جاء في التوراة عن الأشياء التي خرج بها بنو إسرائيل من مصر :
"وطلبوا من المصريين آنية فضّة وذهبًا وثيابًا بحسب قول موسى، فأعطوهم كل ما طلبوه، فسلبوا المصريين".
أخذوا ذهبًا وفضة, وآنية, ومواشي وغير ذلك فكيف أخذت هذه الأشياء؟
وهل كانت سذاجة من المصريين ؟ أم طيبة؟ أم خداع يهودي؟
تتحدث التوراة عن سلب اليهود المصريين.فالنص يتحدث عن عملية سلب صراحة, ومع ذلك تظل صورة مصر في كتاب "العهد القديم" قاتمة؛ فهى "بيت العبودية", فالإله يستهل الوصايا العشر بقوله: أنا الرب إلهك الذي أخرجك من مصر من "بيت العبودية" وتكرر وصف مصر بهذه الصفة عشرات المرات, وصورة مصر بشكل عام عند الإسرائيليين تحتل مكانًا ذا أبعاد رمزية فهى مكان للنفي, والقتل, والتعذيب, والعبودية. وهى صورة ساعد الصهاينة, في العصر الحديث, على ترسيخها في الأذهان.
فهل حقًا كانت مصر بهذا السوء والقبح في عيون الإسرائيليين الذين خرجوا مع موسى ؟!
للإجابة عن هذا السؤال نستشهد بآيات من التوراة نفسها, فقد عاش بنو إسرائيل في مصر قديمًا في منطقة كانت تسمى "جاسان", لعلها الآن في محافظة الشرقية, في بحبوحة من العيش ورغده, حتى أنهم حين خرجوا كانوا يسوقون أمامهم قطعانًا كبيرة من الماشية:
"وخرج معهم لفيف كثير أيضًا مع غنم وبقر ومواشي وافرة جدًا".
ليس هذا وحسب بل تسجل التوراة أنهم ندموا على تلبيتهم دعوة موسى وهارون لمسيرة الخروج, فنقرأ:
"وقال لهما بنو إسرائيل ليتنا متنا بيد الرب في أرض مصر إذ كنا جالسين عند قدور اللحم, نأكل خبزًا حتى الشبع".
ونقرأ خطابهم لموسى نفسه:
"أقليل أنك أخرجتنا من أرض تفيض لبنًا وعسلا لتميتنا في الصحراء"!
لقد ترددوا في قبول دعوة موسى للخروج, فأي عبودية يتحدثون عنها, إذا كان هذا هو حديث التوراة عن مصر!؟
ألم تكرم مصر وفادة يعقوب, عليه السلام, وأبنائه من مجاعة اجتاحت كنعان (فلسطين) آنذاك؟ ألم يتزوج سليمان من أميرة فرعونية ؟ ألم يلجأ كثيرون من بني إسرائيل إلى مصر التماسًا لخيرها وعطائها وطلبًا لودها وبحثًا عن حمايتها؟
تذكر التوراة أن النساء الإسرائيليات استعرن من المصريات أقراط وحلي ذهبية وفضية وأشياء أخرى قبيل الخروج من مصر, فهل لو كان المصريون بهذا السوء الوارد في بعض آيات التوراة هل كانت النساء اليهوديات يستعرن الحلي الذهبية منهم بهذه البساطة ؟!
وإذا كان بنو إسرائيل الخارجون مع موسى كان عددهم يقترب من المليونين بحسب إحصاء التوراة فلو افترضنا أن ربع هذا العدد من النساء, أي 500 ألف سيدة, فلو استعارت كل واحدة قطعة ذهبية واحدة لكان عدد القطع 500 ألف قطعة, فكم تساوي قيمة هذه القطع الآن, بعد حوالي ثلاثمائة وخمسمائة عام من الزمن الذي أخذت فيه من مصر.
.......................................................................
هذا في عصر موسى عليه السلام, وماذا عن العصر الحديث ؟ كيف عاش اليهود في مصر عبر مئات السنين, وحتى إعلان كيانهم المسمى "إسرائيل" ؟
كان لليهود في مصر نشاط اقتصادي مميز انتشرت فيه متاجرهم وأعمالهم الاقتصادية التي شملت مختلف نواحي الاقتصاد وميادينه ويأتي أهمها البنوك والتي منها بنك "موصيري", و"سوارس", وزلخة, والبنك العقاري, وغيرهم. كما كان نشاطهم التجاري الشهير ومن أهم محلاتهم شركات بنزايون, وشيكوريل, وشملا, وعدس, وريڤولي, والملكة الصغيرة, وكثير من متاجر الجملة والتجزءة التي تشهد لأصحاب تلك المحلات وموظفيها اليهود بالخبرة الواسعة. وكن لهم أنشطة تجارية عظيمة عادت عليهم بالمكاسب الوفيرة, لكن للأسف فإن معظم تلك المكاسب والأموال هربت خارج مصر بأساليب ملتوية ليساهم أغلبها في النهاية في بناء إسرائيل ودعمها, لتضر بذلك الاقتصاد الوطني من ناحية وأمن مصر وسلامتها من ناحية أخرى.
هل هناك أكثر سماحة من أن الحاخام "حاييم ناحوم" أفندي الذي عين حاخامًا لطائفة اليهود الربانيين في مصر اعتبارًا من عام 1925 حتى وفاته عام 1960 عن عمر يناهز 88 عامًا, كان عضوًا في مجمع اللغة العربية.!
على كل حال يتصف اليهود بالجحود, وصلابة العنق, ليس هذا وصف عدوّ لهم بل هو وصف الله لهم بأنهم "ثلة من الأغبياء, أعداء الله".
د. سامي الإمام.
المعلومات عن يهود مصر في العصر الحديث من كتاب:
"الحياة الاقتصادية والاجتماعية لليهود في مصر 1947 - 1956
تأليف دكتور / نبيل عبد الحميد, أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر المساعد
كلية الآداب - جامعة المنيا
مكتبة مدبولي1991.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق