الثلاثاء، 17 مارس 2015

ملامح من علاقة المسيحية باليهودية ‫#‏תכונות_מהיחס_בין_הנצרות_ליהדות‬

يؤمن المسيحيون بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله الموحى بها إلى أشخاص من مستويات مختلفة (مع تفصيل في معنى الوحي في النصرانية الذي يختلف عنه في اليهودية, أو في الإسلام), وأنه يتكون من عهدَين : العهد القديم, والعهد الجديد, وهما معًا يشكلان وحدة متكاملة في الإعلان عن مشيئة الله في خلقه, خاصة ما يلزم الإنسان وعلاقته بالرب منذ لحظة الميلاد إلى لحظة الممات.
وتعدّ تسميّة "العهد القديم" تسمية مسيحية لكتاب اليهودية الأول المسمى تناخ (وهى اختصار للحروف الثلاثة الأولى لمكوناته؛ توراة, أنبياء, وكتب/ تنك التي تنطق تنخ أو تناخ لاعتبارات لغوية حيث ينطق حرف الكاف في آخر الكلمة خاءً).
ويشكِّل كتاب "العهد القديم" مع مجموعة كتب "العهد الجديد"؛ الكتاب المقدّس المسيحي, الإنجيل (the Bible), والإنجيل كلمة يونانية الأصل معناها (البشارة المُفرِحة).
والإنجيل/البشارة هو كتاب واحد – في مفهوم المسيحية – كُتب لأربعة شعوب على لسان أربعة من تلاميذ السيد المسيح عليه السلام؛ فـ متَّي كَتب البشارة لليهود معلنا لهم خلاص المسيح, ومرقس كتبها للرومان, ولوقا كتبها لليونان, ويوحنا كتبها لسائر الشعوب.
وبذلك يعدّ الإنجيل هو الدين التوحيدي الذي وُلد على أرض فلسطين (تجدر الإشارة إلى أن اليهودية نزلت على موسى في سيناء المصرية), وكان في باديء أمره موجهًا لليهود, بسبب ابتعادهم عن دعوة موسى عليه السلام, وانحرافهم عن طريق الله, ثم انتشر بعد ذلك في أسيا الصغرى ومصر, وروما.
جاء في ذلك بالقرآن الكريم:
(وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين) سورة الصفّ/الآية 6
وكما نعرف فإن اليهودية دين غير تبشيري؛ فهو خاص ببني إسرائيل فقط, على الرغم من وجود ومضات تؤشر إلى عالمية رسالة اليهودية.
يقول السيد المسيح عليه السلام :
(لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ) متى : 5 : 17 - 18
ويتضح من هذه الآية العلاقة التي تشير إلى امتداد اليهودية في المسيحية, أو إكمال المسيحية لليهودية وترابطهما معًا كوحدة واحدة وفي هذه الوحدة يضع (العهد القديم) الأساس للتعاليم والأحداث الموجودة في (العهد الجديد). لذا ينظر إلى "العهد القديم" كجزء أول في كتاب إن تجاهلتَ قراءته فستجد أنه من الصعب أن تفهم كل التفاصيل الموجودة في الجزء الثاني من الكتاب, كقصة لها بداية ونهاية. فيمكن استيعاب ما هو موجود في العهد الجديد عندما نتعامل معه باعتباره يكمّل العهد القديم.
وينظر للعهدّين – في الفكر المسيحي – على أن مصدرهما الوحي الإلهي, وهدفهما واحد يهتم بالبشرية كلها! (هنا تناقض مع فكرة أن اليهودية دين غير تبشيري). فالعهد القديم من الكتاب المقدس في أسفاره كافة كان يؤسس للعهد الجديد
عيسى في الفكر اليهودي
جاءت إشارات – في العهد القديم – تُفسَّر على أنها إرهاصات عن المسيح!, منها:
(ها إن العذراء تحبل وتلد ابنًا). سفر أشعيا 7/14.
وتعدّ هذه الأية أشهر نبوءة تشير إلى "مريم", عليها السلام, وتُقرأ في جميع الكنائس على اختلافها ضمن احتفالات عيد الميلاد.
(افرحي كثيرًا يا ابنة صهيون، اهتفي يا ابنة أورشليم، هوذا ملكك يأتي إليك، وهو عادل ومنصور وديع، راكب على حمار وعلى جحش ابن أتان) سفر زكريا 9/9
يفسّر الملك هنا, في اليهودية بمسيح مخلِّص لليهود فقط!, وفي المسيحية بأنه عيسى عليه السلام الذي رفضه اليهود وتآمروا عليه كبقية النبياء.

وعلى الرغم من أن المسيحية قد اتخذت كتاب (العهد القديم) أساسًا لكتابها (العهد الجديد/الإنجيل), من موقف إيماني صحيح – في نظرنا – غير إن اليهودية, على المستوى الديني, لا تقبل أبدًا المسيحية, ولا المسيح, عليه السلام, الذي يُعقب اسمه بحروف (ي ش و), التي هى اختصار لعبارة (فليمحَ اسمه وذِكره)! وهو دعاء عليه بالسوء والكراهية – عليهم غضب الله.
بل هناك ما هو أكثر افتراء من ذلك حين نقرأ في سيرته, عليه السلام, في أدبيات التلمود:
كان في زمن رابي عقيبا, رجل يهودي مشهور, اسمه "بابوس بن يهودا", وكان رابي "مئير" يقول: كما أن هناك آراء في الطعام فهناك آراء في النساء, وهناك إنسان تقع ذبابة في كأسه فيعذف عنه ولا يشرب وهكذا كان بابوس بن يهودا, الذي كان يُغلق باب بيته على زوجته ويخرج, ذلك من شدَّة غيرته المُفرطة عليها, لكن ذلك أدى في نهاية المطاف إلى أن تزني في حرمه!.
جاء في تفسير "راشي" أن زوجة "بابوس" هذا هى "مريم"! التي اشتهر عنها اعتنائها بشعور النساء, ويُحكى أن "يوسف بنديرا", شاب من الناصرة (هو جندي روماني في رواية أخرى), ضاجعها حين كانت حائضًا, وولد (يسوع) الذي كان غير شرعي وابن الحيض (حاشاه ذلك, عليه السلام).
هذا الافتراء استمر زمنًا طويلا إلى أن اعترف منصفون من اليهود مؤخرًا بكذبه حيث نقرأ في الموسوعة اليهودية أن قصة "بنديرا" ما هى إلا أسطورة لا أساس لها من الحقيقة.
ومع ذلك تبقى نوازع كراهية اليهود للمسيح شديدة إذ البعض منهم يعلِّم أطفاله كتابة علامة الجمع + في الحساب على شكل حرف التاء في الإنجليزية T لئلا تكتمل على شكل الصليب!!
ولا شك أن هذه العلاقة؛ المسيحية اليهودية, تحتاج إلى مزيد من الدراسة للتعرف على جذورها, ومتغيراتها عبر التاريخ وهو أمر أتركه للمتخصصين.
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق