الأربعاء، 14 أغسطس 2019

عزازيل – ذلك المجهول الشيطاني!

*****************************
الاسم عزازيل (עזאזל), مجهول المعنى, ظهر في سفر اللاويين متعلقا بوصية إطلاق تيس له (لعزازيل), في يوم الغفران/كيبور. ويفسَّر هذا الاسم كتسمية جغرافية أي لمكان إطلاق التيس إليه, أو كاسم لأحد الشياطين. وقد جاء ذكر عزازيل أيضًا في كتب خارجية حيث يتبادل اسمه مع أسماء الشياطين رميئيل, وجدريئيل. 

ولم يأت الاسم عزازيل في الكتاب المقدّس سوى مرة واحدة (اللاويين 16 : 10). ومن المفيد الاطلاع على تخمينات معاني عزازيل في المصادر اليهودية, فمن ناحية هو اسم لمكان بالصحراء. وجاء في التلمود البابلي (يوما 67 : 72), أن المعنى هو: الصعب من الجبال. وعلى النمط نفسه فالكلمة عزازيل עזאזל مركّبة من لفظين يميزان القوّة والصلابة: عزز עזז – التي تتعلق بلفظ عز/عوز/عزوز (עז/עוז/עזוז), ولفظ إيل (אל) – المعروف معناه بالقدير/العظيم/قوي, كما في المركب جبال القدير (הררי אל). 
ومن ناحية أخرى يستنتج أن عزازيل هو اسم شيطان, أو كينونة شيطانية, بناء على ما يفهم من النصّ التوراتي (قرعة للرب وقرعة لعزازيل) (لاويين 16 : 8). وفي لفائف صحراء يهود, المعروفة بلفائف قمران, جاء كينونة ربَّانية سلبية بهذا الاسم لكن بطريقة كتابة مختلفة عززإيل (עזזאל), من المحتمل أن تكون إشارة إلى عزازيل مع تبادل في الحروف. 
ويرى بعض المفسرين للاسم أن الاسم عزازيل يعود على التيس نفسه, وفي مركز التفسير لفظ عز (עז), حيث إن كلمة שעיר هى اسم لذكر الماعز. وهناك من يفسر الاسم كمركب من لفظين الأول اسم وهو عز עז, والثاني فعل آرامي هو أزال אזל الذي يؤدي معنى ذهب הלך في العبرية. ويذكر العالم اللغوي طورتشينر أن المركّب الذي فيه الفعل אזל يرجع إلى الكلمة الأكدية (أزالو: azlu), التي تعني ماعز الجبل, ويكون معنى إرساله عندئذ هو ابعاده عن المنطقة السكنية إلى منطقة ماعز الجبل. وفي بعض المعاجم الحديثة للعبرية يُنسب الاسم عزازيل إلى الجذر (عزل : עז"ל) العربي الذي يعني الإبعاد والطرد من المكان. 
ونرجح أن يكون المعنى عنز للإله (עז לאל), وتيسّر النطق على الألسنة فأصبح עזאזל.
طقوس عزازيل
كان الكاهن الأكبر يعتزل مهامه الدينية قبل يوم الغفران/كيبور (قارن بـ كفَّر في الأصل العربي) بأيام عدة ليتجهز لإتمام طقوس ذلك اليوم ويستعد, يبدأ في هذا اليوم بتقديم قربان الخطيئة الذي يكفِّر به عن نفسه وعن أهل بيته, ثم يقوم بإجراء القرعة على تيسين, فيحدد أيهما يقدّم للرب قربانًا, والآخر لعزازيل!؛ فيُحمّل بالخطايا ويطلق على وجه الصحراء.
يذكر فصل "يوما" من باب "الأعياد" بالمشنا, أن الكاهن الأكبر كان يقوم, بعد إطلاق التيس الذي لعزازيل إلى الصحراء, بقراءة بعض الصلوات الخاصة بهذا اليوم, والبركات الثمانية عشرة, المصاحبه لها.
كان "عزازيل" بهذا المفهوم, مرتبطًا بوجود "الهيكل" قديمًا, حيث كانت طقوس يوم الغفران تتم عنده, وحين كان كاهن أكبر, لكن بعد تدمير الهيكل (586 ق.م), وغياب وظيفة الكاهن الأكبر التي ارتبطت به استبدلت طقوس تيس عزازيل بما يسمى بـ صلاة "اطرح" תשלח والمقصود طرح ذنوب المرء في البحر وهى تؤدى على شاطيء البحر. (راجع منشور صلاة اطرح.)
ويأتي "عزازيل" في التفاسير, باعتباره أحد الملائكة المتمردين الذي هبط إلى الأرض (بغرض إغواء النساء خاصة! ) ورفض الرجوع.! وهو على العكس من صاحبه "شِمَحْزَائي" الذي تاب عن خطيئة الهبوط لكنه ظل معلقًا بين السماء والأرض.!.
ويعدّ "عزازيل" في الفكر الميثولوجي اليهودي, هو الملاك الذي علّم النساء التزيُن, والتوشح بالحلي والجواهر, وعلّم الرجال صناعة السلاح وأدوات الحرب. وهو أيضًا, الذي تمادي في فعل الشرّ بارتكاب الفواحش؛ فضاجع رجالا, وأطفالا, وحيوانات. أما ما نتج عن تلك العلاقة الشاذة, بالإضافة إلى الجبابرة "العمالقة", وبقية الخاطئين من بني البشر, فهم أولئك الذين لم يرض عنهم الرب وقرر أن يدمر الأرض بسببهم بالطوفان. وعقابًا لذلك خُفضت رتبة عزازيل, وغُير اسمه الذي كان يسمى به بين الملائكة, قبل الهبوط, إلى عزازيل, كما سجن في مغارة محكمة.!
وفي الحكايات اليهودية تأتي قصة أحد تيوس "عزازيل", الذي وُجِّه إلى أرض بني إسماعيل - معروف أن سارة زوج إبراهيم عليهم السلام جميعًا كانت, بحسب رواية التوراة, سببًا في إبعاد هاجر وابنها إسماعيل عن بيت إبراهيم - فتحكي أن هذا التيس حين أطلق إلى وجه الصحراء, حاملا ذنوب بني إسرائيل, ظل منطلقًا بين الجبال والوديان حتى وصل إلى أرض العرب؛ في مكة, حيث بني إسماعيل, هناك توقف عن الجري بسبب العطش الشديد الذي أصابه, فامسكوا به وذبحوه على حجر أبيض اللون وبمجرد أن سالت دماء هذا التيس ولوثت هذا الحجر تحول لونه من اللون الأبيض إلى اللون الأسود بسبب خطايا بني إسرائيل وذنوبهم التي حُمِّل بها التيس, وهذه هى قصة الحجر الأسود بالكعبة المشرّفة الذي قيل إنه نزل من السماء وكان أبيض اللون تحوّل بسبب ذنوب بني إسرائيل! 
فهذه الحكاية من الإسرائيليات التي يجب الاتباه لمضمونها أيًا كان !! وفي تفاصيلها ما يدمي القلب من التعدّي على رموز إسلامية عظيمة بعد إضافات من خبثاء الطويَّة!
يتبع للأهمية
د. سامي الإمام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق