ورد في كتاب "العهد القديم" أن الإنسان خُلق من تراب وإلى التراب يعود, في إشارة إلى مصير الإنسان بعد الموت. ويوصف الموت بمصيبة تحلّ بكل إنسان. وتشير فقرات إلى أن الإنسان الصالح يتمتع حال حياته بالسعادة ويجتمع بعد مماته بآبائه الطيبين..
ويكون الموت أحيانًا عقابًا جماعيًا إذا تميز بإصابته لجماعة كبيرة من البشر بغتة "فإذا فتحت الأرض فاها وابتلعتهم وكل ما لهم فهبطوا أحياءً إلى الهاوية تعلمون أن هؤلاء القوم قد ازدروا الرب".
وكذلك يفعل بالعاصين ومرتكبي الشرور والآثام فقد جاء بشأنهم:
"والآن فلا تبرئه لانك رجل حكيم فاعلم ما تفعل به وأحدِر شيبته بالدم إلى الهاوية"!
وليست لدينا معلومات كافية أو موثّقة عن روح اليهودي بعد الموت؛ فيعتقد فريق أن روح الإنسان تبقى متحدة بجسده حتى بعد موته ولذلك كان من أحكام الدفن أن يدفن المقتول بملابسه المخضبة بدمائه لأن الاعتقاد أن الروح في هذا الدم, أو مرتبطة به بشكل ما, ويفضل دفن هذا القتيل في مكان قتله الذي سال فيه دمه وامتصته التربة ما أمكن, ويقصد من ذلك أن يبقى الجسد إلى جوار الروح.
ولهذا السبب يحظر إحراق جثث الموتى في اليهودية إلا إذا كان على سبيل العقاب, في بعض الجرائم, أو إذا أوصى به شخص الميت حال حياته وقبل موته وفي ذلك خلاف بين الحكماء.
ويعتقد معتنقو الفكر القبَّالي أن عناصر الحياة في الجسد تنفصل ساعة الموت وتنتظر مصيرها:
• فإذا كان الشخص صالحًا فإن (النسمة) تكافأ بالعودة إلى مصدرها الذي فاضت منه لتستقر إلى الأبد متمتعة بنور الرب, وأما (الروح) فتصعد إلى جنّة عدن السفلى وتدخل في الجسد الذي كانت تستقر فيه في الدنيا وتبقى متمتعة بنور الجنّة, وأما (النفس) فتبقى في القبر وتستقر على الأرض وترفرف فوق الجسد إلى ان يتحلل.
• وإذا كان الشخص غير صالح ومرتكبًا للمعاصي والآثام فإن (النسمة) تتعرقل في طريق صعودها إلى أن تصل إلى مصدرها الذي فاضت منه, وأما (الروح) فتجد باب الجنّة مغلقًا أمامها, وأمّا (النفس) فتهيم في العالم دون قرار.
وتميِّز اليهودية روح اليهودي بأنها جزء من الخالق كما أن الابن جزء من أبيه! ومن هنا اعتقدوا بأن أرواحهم عزيزة عند الله بالنسبة لباقي الأرواح لأن روح غير اليهودي هى أرواح شيطانية وشبيهة بأرواح الحيوانات!
ويعتقد بأن ملك الموت المكلف بقبض أرواح اليهود ومصاحبتها هو الشيطان, الذي يلعب دور الوسيط بين الخالق والبشر. ويعتقد أن الشيطان أصبح ملك الموت وسيد الجحيم بعد أن كان أحد (السيرافيم)؛ وهى نوع من الملائكة المقربين من عرش الرب.
وليس الموت نهاية للشخص بل يبقى للميت شبح في "شؤول" وهو مكان مظلم أسفل القبر, وتحت الماء! تستقر فيه أرواح الموتى, ويتميز بالمساواة التامة بين سكانه حيث يرقد الصغير والكبير والملك والأسير والسادة والعبيد.
و(شؤول), مآل غير مرغوب فيه نظرًا للتشاؤم الذي يسود بشأنه والغموض الذي يحيط بجوهره؛ فالكلب الحي أفضل من الأسد الميت, والأحياء يعرفون أنهم سيموتون أما الأموات فلا يعرفون أي شيء, ولم يعد لهم أجر لأنهم أصبحوا في طي النسيان, وفي شؤول تنقطع صلة اليهودي بربه.
وكما أن الموتى ما عادوا يذكرون الرب كذلك الرب لم يعد يذكرهم فقد انقطعوا من يده! لذلك يدعو المصلي ساعة الخطر "ما الفائدة من دمي إذا نزلت إلى الحفرة, هل يحمدك التراب, هل يخبر بحقك"!
ومع ذلك فلا نعدم نصوصًا تقرر أن السعادة والشقاء في شؤول يتوقفان على أعمال الإنسان في حال حياته "فجزاء الصديقين والمستقيمين أن يرقدوا بسلام على سررهم".
وشؤول هو مستودع الأرواح بصرف النظر عن أجسادها التي يمكن أن تدفن في قبور, أو تلقى في العراء للطيور, أو تطرح في أعماق البحور, على الرغم من كثرة استخدامها (شؤول) للدلالة على القبور.
ومن الكلمات التي يرددها المشرف على الموت لدى يهود الطوائف الشرقية/السفرديم:
(اجعل موتي تكفيرًا لجميع خطاياي وظلمي وآثامي التي عملتها واقترفتها في حقك منذ يوم وجودي الأول واجعل جزائي جنّة عدن".
وأورد "العهد القديم" ما يفيد إمكانية تحضير أرواح الموتى عن طريق السحرة بغية التنبؤ بمصائر الأحياء, فهذه ساحرة مدينة "عين دور" الكنعانية تتمكن من استحضار روح النبي صموئيل الذي كان راقدًا في قبره بسلام بناء على طلب شاءول, فلما حضرت روح النبي صموئيل قامت بتوبيخ شاءول لأنه أقضّ مضجعه! كما أخبره بانتصار الفلسطينيين على الإسرائيليين.
ولم ترد آيات مباشرة تتحدث عن البعث بعد الموت في اليهودية بل نجدومضات خافتة مثل "وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون, هؤلاء إلى الحياة الأبدية, وهؤلاء إلى العار والازدراء الأبدي"!
يتضح من هذه الآية أنها تقرّ أيضًا بفكرة الثواب والعقاب لذا انقسم المستيقظون إلى فريقين: فريق يثاب واآخر يعاقب.
وفي نصّ آخر "ويخرجون ويرون جثث الناس الذين عصوا علىّ لأن دودهم لا يموت ونارهم لا تطفأ, ويكونون رذالة لكل جسد".
ويعلق الدكتور/محمد بحر عبد المجيد, عليه رحمة الله تعالى على الاسم (شؤول) بقوله:
(الغريب أن لفظ (شؤول) مأخوذ من الفعل (سأل) أي أن الكلمة نفسها تتضمن معنيي السؤال والحساب. ولابد أن يكون اليهودية قد عرفت فكرة الحساب والعقاب بعد الموت على الأقل من المصريين الذين كانوا يعتقدون في الحساب بعد الموت. لكن تأثر اليهود فيما بعد بمعتقدات البابليين ونسوا أو تناسوا هذه الحقيقة التي علمتها اليهودية الأولى وإلا فكيف نفسِّر اختيار هذه الكلمة لهذه الدلالة).
وعلى كل حال يتبين من آية كتاب (الجامعة) المصير الحقيقي للإنسان بعد الموت:
(فيرجع التراب إلى الأرض كما كان, وترجع الروح إلى الله الذي وهبها).
تأثرت فرقة "القرائين" اليهودية بالعقيدة الإسلامية فهي تعتقد بيوم الدين, واليوم الآخر, ويوم البعث والنشور؛ أي إعادة الموتى إلى الحياة وإعادة أرواحهم إليهم بعد إخراهم من قبورهم وعودة أجسامهم إلى ما كانت عليه سواء أكانت في بطن الأرض أو في قاع البحار. فهذا اليوم هو يوم الحساب يحاسب الإنسان فيه على ما قدمت يداه من خير أو شر, طاعة أو معصية. فمن كانت أعماله صالحة نُقل إلى دار النعيم ويكون مع الخالدين في هذه الدار. أما من كانت اعماله سيئة نقل إلى دار العقاب لينال الذل والهوان والعذاب إلى أن يعفو الله عنه إن كان يستحق العفو.
وهم يستندون في ذلك أيضًا إلى ما جاء في كتاب المزامير الذي لداود (أن الرب يمتحن التقي, ونفسه تبغض محب الظلم, فهو يمطر على الأشرار نارًا وكبريتًا وريح السموم تصيبهم جزاء لهم).
وجاء في كتاب "دانيال" أن كثيرًا من النائمين في الثرى يستيقظون منهم إلى النعيم الأبدي, ومنهم إلى الجحيم الأزلي).
وهناك من يغادرون دار الحياة إلى دار الآخرة عن طريق الرفع إلى السماء أو الصعود إليها؛ هذا "حنوخ" الذي أخذه الله, ونقرأ في ذلك: (اختفى ولم يُعرف أين ذهب, لأنه لم يمت بالطريقة التي يموت بها كل إنسان بل أخذه الله أصعده إلى السماء). وكذلك النبي "إلياهو" الذي انتقل من الأرض إلى السماء في العاصفة!!
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية
ويكون الموت أحيانًا عقابًا جماعيًا إذا تميز بإصابته لجماعة كبيرة من البشر بغتة "فإذا فتحت الأرض فاها وابتلعتهم وكل ما لهم فهبطوا أحياءً إلى الهاوية تعلمون أن هؤلاء القوم قد ازدروا الرب".
وكذلك يفعل بالعاصين ومرتكبي الشرور والآثام فقد جاء بشأنهم:
"والآن فلا تبرئه لانك رجل حكيم فاعلم ما تفعل به وأحدِر شيبته بالدم إلى الهاوية"!
وليست لدينا معلومات كافية أو موثّقة عن روح اليهودي بعد الموت؛ فيعتقد فريق أن روح الإنسان تبقى متحدة بجسده حتى بعد موته ولذلك كان من أحكام الدفن أن يدفن المقتول بملابسه المخضبة بدمائه لأن الاعتقاد أن الروح في هذا الدم, أو مرتبطة به بشكل ما, ويفضل دفن هذا القتيل في مكان قتله الذي سال فيه دمه وامتصته التربة ما أمكن, ويقصد من ذلك أن يبقى الجسد إلى جوار الروح.
ولهذا السبب يحظر إحراق جثث الموتى في اليهودية إلا إذا كان على سبيل العقاب, في بعض الجرائم, أو إذا أوصى به شخص الميت حال حياته وقبل موته وفي ذلك خلاف بين الحكماء.
ويعتقد معتنقو الفكر القبَّالي أن عناصر الحياة في الجسد تنفصل ساعة الموت وتنتظر مصيرها:
• فإذا كان الشخص صالحًا فإن (النسمة) تكافأ بالعودة إلى مصدرها الذي فاضت منه لتستقر إلى الأبد متمتعة بنور الرب, وأما (الروح) فتصعد إلى جنّة عدن السفلى وتدخل في الجسد الذي كانت تستقر فيه في الدنيا وتبقى متمتعة بنور الجنّة, وأما (النفس) فتبقى في القبر وتستقر على الأرض وترفرف فوق الجسد إلى ان يتحلل.
• وإذا كان الشخص غير صالح ومرتكبًا للمعاصي والآثام فإن (النسمة) تتعرقل في طريق صعودها إلى أن تصل إلى مصدرها الذي فاضت منه, وأما (الروح) فتجد باب الجنّة مغلقًا أمامها, وأمّا (النفس) فتهيم في العالم دون قرار.
وتميِّز اليهودية روح اليهودي بأنها جزء من الخالق كما أن الابن جزء من أبيه! ومن هنا اعتقدوا بأن أرواحهم عزيزة عند الله بالنسبة لباقي الأرواح لأن روح غير اليهودي هى أرواح شيطانية وشبيهة بأرواح الحيوانات!
ويعتقد بأن ملك الموت المكلف بقبض أرواح اليهود ومصاحبتها هو الشيطان, الذي يلعب دور الوسيط بين الخالق والبشر. ويعتقد أن الشيطان أصبح ملك الموت وسيد الجحيم بعد أن كان أحد (السيرافيم)؛ وهى نوع من الملائكة المقربين من عرش الرب.
وليس الموت نهاية للشخص بل يبقى للميت شبح في "شؤول" وهو مكان مظلم أسفل القبر, وتحت الماء! تستقر فيه أرواح الموتى, ويتميز بالمساواة التامة بين سكانه حيث يرقد الصغير والكبير والملك والأسير والسادة والعبيد.
و(شؤول), مآل غير مرغوب فيه نظرًا للتشاؤم الذي يسود بشأنه والغموض الذي يحيط بجوهره؛ فالكلب الحي أفضل من الأسد الميت, والأحياء يعرفون أنهم سيموتون أما الأموات فلا يعرفون أي شيء, ولم يعد لهم أجر لأنهم أصبحوا في طي النسيان, وفي شؤول تنقطع صلة اليهودي بربه.
وكما أن الموتى ما عادوا يذكرون الرب كذلك الرب لم يعد يذكرهم فقد انقطعوا من يده! لذلك يدعو المصلي ساعة الخطر "ما الفائدة من دمي إذا نزلت إلى الحفرة, هل يحمدك التراب, هل يخبر بحقك"!
ومع ذلك فلا نعدم نصوصًا تقرر أن السعادة والشقاء في شؤول يتوقفان على أعمال الإنسان في حال حياته "فجزاء الصديقين والمستقيمين أن يرقدوا بسلام على سررهم".
وشؤول هو مستودع الأرواح بصرف النظر عن أجسادها التي يمكن أن تدفن في قبور, أو تلقى في العراء للطيور, أو تطرح في أعماق البحور, على الرغم من كثرة استخدامها (شؤول) للدلالة على القبور.
ومن الكلمات التي يرددها المشرف على الموت لدى يهود الطوائف الشرقية/السفرديم:
(اجعل موتي تكفيرًا لجميع خطاياي وظلمي وآثامي التي عملتها واقترفتها في حقك منذ يوم وجودي الأول واجعل جزائي جنّة عدن".
وأورد "العهد القديم" ما يفيد إمكانية تحضير أرواح الموتى عن طريق السحرة بغية التنبؤ بمصائر الأحياء, فهذه ساحرة مدينة "عين دور" الكنعانية تتمكن من استحضار روح النبي صموئيل الذي كان راقدًا في قبره بسلام بناء على طلب شاءول, فلما حضرت روح النبي صموئيل قامت بتوبيخ شاءول لأنه أقضّ مضجعه! كما أخبره بانتصار الفلسطينيين على الإسرائيليين.
ولم ترد آيات مباشرة تتحدث عن البعث بعد الموت في اليهودية بل نجدومضات خافتة مثل "وكثيرون من الراقدين في تراب الأرض يستيقظون, هؤلاء إلى الحياة الأبدية, وهؤلاء إلى العار والازدراء الأبدي"!
يتضح من هذه الآية أنها تقرّ أيضًا بفكرة الثواب والعقاب لذا انقسم المستيقظون إلى فريقين: فريق يثاب واآخر يعاقب.
وفي نصّ آخر "ويخرجون ويرون جثث الناس الذين عصوا علىّ لأن دودهم لا يموت ونارهم لا تطفأ, ويكونون رذالة لكل جسد".
ويعلق الدكتور/محمد بحر عبد المجيد, عليه رحمة الله تعالى على الاسم (شؤول) بقوله:
(الغريب أن لفظ (شؤول) مأخوذ من الفعل (سأل) أي أن الكلمة نفسها تتضمن معنيي السؤال والحساب. ولابد أن يكون اليهودية قد عرفت فكرة الحساب والعقاب بعد الموت على الأقل من المصريين الذين كانوا يعتقدون في الحساب بعد الموت. لكن تأثر اليهود فيما بعد بمعتقدات البابليين ونسوا أو تناسوا هذه الحقيقة التي علمتها اليهودية الأولى وإلا فكيف نفسِّر اختيار هذه الكلمة لهذه الدلالة).
وعلى كل حال يتبين من آية كتاب (الجامعة) المصير الحقيقي للإنسان بعد الموت:
(فيرجع التراب إلى الأرض كما كان, وترجع الروح إلى الله الذي وهبها).
تأثرت فرقة "القرائين" اليهودية بالعقيدة الإسلامية فهي تعتقد بيوم الدين, واليوم الآخر, ويوم البعث والنشور؛ أي إعادة الموتى إلى الحياة وإعادة أرواحهم إليهم بعد إخراهم من قبورهم وعودة أجسامهم إلى ما كانت عليه سواء أكانت في بطن الأرض أو في قاع البحار. فهذا اليوم هو يوم الحساب يحاسب الإنسان فيه على ما قدمت يداه من خير أو شر, طاعة أو معصية. فمن كانت أعماله صالحة نُقل إلى دار النعيم ويكون مع الخالدين في هذه الدار. أما من كانت اعماله سيئة نقل إلى دار العقاب لينال الذل والهوان والعذاب إلى أن يعفو الله عنه إن كان يستحق العفو.
وهم يستندون في ذلك أيضًا إلى ما جاء في كتاب المزامير الذي لداود (أن الرب يمتحن التقي, ونفسه تبغض محب الظلم, فهو يمطر على الأشرار نارًا وكبريتًا وريح السموم تصيبهم جزاء لهم).
وجاء في كتاب "دانيال" أن كثيرًا من النائمين في الثرى يستيقظون منهم إلى النعيم الأبدي, ومنهم إلى الجحيم الأزلي).
وهناك من يغادرون دار الحياة إلى دار الآخرة عن طريق الرفع إلى السماء أو الصعود إليها؛ هذا "حنوخ" الذي أخذه الله, ونقرأ في ذلك: (اختفى ولم يُعرف أين ذهب, لأنه لم يمت بالطريقة التي يموت بها كل إنسان بل أخذه الله أصعده إلى السماء). وكذلك النبي "إلياهو" الذي انتقل من الأرض إلى السماء في العاصفة!!
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق