لم أكن أرغب في الحديث عن طوائف مسلمة!؛ شيعة وسنّة, لكن الأحداث تتوالى ويدلي فيها غيرنا بدلائهم فكان من المهم التعرف على الأقل على وجهة نظر غيرنا في بعض الأمور المتعلقة بالفكر الشيعي وعلاقته أو تشابهه ببعض الفكر اليهودي والذي سنعدّه تمهيدًا للعلاقة التي توصف بالبراجماتية (المصالح) بين إسرائيل وإيران!فيرى باحثان إسرائيليان أن العلاقة بين الشيعة, وخاصة الفرقة الاثنا عشرية/ الإمامية, واليهود, هى علاقة وطيدة !, ويعتمد هؤلاء على التقارب الظاهر بين جذور اليهود متمثلة في الأسباط, الاثني عشر, والشيعة, الاثنا عشرية!.
وسنقدِّم في هذا الصدد دراسة لأستاذين جامعيين إسرائيليين يحاولان تأصيل هذه العلاقة !!
فقد جاء في كتاب (بحث في حقيقة الأصول اللاهوتية والليتورجية (معتقد شعبي) لطائفة النصيرية - العلوية الشيعية) الصادر, باللغة العبرية, في عام 2002, ما توصل إليه الكاتبان؛ "مئير بار أشير", أستاذ اللغة العربية والأدب بالجامعة العبرية, و"أرييه كوفسكي" من جامعة حيفا, المتخصص في علوم اللاهوت, والذي بحث لأكثر من عقدين من الزمان في موضوع العقيدة النصيرية- العلوية, وهى معتقد الطائفة العلوية.
يقول الكاتبان إن هذه الطائفة انفصلت عن الشيعة وكونت طائفة شيعية راديكالية من حيث معتقداتها الدينية, التي توصف بـ (المغالاة).
هذه الراديكالية الدينية تنعكس في صورة إلغاء فروض الإسلام وبالتالي لا ضرورة لإقامتها.
وقد تناول هذا الكتاب, الذي نشرت أجزاء منه قضايا عدة في علم اللاهوت النُصيري, مثال قضية التثليث (المتأثرة بالنصرانية), وإسباغ كينونة إلهية (على الولي الفقيه).
إن بعض الجوانب التي تتوحد بها هذه العقيدة والتي نالت حوارًا موسعًا بالكتاب هى قضية التوفيق بين الأديان؛ فمن جانب الأسس الإسلامية تبرز الأصول ذات مرجعية الإسلام السني, والشيعي على حد سواء بما في ذلك العقيدة النصيرية, التي تتضمن أصولا نصرانية, وأصولا من عقائد إيران, وأصولا وثنية.
هذا وقد أكمل "بار أشير" بالاشتراك مع "أرييه كوفسكي" كتابًا نقديًا عن المؤلف النصيري المعروف بـ "كتاب المعارف", وهو مؤلف من زمن العصور الوسطى دوِّن بقلم "أبو القاسم الطبراني" أحد اللاهوتيين المهمين الذين تناولوا "العقيدة النصيرية". ويتضمن هذا الإصدار عرض النص العربي لمخطوطتين (الأولى) من جامعة هامبورج, والثانية من مكتبة السليمانية في اسطنبول.
وكنا قدمنا فيما سبق دراسة لـ "بار أشير" عن العلاقة بين طائفة الشيعة واليهود, وعن مكانة اليهود واليهودية في الفكر الشيعي, فيوضح كيف أن طائفة الشيعة (خاصة التيار الإمامي, أو الاثنا عشرية), إلى جانب النظر إلى اليهود باعتبارهم نجس, والتشدد في مسألة الاتصال بهم, أكثر من طائفة الإسلام السنّي, تمسكت بوجهة النظر التي ترى في اليهود (خاصة بني إسرائيل القدماء) صورة طبق الأصل من طائفة الشيعة!
فتتضمن تقاليد شيعية عدة تعبر عن أن الشيعة تعدّ نفسها وريثًا لشعب إسرائيل!. وأن كل شيء جيد في القرآن, جاء في هذه التقاليد يقصد به (بنو إسرائيل "الشيعة في منظورهم"), وعلى العكس كل شيء سيء ورد بالقرآن, موجه ضد أعدائهم (يقصد المسلمين السنة).
قام "بار أشير" بدراسة يسعى من خلالها إلى تفسير لهذا التصور الشيعي الغريب, توصل فيها إلى أن تعليل وجهة النظر الشيعية هذه, أن بني إسرائيل كانوا في المنفى, خاصة منفى مصر (يقصد عصر موسى عليه السلام), رمزًا للأقلية المضطهدة التي عانت الاستعباد, لكنها في النهاية كتب لها الخلاص, وأخضِعت عدوها (فرعون) وحصلت على الاستقلال الديني والسياسي. وهو المثال الذي تتعلق به آمال طائفة الشيعة, التي عاشت أغلب تاريخها - بحسب المصدر العبري - كأقلية مضطهدة من الغالبية السنية. وكما أن مصير بني إسرائيل في مصر كان الخلاص هكذا يؤمن الشيعة أن مستقبل الشيعة سيكون في زوال السنة !!!.
. . . . . . . . . . . . .
يترك التعليق للقاريء بعد مقارنة مختصر مضمون الكتاب بما دأب على فِعْله الإيرانيون عبر التاريخ الحديث من التدخل في شئون المنطقة وخلق المشكلات وتغليب العرقيّة الفارسية!
د. سامي الإمام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق