الاثنين، 3 أبريل 2017

موسى هو كاهن مصري اسمه أوسرسيف (في مدونات مانيتون)!******* وزعيم ثورة للمجذومين والمصروعين ضد قرارات الملك .

 جاء في الحكاية . . .
قرر الملك "أمنوفيس" (هو ابن تحتمس الثالث على ما أظن)! ذات يوم أن يرى بأم عينية الآلهة. فاستدعى أحد حكماء المملكة وسأله كيف يستطيع أن يحقق مراده؟ أجابه الحكيم: أنه يستطيع أن يرى الآلهة إذا طهَّر مصر من المصابين بالبرص والجذام, ومن بعض النجسين الآخرين! وعلى الفور اتخذ الملك تدابيره : فجمع كل أصحاب العاهات وحاملي المرض في مصر, وطردهم إلى منطقة المحاجر التي كانت تقع, آنذاك, شرقي نهر النيل؛ حتى يعملوا هناك بالسخرة وينعزلوا عن بقية المصريين.

وحينما شاهد الحكيم صنيع الملك, القاسي الذي نتج عن مشورته التي أبداها له, خاف من غضب الآلهة ومن النتائج المدمرة التي ستعقب هذا العمل, فقرر الانتحار!
اشتغل المصابون بالجذام أيامًا طويلة في المحاجر, وبعد جهد جهيد استجاب الملك "أمنوفيس" لتوسلاتهم وخصص لهم بيوتًا في المدينة القاصية "أواريس". وبمجرد مجيئهم إلى تلك المدينة نصَّبوا عليهم كاهنًا مصريًا من هليوبولس, اسمه "أوسرسيف", وأقسموا أن يطيعوه في كل شيء.
كلّف "اوسرسيف" المرضى بالجذام والصرع بمجموعة من الوصايا, جميعها تتعارض مع التشريعات المصرية. من بينها تحريم أكل الحيوانات التي كانت مقدّسة لدى المصريين, بل أمرهم بقتلها إذا هم صادفوها في أي مكان.
وفي مرحلة ما بعد ذلك أرسل رسلا إلى الهيكسوس- وهم قبيلة من الرعاة الذين طُردوا من مصر على يد الفراعنة وعاشوا في تلك الحقبة في مدينة تسمى أورشليم – ودعاهم للانضمام إلى المجذومين وإلحاق الهزيمة بفرعون. و بعد أن نصَّب نفسه ملكًا على الرعاة والمصابين بالجذام والبرص, غير "أوسرسيف" اسمه إلى "موسى"!.
هذه القصة تبدو غريبة منكرة بالنسبة لمن لم يسمع منذ طفولته غير قصة العبودية. أما من كتبها فهو الكاهن المصري "مانيتون"!, الذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد, وبناها فيما يبدو على مدوّنات قديمة بالخط الهيروغليفي عُثر عليها محفوظة في معابد المصريين القدماء.
ويمكننا بدرجة كبيرة أن نرى في قصة المجذومين المستعبدين وزعيمهم "أوسرسيف" الطبعة المصرية لقصة الخروج من مصر.
ويستطرد "مانيتون" في قصته فيقول: إن الجيش المشترك من المجذومين والرعاة من أورشليم, استولى على مملكة النيل, وحطّم تماثيل الآلهة وعامل سكان المملكة بقسوة شديدة. ولم يغادروا المملكة إلا بعد أن جرّد فرعون جيشًا ضخمًا وطردهم إلى جهة الشمال.
فهل كان موسى كاهنًا مصريًا؟ تزعَّم تمردًا أو ثورة ضد بلده؛ مصر؟
هذه النظرية وجدت طريقها إلى العقول مرات عدّة لدى مؤلفين كثر من الحقبة اليونانية وحتى القرن العشرين. ومن بين ما يؤيدها تكرار ظهور الاسم "موسى" في المصادر المصرية القديمة, والذي كان شائعًا بين طبقة النخبة من المصريين. وللأسف فإن كتاب مانيتون لم يحفظ, وقصة (موسى – أوسرسيف) وصلت إلينا فقط بفضل المؤرخ اليهودي يوسيفوس فلابيوس, الذي اقتبسها في كتابه "ضد أفيون" (أفيون عاش ما بين 25 ق.م إلى 50 ميلادي, وكان يقلِّب السكندريين على كراهية اليهود )!
يختلف الباحثون المعاصرون في الرأي حول هل نصّ "مانيتون" عن نشأة جماعة إسرائيل هو بالفعل تحريف للقصة التوراتية عن خروج مصر؟, أم أنها تعتمد على خلفيات تاريخية معينة حفظت بمصر ووصلت إليهم؛ فيزعم باحث المصريات "يان أسمان" في كتابه "موسى المصري" أن قصة مانيتون ترجع إلى تراث تقليدي متبقي من حدثين جللين في التاريخ المصري القديم :
الأول: ثورة أخناتون الدينية التي حاول فيها تحريم عبادة الأوثان وتأسيس عقيدة توحيدية يكون إله الشمس "أتون" هو مركزها.
والثاني: احتلال مصر من قبل الرعاة الساميين/الهيكسوس. ويزعم أن قصة الخروج من مصر كما تبدو في التوراة تتضمن الفكرة نفسها؛ سيطرة البدو الرحالة وطردهم, التي ميزت سمة الحياة في كنعان, ووجدت تجسيدًا لها في التوراة.
إن قصة مانيتون سواءً أكانت حقيقة أم كذبًا, عن قصة خروج مصر هى إحدى أوائل النظريات والأساطير التي لا تعدّ ولا تُحصى حول قصة التوراة على مرّ الأجيال. وجميعها تحاول كشف غموض القصة, خاصة شخصيّة موسى نفسه!
موسى يتزوج أميرة إثيوبيا!
************************
ينفي يوسيفوس فلابيوس قصة مانيتون وثورة المجذومين, لكنه يأتي هو نفسه بقصة غريبة. فيحكي عن فصل من حياة موسى في كتابه "تاريخ اليهود", لم يحظ بالنشر بقدر كاف من قبل على حد قوله. فكما هو معروف فإن سفر الخروج لم يتضمن شيئًا عن حياة موسى منذ انتشل في طفولته من ماء النهر على يد ابنة فرعون, وحتى عاين معاناة بني جلدته وقتل المصري الذي تشاجر مع الإسرائيلي. والجديد هو ما أتى به فلابيوس :
فيحكي أن موسى كبر في قصر فرعون, وحين بلغ سن الرشد عُين قائدًا للجيش المصري, وقاد جيوش مصر في حربها ضد الأعداء الأثيوبيين! وكانت معركة صعبة!
ولكي يُضلّل موسى أعداءه الاثيوبيين سلك بالجيش طريقًا غير متوقعة عبر الصحراء, ولكن هناك كان عليه أن يشتبك مع عدو غير متوقع! : حيّات طائرة!, كانت على حدّ زعم يوسيفوس تخرج من بين تراب الأرض. غير إن موسى تمكن من الاهتداء إلى طريقة بارعة للتغلب على هذه العقبة !
أصدر موسى تعليماته بصناعة سلال وأدخل فيها الطيور المسماة في مصر أفيس (أبو منجل), وأطلق طيور أبو منجل على وجه الصحراء, حيث استطاعت صيد الحيات الطائرة وأخلت الطريق لجيش مصر بقيادة موسى.
حين وصل الجيش المصري إلى "شبا" عاصمة أثيوبيا, واجهت موسى مشكلة أخرى: كانت العاصمة محاطة بسور وتقع على جزيرة في وسط مياه النيل. كان المصريون مضطرون للانسحاب, لولا عملية خيانة وقعت من الجانب الاثيوبي!
ابنة ملك اثيوبيا "تربيس" شاهدت موسى من أعلى السور وأحبته حبًا شديدًا. فأرسلت إليه أحد خدمها اقترح عليه اقتراحًا : أن تُسلّم المدينة لموسى على شرط أن يتزوج الأميرة الاثيوبية!
فوافق موسى على الفور وبارك الاقتراح ونُفذ مُراد الأميرة فسُلمت المدينة دون إراقة قطرة دم واحدة, وعاد موسى إلى مصر مع زوجته الاثيوبية.
يرى باحثا "العهد القديم" يا ئير زاقوفيتش, وأفيجدور شنآن, أن هذه القصص قد تكون مفيدة وتتضمن جزءًا من الحقيقة حين الحديث عن مغامرات موسى وهو في بيت فرعون, لكن كتّبة التوراة أخفوها لأنها تظهر جانبًا من تعاون موسى مع المصريين!!
د. سامي الإمام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق