الأربعاء، 12 يوليو 2017

نهاية إجرام زعيم طائفة يهودية متطرفة #קץ_שלמה_הלברנץ_רב_(לב_טהור)

تعدّ طائفة ليف طاهور (قلب نقي), التي يبلغ عدد أعضائها حوالي 40 عائلة يهودية فرعًا صغيرًا من العائلة الحسيدية الكبيرة. وعن الاسم ليف طاهور (بالعبرية לב טהור) فورد أنه اشتق من آية توراتية وردت في سفر المزامير 51 / 10, منطوقها: 
(قَلْباً نَقِيّاً اخْلُقْ فِيَّ يَااللهُ وَرُوحاً مُسْتَقِيماً جَدِّدْ فِي دَاخِلِي).
مؤسس هذه الطائفة وزعيمها الروحي هو الحاخام شلومو هلبرناتس (سليمان هلبرناتس). اتخذت الطائفة من مدينة سانت أجت بمقاطعة كويبك بكندا, مقرًا لها حتى عام 2013. تصنّف الطائفة كأشد الطوائف إضرارًا بالمجتمع في بإسرائيل. انتقل أعضاء هذه الجماعة في 2013 إلى جواتيمالا, وفي منتصف 2017 انتقلت إلى المكسيك, وهناك لقي زعيمها هلبرناتس مصرعه غرقًا في نهر. 
يتضح من طريقة نشوء الطوائف الحديثة أنها تخضع لاستجابة الأمزجة الشخصيّة والحالة الإيمانية لليهودي؛ فهذا هلبرناتس قرر التوبة في شبابه في ثمانينات القرن الماضي وأسس مدرسة تحمل الاسم نفسه (ليف طاهور) في حي بيت إسرائيل بالقدس. وتبنَّى لنفسه ولمريديه وجماعته فكرًا متطرفًا استقاه من جماعة (ساطمير) التي تتنهج أقصى التفسيرات تشددًا في العقيدة. جمع شلومو هلبرناتس حوله ثلّة من المريدين اللذين راقت لهم طريقته في الفكر تقدر اعدادهم بالمئات.
ومن فكر هلبرناتس المتشدد ضرورة الفصل بين الحريديم/ المتدينين المتشددن والعلمانيين, ونتيجة لذلك أفتى بحتمية الفصل بين الأبناء التائبين وآبائهم العلمانيين! وهو ما أثار حفيظة رجال الدين وقوّض علاقات الأبناء والآباء في المجتمع اليهودي. وأدى إلى صراعات بين الأجيال أفضت إلى كراهية تخالف ثوابت العقيدة! وكان نتيجة ذلك السعي إلى إغلاق مدرسته التي تدرس فكره المتطرف الداعي للكراهية بين أبناء العائلة الواحدة!
اضطر هلبرناتس للهجرة إلى الخارج سنة 1990, مع 40 من مريديه المقربين, بسبب أفكاره المتطرفة المعادية لعادات المجتمع والمتصادمة من عوامل استقراره. ووجهت له اتهامات بخطف عدد من مريديه الشباب الصغير وتهجيرهم معه عبر جوازات سفر مزورة لهم ودون علم أهاليهم, حتى لا يُكتشف أمره!. 
هاجر هلبرناتس مع مجموعة من تلاميذه المخطوفين دون علم أسرهم في باديء الأمر إلى بورو بارك, بضواحي نيويورك. وبمرور فترة وجيزة تنازع مع طائفة (قاشوي), التي ترجع إلى أصول سلوفاكية, فاتهمه أعضاؤها بزعزعة الروابط الأسريّة الأخلاقية بين أفرادها. 
تورّط شلومو هلبرناتس زعيم هذه الطائفة المتطرفة في قضية اختفاء طفل اسمه (شي فاميا) لوالدين علمانيين, من ولاية أبويه بعد أن تاب واعتنق أفكار الطائفة على يد هلبرناتس. أدين شلومو على يد محكمة بنيويورك بجريمة اختفاء هذا الطفل والتستر عليه دون علم أبويه, وحكم عليه بالسجن لمدة بين 4 – 6 سنوات, خففت بحكم استئناف إلى سنتين.
تسبب شذوذ فكر هلبرناتس والخوف منه على شباب اليهود بنيويورك’ التي تعدّ أكبر جالية يهودية في العالم (5 مليون) إلى اتخاذ السلطات هناك قرارًا بطرده إلى إسرائيل في سنة 2000. فلجأ إلى تسفيره لكندا بطلب للجوء السياسي واستجيب لطلبه. وهناك أثار كثيرًا من المشكلات حول شخصيته ونشاطه التخريبي.
استقر هلبرناتس هناك في مدينة سانت أجت, وقد تبنّى أعضاء طائفته فكرًا متطرفًا لأنفسهم خاصة فيما يتعلق بزي النساء فقد فرض على النساء والأطفال من سن 3 سنوات ارتداء لباسًا ساترًا لجميع أجزاء البدن باستثناء الوجه. والفصل التام بين الرجال والنساء في جميع مناحيى الحياة. كما تنتهج الطائفة منحى أكثر تطرفًا من قواعد الطعام الكاشير عند الحريديم! 
كما أشعل غضب السلطات هناك في سنة 2013 بالتورط في قضايا تشجيع التحرّش وإباحة زواج القاصرات, وإباحة التمتع بالبنات الصغار من سن 3 سنوات! وكان يغرر بالصغيرات ويستدرجهن للإقامة معه, ومع عائلات تتبع طائفته المتطرفة ما جعل المحكمة تأمره بالإفراج عن 14 طفلة وجهولات النسب وتسليمهن لعائلات مؤتمنة.
هاجر معظم أعضاء الطائفة في منتصف عام 2014 إلى مدينة سانت خوان بجواتيمالا. وفي أغسطس من العام نفسه قررت السلطات طرد جميع أعضاء الطائفة لخطرهم الداهم على المجتمع بإشاعة فكرهم المنحرف وعقيدتهم المتطرفة. 
فرضت السلطات في جواتيمالا, في سبتمبر 2016, طوقًا أمنيًا حول المبنى الذي كانت تقيم به الطائفة لتحرّي اتهامات لها بالتحرش بأطفال وكبار على حد سواء, ما دفع أعضاء الطائفة إلى ترك المكان والانعزال في مكان ناء بجواتيمالا سيتي.
نهاية ظالم!
في منتصف 2017 انتقلت الطائفة إلى مقاطعة تشيابس بالمكسيك, أعلن بعد ذلك بوقت قصير؛ في 8 يوليو الحالي أن هلبرناتس, الطاغية الظالم, جرفته تيارات مياه نهر يشيابس العنيفة وأطاحت به في أعماقها السحيقة وقضت عليه, حيث لا عودة للحياة, وكأنها بذلك تعلن عن تعاطفها مع آلآف الضحايا من البشر خاصة البنات اللاتي أجبرن على حياة زوجية مبكرة عن موعدهن وعلى غير رغابتهن فكان الإعلان عن نهاية ظالم!! 
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية
كلية اللغات والترجمة/جامعة الأزهر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق