يعدّ الجمل أحد الحيوانات النجسة التي حرّم أكلها على بني إسرائيل طبقًا للتوصيف التوراتي الوارد في سفر اللاويين, والذي يحدد ما هى الحيوانات المحظور أكل لحومها على النحو التالي:
يباح أكل كل حيوان تجتمع فيه صفتان؛ أن يكون من المجترّات وأن يكون من مشقوقي الظلف, فإن اجتمع فيه هاتان الصفتان فهو حلال (أو كاشير), أما إذا لم تجتمع فيه هاتان الصفتان فيكون محرمًا لحمه ومحظورًا (طاريف). فالجمل طبقًا لهذا التوصيف غير طاهر ومحظور لأنه مجترّ لكنه غير مشقوق الظلف. فلا يؤكل لحمه ولا تلمس جثته لأن في ذلك نجس محظور.
ويمكننا بالطبع الحديث بإسهاب عن أكل اللحوم الحلال والامتناع عن الحرام في اليهودية لكن ذلك في منشور آخر إن شاء الله.
لكن ما جعلني أعيد التأكيد على موضوع الجمل هو نشر دراسة, في صفحة التكنولوجيا بصحيفة Forbes Israel بتاريخ 16/2/2014, عن تاريخ وجود الجمل في منطقة الشام إذ قال عالما الآثار, دكتور/ليدر سافير, ودكتور/ أريز بن يوسي, من جامعة تل أبيب إن إبراهيم, عليه السلام لم يركب الجمل في حياته لا هو ولا أبناه إسحاق ويعقوب! ويعللان ذلك بأن الجمل لم يكن موجودًا في منطقة الشام قبل سنة 900 ق.م. في حين يحدد زمن إبراهيم عليه السلام في حدود سنة 1850 ق.م. وكان البحث يحاول التوصل إلى حقيقة التخيلات اليهودية عن مسيرة بني إسرائيل في الصحراء في حقبة التيه بل قبلها حين هاجر إبراهيم وأهله من شمال (بين النهرين) إلى كنعان قديمًا تلك التخيلات التي تتسيّدها صور قوافل الجمال محمّلة بأغراض المهاجرين في ذلك الزمن السحيق!
وما لفت انتباهي هو أن هذه النتائج تنافي ما ذكر عن الجمل في التوراة بل في كتاب (العهد القديم) كله وتلقي بظلال الشك على الأقل على زمن تدوين التوراة!
جاء بالتوراة في قصة البحث عن زوجة لإسحاق:
(وَاخْتَارَ الْعَبْدُ عَشَرَةَ جِمَالٍ وَحَمَّلَهَا مِنْ جَمِيعِ خَيْرَاتِ مَوْلاَهُ الَّتِي فِي يَدِهِ، وَقَامَ وَانْطَلَقَ إِلَى أَرَامِ النَّهْرَيْنِ إِلَى مَدِينَةِ نَاحُورَ. وَهُنَاكَ أَنَاخَ الْجِمَالَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ عِنْدَ بِئْرِ الْمَاءِ وَقْتَ الْمَسَاءِ، فِي مَوْعِدِ خُرُوجِ الْمُسْتَقِيَاتِ مِنَ النِّسَاءِ، وَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهَ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ، أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ أَنْ تُيَسِّرَ أَمْرِي الْيَوْمَ وَتُسْدِيَ مَعْرُوفاً لِسَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ. هَا أَنَا وَاقِفٌ عِنْدَ بِئْرِ الْمَاءِ حَيْثُ تُقْبِلُ بَنَاتُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَلْيَكُنْ أَنَّ الْفَتَاةَ الَّتِي أَقُولُ لَهَا: ضَعِي جَرَّتَكِ لأَشْرَبَ مِنْهَا، فَتُجِيبُ: اشْرَبْ وَأَنَا أَسْقِي جِمَالَكَ أَيْضاً، تَكُونُ هِيَ الَّتِي اخْتَرْتَهَا لِعَبْدِكَ إِسْحقَ. وَبِذَلِكَ أُدْرِكُ أَنَّكَ أَسْدَيْتَ مَعْرُوفاً لِسَيِّدِي». (التكوين 24 / 10 – 14) وما بعده أيضًا.
فإذا كان الباحثان يقولان إنهما توصلا إلى نفي وجود الجمل المستأنس في المنطقة في زمن إبراهيم عليه السلام, بناء على مكتشفات وأبحاث أركيولوجية عن بقايا عظام جمال على الحدود بين الإردن وفلسطين, قدر تاريخها بالوسائل الحديثة بالزمن المحدد ببعد سنة 900 ق.م, فمن أين جاءت التوراة بهذا الكلام؟ خاصة أن الجمل ذكر أكثر من 25 مرة في التوراة وحدها وأكثر من 40 مرة في أسفار الأنبياء والكتب!
وأكد الباحثان ليدر وأريز أن الفرعون (شيشنُق الأول) الذي غزا مملكة إسرائيل سنة 926 – 917 ق.م هو الذي جلب معه الجمال المستأنسة من مصر إلى أرض كنعان.
وختم الباحثان كلامهما بأن المكتشفات الآثارية يمكنها أن تغير المعتقدات من النقيض إلى النقيض حيث ينظر إلى حقبة اكتشاف الجمال واستئناسها كحقبة التطور التكنولوجي حين اخترعت الآلة خاصة السيارة لو نظرنا إلى ما حدث من قفزة قوية في التجارة باستخدام الجمال والوصول إلى أماكن بعيدة ما كانت الحمير ولا البغال لتبلغها لولا وجود الجمال؛ سفن الصحراء, كطريق البخور أو التوابل من إفريقية إلى الهند الذي حمل اسم (المرّ واللبان) الذي كان طريقًا رئيسيًا للتجارة. وهو الطريق الذي سلكته ملكة سبأ حين أتت لزيارة سليمان في بيت المقدس بالجمال المحملة بأطايب اليمن السعيد, أو الذي كان سعيدًا يومًا!!
د. سامي الإمام
يباح أكل كل حيوان تجتمع فيه صفتان؛ أن يكون من المجترّات وأن يكون من مشقوقي الظلف, فإن اجتمع فيه هاتان الصفتان فهو حلال (أو كاشير), أما إذا لم تجتمع فيه هاتان الصفتان فيكون محرمًا لحمه ومحظورًا (طاريف). فالجمل طبقًا لهذا التوصيف غير طاهر ومحظور لأنه مجترّ لكنه غير مشقوق الظلف. فلا يؤكل لحمه ولا تلمس جثته لأن في ذلك نجس محظور.
ويمكننا بالطبع الحديث بإسهاب عن أكل اللحوم الحلال والامتناع عن الحرام في اليهودية لكن ذلك في منشور آخر إن شاء الله.
لكن ما جعلني أعيد التأكيد على موضوع الجمل هو نشر دراسة, في صفحة التكنولوجيا بصحيفة Forbes Israel بتاريخ 16/2/2014, عن تاريخ وجود الجمل في منطقة الشام إذ قال عالما الآثار, دكتور/ليدر سافير, ودكتور/ أريز بن يوسي, من جامعة تل أبيب إن إبراهيم, عليه السلام لم يركب الجمل في حياته لا هو ولا أبناه إسحاق ويعقوب! ويعللان ذلك بأن الجمل لم يكن موجودًا في منطقة الشام قبل سنة 900 ق.م. في حين يحدد زمن إبراهيم عليه السلام في حدود سنة 1850 ق.م. وكان البحث يحاول التوصل إلى حقيقة التخيلات اليهودية عن مسيرة بني إسرائيل في الصحراء في حقبة التيه بل قبلها حين هاجر إبراهيم وأهله من شمال (بين النهرين) إلى كنعان قديمًا تلك التخيلات التي تتسيّدها صور قوافل الجمال محمّلة بأغراض المهاجرين في ذلك الزمن السحيق!
وما لفت انتباهي هو أن هذه النتائج تنافي ما ذكر عن الجمل في التوراة بل في كتاب (العهد القديم) كله وتلقي بظلال الشك على الأقل على زمن تدوين التوراة!
جاء بالتوراة في قصة البحث عن زوجة لإسحاق:
(وَاخْتَارَ الْعَبْدُ عَشَرَةَ جِمَالٍ وَحَمَّلَهَا مِنْ جَمِيعِ خَيْرَاتِ مَوْلاَهُ الَّتِي فِي يَدِهِ، وَقَامَ وَانْطَلَقَ إِلَى أَرَامِ النَّهْرَيْنِ إِلَى مَدِينَةِ نَاحُورَ. وَهُنَاكَ أَنَاخَ الْجِمَالَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ عِنْدَ بِئْرِ الْمَاءِ وَقْتَ الْمَسَاءِ، فِي مَوْعِدِ خُرُوجِ الْمُسْتَقِيَاتِ مِنَ النِّسَاءِ، وَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهَ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ، أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ أَنْ تُيَسِّرَ أَمْرِي الْيَوْمَ وَتُسْدِيَ مَعْرُوفاً لِسَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ. هَا أَنَا وَاقِفٌ عِنْدَ بِئْرِ الْمَاءِ حَيْثُ تُقْبِلُ بَنَاتُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَلْيَكُنْ أَنَّ الْفَتَاةَ الَّتِي أَقُولُ لَهَا: ضَعِي جَرَّتَكِ لأَشْرَبَ مِنْهَا، فَتُجِيبُ: اشْرَبْ وَأَنَا أَسْقِي جِمَالَكَ أَيْضاً، تَكُونُ هِيَ الَّتِي اخْتَرْتَهَا لِعَبْدِكَ إِسْحقَ. وَبِذَلِكَ أُدْرِكُ أَنَّكَ أَسْدَيْتَ مَعْرُوفاً لِسَيِّدِي». (التكوين 24 / 10 – 14) وما بعده أيضًا.
فإذا كان الباحثان يقولان إنهما توصلا إلى نفي وجود الجمل المستأنس في المنطقة في زمن إبراهيم عليه السلام, بناء على مكتشفات وأبحاث أركيولوجية عن بقايا عظام جمال على الحدود بين الإردن وفلسطين, قدر تاريخها بالوسائل الحديثة بالزمن المحدد ببعد سنة 900 ق.م, فمن أين جاءت التوراة بهذا الكلام؟ خاصة أن الجمل ذكر أكثر من 25 مرة في التوراة وحدها وأكثر من 40 مرة في أسفار الأنبياء والكتب!
وأكد الباحثان ليدر وأريز أن الفرعون (شيشنُق الأول) الذي غزا مملكة إسرائيل سنة 926 – 917 ق.م هو الذي جلب معه الجمال المستأنسة من مصر إلى أرض كنعان.
وختم الباحثان كلامهما بأن المكتشفات الآثارية يمكنها أن تغير المعتقدات من النقيض إلى النقيض حيث ينظر إلى حقبة اكتشاف الجمال واستئناسها كحقبة التطور التكنولوجي حين اخترعت الآلة خاصة السيارة لو نظرنا إلى ما حدث من قفزة قوية في التجارة باستخدام الجمال والوصول إلى أماكن بعيدة ما كانت الحمير ولا البغال لتبلغها لولا وجود الجمال؛ سفن الصحراء, كطريق البخور أو التوابل من إفريقية إلى الهند الذي حمل اسم (المرّ واللبان) الذي كان طريقًا رئيسيًا للتجارة. وهو الطريق الذي سلكته ملكة سبأ حين أتت لزيارة سليمان في بيت المقدس بالجمال المحملة بأطايب اليمن السعيد, أو الذي كان سعيدًا يومًا!!
د. سامي الإمام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق