مما يلفت الانتباه في بعض النصوص اليهودية المقدّسة أقوال بعض أنبيائهم, عن الأغيار:
"ينحنون أمامك بوجوه مطرقة إلى الأرض يسجدون لك ويلحسون تراب قدميك".. !
"بنو الغريب يبنون أسوارك، وملوكهم يخدمونك، تتفتح أبوابك ليؤتى إليك بغِنى الأمم وتُقاد ملوكهم"..!
"يقف الأجانب ويرعون غنمكم، ويكون بنو الغريب حراثيكم وكراميكم، أما أنتم فتدعون كهنة الرب، تأكلون ثروة الأمم، وعلى مجدهم تتآمرون". . ! (متفرقات من سفر أشعيا)
وهكذا يستعبد غير اليهود لليهود!
وبذلك تضع اليهودية الأسس الفاصلة وجذور الفرز والتفضيل والتعالي على بقية البشر, فالشعب اليهودي مملكة كهنة وما عداهم عبيد يعملون في خدمتهم . . !
واليهود يأكلون ثروة الأمم, ليس هذا وحسب بل مصرح لهم بالتآمر وتدبير المكائد ونصب شراك الشرّ والعيش على دماء الأبرياء !!
وتعدّ هذه النصوص لدى الإسرائيليين نبراسًا لسلوكهم يجب ألا يحيدوا عنها قيد أنملة!
يقول تيودور هرتسل مؤسس الصهيونية وفكر الاحتلال, في نهايات القرن قبل الماضي :
"إذا حصلنا يومًا على مدينة القدس، وكنت لا أزال حيًا وقادرًا على القيام بأي عمل فسوف أزيل كل شيء ليس مقدسًا لدى اليهود فيها، وسوف أحرِّق جميع الآثار الموجودة ولو مرّت عليها قرون"!
وهى سنّة سلفهم "يوشع بن نون" الذي قتل كل نسمة حيّة في مدينة أريحا, لم يترك كبيرًا أو صغيرًا, رجلا أو امرأة, حتى الحيوانات, والأمتعة, وحرّق بالنار كل شيء فيها بمجرد احتلالها قبل أكثر من 3000 سنة.
يقول بن جوريون, أول رئيس لوزراء الكيان الصهيوني, عشية إعلان الدولة في 1948:
:ليست هذه نهاية كفاحنا، بل إننا اليوم قد بدأنا، وعلينا المُضي لتحقيق الدولة التي جاهدنا في سبيلها من النيل إلى الفرات".!
وسيرًا على سنّة أشعيا في الكتاب المقدس يقول أحد المسئولين الإسرائيليين:
"يجب أن نقتل جميع الفلسطينيين ما لم يرتضوا بالعيش هنا كعبيد"!
ويقول مسئول آخر: "سنعمل على تحويل السكان العرب إلى مجتمع حطّابين، ونُدُل (جرسونات)!
وفي زيارة لجولدا مئير بعد هزيمة 1967 إلى بلدة "أم الرشراش"؛ المصرية! (إيلات) هتفت قائلة:
"إنني أشم رائحة أجدادي في الحجاز، وهي وطننا الذي علينا استعادته"!
ويقول أحد الحاخامات : "إن مليون عربي لا يساوون ظفر يهودي"!
وترسيخًا لهذه العنصريّة اعتمده الكنيست بأغلبية ساحقة قانونًا يمنع أي حزب يعارض صراحة في برنامجه مبدأ "يهودية الدولة".
وتعدّ إسرائيل غير اليهود الذين يعيشون على أرضها في درجة دنيا من حيث الحقوق, والأفضلية لليهودي خاصة في حقوق ثلاثة: الإقامة, والعمل, والمساواة. فإسرائيل لليهود فقط.
وتطبيقًا لذلك يُلقن الأطفال اليهود منذ مرحلة التعليم قبل الأساسي (KG) أن كل الأرض التي يملكها "الأغيار" التابعة لأرض إسرائيل تعتبر أرضًا محتلة ويجب تحريرها، والاستنتاج المنطقي من ذلك هو التمهيد للتهجير القسري لكل الأغيار الذين يعيشون.
وغير ذلك من الأفكار المبنية على العقيدة اليهودية, تنفذ على أرض الواقع ومن ذلك تهويد الأماكن والمدن والقرى والتراث, والتهجير, والأسْرْ, والطرد, والتضييق, والإذلال, والحواجز, والتفرقة, وذرع الكراهية في النشء, وتزوير التاريخ, وتشويه معتقدات غير اليهود؛ مسلمين ومسيحيين, وسرقة كل شيء, كل ذلك يصب في خانة "يهودية الدولة"!
ويمكننا الكتابة في هذا المجال عشرات بل مئات الصفحات.
فتتمسك إسرائيل بما يسمى "يهودية الدولة" وهذا الشعار في الحقيقة يعبر عن إرادتها وسعيها لوضع حجر عثرة أمام المفاوض الفلسطيني ليصبح الطريق مسدودًا أمامه ولا مفرّ من قبوله ما تمليه إسرائيل عليه من رؤى للحلّ أو للتعقيد! وتهدف إسرائيل من جراء فرض مفهوم "يهوديّة الدولة" إلى التحجج به عند الضرورة أو إملاء شروط وهو نهج إسرائيلي معتاد حتى من قبل!
ويترتب على إقرار مفهوم "يهودية الدولة" كثير من الآثار السلبية بالنسبة للفلسطينيين, منها:
1. إلغاءه حق العودة للاجئين الفلسطينيين عام 1948، وسيعني ذلك مستقبلا حتمية ترحيّل من بقي في الأرض المحتلة بعد عام النكبة وتعدادهم يقدر بـ 1.5 مليون عربي فلسطيني.
2. إلغاء تدريس اللغة العربية في المدارس, ومعاقبة حتى من يكتب بالعربية.
3. إجبار الفلسطينيين الذين يعيشون في مناطق مختلطة مع اليهود, في مدن مثل يافا, وعكا على شاطيء البحر المتوسط, على الانتقال إلى الضفة الغربية.
4. سحب الهوية الإسرائيلية من العرب الذين يحملونها ويتمتعون بمزاياها الفانونية المختلفة.
5. يهودية الدولة تعني ضمنًا أن أقليم الضفة الغربية (يهودا والسامرة) هو أقليم يهودي مِلْكًا قوميًا وسيكون للفلسطينيين حق الاستعمال والإقامة فيه دون التملك! وعلى الفلسطينيين حينئذ العمل جاهدين على استيعاب عرب إسرائيل فيها, بما يسمى تبادل الأراضي والسكان (الجغرافي الديموغرافي), بين دولة فلسطينية, ستوصف بـ "دولة الأقلية العربية" بإسرائيل! كما سيكون لليهود حق التملك فيها باعتبارهم هم الملاك الأصليين!
6. ستكون إسرائيل مع ذلك دولة "وحيدة القوميّة" وهى "القوميّة اليهوديّة" بحكم الأغلبية اليهودية ولن يقبل أن تكون "ثنائية القوميّة" فلا اعتراف من جانب إسرائيل بدولة فلسطينية تمثل قومية عربية, لأنهم – في نظر إسرائيل – أقليّة غير مرغوب فيها!
7. بموجب اعتراف بالدولة اليهودية ستكون المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية مادة مساومة للتبادل مع مناطق "دولة فلسطينية" وكذلك السماح باعتبار "الممر الآمن" بين الضفة وغزة ضمن أقليم دولة الدولة الفلسطينية وسيادتها المحدودة.
8. سيتطلب قبل الموافقة على "دولة فلسطين" معترف بقوميتها العربية, ضمانات عربية ودولية, لا تسمح بتسلح هذه الدولة بما يضر بأمن إسرائيل!
9. يمكن – في إطار الاتفاقات على التسوية النهائية – دفع تعويضات لسكان فلسطينيين ينتقلون من مكان إلى مكان آخر بما ييسر اجراءات الانتهاء من إعلان "دولة فلسطين".
10. لا تبدأ أية خطوة في سبيل "دولة فلسطين" قبل الإقرار بـ "يهودية الدولة" وتأمين كل الضمانات المطلوبة لذلك وتحديد جهات مرجعية في حالة نشوء أي خلاف.
11. في كل الأحوال لن تزيد مساحة "دولة فلسطين" عن 22% من المساحة الكلية في حين لن تقلّ مساحة "إسرائيل" اليهودية عن 78% من مساحة الأرض.
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق