عامود السحاب, هو طبقًا
للتراث الديني اليهودي رسول من قبل الله رافق بني إسرائيل ووجههم حين خروجهم من مصر,
في زمن موسى عليه السلام, وكان عامود السحاب يظهر, فوق التابوت, في النهار, في حين
كان يتبدل إلى عامود من النار يضيء ليل بني إسرائيل.
أما استخدام التسمية الآن
من قبل إسرائيل وإطلاقها على عملية غزو وتدمير وقتل وإبادة أهل غزة العزل الذين لا
يملكون سلاحًا كما بيد إسرائيل, فهو من وسائل تضليل الرأي العام الإسرائيلي أولا ومن
ثم تضليل العالم بأسره.
فقد دأبت إسرائيل منذ نشأتها
على استخدام المصطلحات الدينية لتمرير مخططاتها التي هى في الغالب مخططات للفساد والإفساد,
وقلب الأكاذيب إلى حقائق والعكس صحيح, ومن أمثلة ذلك:
1. عملية تهجير 47000 يهودي يمني جوًا إلى إسرائيل
أطلق عليها "البساط السحري", وذلك تفسيرًا لنبوءة وردت بالتوراة مفادها أن
الرب سيحمل اليهود المشتتين في الأرض إلى إسرائيل ويعيدهم على أجنحة النسور.
2. عملية نقل الآلاف من يهود الفلاشا (يهود إثيوبيا)
إلى إسرائيل أطلق على إحداها اسم النبي"موسى", وعلى الأخرى الملك "سليمان".
3. إطلاق اسم "مِرْكَاڤَا" أي: المركبة
على الدبابة الإسرائيلية الصنع, وهو الاسم الذي يطلق في اليهودية على غطاء "تابوت
العهد", الذي يقال, في التوراة, إن الرب جالس فوقه يتحدث إلى بني إسرائيل ويوجههم.
4. إطلاق اسم "أريحا1", و"أريحا2",
على جيلين من الصواريخ الإسرائيلية المدمرة تذكيرًا بالدمار الذي حلّ بمدينة أريحا
الفلسطينية على يد "يشوع بن نون" سنة 1300 ق.م, حين غزاها وأباد سكانها جميعًا
بحد السيف الرجال, والنساء, والأطفال, والشيوخ, وحتى البقر والغنم والحمير.
ولكأن التاريخ يعيد نفسه
! فهاهم الصهاينة يعيثون فسادًا ويقتِّلون أهل فلسطين في "غزة" بعد أكثر
من 3000 عام من إبادة أهل أريحا في التاريخ القديم !
5. إطلاق اسم النبي "عاموس : Amos" على قمر التجسس والاتصالات الإسرائيلي, في فهم خاطيء لرسالة
النبي الذي يرى أن الإسرائيليين هم أول من سوف يحاسب في آخر الزمان على عكس اعتقادهم
بأنهم شعب الله المختار الذي سيثأر له الرب من البشرية جميعًا.
6. حتى أسماء فرق كرة القدم الإسرائيلية اختيرت
لأهداف صهيونية وهى التضليل كما قلنا واستخدام بعض أحداث التاريخ المضلل لاستعادة مجد
كاذب, من ذلك فري "مكابي حيفا", و"مكابي تل أبيب", وكذلك بعض المشروبات
التي أطلق عليها "مكابي" تذكيرًا ببطل يهودي يقال إنه تصدى للحكم الروماني
سنة 167 ق.م.
7. استخدام النجمة السداسية الأضلاع "مَجِّن
دَاڤيد آدوم" ونسبتها إلى الملك داود عليه السلام, وفي الحقيقة لا صلة لداود بهذه
النجمة التي هى بالأساس رمز مسلوب من حضارة مصر الفرعونية, من معارف الإله "تحوت"
ومؤلفاته الاثنين والأربعين, وهو معروف في حضارة مصر القديمة باسم "شجرة الحياة".
8. يتشدق الإسرائيليون دائمًا بأن لهم "اليد
الطولى" في الوصول إلى ما يريدون ذلك استنادًا إلى نص آية التوراة التي تتحدث
عن أن الرب أخرجهم من مصر, في زمن موسى عليه السلام, "بيد شديدة وذراع ممدودة".
وهكذا توظف الرموز والمصطلحات
الدينية للتضليل على الجانبين؛ الإسرائيلي حيث يقتنع الإسرائيليون بأنهم في عناية الرب
ويحاربون باسمه وتحت قيادته, والآخرين الذين لا علم لديهم بأخلاق الصهاينة الذميمة
التي اعتمدت التضليل وحرف الحقائق أسلوبًا ومنهجًا ثابتًا في تعاملهم مع بني جلدتهم
وكذلك مع الآخرين.
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية/كلية
اللغات والترجمة/جامعة الأزهر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق