الأربعاء، 14 أغسطس 2019

اليهود المسيحيين #_יהדות_משיחית

يؤمن المسيحيون بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله الموحى بها إلى أشخاص من مستويات مختلفة (مع تفصيل في معنى الوحي في النصرانية الذي يختلف عنه في اليهودية, أو في الإسلام), وأنه يتكون من عهدَين : العهد القديم, والعهد الجديد, وهما معًا يشكلان وحدة متكاملة في الإعلان عن مشيئة الله في خلقه, خاصة ما يلزم الإنسان وعلاقته بالرب منذ لحظة الميلاد إلى لحظة الممات. 

وتعدّ تسميّة "العهد القديم" تسمية مسيحية لكتاب اليهودية الأول المسمى تناخ (وهى اختصار للحروف الثلاثة الأولى لمكوناته؛ توراة, أنبياء, وكتب/ تنك التي تنطق تنخ أو تناخ لاعتبارات لغوية حيث ينطق حرف الكاف في آخر الكلمة خاءً).
ويشكِّل كتاب "العهد القديم" مع مجموعة كتب "العهد الجديد"؛ الكتاب المقدّس المسيحي, الإنجيل (the Bible), والإنجيل كلمة يونانية الأصل معناها (البشارة المُفرِحة).
والإنجيل/البشارة هو كتاب واحد – في مفهوم المسيحية – كُتب لأربعة شعوب على لسان أربعة من تلاميذ السيد المسيح عليه السلام؛ فـ متَّي كَتب البشارة لليهود معلنا لهم خلاص المسيح, ومرقس كتبها للرومان, ولوقا كتبها لليونان, ويوحنا كتبها لسائر الشعوب. 
وبذلك يعدّ الإنجيل هو الدين التوحيدي الذي وُلد على أرض فلسطين (تجدر الإشارة إلى أن اليهودية نزلت على موسى في سيناء المصرية), وكان في باديء أمره موجهًا لليهود, بسبب ابتعادهم عن دعوة موسى عليه السلام, وانحرافهم عن طريق الله, ثم انتشر بعد ذلك في أسيا الصغرى ومصر, وروما. 
جاء في ذلك بالقرآن الكريم:
(وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين) سورة الصفّ/الآية 6
وكما نعرف فإن اليهودية دين غير تبشيري؛ فهو خاص ببني إسرائيل فقط, على الرغم من وجود ومضات تؤشر إلى عالمية رسالة اليهودية.
يقول السيد المسيح عليه السلام :
(لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ) متى : 5 : 17 - 18
ويتضح من هذه الآية العلاقة التي تشير إلى امتداد اليهودية في المسيحية, أو إكمال المسيحية لليهودية وترابطهما معًا كوحدة واحدة وفي هذه الوحدة يضع (العهد القديم) الأساس للتعاليم والأحداث الموجودة في (العهد الجديد). لذا ينظر إلى "العهد القديم" كجزء أول في كتاب إن تجاهلتَ قراءته فستجد أنه من الصعب أن تفهم كل التفاصيل الموجودة في الجزء الثاني من الكتاب, كقصة لها بداية ونهاية. فيمكن استيعاب ما هو موجود في العهد الجديد عندما نتعامل معه باعتباره يكمّل العهد القديم.
وينظر للعهدّين – في الفكر المسيحي – على أن مصدرهما الوحي الإلهي, وهدفهما واحد يهتم بالبشرية كلها! (هنا تناقض مع فكرة أن اليهودية دين غير تبشيري). فالعهد القديم من الكتاب المقدس في أسفاره كافة كان يؤسس للعهد الجديد
أمّا . . . .
********
اليهود المسيحيين, وهى التسميَّة التي ينبغي أن تكون, بدلا من اليهودية المسيحية, فهم حركة إنجيلية بروتستانتية, يهود يؤمنون بالمسيح عيسى عليه السلام, ولهم مسميات عدّة؛ اليهود المتنصّرين, واليهود المسيحيين, واليهود المؤمنين بالمسيح عيسى, والعبرانيون المسيحيين, واليهود المسيانيين, والمسيحيون اليهود. وتعدّ حركة يهودية عرقيًّا مسيحية دينيًا. وهى حركة مرفوضة بين اليهود ولا يعترفون بها كطائفة يهودية لأنهم من المعتقدين في العقيدة المسيحية. وقد رفضت المحكمة العليا طلب انضمامهم للطوائف اليهودية بسبب اعتناقهم للمسيحية وإيمانهم بالمسيح عليسى عليه السلام, واعتبرتهم المحكمة إما نصارى, أو مرتدِّين! عن اليهودية. 
ويعدّ بعض معتنقي هذه الحركة من اليهود أنفسهم من أنصار المسيح الأوائل اليهود, فهم بهذا الاعتبار امتداد لهم ولعقيدتهم وفكرهم. ومن نقاط الجدل بين أفراد هذه الحركة هل يعد المسيح مسيحًا فقط؟ (المعتقد المسيحي القديم). 
من حيث العقيدة فإنهم يؤمنون بألوهيّة المسيح, وبعقيدة الثالوث, وبقية عقائد المسيحية. كما يعترفون بالعهدّين القديم والجديد كجزئي الكتاب المقدّس. وترفض حركة اليهود المسيحيين فصل اليهودية عن المسيحية ويعدّون المسيحية امتدادًا طبيعيًا لليهودية, ولذا يقدسون الأعياد اليهودية الرئيسية؛ الفصح ورأس السنة العبرية والأسابيع. 
أما صلاتهم فتؤدى بشكل فردي شخصي في أي مكان وأي زمان وليس هناك كتاب صلاة معيَّن بل تخضع نصوص الصلاة للرغبات الشخصية والدعاء الموجه لـ (أبينا الذي في السماء) وغالبًا ما تنتهي الصلاة بعبارة (باسم يسوع المسيح آمين). ويؤمنون بأن المسيح هو فقط غافر الذنوب وماحي الخطايا, وبأن هناك عقاب دنيوي وجزاء أخروي في عالم الميتافرزيقا!
ويكوّن اليهود المسيحيين مجموعات (أخوة) غير تقليدية للصلاة في بيت أحدهم متوسط هذه المجموعات 30 فردًا يلتقون مرة في الأسبوع كما يتفقون للصلاة والدعاء وقراءة بعض فقرات التوراة والتراتيل, ورسالة أسبوعية يحض على مكارم الأخلاق.
ويلتزمون الأزياء اليهودية المميّزة لليهودي كغطاء الرأس (الكيبَّا), وشال الصلاة (طالِّيت). ويحافظون على مظاهر التراث اليهودي الديني كالتبرّك بالمزوزا (تميمة الأبواب), والاحتفال ببلوغ الصبي والفتاة سن التكليف الشرعي (بار/بت متسفا), وختان الذكور في اليوم الثامن للميلاد, وشعائر السبت, وبعض قواعد الطعام اليهودي الحلال (كاشير). 
وفي عدد قليل من بيوت الصلاة الخاصة بهم يهتمون ببعض عناصر اليهودية كتابوت القدس, ونجمة داود, والمنارة وغير ذلك.
والداخل الجديد لحركة اليهود المسيحيين لابد أن يمرّ بطقس التعميد والتطهّر الذي يعدّ أمرًا إلهيًا وكضرورة لهجر حياة الماضي خلف الظهر وبداية حياة جديدة يكون المسيح هو سيدها. كما يلتزم بحضور ما يسمى تمثُل (العشاء الأخير), في صلاة, وطقوس تقرأ فيها نصوص مقدسة وتراتيل دينية معينة. وهو مبني على نصائح المسيح كما قالها في مناسبة هذا العشاء الأخير.
وتتخذ اليهودية المسيحية رمزًا مركبًا لها, عبارة عن المنارة ونجمة داود وهما الرمزان المشهوران عن اليهودية, وسمكة ترمز إلى معجزة (الخبز والسمك) التي حدثت في بحيرة طبرية على يد المسيح عليه السلام.
تبلغ أعداد اليهود المسيحيين في العالم حوالي 400 ألف, يعيش أكثر من نصفهم في الولايات المتحدة الأمريكية, ولا يتعدّى عددهم في إسرائيل 20 ألفًا, ونسبة كبيرة منهم لا يمتون بصلة لليهودية حيث الأبوين غير يهوديين لا الأم ولا الأب! 
ما ذكرته هنا هو أهم ملامح هذه الحركة التي تمزج بين اليهودية والمسيحية وهو ما جعل أتباعها يعانون ضياعًا بين الديانتين وإخفاء لطبيعة أكثر طقوسهم وعاداتهم بل وعقيدتهم أيضًا.
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية
كلية اللغات والترجمة/جامعة الأزهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق