الثلاثاء، 10 ديسمبر 2013

يهود الاسكندرية . . قديمًا (330ق.م – 70م) יהודי אלקסנדריה . . בעבר





تذكر المصادر اليهودية أن الوجود اليهودي في الإسكندرية يرجع إلى القرن الثالث قبل الميلاد, بعد موت الإسكندر الأكبر مؤسس المدينة بزمن قليل, في عصر (تلمي الأول/بطليموس) الأب الأكبر لعائلة البطالمة التي حكمت مصر زهاء 300 عام, حين بدأ يهود يتوافدون على مدينة الإسكندرية التي كان "تلمي" جعلها عاصمة لمصر ومدينة زاهرة.

غير معروف هل هؤلاء اليهود انتقلوا من فلسطين إلى الإسكندرية أم أنهم يهود مصريون انتقلوا من أرجاء مصر للإقامة بالإسكندرية؛ فطبقًا للمؤرخ اليهودي "يوسيفوس فلافيوس" نقل الملك تلمي/بطليموس أكثر من مائة ألف يهودي إلى الإسكندرية بغرض الدفاع عن أرضه, وعلى الفور نشأت في المكان طائفة يهودية غنية وذات مكانة الأمر الذي رشحها للحصول على استقلال ديني تام وإدارة شئونها طبقًا للنمط اليهودي.

تذكر المصادر العبرية أن مدينة الإسكندرية امتدت في ذلك الزمن القديم وكانت تتكون من خمسة أحياء سكن اليهود في حيين اثنين من تلك الأحياء.

وتشير المصادر العبرية (على الرغم من أنني استخدم هذه الصيغة في أضيق الحدود لكونها غير مقبولة في الأبحاث العلمية) إلى أن مصر بشكل عام كانت ملاذًا لليهود الهاربين من فلسطين بسبب أو بآخر, من أمثال هذه الهروبات هروب "حونو الرابع" (حوالي 170 ق.م – 154ق.م) ابن "شمعون الصدِّيق" الكاهن الأكبر في ذلك الزمن, حين أمره أبوه بتولي وظيفة الكاهن الأكبر الأمر الذي أثار عليه حنق أخيه الأكبر "شمعي" الذي أخذ يدبر له المكائد لقتله. ولم يكن اليهود الهاربون من فلسطين إلى مصر يتمسكون بالعقيدة اليهودية فمنهم مثل "حونو" من بنى مذبحًا وأصعد عليه بخورًا للأوثان, على اختلاف في الروايات حيث يقول رابي "يهودا" إن مذبح  "حونو" كان مذبحًا للرب ولم يكن لعبادة الأوثان. 

خدم معبد "حونو" يهود مصر زمنًا طويلا حتى بعد خراب الهيكل لكنه أغلق على أيدي الرومان بعدما اتخذه يهود لاجئون كثر كوكر للمتمردين ضد الرومان, ما أدي إلى تخريبه وانتهاء أثره تمامًا.

كانت الطائفة اليهودية بالإسكندرية هى أعظم الطوائف اليهودية التي وجدت في زمن الهيكل الثاني (515ق.م – 20ق.م), وممّا قاله الحكماء عن معبد الطائفة بالإسكندرية : إن من لم ير هذا المعبد لم ير عظمة إسرائيل ومجده".

أمر الملك "تلمي" بترجمة كتاب "العهد القديم" إلى اللغة اليونانية, وهى أقدم ترجمة للغة أجنبية. انجزت هذه الترجمة في القرن الثالث قبل الميلاد. وبحسب ما ورد في الأدب التلمودي وفي الأسفار الخارجية أنجز هذه الترجمة الملك " تلمي فيلادلفوس" هو و70 عالمًا يهوديًا. وقد استخدمت الترجمة السبعينية كمصدر لترجمات أخرى لكتاب "العهد القديم". وكانت تلك الترجمة مقبولة لدى آباء الكنيسة المسيحية.

ومن طرائف عملية الترجمة ترجمة الفقرة الخاصة "بتحريم أكل لحم الأرنب", حيث اتحد المترجمون السبعون على ترجمتها على النحو التالي : "تحريم أكل لحم (قصيرة الأرجل)" كناية عن الأرنب, والسبب يرجع إلى أن زوجة الملك "تلمي" كان اسمها (أرنب), وفضّل المترجمون – على الرغم من انهم كانوا متفرقين -  عدم ذكر اسم زوجة الملك والكناية بـ (قصيرة الأرجل) خشية غضبه.

يذكر الحكماء أن خراب معبد الإسكندرية, الذي تم على يد حاكم روماني اسمه "تريانوس", وقتل أعداد كبيرة من اليهود, إنما كان عقابًا على رجوعهم إلى مصر وتعديًا على تحريم التوراة العودة لمصر.

لقد بلغ تعداد اليهود في العصر الروماني, في قول, نصف سكان الإسكندرية, وكانوا من حين إلى آخر يتمردون ضد الرومان بسبب رفضهم منحهم حقوقًا مساوية لحقوق اليونانيين الذين كانوا يقيمون بالمدينة. وفي ثورة الرومان على الهيكل الثاني التي دمر فيها تمامًا سنة 70 م قتل فيها 50 الفًا من يهود الإسكندرية, وما يدعو للأسف – على حدّ المصادر العبرية – هو أن السبب في ذلك يرجع إلى شخص يدعى "تبريوس يوليوس الكسندر" وكان يهوديًا متحولا من طائفة يهود الإسكندرية. 

يهود الإسكندرية . . من زمن الحملة الفرنسية إلى ما بعدها

لا يتسع المقام هنا لسرد أحوال اليهود وأوضاعهم المختلفة عبر ما يزيد على 1800 عام؛ هى الحقبة الواقعة ما بين تدمير ما كان تبقى من الهيكل, تمامًا وطرد اليهود من فلسطين سنة 136م, على يد القائد الروماني "هادريان" وعام 1967 عام طردهم – من مصر - في العصر الحديث بعد حرب 1967م, بعد اكتشاف ضلوعهم في أعمال تآمرية ضد مصر والمصريين, ودعمهم للحركة الصهيونية.

ومن الجدير بالإشادة عبر هذه السنين الطويلة أم مصر لم توصد بابها في وجه اليهودي كما يذكر ذلك المؤرخ اليهودي الشهير "مارك كوهين", بل إن السلطات المصرية الفاطمية سمحت في في حقبة الاحتلال الصليبي لفلسطين ليهودها بتنظيم حملة لفداء الأسرى من اليهود لدى الفرنجة في اعقاب الاحتلال, واستقدامهم إلى مصر حيث كان اليهود يتمتعون بحياة زاهرة مستقرة في ذاك الوقت. 

وعلى ذلك سنحاول عرض أوضاع اليهود في شمال إفريقيا وخاصة مدينة الإسكندرية فيما بين قدوم الحملة الفرنسية وما بعدها.


كان لفترة الاستعمار في بلدان شمال إفريقيا تأثير كبير في أوضاع اليهود؛ فشهد المجتمع اليهودي في ذاك الوقت العديد من المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كان أبرزها تغيير أوضاعهم القانونية وأوضاعهم المهنية وتحسن أوضاعهم  الصحية وانتشار الثقافة الأوربية وظهور أنماط حياتية جديدة شكلت في مجملها سمات عامة لمسيرة الحداثة التي شهدها المجتمع اليهودي, ومع ذلك فقد تفاوت حجم التغيير الذي شهدته كل طائفة نتيجة لعوامل عدة.

وبقطع النظر عن الفروقات التي ميزت كل طائفة من الطوائف اليهودية إلا أنها التقت جميعها بالقوى الأوربية  الأمر الذي تسبب في انفصال اليهود عن الشعوب التي عاشوا بينها وارتبط مصيرهم بمصير القوى الأوربية المستعمرة للبلاد. وخير دليل على ذلك هو أن اليهود لم يشاركوا في ثورات شعوب هذه البلدان الهادفة إلى نيل استقلالها, ومن هنا فحينما رحلت قوى الاستعمار عن هذه البلدان فإن اليهود رحلوا معها متوجهين إما إلى فلسطين أو إلى الدول الأجنبية.

فقد تدفقت على مصر بعامة أعداد ضخمة من يهود بلدان البحر الأبيض المتوسط وبلدان البلقان وشرق أوروبا. ولم تبدأ حركة الهجرة هذه  إلا بعد أن طبق والي مصر محمد علي (1805 – 1869) والخديو إسماعيل (1863 – 1879), إصلااحات عدة أدت إلى تزايد حركة هجرة اليهود وخاصة بعد افتتاح قناة السويس في عام 1869.

فتدين الإسكندرية مما لا شكّ فيه لمحمد علي بالنهضة حيث أنه أعاد للمدينة الحياة بوسائل عدة, كما شيّد عند رأس التين مقره المفضل وأصبحت الإسكندرية هي مقر قناصل الدول الغربية وهو ما أكسبها مظهرًا حضاريًا أوروبيًا كان له أكبر الأثر في جذب العديد من الفرنسيين واليونانيين واليهود والشوام، بسبب الانتعاشة التي حظيت بها المدينة، كما أنشأ دار الصناعة البحرية فيها والتي يطلق عليها حالياً "الترسانة البحرية"، تلبية لاحتياجات الأسطول المصري, في ذلك الوقت.

ويذكر لمحمد على أنه فرض حمايته على اليهود وحذر الهالي من الاعتداء عليهم بسبب اتهامهم بالتعاون مع الحملة لفرنسية. كما أسس محاكم مدنية واعطى الحق لليهود للتقاضي أمامها كما أسس مجالس بلديات وعين بعض اليهود فيها وقد بلغ عدد اليهود في عهده سبعة آلاف يهودي.

واجتذبت الإسكندرية العديد من اليهود سواء من اليهود الشرقيين (السفارديم), أو اليهود الغربيين (الاشكنازيم), الذين أسسوا بعض المصانع, وأقاموا بعض المشاريع التجارية الناجحة؛ مثل مصنع السجائر الذي أسسه "مندلباوم وهوروفيتس". على أن محمد على , على الرغم من روح التسامح التي أبداها تجاه اليهود إلا انه  - كما ذكر الباحث "ميخائيل فنتر" – أمر بشنق أحد تجار العملة اليهود من بين من شنقوا لخرقهم قوانين تجارة العملة التي وضعت للاحتفاظ بقيمتها.

أصبحت الإسكندرية بذلك أهم ميناء تقريبًا على شواطيء البحر المتوسط ومركزًا مهما للتجارة الخارجية ومقرا سكنيًا متعدد الأعراق واللغات والثقافات, وبالطبع كان لليهود نصيبًا وافرًا في الحياة المستقرة في هذه الأجواء التي افتقروا إليها في أي مكان آخر بعد حقبة حياتهم في بلاد الأندلس في العصور الوسطى تحت الحكم الإسلامي. 

واستمرت الإسكندرية تحت حكم خلفاء محمد علي في النمو الاقتصادي، فشهدت في عهد الخديوي إسماعيل تحديداً اهتماماً يُشابه الاهتمام الذي أولاه لتخطيط مدينة القاهرة, وكان من جراء ذلك زيادة تدفق يهود من أنحاء أوربا وآسيا إلى مصر. 

بلغ عدد يهود الإسكندرية في عام 1897, في أول إحصاء رسمي لمصر, 9831 نسمة, في حين بلغ عددهم في القاهرة 11609 نسمة, وبلغ في مدن مصرية أخرى؛ خاصة المنصورة, وطنطا, والمحلة الكبرى  3761 نسمة وبذلك كان إجمالي عدد يهود مصر في ذلك الوقت 252001 نسمة, في إحصاء إجمالي للمصريين بلغ 9734000 نسمة.

وبذلك كانت نسبة يهود الإسكندرية مقارنة بنسبة يهود مصر ككل 39%. وأدى نشوب الحرب العالمية الأولى إلى زيادة في أعداد اليهود بلغت حوالي 21000 يهودي. من أسباب تلك الهجرة أيضًا تضييق الوالي العثماني على سوريا "جمال باشا" على الأنشطة اليهودية في فلسطين, بعد أن تبين أنها اتخذت منحى صهيونيًا ذات طابع خطر على الدولة العثمانية, ومما قام به أيضًا حلّ كثير من منظماتهم خاصة منظمة الحارس (هاشّومير), كما وضع قيودًا على استعمال اللغة العبرية في لافتات الحوانيت والمناطق التجارية, وأغلق بنكًا فلسطسنيًا – إنجليزيًا, مما أثر بشكل كبير على أوضاع اليهود الاقتصادية في فلسطين وكان ذلك دافعًا لهم للهجرة إلى مصر, واختيار الإسكندرية لما تمتعت به من سمعة تجارية عظيمة على مستوى موانيء البحر الأبيض المتوسط في ذلك الوقت.

حياة يهود الإسكندرية قبل عام 1956
ازدهرت حياة الطائفة اليهودية في القاهرة والإسكندرية, والمدن الأخرى؛ المنصورة وطنطا والمحلة, وبور سعيد, ودمنهور, وغيرهم من المدن المصرية. والحقيقة هى أن أحوال الطائفة المختلفة سواء في القاهرة أو الإسكندرية تحتاج لمجلدات للإحاطة بجميع جوانبها في شتى مناحي الحياة, لكننا سنحاول تقديم صورة مختصرة تفي بإيضاح ملامح هذه الصورة.
فمن أنشطة اليهود بمصر البنوك, فقد أسس "البنك التجاري المصري" بالإسكندرية عام 1920, وكان جميع مؤسسيه من اليهود أمثال سوارس, وقطاوي, وغيرهم, واستمر في عمله إلى عام 1957. أسس هذا البنك شركة الملابس والمهمات المصرية, وشركة للأراضي والمباني وشركة التأمين التجارية, وكان البنك يملك معظم أسهم تلك الشركات. وكان لهذه الشركات فروعًا في الإسكندرية وغيرها من مدن مصر الكبرى. ومن البنوك أيضًا "بنك موصيري" وكانت أسسته عائلة "موصيري" اليهودية المشهورة عام 1935, وبلغ رأس ماله عام 1947, 250000 ج.م . وكان في مقدور "موصيري" الحصول على الجنسية المصرية غير أنه فضل جنسيته الإيطالية التي كانت تمنحه امتيازات على أي مصري. يذكر المصدر أن بنك موصيري خضع للتمصير طبقًا للقانون سنة 1957م. وبنك "زلخة" على اسم عائلة يهودية من أصل عراقي استوطنت مصر منذ زمن غير قصير, ومارست نشاطًا ماليًا مصرفيًا تحت مختصر (
K.A.Z) وهو مختصر لإسم خضوري عبده زلخة, وكان لبنك زلخة فرع بالإسكندرية, واكن معظم موظفيه من اليهود, وكان يعين بعض المصريين لكن بمرتبات أقل من مرتبات اليهود. والبنك البلجيكي والدولي المصري الذي شارك فيه اليهود برأسمال بنسبة محددة, أسس سنة 1929 برأسمال قدره مليون جنيه مصري, أسهم هذا البنك في اعمال تجارية ومصرفية عدة.


والبنك الأهلي المصري
ومن ذلك أيضًا "البنك الأهلي المصري" الذي شارك فيه منذ إنشائه سنة 1898 الأثرياء اليهود "اخوان سوارس" بمشاركة محلاتهم المعروفة آنذاك باسم "محلات اخوان سوارس" بخمسة وعشرين ألف سهم, قيمة السهم عشرة جنيهات استرلينية, ودفع مثلهم محل س.م سلفاجو وشركاه, ودفع ضعفهم المستر أ. كاسل. ومن ثم تكون مساهمة اخوان سوارس بربع راسمال البنك الأهلي المصري. ظل البنك الأهلي المصري بطابعه اليهودي والأجنبي في الإدارة ورأس المال مسيطرًا على مقادير مصر المالية والاقتصادية إلى ان تم تحويله إلى إلى البنك المركزي وتمتلكه الدولة عام 1951.
شارك اليهود أيضًا في بنوك الإقراض العقاري, والشركات المالية, وشركات التأمين, وكان لهذه الأنشطة بالطبع فروع بالإسكندرية ومدن أخرى إلى جانب فروع القاهرة.
فمن إسهامات اليهود بمدينة الإسكندرية "شركة الإسكندرية للتأمين على الحياة" التي تأسست عام 1939 وكان على رأسها إدارة يهودية اتسمت بالتعصب. وعندما أقدم مصري مشهور وهو على أمين يحي باشا من رجال المال على تأسيس شركة الإسكندرية للتأمين سنة 1928 فإنه أقدم على هذا العمل بمشاركة أجانب منهم ستة من اليهود هم : إميل نسيم عدس, وإميل داود عدس, وإدوين جعار, والبرت مزراحي, وجوستاف إجيون, وروبير رولو.
وبالنسبة للمحلات التجارية فقد كانت ملكية معظمها ليهود أمثال محلات "شيكوريل" التي تأسست عام 1887, على يد المسيو "مورينو شيكوريل", و"يوسف سلفادور, والفيرا زوجة سلومون, وراشيل (راحيل) شيكوريل, ومعهم تراجر فرنسي يهودي هو "فيكتور تورييل بن إيلي", وغيرهم. ومحلات "شملا" للملابس وبهذه المناسبة فإن كلمة شملا كلمة عبرية هى (سِمْلا) بمعنى ثوب/فستان, وكذلك محلات "الملكة الصغيرة" التي تأسست عام 1929. وشركة بنزايون وهى كلمة عبرية هى (بن صهيون) التي تحورت إلى بن صيون ثم بنزايون. وريفولي, وعمر افندي واسمه (أوروذي بك). ومن الأسر التي عاشت بمدينة الإسكندرية ومارست أنشطة تجارية أسرة "سلامة" اليهودية المصرية, منهم ماكس وسلفاتور ويوسف, وأسست شركة منذ عام 1946 بالإسكندرية بغرض تجارة الأقطان وبذرتها والحبوب الزراعية والاستيراد والتصدير وبالأخص استيراد المواد الغذائية والمنسوجات والورق.
وكان لليهود نشاط تجاري وصناعي ومالي واسع في كل شيء لا يمكن حصره منها معامل الحليج والزيت المتحدة بالإسكندرية , والشركة المصرية للمواسير والأعمدة والمصنوعات من الأسمنت المسلح (سيجوارت) التي شارك اليهود في تأسيسها نذكر منهم موريس موصيري, وفيتا فرحات, ورالف هراري وغيرهم. وفي شركة صناعة الطحن بالإسكندرية شارك كل من موريس وارمان مستاكي, وماكس سلامة, وجيمس كوهين, وادوارد كوهين وذلك للإتجار في المواد الغذائية والصناعات المتعلقة بها.
وعلى الصعيد الرياضي كان بالإسكندرية نادي المكابي الشهير ولا يزال يمارس نشاطه بإسرائيل إلى يومنا هذا, وكان مقره شارع القلعة. وفي القاهرة كان بأرض مدرسة السبيل بالعباسية. وللأسف فإن هذه الأندية كانت مكانًا خصبًا لترويج أفكار الصهيونية. ومن ذلك تم العثور على محطة لاسلكية في نادي المكابي الذي كان بمصر الجديدة سنة 1948, كأداة من أدوات التجسس على مصر.
وبالنسبة للتعليم فقد كان اليهود يلتحقون بالتعليم الحكومي المصري بالإضافة إلى التعليم في مدارس الطائفة والتي عرفت بالمدارس الإسرائيلية, وكذا كانوا يلتحقون بالمدارس الأجنبية.
وبلغ جملة الدارسين في مراحل التعليم المختلفة بمصر في العام الدراسي 48/1949 حوالي 12300 تلميذًا وتلميذة موزعين على مراحل التعليم المختلفة من مدارس مصرية حكومية ومدارس أجنبية ومدارس الطائفة, والجامعات المصرية.
وكان بالإسكندرية 7 مدارس إسرائيلية, وفي طنطا مدرسة إسرائيلية واحدة.
وهذه المدارس الإسرائيلية كانت تدرس اللغة العبرية لتلاميذها كما كان من مباحًا التحاق المصريين من مسلمين ومسيحيين هذه المدارس.
وكانت الحكومة المصرية تقدم معونة سنوية للمدارس الإسرائيلية على الأراضي المصرية وكانت بعض هذه المدارس أحيانًا تطلب مزيدًا من الدعم الحكومي وغالبًا ما كان يستجاب لطلبها.
وعلى المستوى الإعلامي كان لليهود ثلاث صحف هى: الشمس, وهى اسبوعية, والتسعيرة, والصراحة. ومجلتين, هما: الكليم, والكاتب المصري.
أولت الطائفة اليهودية بالإسكندرية مقابر اليهود عناية كبيرة وأرادت في عام 1948 توسيعها وإضافة مساحات جديدة لها. كما صنعت نصبًا تذكاريًا لحاخام الإسكندرية الأكبر "ناثان عمرام" في مقبرة مازاريتا صنعه المهندس "جاستون إجبرن" من الرخام.

طرفة على لسان رئيس طائفة يهود الإسكندرية:
كانت ظروف اليهود في مصر صعبة للغاية إثر إعلان ما يسمى باستقلال إسرائيل عام 1948, والعداء الذي أخذ يشتعل بين العرب مسلمين ومسيحيين بسبب ذلك. وهو ما دفع بعض يهود مصر إلى التحول للإسلام أو للمسيحية. ومع أنه ليس هناك ما يمنع أن تحول بعضهم للإسلام أو للمسيحية كان تحولا حقيقيًا, لكن الصفة الغالبة هو أن التحول كان تحولا ظاهريًا, وبمناقشة "يتسحاق بتشوشو" رئيس الطائفة اليهودية بالإسكندرية حول هذا الموضوع فإنه ذكر حكاية طريفة يغلب عليها التلميح أكثر من التصريح فقد ذكر " أن يهوديًا تحول إلى الميسحية وفي أحدى المناسبات التب يسمح فيها بأكل الأسماك ولا يسمح فيها بأكل الطيور جلس اليهودي الذي تنصر يأكل وعلى مائدته بطة معدة للطعام, فدخل عليه أحد القساوسة, فشاهد البطة ضمن طعامه, فقال له: ألا تعرف أن البط محرم أكله في هذا الصيام, فرد عليه قائلا, وكأن إجابته جاهزة: إنني مكثت ساعة ومازلت ألوِّح على البطة بالمروحة يمينًا ويسارًا وأنا أقول للبطة : كوني سمكة حتى تحولت البطة إلى سمكة, وما تراه أنت الآن سمكة وليست بطة".
..........................................................................................
من أشمل الكتب وأدقها معلومة في حياة يهود مصر كتاب :
الحياة الاقتصادية والاجتماعية لليهود في مصر 1947 – 1956, تأليف دكتور نبيل عبد الحميد سيد.
أستاذ التاريخ المعاصر بكلية الآداب جامعة المنيا.
بترتيب وتصرف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق