الأربعاء، 13 يناير 2016

السامري/والسامريون . . وعجول الذهب!! ‫#‏השומרוני_והשומרונים‬ . . ‫#‏ועגלי_הזהב‬

https://fbcdn-sphotos-g-a.akamaihd.net/hphotos-ak-xft1/v/t1.0-9/


ابتعد أحيانًا, كلما اقتضت الضرورة, عن منهج الصفحة, في تقديم المعلومات كما وردت في التوراة دون تدخل فيها, لاستيفاء معلومة لا يستقر عليها رأي ونكون في حاجة ملحَّة إلى معرفة الأقرب إلى الصواب بشأنها, وبحثت هذه المرة, لمعرفة ما يروي ظمأ المريدين إلى تحري معرفة شخصيّة السامري الذي ذكر القرآن الكريم أنه هو الذي صنع "عجل الذهب", وشجع بني إسرائيل على عبادته دون الرب !
لم أعثر على أثر للسامري في سفر الخروج الذي يتضمن القصة والحدث, بينما يؤكد السفر أن هارون هو الذي صنع "عجل الذهب" تحت ضغط وإلحاح الجماعة المتمرِّدة :(لمّا رأَى الشعب أَن موسى قد طالت إقامته على الجبل، اجتمعوا حول هارون، وقالوا له: هيّا، اصنع لنا إلهًا يتقدّمنا في مسيرنا، لأننا لا ندري ماذا أصاب هذا الرجل موسى الذي أخرجنا من ديار مصر. فأجابهم هارون: انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبناتكم وبنيكم، وأعطوني إيّاها. فنزعوها من آذانهم، وجاءوا بها إِليه. فأخذها منهم وصهرها وصاغ عجلاً. عندئذ قالوا: هذه آلهتك ياإسرائيل التي أَخرجتك من ديار مصر. وعندما شاهد هارون ذلك شيّد مذبحًا أمام العجل وأعلن: غدًا هو عيد للرب. فبكّر الشعب في اليوم الثاني وأصعدوا محرقات وقدّموا قرابين سلام. ثم احتفلوا فأكلوا وشرِبوا، ومن ثم قاموا للهْو والمُجون). (سفر الخروج 32 : 1 – 5).

ومن الملاحظات على هذا النصّ التوراتي أن الذهب الذي سلب من المصريين لم يكن في آذان النساء والفتيات فقط بل كان في أذان البنين أيضًا!

وما توصلت إليه بعد الوضع في الحسبان أن النصّ الأصلي لقصّة العجل قد حُرِّف كما حرفت نصوص عدة.

يتضح من البحث أن هذه التسمية هى وصف لمن ضلّوا من بني إسرائيل بطاعة السامري وعبدوا العجل الذهبي, الذي صنعه لهم, حين صعد موسى عليه السلام الجبل للقاء ربه. ولذلك أطلق عليهم السامريون, نسبة إلى هذا السامري. وامتنع سبطان لم يطيعا السامري ولم يعبدا العجل, هما سبطا يهودا وبنيامين. أما القبائل العشرة الأخرى فقد أطاعت السامري المُضِّل وعبدوا العجل واتخذوه إلهًا! لذلك كتب الله على بني اسرائيل التيه أربعين سنة في الصحراء. وهذه هى التسميَّة الأولى في تاريخ بني إسرائيل.

تجددت التسميّة وأطلقت على سكان بلدة السامرة (عاصمة مملكة إسرائيل الشمالية, بعد انفصال المملكة الموحدة عقب موت الملك سليمان 928 ق.م), وهم القبائل العشرة التي ضلّ أجدادهم بعبادة عجل السامري في زمن موسى عليه السلام, والسامرة هى تسمية مرادفة للسامريين, وسبب إطلاق هذه التسمية عليهم هو أن ملكهم "يرباعم بن ناباط" صنع عجلين ذهبيين, وطلب من الناس أن يعبدوهما بدلا من تكبد مشاق السفر لعبادة الرب في أورشليم (عاصمة مملكة يهودا في الجنوب). فأطلق عليهم السامريين لأنهم فعلوا ما فعله أجدادهم السامريين الذين عبدوا عجل السامري!

وبذلك تكون القبائل العشرة عبدت العجل الذهبي مرتين؛ الأولى في زمن موسى عليه السلام, حوالي سنة 1350 ق.م, وهى منشأ تسمية السامريين, نسبة إلى السامري – كما وصف القرآن الكريم - لأنه هو من صنع العجل الذهبي الأول في سيناء. والمرة الثانية في عهد الملك يربعام, سنة 922 ق.م, والفاصل الزمني بينهما حوالي 400 سنة.

جدير بالذكر أن القبائل العشرة ضلَّت في المرة الأولى بعبادة عجل السامري, وتسببت في إنزال الرب عقوبة على بني إسرائيل؛ وهى التيه أربعين عامًا في الصحراء, وضلَّت في المرة الثانية بعبادة عجلي الذهب اللذان صنعهما الملك "يربعام بن ناباط" حين استقلّ بـ (مملكة إسرائيل) في الشمال بقبائل عشرة, عن (مملكة يهودا) في الجنوب التي بقى فيها قبيلتان, هما اللتان لم تعبدا العجل في المرة الأولى. ومن هنا جاءت تسميّة (القبائل العشرة الضائعة) التي اطلقت على سكان مملكة الشمال, وهى تسمية مجازية يقصد بها أنهم ضلّوا عن اليهودية الصحيحة وعبدوا عجلي الذهب. واطلق عليهم أيضًا السامرة نسبة إلى السامري الأول في زمن موسى عليه السلام.

وعلى ذلك فوصف السامري في اليهوديّة يعني المُضِّل والضال؛ لأن السامري هو الذي ضلّل بني إسرائيل (10 قبائل), فعبدوا العجل, فهو المُضِّل/المضلل, والذين اتّبعوه بعبادة العجل هم الضالون ولذلك أطلق عليهم (السامريون).

وكانت كلمة "سامري" صفة مذمَّة تقال لمن ابتعد عن الدين وعبد الأوثان, أو على أي شخص ينطوي سلوكه على الضلال والتضليل, ولذلك نعتوا بها السيد المسيح عليه السلام (حاشاه ذلك), حين جحدوا رسوليته. . . وكانوا يقصدون بذلك أنه, عليه السلام, وحاشاه ذلك, أنه ضال مُضِلّ !!

قصة السامري مُرَمَّزة!
*****************
قيل إنها جاءت في سفر الخروج , برموز أخرى, كي تظل الحقيقة غائبة وهو ما دأب عليه بنو إسرائيل, عبر تاريخهم الطويل :
علم فرعون أن طفلا من بني اسرائيل سيولد ويكون زوال ملكه على يديه. فاعطى اوامره بقتل أطفالهم. ووضعت امراة من بني اسرائيل طفلها وخافت عليه من القتل. فحملته وذهبت به الى كهف بالصحراء ولكنها ماتت فظل الطفل يبكي ويصرخ من الجوع فارسل الله جبريل عليه السلام الى الغلام ليطعمه ويسقيه ثم انصرف . وكان الطفل ينتظر قدومه وتعرَّف الطفل عليه وارتسمت صورته في ذهنه ولاحظ الطفل الصغير ان جبريل عليه السلام اذا سار على قطعة ارض فإنها تخضَّر وتدبّ فيها الحياة .. ظل جبريل يداوم على زيارة الطفل والعناية به .. حتى اعتمد الطفل على نفسه وخرج للناس وخالطهم وعرفه الناس باسم السامري نسبة الى قرية هناك تسمى السامرة. وتوالت الايام وكبر السامري وآمن مع موسى وخرج مع بني اسرائيل من مصر .. يقودهم موسى عليه السلام .. ويتبعهم فرعون وجنوده حتى وصلوا الى البحر .. وامر الله نبيه موسى ان يرمي عصاه في البحر .. فانقسم البحر الى جبلين عظيمين بينهما طريق .. سار موسى وبني اسرائيل لكن فرعون شعر أن ما يحدث أمرًا خارقا .. وقف بفرسه حتى لا يغرق في البحر .. لكن الله امر جبريل عليه السلام أن ينزل راكبًا مهرة (انثى الحصان) .. فلما رأها حصان فرعون اندفع يجري وراءها فاغرقه الله .. وكانت نهاية فرعون وجنوده .. ورأى السامري جبريل وتعرَّف عليه .. وأخذ حفنة من آثار مهرة جبريل ,, وألقى في روعه أنه إذا ألقاها في شيء وقال له كن فيكون .. وتابع سيره مع بني اسرائيل .. حتى وصلوا إلى الجانب الآخر من البحر ,, ورأوا أناسًا يعبدون الأصنام .. فطلبوا من موسى عليه السلام أن يجعل لهم إلها مثلهم .. ويا حبذا لو كان عجلا .. لأنهم كانوا لا يزالون متاثرين بعبادة العجل أبيس .. الذي كان يعبده المصريون .. فزجرهم موسى .. لكن الفكرة وقعت في نفس السامري .. وفعلا واتته الفرصة .. وعندما خرج موسى للقاء ربه واستخلف عليهم أخاه هارون .. وبمجرد رحيل موسى صنع السامري العجل من الذهب .. الذي أخذته نساء بني اسرائيل من النساء المصريات .. بعد أن أوهموا المصريين أن لهم عيدٍا سيحتفلون به ... فأعطت كل سيدة مصرية ذهبها إلى من تعرفها من نساء بني اسرائيل .. وكانت الحادثة تؤرق نفوسهم .. فاستغل هذا السامري وتحايل عليهم .. وقال لهم إن الله لن يرضى عنهم بعد سرقة الذهب .. وطلب منهم أن يذهبوا إلى هارون ويطلبوا منه أن يحفر حفرة كبيرة .. وتضع كل منهم ما معها من ذهب في الحفرة . وفعلا كان له ما أراد .. ثم أتى السامري ومعه القبضة التي قبضها من أثر جبريل علي السلام .. وقال له : إني أريد ان ألقي ما في يدي وتدعو الله أن يحقق مطلبي . فدعا هارون أن يحقق الله مطلبه .. فألقى السامري قبضته .. داعيًا أن يتحول الذهب إلى عجل .. وكانت المفاجاة أمام أعين بني إسرائيل .. أن الذهب تحوَّل إلى عجل .. وصاح السامري هذا إلهكم وإله موسى . وعبد الناس العجل وكانت الريح كلما دخلت من دبر العجل تخرج من فمه .. صانعة صوتًا يشبه خوار العجل فيزدادوا سجودا له .. وحاول هارون عليه السلام أن يرجعهم عن ضلالم لكنهم رفضوا وكادوا يقتلوه . واعتزلهم حتى عاد موسى عليه السلام .. بعد أن أعطاه الله الألواح المكتوب فيها التوراة .. وأخبره أن قومه أضلهم السامري بعبادة العجل .. وعندما وصل اليهم ألقى الألواح جانبًا .. ولام أخاه لأنه لم ينههم عن ضلالتهم ..وأخذ براسه ولحيته وهو غاضب . لكن هارون قال له : إن القوم استضعفوني . فتركه موسى والتفت لى السامري وقال له :
ما خطبك يا سامري؟ فقال السامري: لقد بصرت بعيني ورأيت جبريل ..وعلمت بما لم يعلم هؤلاء القوم وأخذت قبضة من أثر جبريل . فقال موسى : اذهب مطرودًا ... من بيننا لا يعاملك أحد ولا يمسّك أحد ولا تمس أحد .. لا مساس لا مساس . ثم التفت إلى قومه مشيرًا إلى العجل قائلا: أهذا هو الإله الذي نجانا من فرعون ؟ ألا ترون أنه لا يسمع ولا يبصر ولا يردّ. وحرَّقه أمام أعينهم .. ثم قذفه في البحر.

وهكذا نسفه موسى نسفًا .. أما السامري فقد ألقى الله الخوف والرعب في نفسه .. فخرج كالمجنون وهو يقول : لا مساس لا مساس .. وكان جزاؤه من جنس عمله .. فكما اجترأ على أن يمسّ قبضة بلا إذن من الله عاقبه الله بأن يمتنع عن مسّ الناس والقرب منهم.

د. سامي الإمامأستاذ الديانة اليهودية.
كلية اللغات والترجمة/جامعة الأزهر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق