هى إليْشَبَاع ( אלישבע في التوراة), واليزابث ( Ἐλισάβετ في اليونانية)
هى زوجة زكريا (الكاهن) وأم يوحنان المُعَمِّد (المعمدان في المصادر المسيحية). وكانت تجمعها قرابة عائلية بمريم عليها السلام (راجع لوقا 1:36), فكانتا ابنتا خالة (أمها سوفا, وأم مريم حنا كانتا أختين).
كان زكريا (الكاهن) وزوجته (إليْشَبَاع/اليصابات/اليزابث), صِدِّيقين لكنهما كانا عاقرين, لم ينجبا أولادًا, وطاعنان في السن.
وذات يوم عند إصعاد زكريا (الكاهن) البخور في بيت المقدس, وهى مهمة الكهنة, على المذبح الذهبي, المخصص لإحراق البخور, ظهر له الملك (جبريل عليه السلام) وبشَّره بغلام يدعى (يوحنان/يوحنا/يحي) وهو أي هذا الولد يوحنا سيبشر بمجيء المسيح (راجع لوقا 1: 12 – 17)
علمت مريم, عليها السلام, بخبر حمل إليْشَبَاع زوجة زكريا (الكاهن), وابنة خالتها, التي كانت طاعنة في السن كما ذكرنا وعاقرًا, وتحكي القصة أن الجنين قفز في بطن أمه وكأنه استشعر شرف قدره واستبشر خيرًا (لوقا 1: 41 - 42), وهو ما جعل إليْشَبَاع تمتليء بروح القداسة وتبارك مريم عليهما السلام بقولها (مباركة أنت بين النساء, ومبارك منْ في بطنك), وأنشدت ترنيمتها التي تتكرر إلى يومنا هذا في الكنائس بنصّها التالي:
(عظم نفسي الرب* وتبتهج روحي بالله مخلصي* لأنه نظر إلى اتضاع أمته فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوّبني* لأن القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس* ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه* صنع قوة بذراعه شتت المستكبرين بفكر قلوبهم* أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين* أشبع الجياع خيرات وصرف الأغنياء فارغين* عضد إسرائيل فتاه! ليذكر رحمة* كما كلم أباءنا لإبراهيم ونسله إلى الأبد*).
وحين ولدت إليْشَبَاع مولودها (يوحنا) اضطرت للاختفاء به خشية من جنود هيرودس (ملك يهودا بين 74 – 4 ق.م/ كان خاضعًا لأوامر روما آنذاك) وكان أصدر أمره بقتل كل طفل تحت سن عامين, وهو ما عُرف بمذبحة الأبرياء (متى 2: 16 - 18).
وتحكي القصة معجزة أخرى في حياة إليْشَبَاع/الياصابات, فحين جاء جنود هيرودس إلى بيتها نادت على الجبل وطلبت منه أن يوفّر لها حماية هى ووليدها الصغير فانفتحت صخرة على الفور وآوتها وابنها خلفها. وهناك في كنيسة الزيارة (المقصود بالتسمية المكان الذي كان فيه بيت الياصابات وجاءت إليه مريم عليها السلام لتبارك خبر حملها), توجد صخرة يعتقد المسيحيون أنها هى تلك الصخرة التي سترت الياصابات وابنها يوحنا, عن أعين جنود هيرودس.
جدير بالذكر هنا ذكر نبذة مختصرة عن تكرار الأسماء في ذلك الزمن فكانت الأسماء تتكرر وكانت هذه من عادة أبناء القبائل الإسرائيلية (بني إسرائيل) وكان الذكور يسمون في يوم ختانهم اليوم الثامن بعد ميلاد الولد على شريعة التوراة, وكانوا أحيانًا كثيرة يرفضون تسمية الولد باسم جديد غير موجود في السابقين من أبناء القبيلة, وهذا ما يذكر في الإنجيل:
(وفي اليوم الثامن جاءوا ليختنوا الصبي وسموه باسم أبيه زكريا فأجابت أمه وقالت: لا بل يسمى يوحنا فقالوا لها: ليس أحد في عشيرتك تسمى بهذا الاسم ثم أومأوا إلى أبيه ماذا يريد أن يسمَّى (الوليد)؟ فطلب لوحا وكتب قائلا اسمه يوحنا فتعجب الجميع وفي الحال انفتح فمه ولسانه وتكلم وبارك الله) إنجيل لوقا 1: 57 - 64
وهو ما يؤكده القرآن الكريم, حين أخبر عن يوحنان/ يوحنا/يحى بقول الحق تبارك وتعالى:
(يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (سورة مريم/الآية 7
فقول الله تعالى (لم نجعل له من قبل سميًا), معناه أن هذا الاسم لم يتسمّ به أحدُ من قبل, وهو ما جعل بنو إسرائيل يرفضون التسمية كما بيّن الإنجيل, فاقترحوا أن يسمى (زكريا) على اسم أبيه! وعلى عادة شاعت, لكن الأم اعترضت قائلة (بل يسمى يوحنا)! وأكد الأب على التسمية فكان ما أراد الله.
والمدقق في معنى هذا الحدث – وحسب القرآن الكريم - يفهم أن الله تعالى هو الذي أسماه (يحي), لعلمه بظروف القتل التي تنتظره! وتحديًا منه تعالى, فنجا من جنود هيرودس, بمعجزة الجبل والصخرة, وعاش حياته ثم مات شهيدًا, فهو ميت في نظر البشر لكن عند الله تعالى ليس الأمر كذلك إذ يقول في الشهداء: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ سورة آل عمران/الآية 169 ليصدق قول الله تعالى في تسميته بهذا الاسم.
وتحيلنا قصة تكرار الأسماء, وتفاؤل الناس قديمًا بتسمية أبنائهم بأسماء الأنبياء والصديقين والكهنة والملوك الذين سبقوا, إلى ما يحدثه تطابق أسماء عمران, ومريم, وما تثيره عبارة (يا أخت هارون) في القرآن الكريم من بلبلة عند البعض, وما يجعل بعض آخر يتطاول دون دليل أو حجّة!
فربما أكون أزحت جزءًا من الستار الحاجب لحقيقة ذلك بأدلة من الإنجيل يؤكدها القرآن الكريم.
وللمنشور بقيّة هى تحت الإنجاز
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية
كلية اللغات والترجمة/جاامعة الأزهر.
هى زوجة زكريا (الكاهن) وأم يوحنان المُعَمِّد (المعمدان في المصادر المسيحية). وكانت تجمعها قرابة عائلية بمريم عليها السلام (راجع لوقا 1:36), فكانتا ابنتا خالة (أمها سوفا, وأم مريم حنا كانتا أختين).
كان زكريا (الكاهن) وزوجته (إليْشَبَاع/اليصابات/اليزابث), صِدِّيقين لكنهما كانا عاقرين, لم ينجبا أولادًا, وطاعنان في السن.
وذات يوم عند إصعاد زكريا (الكاهن) البخور في بيت المقدس, وهى مهمة الكهنة, على المذبح الذهبي, المخصص لإحراق البخور, ظهر له الملك (جبريل عليه السلام) وبشَّره بغلام يدعى (يوحنان/يوحنا/يحي) وهو أي هذا الولد يوحنا سيبشر بمجيء المسيح (راجع لوقا 1: 12 – 17)
علمت مريم, عليها السلام, بخبر حمل إليْشَبَاع زوجة زكريا (الكاهن), وابنة خالتها, التي كانت طاعنة في السن كما ذكرنا وعاقرًا, وتحكي القصة أن الجنين قفز في بطن أمه وكأنه استشعر شرف قدره واستبشر خيرًا (لوقا 1: 41 - 42), وهو ما جعل إليْشَبَاع تمتليء بروح القداسة وتبارك مريم عليهما السلام بقولها (مباركة أنت بين النساء, ومبارك منْ في بطنك), وأنشدت ترنيمتها التي تتكرر إلى يومنا هذا في الكنائس بنصّها التالي:
(عظم نفسي الرب* وتبتهج روحي بالله مخلصي* لأنه نظر إلى اتضاع أمته فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوّبني* لأن القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس* ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه* صنع قوة بذراعه شتت المستكبرين بفكر قلوبهم* أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين* أشبع الجياع خيرات وصرف الأغنياء فارغين* عضد إسرائيل فتاه! ليذكر رحمة* كما كلم أباءنا لإبراهيم ونسله إلى الأبد*).
وحين ولدت إليْشَبَاع مولودها (يوحنا) اضطرت للاختفاء به خشية من جنود هيرودس (ملك يهودا بين 74 – 4 ق.م/ كان خاضعًا لأوامر روما آنذاك) وكان أصدر أمره بقتل كل طفل تحت سن عامين, وهو ما عُرف بمذبحة الأبرياء (متى 2: 16 - 18).
وتحكي القصة معجزة أخرى في حياة إليْشَبَاع/الياصابات, فحين جاء جنود هيرودس إلى بيتها نادت على الجبل وطلبت منه أن يوفّر لها حماية هى ووليدها الصغير فانفتحت صخرة على الفور وآوتها وابنها خلفها. وهناك في كنيسة الزيارة (المقصود بالتسمية المكان الذي كان فيه بيت الياصابات وجاءت إليه مريم عليها السلام لتبارك خبر حملها), توجد صخرة يعتقد المسيحيون أنها هى تلك الصخرة التي سترت الياصابات وابنها يوحنا, عن أعين جنود هيرودس.
جدير بالذكر هنا ذكر نبذة مختصرة عن تكرار الأسماء في ذلك الزمن فكانت الأسماء تتكرر وكانت هذه من عادة أبناء القبائل الإسرائيلية (بني إسرائيل) وكان الذكور يسمون في يوم ختانهم اليوم الثامن بعد ميلاد الولد على شريعة التوراة, وكانوا أحيانًا كثيرة يرفضون تسمية الولد باسم جديد غير موجود في السابقين من أبناء القبيلة, وهذا ما يذكر في الإنجيل:
(وفي اليوم الثامن جاءوا ليختنوا الصبي وسموه باسم أبيه زكريا فأجابت أمه وقالت: لا بل يسمى يوحنا فقالوا لها: ليس أحد في عشيرتك تسمى بهذا الاسم ثم أومأوا إلى أبيه ماذا يريد أن يسمَّى (الوليد)؟ فطلب لوحا وكتب قائلا اسمه يوحنا فتعجب الجميع وفي الحال انفتح فمه ولسانه وتكلم وبارك الله) إنجيل لوقا 1: 57 - 64
وهو ما يؤكده القرآن الكريم, حين أخبر عن يوحنان/ يوحنا/يحى بقول الحق تبارك وتعالى:
(يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (سورة مريم/الآية 7
فقول الله تعالى (لم نجعل له من قبل سميًا), معناه أن هذا الاسم لم يتسمّ به أحدُ من قبل, وهو ما جعل بنو إسرائيل يرفضون التسمية كما بيّن الإنجيل, فاقترحوا أن يسمى (زكريا) على اسم أبيه! وعلى عادة شاعت, لكن الأم اعترضت قائلة (بل يسمى يوحنا)! وأكد الأب على التسمية فكان ما أراد الله.
والمدقق في معنى هذا الحدث – وحسب القرآن الكريم - يفهم أن الله تعالى هو الذي أسماه (يحي), لعلمه بظروف القتل التي تنتظره! وتحديًا منه تعالى, فنجا من جنود هيرودس, بمعجزة الجبل والصخرة, وعاش حياته ثم مات شهيدًا, فهو ميت في نظر البشر لكن عند الله تعالى ليس الأمر كذلك إذ يقول في الشهداء: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ سورة آل عمران/الآية 169 ليصدق قول الله تعالى في تسميته بهذا الاسم.
وتحيلنا قصة تكرار الأسماء, وتفاؤل الناس قديمًا بتسمية أبنائهم بأسماء الأنبياء والصديقين والكهنة والملوك الذين سبقوا, إلى ما يحدثه تطابق أسماء عمران, ومريم, وما تثيره عبارة (يا أخت هارون) في القرآن الكريم من بلبلة عند البعض, وما يجعل بعض آخر يتطاول دون دليل أو حجّة!
فربما أكون أزحت جزءًا من الستار الحاجب لحقيقة ذلك بأدلة من الإنجيل يؤكدها القرآن الكريم.
وللمنشور بقيّة هى تحت الإنجاز
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية
كلية اللغات والترجمة/جاامعة الأزهر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق