يبدو أن سلوك المتطرفين
اليهود المعروفين بالحريديم, والذين تحدثت عنهم في منشور سابق, ينعكس بشكل حاد وملموس
في حياة المرأة اليهودية, في هذه الأسر التي ابتليت – على حدّ وصف إحدى السيدات - بزوج
حريدي؛ فشعور الدونيّة يتربص بالمرأة التي ينتمي زوجها إلى إحدى هذه الطوائف, أو يعتنق
بعد الزواج فكرها المتشدد.
وتتعدد طوائف الحريديم؛
فمنها "حسيدي جور", و"بدتص", و"ساطمير", و"ناطوري
كارتا" التي لا تعترف بدولة إسرائيل, و"عيدا", و", و"حسيدي
تولدوت أهارون", و"حسيدي توراة انتروبوسوفيا", وغيرهم.
وتختلف هذه الطوائف فيما
بينها حتى في درجة نظرتها للمرأة, لكنها تتحد جميعها في تبنّي فكر الاضطهاد؛ سواء للطفلة,
أو الشابة, أوالمرأة, فهذه طفلة صغيرة لم تبلغ من العمر حتى العاشرة من عمرها يبصق
في وجهها حريدي متزمت, وهى في طريقها إلى المدرسة, لأنها ترتدي لباسًا غير محتشم (في
نظره)!!
ليس هذا وحسب بل تتعرض الفتيات
والنساء لأقصى درجات الازدراء حتى في الحياة العامة؛ فلا يُسمح بأية إعلانات أو لافتات
عليها صور للمرأة!
وقد أوكلت بعض الطوائف إلى
مجموعات مختارة من أتباعها مهمة التجوّل في الشوارع ونزع أي إعلان يحتوي على صور للنساء,
ومنحتهم صلاحية التدخل حتى لإغلاق أي محلات لبيع ملابس المرأة حتى لو لم تكن تعرض الملابس
الداخلية بشكل سافر.
كما مُنحت هذه الجماعات
صلاحية لتحطيم واجهات محلات "الأيس كريم" بحجة أن تناول الأيس كريم , قد
يظهر لسان المرأة والذي يعدّ من أسباب الإثارة الغريزية, في فكرهم! وتوصف هذه المحلات
بالـ "الفاجرة" !!
كما تتعنت جماعات الحريديم
في تطبيق نظام الفصل بين الرجال والنساء في المعارض العملاقة للسلع, وفي المواصلات
العامة, وفصول الدراسة, وغير ذلك من أماكن التجمع.
وبلغ التشدد أيضًا مبلغًا
خطيرًا حيث منعت النساء من الاستعانة بأطباء حين الولادة, وضرورة ترتيب عملية الولادة
مع طبيبة, وأنشأت من أجل ذلك سيارات إغاثة وإسعاف تقوم على العمل بها طبيبات لحالات
الولادة الحرجة.
ونقرأ في الصحافة الإسرائيلية
– كل حين وحين - عن واقعة بصق حريدي في وجه فتاة أو امرأة أو حتى طفلة صغيرة, حتى ممَّن
يرتدين منهن ملابس محتشمة, لمجرد تعصب أعمى ليس له أساس, أو تجاوز عن حدود الأحكام
التي حددها حاخامون متطرفون .
يقول أحد المتشددين الذين
بصقوا في وجه تلميذة مدرسة :
"كل فتاة لا تلتزم
بالتوراة، تستحق البصاق، حتى ولو كان عمرها سبع سنوات"
وتبلغ درجة تحكم هؤلاء الحاخامين
المتشددين في المناطق التي يقطنون بها والتي تقع تحت سيطرتهم الفكرية, درجة أكبر ممّا
يبلغه كبار السياسيين أو مسئولي الأمن بالمدينة.
ولذا فليس من المستغرب أن
نرى أو نسمع عن اقتحام مجموعات الحريديم للبيوت لمهاجمة النساء وتوبيخهن أو تأديبهن
بحجة مخالفتهن لقواعد الاحتشام التي حددها الحاخامون المتشددون, والإخلال بقواعد الشرف.
وقد كوّن الحريديم مجموعات
يطلق عليها "فرق العفّة والاحتشام" لتحري مدى التزام البنات والنساء بتلك
القواعد, وتقويم سلوكهن!!
وتصل درجة تزمت الحريديم
من جماعة "حسيدي جور" – إلى درجة منع حمل البنات الأطفال على الأكتاف في
المناسبات المختلفة خشية إثارة الغرائز الجنسيّة لديهن!
كل ذلك بالإضافة إلى ما
تشعر به الزوجات والأمهات في البيوت من إهانة وحط من قدرهنّ بحجة ما رسخ في عقول من
صور مغلوطة عن المرأة ابتداء ممّا جاء في سفر التكوين في قصة الخلق أو ما تفتق عن أذهان
المفسرين عبر العصور, والحاخامين في العصر الحديث.
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق