الأحد، 2 أكتوبر 2016

الصدقات والتبرعات وأعمال الخير (في اليهودية) #צדקות_תרומות_ומעשה_הטוב_(ביהדות)

للصدقات والتبرعات وأعمال الخير مكانة حسنة في العقيدة اليهودية منذ القِدّم؛ فهناك "نصف الشاقل" الذي كان يؤخذ على سبيل التبرع أو الجباية أو الضريبة فرضًا على كل إسرائيلي, في السنة, في زمن الهيكل (من سنة 957 ق.م إلى 136م).
وكان الغرض من هذا التبرع أو الفريضة الدينية إن شئت هو تدبير مصاريف قرابين الجمهور التي كانت تقدم على مذبح الهيكل للتكفير عنهم. وكان يعلن عن دفعها في بداية شهر آذار من كل عام وهى واجبة على الرجال دون النساء.

ولا يزال "نصف الشاقل" يدفع إلى الآن كتبرع من الجمهور وكتذكرة لنصف الشاقل القديم الذي ذكرناه آنفًا والذي كان له دور كبير في إعانة الفقراء والمساكين أيضًا. فيدفع في يوم "صوم إستير" قبيل صلاة "المنحاة/وقت العصر" يؤديها جمهور اليهود لمساعدة المحتاجين وللمشروعات التي تيسر عليهم الحياة.
ويجوز دفعها من الفضة وهى ما يعادل 1/20 من جرام الفضة! أو ما يعادله.
ويتحتم, في المِشْنَا, على المزارعين ترك زوايا الحقول والأراضي الزراعية للفقراء والمحتاجين والعابرين حتى من الموسرين, وكذلك ما يسقط على الأرض من الثمار من تلقاء نفسه عند جمع الثمار.
وللحقيقة فإن هذا موضوع يحتاج منشور منفصل بل بحث مطوَّل لأن به تفاصيل مهمة.
لكن ما سبق يعدّ إحسانًا للفقراء منطلقًا من العقيدة والدين وهو موجود – على استحياء – بالنسبة لغير اليهود أيضًا؛ بمعنى أنه وردت نصوص عن إمكانية تقديم المعونة والمساعدة للمحتاج الغريب المقيم وسط اليهود وغيره من الفئات.
أمّا ما نود استطلاع أمره الآن هو تلك الصناديق التي أنشئت على أيدي الصهاينة الأوائل لجمع الأموال من اليهود في العالم لشراء الأراضي الفلسطينية !
ويأتي على رأس هذه الصناديق لجمع المال ما يسمى "صندوق التأسيس اليهودي" (קק"ל: קרן קיימת לישראל) وترجع فكرة إنشاءه إلى عالم الرياضيات اليهودي "تسڤي هيرمان شابيرا", حين طرحها على اجتماع المؤتمر الصهيوني الأول سنة 1897م والتي أقرّت في المؤتمر الصهيوني الخامس سنة 1901م.
ويقوم الصندوق على جمع تبرعات طوعية من يهود العالم لوضعها في هذا الصندوق لتكون "وديعة للشعب اليهودي" لا تستعمل لغير شراء الأراضي الفلسطينية أو تخليصها واستصلاحها وتأجيرها لليهود, ولا يجوز التأجير لغير اليهود.
كانت أول مساهمة في هذا الصندوق لـ "يونا كرمنشكي" حين أودع فيه 10 جنيهات استرلينية, ثم إسهامات هرتزل, وكان أول شراء للأراضي من هذا الصندوق سنة 1904. مساحة 4000 دونم من الأراضي بسعر 20 فرنك للدونم. وعلى الأراضي الأولى المشتراه تم إقامة مستعمرة "دجانيا".
وتوالى شراء الأراضي – كما تذكر المصادر العبرية – لكننا لا نثق في هذه المصادر لأنها مصادر المحتل الذي يبيح لنفسه كل الموبقات والكذب والنفاق ليمرر أغراضه الخبيثة!
وما يعنينا في هذا المقام هو السؤال الذي طرحناه من قبل :
هل باع فلسطينيون أراضيهم, وممتلكاتهم؟
************************************
وللأمانة البحثية لا يمكن لأي كان أن يجزم بوجود مراجع موثوقة في هذا الموضوع, لأن من باع أرض من الفلسطينيين باعها في السرّ والكتمان حتى لا ينفضح أمره! ومن اشترى من اليهود ربما حافظ على قدر من السريّة إكرامًا للبائع! أو لاعتبارات أخرى .
والمشكلة هى أن تهمة بيع الأراضي باتت لصيقة بكل الفلسطينيين اللاجئين أينما حلّوا! وهذه لا شك فرية لا يمكن قبولها في حق جميع الفلسطينيين! لأنها تنطوي على كراهية وعنصرية وكيدية في معظم الحالات.
ومن الشخصيات التي ينسب إليها أهمية في هذا الموضوع "يوسف نحماني" المسمّى برجل الجليل نظرًا لشغله منصب مدير مكتب "الصندوق القومي اليهودي" في الجليل, وكان مشرفًا على بعض عمليات شراء الأراضي من فلسطينيين! 
ومن الجدير بالذكر هنا أن دفيد بن جوريون؛ أور رئيس لوزراء الكيان الصهيوني لم يكن متحمسًا لعمليات شراء أراضي العرب الفلسطينيين, ويرجع السبب في ذلك إلى أن سلطات الاحتلال كانت قد خططت للاستيلاء على الأراضي بالقوة العسكرية. ولذلك لم يكن يرغب في تبذير أموال الصندوق في عمليات الشراء!
جدير بالذكر أيضًا أن كثيرًا من الفلسطينيين رفضوا بيع أراضيهم وممتلكاتهم لليهود على الرغم مما تعرضوا له من شظف العيش وهو ما جعلهم يوصفون بـ "جاع وما باع"! 
وآخرون تمسكوا بالأرض والأملاك إلى آخر حد يمكن للإنسان أن يتحمله في ظروف الاحتلال والتجويع والاضطهاد والضغط والترهيب والقتل في سبيل تحقيق مغادرة الوطن وترك ما يملكون وارتأوا عندها أن يبيعوا مضطرين وهو ما يفسر المقولة الأخرى "باع لما جاع"!
وهم في كل الأحوال بشر . .
وفي جميع الحالات لم يزد ما امتلكه اليهود على 5,5 % من أراضي فلسطين حين صدر قرار التقسيم في 1947. ومعظم هذه المساحة بيعت من قبل عائلات وشركاء لبنانيين وسوريين كانوا حصلوا عليها من الدولة العثمانية, وعلى رأسهم عائلات:
سرسق, وسلام, وتيان, وتويني, والخوري, والقباني, والصباغ, والأحدب, وقدورة, واليوسف, والمارديني, والقوتلي, والجزائرلي, والشمعة. علاوة على الأراضي التي يسرتها للصهاينة سلطات الاحتلال البريطاني. 
يقول الدكتور سميح فارسون من الجامعة الامريكية بواشنطن, في موضوع الأراضي الفلسطينية:
حاول الإسرائيليون في البداية الاستيلاء على الأراضي من خلال الشراء، ومن ثم جاءت القوانين التي سنتها إسرائيل وخصوصاً قانون أملاك الغائبين لعام ١٩٥٠ لتقنن الاستيلاء على أراضي اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا من قراهم ومدنهم عام ١٩٤٨. من خلال ما عرف بـ "أملاك الغائبين" والقاضي بالاستيلاء عليها بالقوة.
يدوّن عند صناديق جمع التبرعات عبارات تحث على مكانة منح الصدقات!
الحث على دفع صدقة لترميم المعبد . .
الصدقة تفدي من الموت - والتذكير بالعطاء في السرّ!

صورة لمتسول يهودي في أوربا أغضبت كثيرين منهم !!
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية
كلية اللغات والترجمة/جامعة الأزهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق