تعرض اليهود للمذابح, في ألمانيا سنة 1096 بعدما حرّض البابا "أوربان الثاني" على الحروب الصليبية ضد مسلمي الشرق, لكن المسيحيين المحتشدين للقتال في ألمانيا مرّوا في طريقها بمنطقة الراين وارتكبوا مذابح ضد اليهود, باعتبارهم أصحاب عقيدة مغايرة للمسيحية, كما كانوا يقومون بالإقراض بالربا ممّا حدا ببعض المسيحيين بتسميتهم (أسماك القرش), لما كانوا يحوزونه من أموال عن طريق استغلال الفقراء.
وفي سنة 1215 أجبر اليهود في أوروبا على اللباس بطريقة معينة أو على حمل علامة اليهودية.. وفي سنة 1290 طرد اليهود من انكلترا. وفي القرن الرابع عشر طردوا من فرنسا. وفي 1492 طردوا من اسبانيا، ما لم يقبلوا التعميد. وف 1648 تعرضوا للمذابح في بولندا وأوكرانيا.
وفي سنة1881 بعد مقتل القيصر جرت مذابح في روسيا, والمعروفة في التاريخ بمذابح الـ (بوجروم), التي تعني بالروسية الفتك, التدمير, المذبحة.
وفي سنة1919 جرت مذابح في أوروبا الشرقية راح ضحيتها 60 ألف يهودي قتلوا في أوكرانيا.
وكان لسلوك اليهود المتعالى على بقية البشر, وترويجهم لفكرة الاختيار الإلهي لهم كشعب الله المختار, وما يحتويه التلمود من تعاليم ضد البشرية كلها واعتبار ما عدا اليهود عبيدًا او حيوانات خلقها الله على صورة البشر لكي يفهموا أوامر اليهود الأسياد, وهو ما جعلهم يعيشون فيما يعرف بالجيتو, وهى كلمة إيطالية تعني (حارة اليهود).
وكانت نظرية فريدريك نيتشه عن التفوق البشري السبب في شعور الألمان بأنهم أعلى بني البشر. كما شهد القرن التاسع عشر تسابق النظريات "العلميه" التي برزت على أنها تيار جديد في أوروبا وألمانيا الجديدة, وبالتالي لعبت الأسطوره الآريه دورًا مهمًا خلال الحقبه النازية -بما فى ذلك فكرة خاصية العرق والروح الجرمانيه التي كانت متفوقة على كل شيء آخر.
كان لاصطدام هذه الأفكار, وشعور هتلر بوجود مؤامره يهوديه للاستيلاء على العالم. ومن أجل حبك هذه المؤامره ، تحالفت قوى الرأسمالية اليهودية مع القوى الاشتراكية البلشفية. كل ذلك أدى إلى ارتكاب مذابح ضد اليهود للقضاء عليهم وإراحة أوربا منهم!!
"يَاد فـَ شِيم" (نُصُب واسم) - هو مجمع يحتوي على متاحف ومعارض، ومعاهد للتعليم والأبحاث والأنصاب التذكارية. ويهتم بعرض أحداث الهولوكوست (ضحايا النازية). فما هى الرؤية اليهودية لتلك الأحداث؟
تاتي العبارة "ياد ڤَـ شِيم" ضمن مفاهيم الخلاص في نبوءة أشعيا, حيث نقرأ الآية:
"أهبهم داخل بيتي وأسواري نصيبًا واسمًا أفضل من البنين والبنات. أُعطيهم اسمًا مُخلدًا لا ينقَرض".
لكن العبارة, حُرف معناها, واختيرت للدلالة على تخليد حدث تاريخي, هو إبادة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية, على يد قوات النازية وحلفائها, وهو ما اصطلح على تسميته بالهولوكوست, أي: المحرقة. فالمقصود بالعبارة في الآية هو منح الإسرائيليين "سلطة/مكانة وشهرة", فعُبر عن السلطة باليد, وعُبر عن الشهرة بالاسم. وكان المقصود من هذا الإسقاط هو أن أولى اليهود بالمعنى الذي أراده الرب, والوارد بالنص هم هؤلاء القتلى الذين تحملوا الاضطهاد والتعذيب والقتل وفقدوا حياتهم في سبيل بني جلدتهم.
و"ياد ڤَ شِيم" هو اسم لمؤسسة إسرائيلية أسست عام 1953, كمركز أبحاث بشأن أحداث الهولوكوست. تقع هذه المؤسسة في مدينة القدس, وتضم متحفًا يعرض أحداث الهولوكوست, أبرز الوثائق والصور التاريخية, والأفلام, وشهادات شهود العيان, ومكتبة تضم 112 ألف كتاب ومطبوعة, ومدرسة تهتم بتعليم أحداث المحرقة وتداعياته, ومعهد أبحاث دولي, ودار نشر أبحاث .
وترعى هذه المؤسسة تقديم دورات للتعريف بالمحرقة لجميع الأعمار. وإقامة المعارض عنها في الأنحاء المختلفة, وجمع أسماء الضحايا, وعمل قاعدة بيانات مركزية, وكذلك جمع الصور والوثائق, ومحاولة جمع شهادات من أشخاص لا يزالون على قيد الحياة, وتسجيل شهاداتهم, وإحياء ذكرى المحرقة, والمحافظة على أسماء ستة ملايين يهودي !!! قضوا في هذه المحرقة, بحسب المصادر اليهودية.
لكن رقم الـ ستة ملايين يهودي, ضحايا المحرقة, الوارد في وثائق "ياد ڤَـ شِيم" يثير كثيرًا من الخلاف والجدل حول حقيقته, والاضطهاد والمذابح هما أهم أسباب تخلص أوربا من اليهود والتخطيط لاحتلال فلسطين وتهجيرهم إليها للتخلص منهم ومن مشكلاتهم, واستخدامهم لتحقيق مصالحهم على حساب شعوب المنطقة العربية.
وتقرر أن ينطلق صوت صافرات الحداد بإسرائيل في هذه الذكرى لمدة تتراوح بين دقيقتين إلى أكثر, كلحظات صمت كنوع من الحداد العام يتوقف فيها كل شيء, وعلى كل إسرائيلي ترك ما يقوم به فورًا, سواء أكان في عمل أو يقود سيارة أو غير ذلك, ويتعين على قائدي السيارات الترجل من السيارات والوقوف إلى جوار السيارة خلال هذه الدقائق. وقد بدأ هذا التقليد سنة 1949. يسمع صوت الصافرات ثلاث مرات؛ في الصباح, والمساء, ومرة ثالثة, وتعدّ هذه الصافرات تذكارًا بمن قضوا في حروب إسرائيل المختلفة وضحايا مذابح النازية وغيرها.
واعتاد البعض قراءة بعض فقرات التوراة في لحظات الصمت هذه, وهناك من لا يوقِّر هذا التقليد سواء من الحريديم, أو من العلمانيين, ويستثنى من هذه الطقوس من تستدعي ظروف عمله الحركة كالمصورين ومراسلي وكالات الأنباء ومن يقومون بعمل إنساني ضروري كالمسعفين ورجال الإطفاء والأطباء وغيرهم.
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية
كلية اللغات والترجمة/جامعة الأزهر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق