالنشوة بعد حرب 1967 وعدم تطوير الجنرالات لمفهومهم العسكرى.
بدأت اللجنة بهذا السؤال فى تحليل لموضوع المسئولية الشخصية، ما هو المعيار الملائم للمراجعة ؟
هل كان يجب أن تضع اللجنة فى اعتبارها حقيقة أن ديان نفسه خبير عسكرى وبطل حرب حاز على اعجاب الإسرائيلين منذ نشأة الدولة ؟
أم كان يجب تجاهل مواصفات ديان الخاصة وتطبيق معيار "وزير الدفاع العادى " ؟ لقد طبقت اللجنة على ديان معيار " السلوك العادى".
فى نظر النقاد كان هذا لطمة قانونية وتحوير وتلاعب بالألفاظ لتبرئة ديان. الشعب فشل فى فهم كيف تجاهلت اللجنة الخبرة العسكرية لديان والتى جعلته وزيرا للدفاع فى عام 1967 .
وبخلاف ما وصفته اللجنة كمعيار " السلوك العادى" بأنه كان مناسبا فإن الشعب يرى انه غير مناسب. فالحقيقة أن ديان اصدر تصريحات متناقضة. على الرغم من توقعه الحرب فى ربيع عام 1973، فقد استبعد أيضا حدوث الحرب وأن حدود إسرائيل آمنة!!. فى صيف عام 1973، ديان اجرى تغييرات هيكلية هامة أعطت فكرة خاطئة بأن الحرب غير وشيكة. وكان قرار استبدال الجنرال الخبير "أيرئيل شارون" بآخر غير خبير وهو "شمويل جونين" لرئاسة الجبهة الجنوبية.
فلو ان ديان امن بوجود حرب فلماذا سلَّم أخطر الحدود (الجبهة المصرية) لضابط غير خبير ؟
هذا النقد كشف عن شعور عميق بالخيانة للصفوف الأعلى بالقيادة العسكرية بعد صدور أول تقرير للجنة. صعق الضباط الذين تطلعوا لوقوف ديان بجانبهم - بعد صدور تقرير اللجنة - عندما علموا أن ديان يطور دفاع قانونى منفصل لتصويره كمدنى برىء تم تضليله بواسطة فريقه من الخبراء العسكريين. بينما كان الضباط بصدد اتباع " كود الشرف" واطلاع اللجنة على الحقيقة، كان ديان الماكر يوظف مستشارين لامعيين لتحوير الأدلة والهروب من المسئولية. لقد امنوا بأن ديان يحاول التأثير على اللجنة كما نجح من قبل فى التأثير على الجيش خلال السنين الماضية. وكانوا مقتنعين ان الجنرالان يادين ولاسكوف أعضاء اللجنة كان لهم الفضل فى ذلك.
رد اجرانات
اعتقد اجرانات بشدة فى التمييز بين المستويات المدنية والعسكرية ويرى ان ذلك صحيح وهام ولكن اسىء فهمه.
من مبادئه أن اللجنة المعينة لا تقرر استمرار مجلس الوزراء فى الحكم من عدمه لانها اساسا مسئولية الكنيست والأحزاب السياسية الممثلة وكان يرى أن الموقف الإنجليزى واضح فى هذا الموضوع فالمسئولية البرلمانية يجب أن تراقب وتناقش بواسطة البرلمان.
وفى مقابلة مع اجرانات كان يؤكد على نفس الوضع الذى حدث للرئيس الأمريكى ، فالرئيس الأمريكى لا يتم عزله بواسطة لجنة تقصى الحقائق ولكنها مسئولية الكونجرس لأداء تلك المهمة.
ذكر اجرانات أن "أبراهام لينكولن" - الرئيس الأمريكى خلال الحرب الأهلية والذى يحترمه اجرانات كثيرا- قد عانى من عدد من الهزائم عندها تم استبعاد الجنرالات واستمر لينكولن فى الحكم. آمن اجرانات بأن كلا من مائير وديان يمكن استبعادهم فقط بواسطة الإجراءات السياسية. يصر اجرانات مع ذلك على انه من الخطأ الجزم بأن اللجنة ابرءات المستوى المدنى.
لم يكن سهلا على اجرانات تقبل ادانة اللجنة لديفيد اليعازار رئيس الأركان. كان منتبها للهوة الواسعة بين تطبيق المعيار الصارم على اليعازار وانهاء خدمته والمعيار اللين الذى تم تطبيقه على ديان. يتذكر اجرانات ليلة مؤرقة قبل اضافة اسم اليعازار لتوصيات اللجنة . لقد كان قلقا من أن تلك التوصية الصارمة ستغطى على نجاح قيادته العسكرية التى ظهرت أثناء الحرب لكنه وجد نفسه غريبا وسط اجماع اللجنة، وللمحافظة على اجماع اللجنة تقبل فكرة زملائه ، ولذا كان على اليعازار الرحيل.
اللجنة والصحافة
منذ نشر أول تقرير للجنة حتى ظهور التقرير النهائى بعام، أصبحت اللجنة هدفا لتغطية قاسية وحقودة ومريرة .
تقارير الصحافة فى ذلك الوقت تظهر اجرانات كرجل صامت، يرفض الأجابة على ما تكتبه الصحافة ويدخن غليونه باستمرار على الرغم بأن داخله يعكس ضغط شديد. لقد تألم أكثر عندما طالت تلك الحملة عائلتة، فإسم اجرانات غير مألوف وكان يتم التعرف على عائلته بسبب ذلك الاسم واحيانا يتم مضايقتهم .
انعكاسات شخصية
أبطال إسرائيل؛ ديان وجنرالاته، أصحاب الانتصارات لإسرائيل منذ الاستقلال وحتى 1967، أصبحوا اشخاص عاديين. حتى أن كلمة "بطل" ممكن أن تطلق بالخطأ على شخص ضعيف وخائف وقصير النظر. الأن يشعر اجرانات بأنه شهيد لهجوم وحشى بعد ما افنى عمره الوظيفى فى عمل ما هو أفضل للبلد .
لم تسبب اى فترة فى حياة اجرانات الآم مثل التى سببتها له تلك الفترة التى قضاها فى اللجنة .
المصدر: قاضى فى أورشليم - رئيس العدل شيمون اجرانات والقرن الصهيونى - الفصل الثالث عشر
صفحات من كتاب : قاضي في أورشليم
דפים מספר: שופט בירושלים
بعد حرب أكتوبر 1973 قامت إسرائيل بتشكيل لجنة لتقصى الحقائق وذلك برئاسة رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية, القاضي شيمعون اجرانات وقد اصدرت هذه اللجنة تقريرها فى 1500 صفحة، لم ينشر منها سوى 40 صفحة فقط, لما تتضمنه صفحات التقرير من قصور شديد وإهمال يصل إلى حدّ الفضيحة !!
المصدر : جيورساليم بوست
فى أواخر التسعينات أصدرت الكاتبة "بنينا لاهاف", أستاذة القانون بجامعة بوسطن, كتابًا عن "شيمعون أجرانات" تناقش فى أحد فصوله لجنة أجرانات وتأثيرها عليه، وهنا سيتم عرض ترجمة لبعض فقرات من مقدمة الكتاب ومن الفصل الثالث عشر الخاص بلجنة أجرانات
عنوان الكتاب : قاضى فى أورشليم - رئيس محكمة العدل شيمعون اجرانات والقرن الصهيونى
المقدمة
إن مكانة شيمعون اجرانات بالنسبة للقانون الإسرائيلى تعادل مكانة ديفيد بن جورين بالنسبة للسياسة الإسرائيلية.
الفصل الثالث عشر - الحرب ولجنة اجرانات
أن لجنة اجرانات المشكلة بقرار من مجلس الوزراء للتحقيق فى أسباب الانهيار خلال حرب يوم كيبور ، قذفت بأجرانات داخل أخطر أزمات إسرائيل . وأصبح هدف لاقسى أنواع النقد الذى عرفته إسرائيل . تقارير لجنة اجرانات كانت موضوعا رئيسيا فى كل مكان، على الصفحات الأماميه للجرائد، بالإذاعة والتلفزيون وعلى لسان كل سائق تاكسى وصاحب متجر عبر البلد. أصبح لكل إسرائيلى رأى واضح فى نتائج التقارير.
الطبيعة العنيفة للرأى العام كانت تجربة جديدة لاجرانات، فقد تحول فجأة من مركز وظيفى موقر ومنعزل نسبيًا كرئيس لمحكمة العدل إلى متهم بالعمالة والمشاركة فى حل الحكومة والتحيز والموالاة. لقد تحمل الهجوم بكرامة وتحفظ ولكن المعاناة شديدة والجروح لم تندمل. لقد أصبح حزينا لآخر أيامه لمجرد ذكر اللجنة ويصر بشدة على وجود سوء فهم.
الساعة الثانية ظهرا، انطلقت صفارات الإنذار كأكثر حدث زلزل إسرائيل فى تاريخها منذ الاستقلال. هجوم مفاجئ لكل من مصر وسوريا مخطط ومنفذ بشكل جيد. خلال 3 أسابيع مات أكثر من 3500 جندى إسرائيلي وجرح أكثر من 2500 وتقريبا 350 أسير. إسرائيل واجهت أول هزيمة. صحيح انه بنهاية الحرب استعادت معظم المناطق التى خسرتها وأعادت بناء السيادة العسكرية، لكن تلاشى الشعور بأنها دولة لا تقهر وأنها القوة الإقليمية بالمنطقة. ذهبت نشوة النصر لحرب 1967 مجددة مخاوف هولوكوست آخر.
بعد يومين من يوم كيبور، ضللت الحكومة الإسرائيلية نفسها وشعبها بتوقع أن معجزة حرب 1967 ستعيد نفسها، وأن العرب سيدفعوا ثمن وقاحتهم. فقط فى ليلة الثامن من أكتوبر كان هناك بعض الحقيقة التى تكشفت بحرص فالجيش يعانى خسائر ضخمة على كلا الجبهتين.
بعد حرب الأيام الستة، بدت الصهيونية كاملة، الدولة اليهودية دمجت النصر بالقوة. مطالب ورغبات العرب بالكاد ما تهم. إسرائيل ستحتفظ بالأراضى التى غزتها حتى يتقبل العرب الشروط الإسرائيلية للسلام. موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلي ذا الشخصية الكاريزمية (القوية التأثير) والواسع الاعجاب صاغ عبارة (مدينة شرم الشيخ بدون سلام أفضل من سلام بدون شرم الشيخ). الصهيونية تحولت إلى عقيدة من الفخر والقوة.
بينما تستمر الحرب، يتضح أكثر فأكثر أن هناك بعض الحسابات الفنية الخاطئة والفظيعة. رغم وجود مؤشرات لإعداد مصر وسوريا للحرب. فإن القيادة الإسرائيلية فشلت فى إعطاء مصداقية لتلك المؤشرات، كان هناك قناعة بأن العرب لن يبدءوا الحرب.
لجنة اجرانات - التحقيق
بينما بدا وقف إطلاق النار، فإن الرأى العام يشتط غضبًا. وكلما عرف الشعب حقيقة الحرب كلما زاد الغضب والسخط. تزايد الغضب لتحديد المسئولية. من المسئول عن فشل إسرائيل فى توقع الهجوم وما هو الثمن المفروض أن يدفع ؟ التقارير اليومية عن الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون الذى سيستقيل خلال فترة قصيرة نتيجة فضيحة ووترجيت، تزيد من الدور المحورى للمسئولية.
لكن حكومة جولدا مائير مازالت قابعة. مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية كانت معروفة ببطلة الوضع الراهن . فى مشهد محرج رفض كلا من ديان ومائير تحمل مسئولية عدم استعداد إسرائيل . مهما كانت الأسباب فإن مجلس الوزراء لن يحمل نفسه المسئولية. فقط وزير العدل يعقوب اس. شابيرو قدم استقالته بعد فشله فى إقناع ديان بتحمل المسئولية والاستقالة. هذه الأحداث عجلت بتشكيل لجنة اجرانات. القانون الإسرائيلى يتيح لمجلس الوزراء تعيين لجنة لتقصى الحقائق تملك القوة القانونية لتنفيذ التحقيقات. قررت جولدا مائير، بعد كثير من التردد فى أن تسير فى ذلك الطريق .
فى 18 نوفمبر 1973 انهى النائب العام الاستشارات الخاصة بتشكيل اللجنة . بالمصادفة ، هو نفس اليوم الذى أصيب فيه "ديفيد بن جورين", أول رئيس وزراء لإسرائيل, بنزيف حاد بالدماغ. هكذا كانت حرب يوم كيبور سببا فى نهاية عصر وخاتمة لفصل فى التاريخ الصهيونى .
كان على اجرانات اختيار اعضاء لجنة تقصى الحقائق طبقا لقرار مجلس الوزارء، لم يتهرب اجرانات من المسئولية كما فعل مجلس الوزارء فقد كان يستطيع تعيين اى رئيس للجنة وان يتجنب المشاكل، ولخطورة الموقف قرر اجرانات تحمل المسئولية وان يكون رئيسًا للجنة.
شكل أجرانات اللجنة من أعضاء منهم "موشى لانداو" ليكون بديلا له فى حال مرضه ،وهو زميله ومحل ثقته منذ عملهم سويا بمحكمة حيفا. بالاضافة إلى لانداو تم اختيار "إسحاق نبنزهل" المراقب العام بالدولة، لم يكن اى من الثلاثة له خبرة عسكرية فعلية ولذا تم اضافة اثنين من الجنرالات هما: "يجائيل يادين" و"حاييم لاسكوف." وبمرور الوقت ووصول اللجنة إلى نتائج تم اتهام الجنرالان بانهم عملوا لصالح ديان وضد اليعازار.
عندما اعلن اجرانات عن اللجنة المشكلة، أفاضت عليه وسائل الإعلام والسياسين بالمديح. صحيفة هارتس عبرت عن رايها بأن اللجنة تعطى اسرائيل فرصة تحويل الألم الذى تحملته إلى تصرف فعال ورأت الصحيفة انه من غير المحتمل ان تصدر اللجنة توصيات قبل انتخابات الكنيست القادمة فى 31 ديسمبر 1973 .
تم تأجيل الانتخابات إلى شهر ديسمبر بدلا من شهر اكتوبر 1973 وذلك لظروف الحرب، انتهت الانتخابات وكأن الحرب لم تحدث فقد فاز حزب العمل بها والذى يرأس قائمة مرشحيه جولدا مائير وأعضاء من مجلس الوزراء وقت الحرب بما فيهم وزير الدفاع "موشى ديان"، وظل حزب الليكود برئاسة مناحم بيجن بالمعارضة. مع ذلك لم يهدئ غضب الشعب ، وكان يقابل ديان بصيحات "القاتل" كما تلقت جولدا مائير نصيبها من عبارات الاهانة. طالب المتظاهرون ديان بالخروج من منصبه واصروا على ان يتحمل المسئولية, اما جولدا مائير فقد تمسكت بالوضع الراهن.
اصدرت اللجنة ثلاثة تقارير، كل تقرير جاء فى جزئين أحدهم طويل ومفصل وعلى اعلى درجات السرية والأخر قصير ومتاح للجميع . قدمت اللجنة أول توصياتها فى 1 ابريل 1974 والتى فجرت ضجيج هائل صدم الامة وعرى الحكومة وعرض اجرانات ولجنته لنقد الشعب القاسى. تحول اجرانات واللجنة التى تحمل اسمه من منزلة رفيعة كمنقذين للامة إلى مجموعة من المنحرفين الذين قدموا معروفا غير مقبول.
التخلص من القيادة العسكرية
هل كان ابراء للحكومة؟
أخذت اللجنة فى الاعتبار نوعين من المسئولية: مسئولية الحكومة, ومسئولية القيادة العسكرية. بالنظر للحكومة فقد حددت اللجنة سؤال المسئولية وهو هل جولدا مائير وموشى ديان يتحملان المسئولية البرلمانية بسبب فشلهم فى توقع الهجوم ؟ رات اللجنة ان ذلك خارج سلطتها القضائية وأن هذا السؤال يدخل فى اختصاصات المؤسسات السياسية (الكنيست،و الأحزاب السياسية, ومجلس الوزارء). ولذلك رفضت اللجنة اقرار المسئولية على قيادة الدولة وتركتها للشعب وممثليه ليكونوا القضاة .
لكن اللجنة لم ترفض مراجعة كافة الامور المتعلقة بمسئولية القيادة السياسية. فأخذت على عاتقها مهمة تحديد ما اذا كان كلا من رئيسة الوزارء "مائير" أو وزير الدفاع "ديان" مسئولين مسئولية شخصية عن فشل اسرائيل فى توقع الهجوم. وان السؤال القانونى هو ما إذا كان كلا من مائير أو ديان مهملين فى تأدية واجباتهم الرسمية السابقة للحرب . وقد توصلت اللجنة إلى ان اى منهم لم يكن مهملا. ولأن اللجنة طرحت جانبا الحكم بالمسئولية البرلمانية وحيث انها لم تجد المسئولية الشخصية فالنتيجة لا مائير او ديان مسئولين.
على عكس ذلك فإن القيادة العسكرية لم تكن بهذا الحظ. لأن الضباط العسكريين هم بالاساس موظفين بالحكومة. بخلاف مائير وديان المنتخبين، فاللجنة لم تجد مشكلة فى الحكم على تصرفاتهم. وكان الحكم واضحًا وقاطعًا فقد اوصت بفصل رئيس الاركان وجنرالين للفرق وعدد من الضباط الصغار.
ولاحظت اللجنة أن القيادة العسكرية لديها كل المعلومات الضرورية لتوقع الهجوم ولكن فشل الجنرالات فى قراءة ما هو واضح بسبب "المفهوم" السائد والذى يفترض أن مصر لن تدخل الحرب طالما أن القوة الجوية المصرية اقل من القوة الجوية الإسرائيلية، وأن البلاد العربية لن تدخل الحرب بدون مصر، وان توسيع الحدود الإسرائيلية سيعطى الفرصة للجيش النظامى لصد أى هجوم بكفاءة لحين وصول قوات الاحتياط.
أيضا الايمان بقدرة المخابرات الإسرائيلية بتحذير رئيس الإركان بوقت كافى.
فحرب يوم كيبور أبطلت كل هذه الافتراضات. لأنهم سمحوا لأنفسهم ليكونوا اسرى "المفهوم" ولذا كان على هؤلاء الجنرالات الرحيل. بمقارنة الحكم على العسكريين فإن الحكم على الحكومة كان متساهلا. الشعب والمراقبون كان لديهم مشكلة فى فهم كيف افلت مجلس الوزارء من هذه الكارثة الرهيبة وترك اللوم على القيادة العسكرية فقط.
اشتعل غضب الشعب للشعور بأن النتيجة غير عادلة والاحساس بالمعايير المزدوجة .
النقد
لماذا استنكر المراقبون التقرير، كتقرير مشوه وغير عادل؟
كان هناك نقدا عاما ونقدا محددا ويحتوى على جدال سياسى وقانونى. النقد العام يلوم ان سبب حرب ليس الفشل فى توقع الهجوم ولكن الرؤية العامة التى تكونت بعد حرب عام 1967 . فالنصر المذهل ولد الغرور والغطرسة. كما طور الإسرائيليون صورة ذاتية للقوة ، ساعد عليها صورة العرب ضعاف وعاجزين وغير أكفاء . ا
لرأى العام يرى ان الوضع الراهن مفيد لإسرائيل وان التغيير مرحب به فقط فى حالة إذا ما قبل العرب الشروط الإسرائيلية للسلام .
الإسرائيليون لم يصدقوا تصريحات الرئيس المصرى أنور السادات فى استعادة الكرامة العربية وأن الحرب فقط تستطيع تغيير الوضع الراهن واعطاء القوة الدافعة للمفاوضات. فشل السادات فى الاتصال مع جولدا مائير لانها كانت اسيرة لمفهومها الخاص . يقول النقاد أن مفهوم مائير-ديان كان أم المفاهيم وولد بالتالى المفهوم العسكرى الذى شجبته اللجنة. كما ان اللجنة فشلت كما قال النقاد فى انها لم تستطع تحديد الأشخاص المسئولين فعلا عن الشعور بالنشوة بعد حرب 1967 وعدم تطوير الجنرالات لمفهومهم العسكرى.
بدأت اللجنة بهذا السؤال فى تحليل لموضوع المسئولية الشخصية، ما هو المعيار الملائم للمراجعة ؟
هل كان يجب أن تضع اللجنة فى اعتبارها حقيقة أن ديان نفسه خبير عسكرى وبطل حرب حاز على اعجاب الإسرائيلين منذ نشأة الدولة ؟
أم كان يجب تجاهل مواصفات ديان الخاصة وتطبيق معيار "وزير الدفاع العادى " ؟ لقد طبقت اللجنة على ديان معيار " السلوك العادى".
فى نظر النقاد كان هذا لطمة قانونية وتحوير وتلاعب بالألفاظ لتبرئة ديان. الشعب فشل فى فهم كيف تجاهلت اللجنة الخبرة العسكرية لديان والتى جعلته وزيرا للدفاع فى عام 1967 .
وبخلاف ما وصفته اللجنة كمعيار " السلوك العادى" بأنه كان مناسبا فإن الشعب يرى انه غير مناسب. فالحقيقة أن ديان اصدر تصريحات متناقضة. على الرغم من توقعه الحرب فى ربيع عام 1973، فقد استبعد أيضا حدوث الحرب وأن حدود إسرائيل آمنة!!. فى صيف عام 1973، ديان اجرى تغييرات هيكلية هامة أعطت فكرة خاطئة بأن الحرب غير وشيكة. وكان قرار استبدال الجنرال الخبير "أيرئيل شارون" بآخر غير خبير وهو "شمويل جونين" لرئاسة الجبهة الجنوبية.
فلو ان ديان امن بوجود حرب فلماذا سلَّم أخطر الحدود (الجبهة المصرية) لضابط غير خبير ؟
هذا النقد كشف عن شعور عميق بالخيانة للصفوف الأعلى بالقيادة العسكرية بعد صدور أول تقرير للجنة. صعق الضباط الذين تطلعوا لوقوف ديان بجانبهم - بعد صدور تقرير اللجنة - عندما علموا أن ديان يطور دفاع قانونى منفصل لتصويره كمدنى برىء تم تضليله بواسطة فريقه من الخبراء العسكريين. بينما كان الضباط بصدد اتباع " كود الشرف" واطلاع اللجنة على الحقيقة، كان ديان الماكر يوظف مستشارين لامعيين لتحوير الأدلة والهروب من المسئولية. لقد امنوا بأن ديان يحاول التأثير على اللجنة كما نجح من قبل فى التأثير على الجيش خلال السنين الماضية. وكانوا مقتنعين ان الجنرالان يادين ولاسكوف أعضاء اللجنة كان لهم الفضل فى ذلك.
رد اجرانات
اعتقد اجرانات بشدة فى التمييز بين المستويات المدنية والعسكرية ويرى ان ذلك صحيح وهام ولكن اسىء فهمه.
من مبادئه أن اللجنة المعينة لا تقرر استمرار مجلس الوزراء فى الحكم من عدمه لانها اساسا مسئولية الكنيست والأحزاب السياسية الممثلة وكان يرى أن الموقف الإنجليزى واضح فى هذا الموضوع فالمسئولية البرلمانية يجب أن تراقب وتناقش بواسطة البرلمان.
وفى مقابلة مع اجرانات كان يؤكد على نفس الوضع الذى حدث للرئيس الأمريكى ، فالرئيس الأمريكى لا يتم عزله بواسطة لجنة تقصى الحقائق ولكنها مسئولية الكونجرس لأداء تلك المهمة.
ذكر اجرانات أن "أبراهام لينكولن" - الرئيس الأمريكى خلال الحرب الأهلية والذى يحترمه اجرانات كثيرا- قد عانى من عدد من الهزائم عندها تم استبعاد الجنرالات واستمر لينكولن فى الحكم. آمن اجرانات بأن كلا من مائير وديان يمكن استبعادهم فقط بواسطة الإجراءات السياسية. يصر اجرانات مع ذلك على انه من الخطأ الجزم بأن اللجنة ابرءات المستوى المدنى.
لم يكن سهلا على اجرانات تقبل ادانة اللجنة لديفيد اليعازار رئيس الأركان. كان منتبها للهوة الواسعة بين تطبيق المعيار الصارم على اليعازار وانهاء خدمته والمعيار اللين الذى تم تطبيقه على ديان. يتذكر اجرانات ليلة مؤرقة قبل اضافة اسم اليعازار لتوصيات اللجنة . لقد كان قلقا من أن تلك التوصية الصارمة ستغطى على نجاح قيادته العسكرية التى ظهرت أثناء الحرب لكنه وجد نفسه غريبا وسط اجماع اللجنة، وللمحافظة على اجماع اللجنة تقبل فكرة زملائه ، ولذا كان على اليعازار الرحيل.
اللجنة والصحافة
منذ نشر أول تقرير للجنة حتى ظهور التقرير النهائى بعام، أصبحت اللجنة هدفا لتغطية قاسية وحقودة ومريرة .
تقارير الصحافة فى ذلك الوقت تظهر اجرانات كرجل صامت، يرفض الأجابة على ما تكتبه الصحافة ويدخن غليونه باستمرار على الرغم بأن داخله يعكس ضغط شديد. لقد تألم أكثر عندما طالت تلك الحملة عائلتة، فإسم اجرانات غير مألوف وكان يتم التعرف على عائلته بسبب ذلك الاسم واحيانا يتم مضايقتهم .
انعكاسات شخصية
أبطال إسرائيل؛ ديان وجنرالاته، أصحاب الانتصارات لإسرائيل منذ الاستقلال وحتى 1967، أصبحوا اشخاص عاديين. حتى أن كلمة "بطل" ممكن أن تطلق بالخطأ على شخص ضعيف وخائف وقصير النظر. الأن يشعر اجرانات بأنه شهيد لهجوم وحشى بعد ما افنى عمره الوظيفى فى عمل ما هو أفضل للبلد .
لم تسبب اى فترة فى حياة اجرانات الآم مثل التى سببتها له تلك الفترة التى قضاها فى اللجنة .
المصدر: قاضى فى أورشليم - رئيس العدل شيمون اجرانات والقرن الصهيونى - الفصل الثالث عشر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق