الخميس، 10 سبتمبر 2015

الـ شميطا في نصوص التوراة! ‏שמיטה‬ _Sabbatical_Year


 

سأتناول سنة الـ شميطا, أو كما يكتبها بعض الكتاب بتسهيل الطاء إلى تاء "شميتا", من ناحية كونها أحكام عقدية تخص اليهودية. أما أثرها على الاقتصاد العالمي فهو ليس تخصصي ومع ذلك سأحاول البحث في المصادر الاعلامية العبرية عمّا يمكن أن يجلي ولو جزءًا من التوقعات, وما يتعلق بها من نتائج.
"شميطا" كلمة عبرية تعني "توقف" وتطلق على التوقف عن زراعة الأرض, وعلى إسقاط الديون في السنة السابعة التي تسمى سنة الشميطا (الخروج 23 : 10) أو سنة الإبراء (التثنية 31 : 10). وتأتي عقب كل ست سنين من العمل. وقد ورد ذكر سنة الشميطا ضمن أحكام " العهد القديم" وكان يقصد منها أهداف عدة :
أولاً: هدف اقتصادي: وهو إراحة الأرض حتى تجود بثمر أكثر. جاء في ذلك:
(ازرع أرضك واحصد غلتها ستّ سنين، ثم أرحها في السنة السابعة واتركها ليأكل منها فقراء شعبك. وما فضل عنهم تقتاته وحوش البرّية. وهكذا تفعل أيضًا بكرمك وزيتونك).
ثانيًا: هدف اجتماعي: وهو إلغاء ديون المتعثرين, والاهتمام بالفقراء والمساكين, وكذلك تحرير العبيد من عبودية الأسر. جاء في ذلك:
(وفي آخر كل سنة سابعة تبرئ المديونين من الديون وهذا هو الإجراء: يقوم كل دائن بإبراء مدينه ممّا أقرضه، ولا يطالب أخاه الإسرائيلِي به، لأنه قد نودي بوقت الرب لإلغاء الدّيون. أمّا الأجنبيّ فتطالبه بالدّين، وأمّا أخوك فتبرئه من ديونه).
(إذا اشتريت عبرانيًا أو عبرانيّة، وخدمك ست سنوات، ففي السنة السابعة تطلقه حرًّا من عندك. لا تطلقه صفر اليدين، بل زوّده مما باركك الرب إلهك به، من غنم وحنطة وزيت. واذكروا أنكم كنتم عبيدًا في ديار مصر، فحرّركم الرب إلهكم. لذلك أوصيكم بهذا الأمر اليوم".
ثالثًا: هدف ديني: وهو الهدف الأكبر، هو إشعار الإسرائيليين كلهم أن الأرض للرب، وأن مصدر رزقهم من عنده، كما أنهم هم أيضًا له، ويجب أن يضعوا ثقتهم فيه وهو يعتني بهم.
وتتحدث النصوص التشريعية صراحة بأن المقصود بإلغاء دينه, وفك عبوديته, في النص المذكور, هو الإسرائيلي فقط, دون الغريب, الأجنبي :
(أما الأجنبي فتطالبه بالدّين، وأمّا أخوك فتبرئه من ديونه).
وكان بدء سنة السبت, الشميطا" يوافق يوم الكفارة في الشهر السابع، وكان يليه عيد المظال الذي يستمر خمسة عشر يومًا، فكانت التوراة تُقرأ أمام جموع الإسرائيليين.
وكان الإسرائيليون يقضون السنة في التعرّف على كلمات التوراة, ومدارسة الشريعة، كما كان مسموحًا لهم أن يصيدوا وأن يرعوا المواشي ويصلحوا الأبنية ويمارسوا التجارة.
ويقال إن أحكام الشميطا كانت سارية في زمن الهيكل الثاني. يدل على ذلك ما ورد في سفر "نحميا" من التزام العائدين من السبي, في العهد الذي قطعوه, بمراعاة السنة السابعة:
(وأن نمتنع عن زراعة الأرض كل سنة سابعة ونلغي فيها كل الدّيون).
ولا نعرف على وجه الدقة كيف كانت تتوقف زراعة البلاد بطولها وعرضها في تلك السنة.
يوبيل (السنة الخمسون):
********************
יובל : Jubilee, ram's horn
"يوبيل" اسم عبري معناه (الكبش) وقد سميت السنة الخمسون في النظام السبتي بسنة اليوبيل؛ لأن إعلان بدئها كان بالنفخ في بوق مصنوع من قرن الكبش. واليوبيل مصطلح "توراتي" يطلق, كما ذكرنا, على السنة الخمسين, فهى بحسب التوراة, تأتي بعد سبع دورات, وسبع سنوات راحة "شميطه/توقف", كما أن اليوم السابع من الأسبوع العبري (يوم السبت) راحة. وبعد سبع سنين سبع مرات ( 7×7 ), أي بعد كل 49 سنة, تكون السنة الخمسون يوبيلا.
ويرجع الأصل في حساب سنة اليوبيل إلى سفر سفر اللاويين. حيث ورد :
(وتقدسون السنةَ الخمسين وتعلنون فيها العتق لجميع سكانها، فتكون لكم يوبيلاً، وترجعون كل واحد إلى ملكه وعشيرته. وتكون لكم السنة الخمسون هذه يوبيلاً، لا تزرعوا فيها ولا تحصدوا غلتها ولا تقطفوا كرمها المحول).
وفي سنة اليوبيل يطلق سراح جميع العبيد في إسرائيل, وتعاد جميع الأراضي التي بيعت خلال الخمسين سنة السابقة لسنة اليوبيل إلى أصحابها.
(أما الأرض فلا تباع مطلقًا؛ لأن لي الأرض، وأنتم غرباء ونزلاء عندي).
وبالإجمال فإن سنة اليوبيل تعود فيها الأشياء إلى حالتها الأصلية التي كانت عليها وهو نظام من الصعوبة بمكان تطبيقه لأن معنى ذلك كما يقول "لودز" ألا يجني الاسرائيليون محصولا سنتين متعاقبتين : السنة التاسعة والأربعين (لأنها سنة سابعة), والسنة الخمسين (سنة اليوبيل).
ولا يزال مفهوم "اليوبيل" مطبقًا حتى الآن – بالنسبة لتأجير الأراضي : فالدولة, عن طريق "هيئة أراضي إسرائيل" لا تبيع الأرض لأغراض البناء, لكنها تؤجرها لمدة 49 عامًا.
(يتبع)
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية/كلية اللغات والترجمة/جامعة الأزهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق