جاء بالتوراة :
«لا تصنع لك تمثالاً منحوتاً، ولا صورة ما مما في السماء من فوق وما في الأرض من تحت وما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن، لأني أنا الرب إلهك، إلهٌ غيور، أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضيَّ، وأصنع إحساناً إلى ألوف من محبيَّ وحافظي وصاياي».
يشرح موسى ابن ميمون كيف "يفتقد الرب ذنوب الآباء في الأبناء" بقوله:
هى بشكل عام دليل على الرحمة فالرب لا يعاقب المخطئين في الحال, ويمنح أبناءهم من بعدهم فرصة للعدول عن ارتكاب المعاصي وتصحيح منهج حياتهم بعيدًا عن طريق المعصية الذي اتّخذه آباؤهم, ويستمر ذلك إلى الجيل الرابع. فإذا تمسك الأبناء خلال أجيال أربعة بالسير على نهج الآباء في اقتراف الآثام فإن الرب يعاقب الجيل الرابع على جميع خطايا الأجيال السابقة المتراكمة عبر السنين.
ولذلك تؤكد الوصايا العشر على أن الرب يؤجل العقوبة إلى مرور أربعة اجيال لا أكثر. وعلى ذلك لو أن يهوديًا رأى أباه وجدّه كانوا يعبدون الأوثان ولم يعاقبهم الرب عليه حينئذ ألا يخاطب نفسهه قائلا: يمكنني أنا أيضًا أن أسير على نهج آبائي وسوف لن يحدث لي أي شيء" لأنه لا يعرف أن الوقت قد يكون هو الجيل الرابع الذي يرتكب هذه المعصية! فيستوجب العقاب الشديد.
ويخمِّن بعض المفسرين أن يكون معنى "يفتقد" ليس يعاقب بل يأخذ ذلك في حسبانه فقط حين يحاسب الأبناء.
فإذا كان الأبناء يكرهون الرب – وهو ما تم التعبير عنه في النص السابق بكلمة "من مبغضيّ" - ومستمرون في طريق آبائهم لارتكاب المعاصي واقتراف الآثام, هنا تضاف معاصي الآباء إلى معاصي الأبناء ويحاسبون على الكل وبذلك تكون العقوبة مضاعفة والسبب هو أن الخطايا تكون قد أصبحت خطرًا داهمًا على المجتمع ومن الصعب تدارك آثارها السيئة التي تكون تفشَّت وترسخت فيه.
ويتضح أن افتقاد ذنوب الآباء في الأبناء إنما المقصود به شأن عبادة الأوثان والصور والمنحوتات التي كانت تعبد من دون الله في ذلك الزمن القديم. وهو ما يستنتج من سياق الحديث في الفقرة كلها, وبالتالي لا ينسحب الحكم على الذنوب والمعاصي العادية التي يرتكبها الإنسان في حياته وهو مؤمن بمعتقده إيمانًا راسخًا.
ولقد جعلت هذه الفقرة اليهود بعد السبي البابلي يتذمرون على الرب بل ويتهكمون على عدالته على أساس أنه يعاقبهم في ذاك الوقت على خطايا آبائهم وليس خطاياهم فجاء في سفر حزقيال:
"ما لكم أنتم تضربون هذا المثل على أرض إسرائيل، قائلين: الآباء أكلوا الحصرم وأسنان الأبناء ضرست"!
وربما هذا هو ما جعل الرب يوضح هذا المفهوم الغامض فجاء:
(النفس التي تخطئ هي تموت. الابن لا يحمل من إثم الأب، والأب لا يحمل من إثم الابن. بر البار عليه يكون، وشر الشرير عليه يكون).
ويؤكد على ذلك مرة ثالثة: بل كل واحد يموت بذنبه. كل إنسان يأكل الحصرم تضرس أسنانه هو".
صلاة الآباء على الأبناء
*******************
ومن أجل صلاح الأبناء يقيم الآباء صلاة يطلبون فيها من الرب أن يجعل أبناءهم يسيرون في الطرق المستقيمة غير المعوجة وأن يهديهم سبيل الرشاد والابتعاد عن ارتكاب المعاصي. تتم هذه الصلاة في كل وقت لكن أنسب موعد لها هو شهر "سيفان" من السنة العبرية.
د. سامي الإمام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق