جاء في ضرورة اللجوء إلى "حكمة القبالا"
ان نظرة خاطفة ترينا أنه في هذه اللحظة فإن اليهودية تواجه طريقين؛ فهى بمقدورها الاستمرار في طريقها الحالي والتمسك بتيار السلف وفي الوقت نفسه التخلص عامًا بعد عام عددًا وتأثيرًا من القديم والكشف عن أهميتها وطاقتها كقوة في استطاعتها توحيد شعوبها المشتتين والمتفرقين في الارض من جديد.
إن التغيرات التي نلمحها حولنا والتي تفصلنا عن واحدية الوجود, مثل الفروقات التي يمكن إيجادها ورؤيتها في أفرع الشجرة الواحدة. يوجد اليوم ضرورة ملحّة لظهور قوّة موحدة بإمكانها حسم التعارض داخل تلك التغيرات, قوة باستطاعتها تمكين البشر من رؤية نصيبها من الدراما الآخذة في التطور والتدحرج ومن الواجب عليه أن يضمنها معرفة الهيكل وقوة جذور كل الأمور فقط داخل القبالا يمكن العثور على كل ذلك.
إن الدراسة العالية للتصوف في اليهودية تسمى أيضًا "حكمة القبالا", و"حكمة الحقيقة". إن المعنى العميق للكلمة "حكمة" كما تستخدم في تلك التعبيرات يرمز إليها الحكماء بسؤالهم "من هو الحكيم", ويجيبون على هذا السؤال "هو من يرى الغيب", و"من يرى ما خلف الظاهر؛ الباطن", و"من يستشرف المستقبل بعلامات الحاضر" .
فحين ينظر إنسان حكيم/قبَّلاني موضوعًا معينًا أو عملية معينة فهو مهيأ مسبقًا لرؤية النتائج المترتبة عليه, كالطبيب الماهر الذي يستطيع تمييز أو تشخيص علامات المرض في مرحلة مبكرة تمكنه من معرفة المدى الذي قد يتطور إليه المرض مستقبلا.
ومن مميزات الإنسان الحكيم في جميع المجالات والتخصصات ألا ينتظر المستقبل لكي يرى ما يخبأ خلفه. فالمعرفة التي لديه هى معرفة جذرية أساسية تمكنه من استطلاع ما سيحدث.
لذا توصف القبالا كتعليم للحكمة, فهى تمكِّن الفرد من أدوات التفسير الحقيقي للمخلوقات, التي هى أساس الوجود كله, سواء على مستوى المادة أو مستوى ما وراء المادة؛ الميتافيزيقي. وعن طريق فهم جذور الموجودات يكون في مقدورنا كشف أسرار نشاط تلك الموجودات كنتيجة للفهم الأساسي هذا يمكننا مشاهدة أو رؤية جميع الأنشطة أو العمليات الكامنة الممكنة.
ولا ننسى أن التصوّف يترجم في العبرية إلى "حكمة الغيب", و"حكمة المجهول", و"حكمة غير المعروف". على الرغم من أن القبالا تقترح علينا بطريقة حرة معرفة عن الأسباب الرئيسية لكل الوجود, وعلينا تذكر أن هذا مجرد جزء يسير من حكمتنا.
قيد التدوين
د. سامي الإمام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق