تحتلّ الدراسة الدينية مكان
اً بارزاً في مناهج التعليم
الإسرائيلية عمومًا. وكثير من الموضوعات التي تعالج تحت أسماء مختلفة "كالوطن
والتاريخ والجغرافية واللغة العبرية" تدرس من الزّاوية الدينية، وتؤكّد هذه المناهج
على تنمية الوعي والحسّ اليهوديين لدى الأطفال بقصد زيادة التركيز على صلة الطفل اليهودي
بتراثه القديم.
ويتمّ التركيز في مناهج
الدراسة على زرع الأفكار الدينية في عقول الناشئة لتبرير وجود رابطة دينية بين اليهود
وفلسطين، تروج أنّ إقامة دولة يهودية في فلسطين هو تحقيق لما جاء في التوراة, فالرّب
قد اختار الشعب اليهودي واختار الأرض. وما دام هذا الاختيار إلهّياً فإنّه يعطي امتيازاً
للأرض وللشعب الموعود بها أيضاً. وبذلك تكون (أرض إسرائيل) مخصّصة لبني إسرائيل وحدهم
دون غيرهم.
كما تسوق مبررات تخول لهم
أهمية زعامتهم الدينية ليهود الخارج, وجباية أموالهم, وتصوير أهمية التسلح للفرد الإسرائيلي
حتى في حفلات الزواج, لأنهم يعيشون وسط العرب الفلسطينيين الهمج البربر المتوحشين.
ونسوق بعض هذه النصوص, من
كتاب يدرس للمرحلة المتوسطة, عنوانه "رحلة إلى الماضي":
نماذج من الحياة:
يهود أرض إسرائيل عدّوا
أنفسهم كمبعوثين للشعب اليهودي, فهم المحافظون على الصلة مع أرض الأجداد, المستوطنون
بالقرب من الأماكن المقدسة, من أهل الورع, والدارسون للتوراة, ومن أجل ذلك يتحتم على
يهود العالم المنتشرين في بقاع الكون أن يرسلوا دعمًا ماليًا لإعالة يهود "أرض
إسرائيل".
أربع زيجات معًا:
كان حراس المستوطنات كأسرة
واحدة, يتشاركون في السراء والضراء والأعياد. وروى أحدهم ويدعى "شمعون ذئب"
عن أربع زيجات للحراس في الساحات: كان الحراس – حينذاك – يسكنون في أكواخ داخل البساتين.
الصغار في فرح وابتهاج, والقلق انزاح من قلوبنا.
في أواخر الصيف, ومع موسم
قطف الكروم, نظمنا الاجتماع السنوي, وقد جاء لعرس جماعة "الحارس" من كل أرجاء
أرض إسرائيل. ومع نهاية موسم الحصاد فكر "إسرائيل شوحيط" في الاقتران, شارك
المستوطنون جميعهم في الاحتفال وكان أشبه بقصة قديمة من قصص الكتاب المقدس"العهد
القديم".
كانت صورة الفتيات المهاجرات
في التل بين بساتين الكروم, وكان يوم العرس بمثابة احتفال شعبي كبير, أثناء عقد القران
كان الأزواج يقفون تحت مظلة الزواج (الكوشة) يحوطها أربعة خيالة ممسكين بالبنادق, يمتطون
أحصنتهم المزينة بالكامل بالأسلحة. وقد تم إعداد الموائد يحوطها مائة زجاجة من الخمور
والحلوى. كما زينت كافة المستوطنات في أرجاء الأرض ومستوطنة "ريشون لتسيون"
وكانت السرج مضاءة وسط الأشجار, قامت فتيات المستوطنة بتوزيع الكعك. انتقل خاتم الزواج
من زوج إلى زوج فقد كان يمرره الزوج الأول من تحت المظلة نحو جمهور الاحتفال أثناء
إطلاق النار, مع العزف على الناي المدوي في الهواء الطلق. وتباعًا يمرر الزوج الثاني
خاتم الزواج تحت المظلة وهكذا من العريس "مندل بورتوجالي" , " زلمن
أوسشكين" إلى "الكسندر زياد" لكن " مايريكا حزونوبيتسي "
وزوجته لم يمرا من تحت مظلة الزواج. لماذا ؟
فجأة وعلى حين غرة جاء مبعوث
يمتطي حصانًا من مستوطنة حديرة (هى قرية الخضيرة الفلسطينية) وأعلن أن مستوطنة
"حديرة" تتعرض لهجوم خطير من العرب وطلب المساعدة من الحضور. وعلى الفور
سارع العرسان الأربعة الذي نحن بصددهم إلى مستوطنة حديرة".
وبذلك تحشر في ذهنية الأطفال
صورة العرب الذين يهاجمون
المستوطنات وينهبون ويسرقون,
وحتى يعكرون صفو احتفالات العرس.
ويحاول المسؤولون عن التعليم
تغيير المفاهيم المستقرة منذ زمن في المنطقة العربية, كالثقافة, والانتماء, والهوية,
والشخصية, والقومية وغير ذلك , وبالطبع الهدف من وراء ذلك هو مصلحة إسرائيل التي يستشعر
قادتها والقائمون عليها أنها جسم غريب زُرع في غير تربته. فيلاحظ , في هذا الصدد, أن
الكتب الدراسية تتضمن موضوعات عن الشرق الأوسط ، تم فيها إدراج دول العالم العربي في
آسيا وإفريقيا تحت اسم "الشرق الأوسط" وليس وفقًا للمتعارف عليه بالدول العربية
في شمال أفريقيا وآسيا، وهكذا يمكن لإطار الشرق الأوسط أن يضم إسرائيل, التي لا تنتمي
إلى المنطقة, جنبًا إلى جنب مع الدول العربية . ويتكرر الأمر ذاته في كتب عدة دون ذكرٍ
أو إشارةٍ مطلقا لأسماء الدول العربية والإسلامية بصفتها وهويتها القومية والدينية.
ولترسيخ هذا المفهوم تطلق تسمية "الشرق الأوسط" على كنعان قديمًا وهى تسمية
لم تستخدم في ذلك التاريخ القديم مطلقًا.
" وينطبق هدف التعليم
الرسمي في الكيان الذي حدّده قانون التعليم الرّسمي على التعليم العربي أيضاً ليبتعد
المواطن العربي عن ثقافته وتنمحي هويته وشخصيته. فمنهاج التاريخ الذي يبدأ منذ الصّف
الخامس تقسم الساعات المخصصة له على النحو التالي:
تطوير الحياة في الشرقين
الأدنى والأوسط.. خمس حصص - العبرانيون.. عشر حصص
- الإمبراطورية الفارسية..ثلاث
حصص - الجزيرة العربية.. خمس حصص - اليونان...سبع حصص.
كما تدرسّ بقية موضوعات
المنهاج من زاوية علاقتها باليهود في فلسطين فمثلاً، في دراسة تاريخ الجزيرة العربية
القديم، يركّز المنهاج على انتشار المستوطنات المزدهرة اليهودية في الجزيرة ولا سيّما
في الجنوب كاليمن وحضرموت والحجاز وبنو قريظة وبنو قينقاع وخيبر ووادي القرى ويثرب
أو المدينة المنوّرة، ثمّ يهود الحميريين ويوسف ذو نواس .
أمّا في دراسة الإمبراطورية
الفارسية فيجري التركيز على "كورش" وتصريحه لليهود بالعودة إلى "إسرائيل"
ثم بناء الهيكل الثاني .
وفي دراسة اليونان يركز
المنهاج على مقاومة اليهود في "إسرائيل" لانتشار الديانة اليونانية بينهم،
ثورتهم على اليونان، المكابيون. يهودا المكابي وانتصاراته إلخ. أي أنّ تاريخ الصف الخامس
يدور حول العبرانيين، ويهدف إلى ترسيخ الاعتقاد بأنّ فلسطين بلد يهودّي منذ القديم.
وفي منهاج التاريخ للصف
السادس يكّون التاريخ الإسلامي 56% من مقرّر التاريخ، لكن يتمّ التركيز في هذا المنهاج
على الخلافات في التاريخ الإسلامي بين علي ومعاوية والخلافات بين الفرق الدينية والصراع
بين الأمويين والعباسيين كما يفرد المنهاج فصلاً لما يسّميه بالجهود اليهودية في الحضارة
الإسلامية مثل التعاون بين اليهود والعرب في المجالات السياسية والثقافية ولا سيّما
في الأندلس وفي مصر الفاطمية، والأمويين، و(موسى بن ميمون و شلومو بن جبيرول) .
وفي التطرق إلى الرومان
والبيزنطيين يركّز على الشخصية اليهودية في فلسطين متجاهلاً الشعوب الأخرى هناك. فتجسّم
ثورات اليهود ضد الرومان والبيزنطيين بشكل بارز لإعطائهم صفة الشعب الحيّ المقاوم للغزو
الحضاري"
وعن غياب الهوية الفلسطينية
في الكتب المدرسية, يقول دكتور إيلي بوده ، المحاضر في قسم الدراسات الإسلامية وتاريخ
الشرق الأوسط في الجامعات العبرية في القدس :
" إنه في حين يجري
تضمين تغييرات محددة على الكتب المدرسية بشكل بطئ، إلا أن بحث قوميه الفلسطينيين، وهويتهم
المدنية لم تذكر على الإطلاق " هناك مقاطع لبعض الخبراء، حول وجود هوية فلسطينية
جرى تقديمها بشكل عام، ولكن يبدو أن مؤلفي الكتب لم يتحمسوا لتبنيها."
ويقول دانييل بانفوليجي،
الطالب في المدرسة الثانوية في القدس والبالغ من العمر 17 عاما, ، والذي سينخرط بعد
ذلك في الجيش الإسرائيلي في الصيف التالي :
" إن محتوى الكتب المدرسية،
والأفكار التي يعبر عنها بعض المعلمين، تترك أثراً سلبيا حقيقياً ودائماً على مشاعر
وسلوك الأطفال نحو الفلسطينيين". " كتبنا تخبرنا بشكل أساسي أن كل ما يفعله
اليهود جميل وشرعي، وان العرب مخطئون وعنيفون ويحاولون تدميرنا".
" لقد اعتدنا على سماع
الشيء نفسه، جانب واحد من القصة فقط. علمونا أن إسرائيل أصبحت دولة عام 1948م، وأن
العرب هم الذين بدأوا الحرب. إنهم لا يذكرون ما الذي حصل للعرب، ولا يذكرون مطلقا أي
شيء عن اللاجئين أو العرب الذين فرضت عليهم الهجرة من مدنهم ومساكنهم"
ويضيف بانفوليجي :
" إنه يتجادل مع أصدقائه حول ما يعتبره عنصريه في كل الكتب المقررة، ومن قبل المعلمين.
وقد أشار إلى مثال مقلق، حول مدى التشوه الذي تؤثر فيه الكتب والتوجهات الشائعة على
الأطفال.
" أخبرني أحد الزملاء
أنه إذا غضب بسبب شيء ما قرأه أو ناقشه في المدرسة، يشعر بأن لديه رغبة بلكم أي عربي
يراه" قال بانفوليجي: " وبدلا من تعليم التسامح والتقبل للآخر، فان الكتب
وبعض توجهات المعلمين تغذي الكراهية نحو العرب." وقد تكلم بانفوليجي عن زملائه
في المدرسة فقال: "متلهفون حتى الموت للصدام وقتل العرب. أحاول التحدث إليهم ولكنهم
يقولون إني لا اهتم بهذا الوطن. ولكنني حقا أهتم، ولذلك فإنني أعلمهم بأن السلام والعدالة
هما الطريقان الوحيدان لإصلاح الأمور."
وفي هذا الصدد تعرض الكتب
الدراسية في إسرائيل صورة مشوهة للعرب وللمسلمين من خلال ربطهم بأعمال القتل والشغب،
فتصفهم بالمشاغبين الذين يقتلون الحكام والمسئولين ممن لهم الفضل في إدارة الدولة الإسلامية
كاليهود؛ ويدللون على ذلك بمقتل يوسف ابن شموئيل, هنّاجيد, في أعمال شغب زعموا أن المسلمين
هم الذين أثاروها في غرناطة آنذاك, بدعوى أن الدولة أصبحت تحكم بأيدي اليهود.
وسيرا على هذا التوجه في
توجيه أصابع الاتهام للمسلمين بأنهم يقتلون الأدباء، فقد تضمنت الكتب النص الآتي:
(عندما بلغ الحاخام يهودا هليفي عامه الـ65 قرر الهجرة إلى أرض إسرائيل، وبعد رحلة
بحرية شاقة وصل إلى مصر وهناك توفي. وتقول رواية أخرى أنه عندما تمدد في الصلاة بجوار
الحائط الغربي داهمه فارس عربي. !!
ولما كانت الشخصية العربية
عدوانية فقد رفضت يد السلام التي مدتها إسرائيل بعد إقامتها.
ومن تلك الصفات الوضيعة
التي ينعت بها العربي في الكتب الدراسية للصفوف العليا للتعليم الأساسي, وهى نماذج
مقتبسة مباشرة من تلك الكتب المدرسية:
• العربي الوضيع
• العرب اللصوص والسفاحون
المتآمرون
• العرب المختلسون واللصوص
والإرهابيون
• اليقظة مع الأنذال العرب
• العرب قتلة متعطشون للدماء
• العرب الزائرون واللصوص
والكلاب
• العرب شحاذون طامعون في
الحصول على الصدقات اليهودية
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية/كلية
اللغات والترجمة/جامعة الأزهر
الرابط التالي يوضح كيف
تصنع الصهيونية لتشويه الشخصية الإسلامية في العالم. ونعتذر عن الصور غير المحتشمة
الواردة بالفيلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق