الخميس، 10 سبتمبر 2015

وصية السبت وانتهاكها! מצוות_השבת_ואבדתה‬

 
بدأ موقف موسى عليه السلام على الجبل, بسيناء, كما تذكر المصادر الآجادية, يوم الاثنين - وتوِّجت أحداثه العظيمة يوم السبت. ويحدد هذا التاريخ بيوم السبت بالسابع من شهر سيفان سنة 2448 من خلق الكون!
وفي هذا اليوم تجلَّى الرب لبني إسرائيل وللمخلوقات وللجمادات وأبدى قدرته التي زلزلت الجبال - وأعلن عن نفسه بقوله لموسى عليه السلام: (انا الرب إلهك). تذكر التوراة أن الرب خلق الكون في ستة أيام ثم استراح في اليوم السابع, لذا كتب عليه أن يستريح في اليوم السابع من أيام الأسبوع؛ السبت.
ولم يكن السبت يوم راحة للإنسان فقط بل جاءت الوصية بأن عالم الحيوان أيضًا لابد وأن يستريح في يوم السبت. وسمح وفقًا للشريعة (في بعض الآراء) لليهودي أن يعمل يوم السبت لكي يحصل على رزقه فقط. وبالتالي إذا سقط حيوان في حفرة, يكون من حقه أن يخرجه من الحفرة لكي يذبحه. ومع ذلك لم يكن مسموحًا أن يتم ذبح أنثى الحيوان وولدها في اليوم نفسه.
والأرض أيضًا تستريح كل سبع سنوات, وهى ما تعرف بالسنة السبتيّة (لإراحة الأرض من الزراعه واستعادة خصوبتها) فكان يحظر بذر أي بذور يوم السبت وكان يخطر الراب عن أي شخص يتعدّى هذا التشريع ويبذر بذورًا في السبت.
وكان الراب جمليئيل يتجنب التعامل مع الأغيار يوم السبت, وحتى الرسائل كان يمتنع عن تسلمها يوم السبت خشية التعدِّي على حرمته.
وعلى غرار القربان اليومي الذي تقول عنه التوراة إنه يجب أن يتم "في وقته المحدد" فإن هذا القربان واجب حتى إن كان يوم السبت, لذلك فإن قربان عيد الفصح, الذي يأمر الكتاب المقدس أيضًا بذبحه في "يومه المحدد" يجب ذبحه حتى لو أتى عيد الفصح في يوم السبت.
وكانت فتوى "هلِّيل" تتعلق بذبح كبش عيد الصفح في يوم السبت هى سبب في تعيينه رئيسًا للمحكمة؛ ففي كلا التلمودين يروى أنه في إحدى ليالي عيد الفصح التي تصادفت مع يوم السبت, لم يكن "بني باثيرا" يعلمون ما إذا كان جائزًا ذبح خروف عيد الفصح في يوم السبت أم لا ؟. أرشدوا – حينئذ - إلى هليل, الذي كان أحد أتباع شِمْعِيا وآبطاليون, وقيل إنه من المحتمل أن يكون لديه علم بذلك؟ "ذهبوا إليه وسألوه عمّا إذا كان خروف عيد الفصح يجوز ذبحه في يوم السبت أم لا؟ " أجاب هليل أنه كان لديه علم من الشريعة بذلك لكنه نسيه, وأبلغهم – مع ذلك - أنه يجوز وقدّم القواعد التفسيرية التي تثبت ذلك : "كم بالأحرى أن", و"الأكبرإلى الأصغر", والقياس على مسائل أخرى, والتشابه أو المماثلة. ومع ذلك لم يتقبل "بني باثيرا" هذا الحكم , لكن عندما قال لهم إنه لديه تعاليم بذلك من شمعيا وآبطاليون, تقبلوا حكمه. بعد ذلك, تم تعيين هليل ناسيء؛ رئيسًا على المحكمة. ويضيف التلمود ان بني باثيرا لم يكونوا يعلمون أنه كان مسموحًا بحمل السكاكين من أجل ذبح خروف عيد الفصح في يوم السبت. والتعليل في ذلك هو أنهم كانوا جددًا على اورشليم.
وكان عيسى عليه السلام سُئل عن الشفاء والتداوي في يوم السبت, أجاب قائلا : "إذا كان هناك رجل لديه نعجة, إذا وقعت هذه النعجة في حفرة يوم السبت ألن يسارع ليرفعها من الحفرة ؟ أليس الإنسان أعلى منزلة من الشاة ! ولهذا السبب فإنه يجوز شرعًا أن تتحسن صحتنا في يوم السبت."
وقال أيضًا : "ألا يترك كل رجل منكم ثيرانه يوم السبت لكي تشرب".
وقيل : يمكن تنفيذ حكم الإعدام في يوم السبت إن كان القتل عمدًا! وهو ما عبر عنه في النصوص ب "رتسيحا", وهو رأي "ريش لاكيش" وقيل كل أنواع القتل تنفذ في السبت. وربما يرجع السبب في ذلك إلى تنفيذ وصية توراتية أخرى هى وجوب دفن جثة الميت في يوم موته (تثنية 21 : 23). وهناك خلاف بين الحكماء في هذه المسألة.
ومع عرف عن الفريسيين انتهاكهم لحرمة السبت من أجل مصالحهم الخاصة, واتهامهم للآخرين بانتهاك هذه الحرمة, وهو ما جعلهم يوصفون في"العهد الجديد" بالأشرار والفاسقين.
وهناك العديد من الإشارات الهامة المتعلقة بعقائد اليهود في الجزء المبكر من أعمال "ديو" فهو يسرد حملة "بومبي", ويصف الاستيلاء على أورشاليم في يوم السبت الذي يمتنع فيه اليهود عن القتال!
وكان السبت أيضًا لأنه موعد الراحة الإجبارية وعدم العمل كان لحظة مفضلة في العصور الوسطى للهجوم على تجمعات اليهود ومداهمتهم, ففي صباح السبت 3 مارس عام 1420 وأثناء أداء الصلوات في معابدهم وجه المسئولون في الكنيسة والتاج "ضربة قوية". وكل نسخة من التلمود عُثر عليها في فرنسا تم الاستيلاء عليها ونقلت إلى باريس حيث حُكم على الكتاب بأنه الكفر أمام المحكمة الملكية.
وكتب "بلوتارش" في إحدى "المقالات الاخلاقية" الخاصة به حيث تحدث عن مسألة السبت اليهودي وعدّه خرافة وأعطانا مثالا عن النواهي غير المعقولة التي امتنع عنها اليهود الذين :
" قبعوا في أماكنهم بلا حراك لأنه كان يوم السبت, بينما كان الأعداء ينصبون السلالم على جدران مدينتهم, ولم ينهضوا, لأنهم التزموا بخرافة أوقعتهم في مأزق كبير".
لذلك قام شمَّاي (10 ق.م), المشهور بالمحافظة, بعمل تغيير تفسيري يعدّ الأكثر خطورة منذ أيام الحشمونين (المكابيين), فقد كان هناك تقليد أورثوذوكسي (محافظ) بألا يقاتل الجنود في يوم السبت إلا دفاعًا عن النفس. لكن ظل محظورًا على الجنود أن يبادروا بالهجوم في يوم السبت. لذلك حينما حاصر بومبي Pompey أورشليم, استغل يوم السبت (وفقًا لرواية يوسيفوس) لكي يعزز من قواته ويجهز نفسه للهجوم على المدينة بشكل أعنف. ولأنه لم يعرض حياة الجنود لتهديد حقيقي لم يتدخل الجنود في تكتيكاته. وبغض النظر عن التقليد, يقدم شماي تفسيرًا جديدًا لقانون يسمح بكافة أشكال الحروب في يوم السبت, فهو يقول "وسوف تشن الحرب عليه حتى تنهك قواه (سفر التثنية 20:20 ) حتى وإن كان يوم السبت ".
وفيما يتعلق بالسبت أصر ر. يوحنان على ضرورة الإعلان بالـ شوفار (البوق) في مدينة يَبْنِه في عيد رأس السنة حتى إذا كان ذلك في يوم سبت, بعد أن كان ذلك تقليدًا قاصرًا على مدينة أورشليم.
وكانت أوقات العصر من أيام السبت هى الوقت المناسب لقضائها في الاستماع إلى التفاسير التي يقصد منها إشباع النواحي العقلية, والروحية, والأخلاقية لدى الحاضرين, وإلقاء المواعظ الدينية التصحيحية للأخطاء والعيوب الشائعة.
وكانت عبارة أن السبت قد جعل للإنسان ولم يجعل الإنسان للسبت, من الأحكام الجريئة على الشريعة التي اتخذتها المحكمة – في زمن الحشمونيين - تعدّ مخرجًا لحل المشكلات التي تنشأ نتيجة تقديس السبت. حينما قام "ماثياس" وأصدقاؤه بعقد مجلس سنهدرين بأنفسهم, وتشاوروا في ذلك اليوم ثم قالوا: دعونا نقاتل كل من يأتي لقتالنا في هذا اليوم السبت, وليس من الحكمة أن نموت كلنا كما مات أشقاؤنا من قبل في الأماكن السرية". ومن هذا القرار, يمكننا بلا شك ان نشير إلى المبدأ التلمودي القائل إن " لابد أن تتم تنحية قانون السبت جانبًا لكي ننقذ أرواح البشر".
وبينما قد يبدو لنا أن القرار الحشموني الذي يسمح بالقتال في يوم السبت دفاعًا عن النفس, هو من قبيل الفطرة السليمة, إلا أنه في هذه الحقبة الغابرة كان يتطلب هذا القرار الكثير من الثقة والشجاعة لاتخاذه. وقد عدَّت الأجيال التالية هذا القرار من التعاليم الأورثوذوكسية. لكن لابد أن العديد من المعاصرين الحسيديم قد شعروا بالصدمة إزاء بدعيتة.
ويعد انتهاك حرمة السبت جريمة كالزنا وغشيان المحارم, ونعرف من سفر نحميا أنه كان محظورًا على اليهود أن يحملوا أي أحمال في السبت أو يبيعوا أو يشتروا في هذا اليوم. وبينما كان ممنوعًا على اليهود أن يعملوا في السبت, لم يتم تحديد طبيعة هذا العمل. ومع ذلك, علمنا من كتب نحميا أن أي صفقة عمل في يوم السبت هى عمل محظور!.
ولإتاحة حرية الحركة في السبت تم سنّ قانون جديد يقضي أنه إذا قام اليهودي بإيداع طعام في مكان يبعد عن المدينة بألفي ذراع, يكون من حقه أن يسير هذه المسافة من مكان الإيداع يوم السبت. وتم نشر هذا القانون على الافتراض القائل إن المكان الذي أودع فيه اليهودي طعامه يوم السبت سيكون هو المكان الذي يلتزم به اليهودي. وهو القانون المسمى بـالـ (عيروبين) بفصل شابَّات بالمشنا, وهو نوع من أنواع الخيال القانوني – أي الأفتراض القائل إن المكان الذي أودع فيه الشخص طعامه عشية يوم السبت, سيكون هو مكانه الذي يلتزم به. وبالتالي يرى التنائيم أنه في الواقع أصبح هذا المكان هو التزامه, ومن ثم يستطيع السير لمسافة ألفي ذراع خارج هذا المكان.
وعلى ذلك وفقًا للقانون اليهودي ليس مسموحًا في بالسير من المنزل إلى الفناء, في السبت, بدون تجهيز الـ العيروبين, وإذا كان هناك أخوة عدّة يعيشون في منازل متعددة تفتح على فناء واحد كبير, فإنه لابد على كل أخ أن يعدّ (عيروبين). وإذا نسي أحدهم عمل ذلك, قد يصبح متنازلا عن حقه في المنزل! (وهو نوع من العقاب الصارم!).
د. سامي الإمام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق