الأحد، 15 ديسمبر 2013

هل اليهودية ديانة تبشيرية ؟ האם יהדות היא דת מסיונרית?



 ردًا على استفسار هل اليهودية ديانة تبشيرية؟؟
تنفي المصادر اليهودية أن تكون الديانة اليهودية ديانة تبشيرية, وتقرّ بعدم سعيها إلى التبشير أو تهويد غير اليهود, وتقول تلك المصادر إن اليهودية وقفت في وجه موجات الراغبين في التهود ووضعت في طريقهم كل العراقيل الممكنة.

وهذا يخالف الدلائل التي تثبت أن كهنة اليهودية كانوا يتحمسون ويحرصون كل الحرص على تهويد أكثر ما يمكن من الناس من مختلف الأقوام, وكانت حملات التبشير منذ قدم الزمان. وبعد ظهور المسيحية صاروا أشد حرصًا على التبشير بدينهم نتيجة التنافس بينهم وبين مبشري المسيحية. ويقال إن باب التبشير باليهودية أوصد في منتصف القرن الثالث عشر الميلادي
وسنستدل على أن اليهودية ديانة تبشيرية بنصوص من كتاب "العهد القديم" نفسه؛ فقد ورد في سفر أشعيا :
"يجب أن تكون إسرائيل نور لكل الأمم وخلاص الرب يمكن أن يصل إلى أقصى الأرض". "افتحوا الأبواب للوثني الصالح المحافظ على أمانته قد يدخل منها". وفي سفر صموئيل الثاني : "هذه توراة البشر سيدي الرب".


وممّا يدلل على وجود التبشير في اليهودية, ما ورد بالإنجيل أيضًا : "الويل لكم أيها الفريسيون المراؤون فإنكم تطوفون البحر والبر لتكسبوا يهوديًا واحدًا فإذا تهود جعلتموه أهلا لجهنم ضعف ما أنتم عليه". (متى 23 : 15).


إجراءات التهود وطقوسه مرّ التهوّد "جيور" بمراحل مختلفة, ففي التوراة كان التهويد قطريًا, فكان الشخص الذي ينتقل من بلد إلى بلد آخر يتحول, عقديًا, بالضرورة إلى إله هذا البلد. فهذه "روث" الموآبية عندما انتقلت من "موآب" إلى "يهودا" تحولت, تلقائيًا, من عقيدة إلى عقيدة أخرى. كما قالت لـ "نعمى" : (شعبك شعبي وإلهك إلهي) (سفر روث), وكذلك فعل داود عندما هرب من بلده فهو يشكو من أن أعداءه أجبروه على عبادة إله البلد التي هرب إليها : (أذهب واعبد آلهة أخرى) (سفر صموئيل الأول). 
ويُطلق في التلمود على المتهود إيمانًا منه باليهودية, مصطلح "المتهود الصادق" (גר צדק : جير صِدِق), لأنه اعتنق اليهودية باختياره وعن قناعة. بينما أطلق على السامريين الذين تهودوا خوفًا من افتراس السباع لهم مصطلح "متهودو السباع". وكان الرب أطلق عليهم السباع, بحسب التوراة, لتفترسهم دفعًا لهم للدخول في اليهودية : (لم يعبد المستوطنون الجدد الرب في باديء الأمر، فقد أطلق الرب عليهم السباع المتوحشة فافترست بعضهم) (الملوك الثاني). وقد اكتسب المصطلح اعتبارًا من عصر"الهيكل الثاني" مفهومًا دينيًا وأصبح مخصصًا لمن يبدل دينه بدين آخر, وبخاصة الغريب الذي يتهود. ومن المعروف أن المتهود لابد من اجتيازه طقوسًا خاصة؛ أهمها الختان والتعميد أو التطهر. وعلى الرغم من وجود فقرات توراتية تشير إلى المساواة بين اليهودي وغير اليهودي, جاء في سفر العدد : فتكون لكم وللغريب النازل عندكم شريعة واحدة وحكم واحد». وهذا هو ما يستند إليه موسى بن ميمون, وسعديا جاءون, في المساواة التامة بين المتهود, واليهودي, أو حتى بين اليهودي وغير اليهودي المقيم بين الإسرائيليين (גר תושב : جير توشاڤ).
  إلا أن الواقع العملي يشير إلى غير ذلك حيث يعدّ يهوديًا خالصًا من ولد يهوديًا بالشروط الموضوعة لذلك, أما من يتحول من دين آخر, أو من لا يعتقد في إله بالمرة, وتحول إلى اليهودية فلا يتساويان, بحسب بعض الآراء الحسيدية, ونقرأ في هذا الصدد : إن أجساد بني إسرائيل من ناحية الجسد ذاته فهى تشبه جسد غير اليهودي, لكن الرب جعل في أجساد اليهود نورًا علويًا امتدادًا لنوره, وهو المسمى بالنسمة (نِشَمَاه), التي تنطلق من أسفل كرسي العرش, وهى جزء إلهي, وهذا ليس موجودًا في أجساد غير اليهود. لذلك قال الراب "اسحاق شباط" إن المتهود لا يمكنه ان يقرأ بركة "مبارك الذي لم يخلقني جوي". ويطلق على المتهود (גר : جير), بشكل عام, وعلى المقيم وسط بني إسرائيل, وترك عبادة الأوثان, لكنه لم يقبل من الوصايا إلا ما يعرف بوصايا نوح السبعة, قديمًا, (جير توشاف), وعلى المتهود عن قناعة وبدافع ذاتي المتهود الصادق أو الحقيقي (جير صِدِق). والطريف أن كلمة (جير) التي تقابل في العربية (غير) تحمل معنى المغايرة, ولذلك فالمصطلح يطلق على المتهودين وعلى الأغيار, أو الغرباء.

هناك تعليقان (2):

  1. بارك اللهم فيكم يا دكتور مقال رائع.

    ردحذف
    الردود
    1. أكرمكم الله دكتور/عمرو - شهادتكم أروع جازاكم الله خيرًا.

      حذف