تقترب مناسبة عيد رأس السنة العبرية الجديدة 2/تشري/5777 من بداية خلق العالم, الموافق 2/10/2016ميلادي.
ويعدّ رأس السنة" العبرية احتفالا ببداية سنة الجديدة, ويرتبط بمجموعة من الأعياد والمناسبات, والطقوس المهمة في حياة اليهودي قديمًا وحديثًا.
فهو من الأعياد اليهودية التي وتذكِّر بأحداث بداية الخلق. وهناك خلاف حول من خُلق في هذا اليوم؟ أهو العالم, أم الإنسان؟
كما يضاف لأسباب هذا العيد أن تقريب إسحاق (الذبيح, بحسب الرواية اليهودية), حدث في مثل هذا التاريخ, لذا فهو يميَّز أيضًا بداية أيام التوبة, والمحاسبة, الذي يحدد مصير الشخص في العام المقبل.
يبدأ في الأول من شهر "تشري" وأهم ما يميزه النفخ في البوق أو الهتاف.
مصادر العيد :
جاء بالتوراة:
(وفي اليوم الأول من الشهر السابِع (العبري) تقيمون لكم محفلاً مقدّسًا للرّب، تمتنعون فيه عن أَي عمل؛ إذ يكون لكم يوم نفخ بالأبواق). بالإضافة إلى تقديم قربان للرب بهذه المناسبة.
ويتميز هذا العيد, طبقًا لما ورد بالمصادر اليهودية, بعدة أشياء :
1 – هو اليوم الذي يتوِّج فيه الخلقُ الربَ, ويملِّكونه عليهم. وهذا أحد أسباب النفخ في البوق والسعادة؛ ولذلك تُرتدى الملابس الجديدة الملوّنة في هذا الطقس الاحتفالي.
ويذكر التلمود البابلي أن مناسبة هذا العيد أنه ذكرى يوم خلق العالم.
ولذلك تتضمن صلوات هذا اليوم فقرات توراتية وتراثية تمجد الرب وتذكر علو شأنه وسيطرته على العالم. كما يتضرع إليه بصفته إله إسرائيل! (فقط؟!).
وهو اليوم الذي يحاسب فيه العباد, إما كأبناء أو كعبيد. ويذكر التلمود أن هذا اليوم تفتح فيه ثلاثة سجلات:
الأول: سجل الأبرار.
والثاني: سجل الأشرار.
وهذان السجلان يفتحان ويغلقان على الفور. وتكتب لأصحاب السجل الأول الحياة, بينما يكتب على أصحاب السجل الثاني الموت.
أما السجل الثالث: فسجل المتوسطين بين أصحاب السجلين الأولين, وهؤلاء معلقون ومصيرهم رهن أفعالهم في أيام التوبة العشرة التي تمتد حتى يحل يوم "الغفران". فإن تابوا يكفر عن أفعالهم السيئة, وإن لم يتوبوا يُكتب عليهم الموت.
ولذلك يهنيء الناس بعضهم بعضًا, في الفترة الواقعة بين عيد "رأس السنة" وعيد "الغفران" الذي يحلّ في اليوم العاشر من هذا الشهر, بعبارة : "أتمنى لك الخير".
ومن ضمن ما يقوم به اليهودي, في مساء "رأس السنة" التحلل من نذره إن كان قد نذر للرب شيئًا خلال العام المنصرم. ويتم ذلك بحضرة ثلاثة أشخاص يشكلون شبه محكمة.
ويكثر اليهود من الصلوات في هذا العيد, ويتم التركيز على التراتيل الدينية بمصاحبة الآلات الموسيقية.
ومن شعائر العيد أن تقرأ أجزاء من التوراة؛ ففي اليوم الأول تقرأ قصة هاجر وإسماعيل, وإصرار السيدة سارة على طردهما (راجع القصة في سفر التكوين/الإصحاح 16), وملاك الرب الذي أنقذهما من غُصص الموت عطشًا. وفي اليوم الثاني تقرأ الفقرات التي تتحدث عن تقديم إسحاق كقربان للرب (بحسب التوراة!).
ينفخ في البوق, في هذه المناسبة بنظام معين, وإجمالاً يجب النفخ مائة مرة, إلا إذا صادف العيد يوم من أيام السبت فلا يقام ذلك الطقس خشية تدنيس السبت.
ومن المعتقدات الشائعة عن النفخ في البوق, المصنوع من قرون الكباش, أنه يهيء النفوس اليهودية للتوبة, وكذا يبلبل أفكار الشيطان.
ومن العادات الشائعة في عيد "رأس السنة" أن يتوجه اليهودي بعد الظهر إلى شاطيء نهر أو بحر, ويقرأ هناك صلاة معينة, تبدأ بكلمة "الق/أسقط" وهى توسل للرب بإلقاء الذنوب والمعاصي إلى "غمار البحر" وإبعادها عن الشخص أو تخليصه منها!. وإذا كانت البيوت بعيدة عن البحر يوصى بالصعود إلى الأسطح لرؤية البحر, أو إذا تعذر وجود بحر أو نهر فلا بأس بالوقوف على حواف بركة سباحة, أثناء تأدية هذه الصلاة. كما اعتاد البعض نفض أهداب الثوب كرمز للتخلص من الذنوب والآثام.
أطعمة عيد "رأس السنة":
أما بخصوص الأطعمة التي يفضل تناولها في هذا العيد, والتي ورد ذكرها في كتاب "شولحان عاروخ" فيوصى في ليلة اليوم الأول من العيد بتناول التفاح بالعسل لإشعار النفس بالتفاؤل والخير بالعام المرتقب. كما يوصى بتناول رأس كبش, أو رأس سمكة تيمنًا بأن يكون الإنسان "رأسًا لا ذنبًا" والسبانخ تفاؤلاً "بانصراف الأعداء" والكراث أملاً في "هلاك الأعداء". ودرج بعض اليهود الذين كانوا يقيمون في دول شمال إفريقيا على عدم شرب القهوة في "رأس السنة" نظرًا للونها الأسود الذي يُعد في نظر كثيرين نذير سوء, وشؤم.
وهذه ترجمة لبطاقة تهنئة بمناسبة عيد رأس السنة, التي من المعتاد تناول العسل والتفاح والرمان والسمك فيها - وليست هناك مرجعية دينية لهذا الطعام غير العادات التي توارثتها الأجيال عبر الزمن. |
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية
كلية اللغات والترجمة/جامعة الأزهــر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق