تعد الوصايا بمثابة شريعة الله التي أراد أن تكون هى الحاكمة للعلاقة بينه وبين شعبه, بني إسرائيل, الذي اختاره آنذاك من بين شعوب كثيرة حولهم كانت غارقة في الوثنية والشرك. وأنها ستكون منهاج حياتهم ترسم العلاقة بين لا أقول اليهودي وأخيه اليهودي بل بين الإنسان وأخيه الإنسان فقد أعطيت لأجل تعليم الجميع وحكم الجميع, وهو ما نفهمه من جوهرها ومضامينها السامية.
ولما كان الله على علم بطبيعة شعبه ذاك بماديته وتمرده, فقد قال لموسى :
(ها أنا آت إليك في ظلام السحاب لكي يسمع الشعب حينما أتكلم معك فيؤمنوا بك أيضًا إلى الأبد). وأراد الرب بذلك أن تتبدّى قوته أمام هذا الشعب وإكرامه لنبيه بإنزال الوصايا في حضرتهم أسفل الجبل.
أمر موسى عليه السلام بالنزول من الجبل إلى أسفله حيث كان بنو إسرائيل ينتظرون وينظرون, وان يأمر قومه بالاستعداد والتهيؤ لهذا الموقف المهيب, بالاغتسال والتطهّر والصلاة والتذلل والدعاء. وأشار عليهم موسى أيضًا بضرورة عمل سياج كحدود للجبل لكي لا يتعدّاها أحد منهم أو من بهائمهم التي معهم لأن الجبل نطاق مقدّس من يتعدّاه كان جزاؤه الموت ولم لا فهى منطقة حرم للرب.
في صبيحة اليوم التالي اتجهت أنظار الشعب إلى الجبل الذي وصفه موسى آنذاك بما يلي:
(كان جبل سيناء كله يدخن من أجل أن الرب نزل عليه بالنار, وصعد دخانه كدخان الأتون وارتجف الجبل بشدّة, وكان مجد الرب كنار آكلة على رأس الجبل).
وكان صوت بروق ورعود قويّة تردد صداها الجبال المحيطة وكان ذلك علامة حضور الرب أمام جماعة بني إسرائيل فسقطوا على وجوههم أمام مظاهر قدرة الرب وعظمته.
وأبلغهم موسى رسالة من الرب تحمل تذكيرًا وتحذيرًا, وتبشيرًا بمكانة رفيعة عنده:
(لقدعاينتم بأَنفسكم ما أجريته على مصر، وكيف حملتكم على أجنحة النّسور وجئت بكم إلي. لذلكَ إن أطعتم عهدي، تكونوا لي ملكا خاصا من بين جميع الشعوب، لأن لي كل الأرض. وتكونونَ لي مملكة كهنة وأمّة مقدَّسة. هذا هو الكلام الذي تخاطبُ به بنِي إسرائيل).
ذكرهم الرب بعقابه الذي أنزله بمصر؛ الضربات العشر, بسبب تعنّت فرعون في إطلاق سراحهم من عبودية قاسية والسماح لرسوله موسى عليه السلام بالخروج بشعبه من هذا الهوان, وكيف يسّر لهم الرب بقدرته وسلطانه الخروج وكأنه حملهم على أجنحة نسور في الهواء من عقر دار العبودية إلى مكان متسع رحب تمهيدًا للوصول إلى مرفأ النجاة, وتوريثهم أرضًا مقدسة. ووعدهم إن هم أطاعوا عهده سيكونون ملكًا خاصًا له دون بقية الشعوب. وحذرهم من مغبّة العصيان وعدم طاعة شريعته ومخالفة وصاياه.
فلما قرأ موسى عليه السلام على شعبه رسالة الرب ردّوا بقولهم: (كل ما تكلّم به الرب نفعل).
وبمجرد إجابتهم على الرسالة بهذا الرد دخلوا في عهد مع الرب, ووجب أن يحافظوا عليه ويستمسكوا به. ونقرأ الوصايا:
(أنا الرب الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية).
فالرب يعلن عن نفسه بمخاطبتهم في هذا المكان الجديد فهو الذي بقوته أخرجهم من مصر وفتح لهم طريقًا في وسط البحر ليعبروا عليه إلى الجانب الآخر وهو الذي أغرق فرعون وجنوده, مبرهنًا بذلك على أنه حقيق بالعبادة وأنه أعظم من جميع آلهة مصر!
لقد كان بنو إسرائيل ينتظرون أن يحصلوا على حريتهم بدون أن يختبر إيمانهم وبدون أن يصيبهم أي ضيق أو شدّة, وكان إيمانهم ضعيفًا ولم يكونوا راغبين في احتمال مشقاتهم ومعاناتهم في الحياة بصبر إلى أن يجيء الوقت المناسب ليعمل الرب لأجلهم وكان كثيرون منهم قانعين بالبقاء في عبودية مصر مفضلين ذلك على احتمال المتاعب التي يتطلبها النزوح إلى أرض غريبة, كنعان, وترك أرض محببة إليهم رم ما بها من متاعب وعناء, وقد أصبحت عاداتهم تقريبًا شبيهة بعادات المصريين في كل شي بحيث فضلوا البقاء بمصر! وتحول كثير من بني إسرائيل إلى حال رديئة من الفساد لدرجة لم يرغبوا معها في الرحيل عن مصر (وهو ما سيأتي فيما بعد تفصيله).
لكن ها هو يخاطبهم الآن في هذا الموقف وعن قرب يعلن شريعته وشروطه.
إن الوصايا العشر التي هى مقدمة الوصايا وصلبها المختصر والشامل تشمل واجبات الإنسان نحو الله في المقام الأول ونحو اخوته من بني الإنسان في المقام التالي وهى مبنية على مبدأ المحبة لله أولا ثم لبني الإنسان:
(تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك), (وتحب لأخيك كنفسك).
يتبع تسليم الوصايا
د. سامي الإمام
ولما كان الله على علم بطبيعة شعبه ذاك بماديته وتمرده, فقد قال لموسى :
(ها أنا آت إليك في ظلام السحاب لكي يسمع الشعب حينما أتكلم معك فيؤمنوا بك أيضًا إلى الأبد). وأراد الرب بذلك أن تتبدّى قوته أمام هذا الشعب وإكرامه لنبيه بإنزال الوصايا في حضرتهم أسفل الجبل.
أمر موسى عليه السلام بالنزول من الجبل إلى أسفله حيث كان بنو إسرائيل ينتظرون وينظرون, وان يأمر قومه بالاستعداد والتهيؤ لهذا الموقف المهيب, بالاغتسال والتطهّر والصلاة والتذلل والدعاء. وأشار عليهم موسى أيضًا بضرورة عمل سياج كحدود للجبل لكي لا يتعدّاها أحد منهم أو من بهائمهم التي معهم لأن الجبل نطاق مقدّس من يتعدّاه كان جزاؤه الموت ولم لا فهى منطقة حرم للرب.
في صبيحة اليوم التالي اتجهت أنظار الشعب إلى الجبل الذي وصفه موسى آنذاك بما يلي:
(كان جبل سيناء كله يدخن من أجل أن الرب نزل عليه بالنار, وصعد دخانه كدخان الأتون وارتجف الجبل بشدّة, وكان مجد الرب كنار آكلة على رأس الجبل).
وكان صوت بروق ورعود قويّة تردد صداها الجبال المحيطة وكان ذلك علامة حضور الرب أمام جماعة بني إسرائيل فسقطوا على وجوههم أمام مظاهر قدرة الرب وعظمته.
وأبلغهم موسى رسالة من الرب تحمل تذكيرًا وتحذيرًا, وتبشيرًا بمكانة رفيعة عنده:
(لقدعاينتم بأَنفسكم ما أجريته على مصر، وكيف حملتكم على أجنحة النّسور وجئت بكم إلي. لذلكَ إن أطعتم عهدي، تكونوا لي ملكا خاصا من بين جميع الشعوب، لأن لي كل الأرض. وتكونونَ لي مملكة كهنة وأمّة مقدَّسة. هذا هو الكلام الذي تخاطبُ به بنِي إسرائيل).
ذكرهم الرب بعقابه الذي أنزله بمصر؛ الضربات العشر, بسبب تعنّت فرعون في إطلاق سراحهم من عبودية قاسية والسماح لرسوله موسى عليه السلام بالخروج بشعبه من هذا الهوان, وكيف يسّر لهم الرب بقدرته وسلطانه الخروج وكأنه حملهم على أجنحة نسور في الهواء من عقر دار العبودية إلى مكان متسع رحب تمهيدًا للوصول إلى مرفأ النجاة, وتوريثهم أرضًا مقدسة. ووعدهم إن هم أطاعوا عهده سيكونون ملكًا خاصًا له دون بقية الشعوب. وحذرهم من مغبّة العصيان وعدم طاعة شريعته ومخالفة وصاياه.
فلما قرأ موسى عليه السلام على شعبه رسالة الرب ردّوا بقولهم: (كل ما تكلّم به الرب نفعل).
وبمجرد إجابتهم على الرسالة بهذا الرد دخلوا في عهد مع الرب, ووجب أن يحافظوا عليه ويستمسكوا به. ونقرأ الوصايا:
(أنا الرب الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية).
فالرب يعلن عن نفسه بمخاطبتهم في هذا المكان الجديد فهو الذي بقوته أخرجهم من مصر وفتح لهم طريقًا في وسط البحر ليعبروا عليه إلى الجانب الآخر وهو الذي أغرق فرعون وجنوده, مبرهنًا بذلك على أنه حقيق بالعبادة وأنه أعظم من جميع آلهة مصر!
لقد كان بنو إسرائيل ينتظرون أن يحصلوا على حريتهم بدون أن يختبر إيمانهم وبدون أن يصيبهم أي ضيق أو شدّة, وكان إيمانهم ضعيفًا ولم يكونوا راغبين في احتمال مشقاتهم ومعاناتهم في الحياة بصبر إلى أن يجيء الوقت المناسب ليعمل الرب لأجلهم وكان كثيرون منهم قانعين بالبقاء في عبودية مصر مفضلين ذلك على احتمال المتاعب التي يتطلبها النزوح إلى أرض غريبة, كنعان, وترك أرض محببة إليهم رم ما بها من متاعب وعناء, وقد أصبحت عاداتهم تقريبًا شبيهة بعادات المصريين في كل شي بحيث فضلوا البقاء بمصر! وتحول كثير من بني إسرائيل إلى حال رديئة من الفساد لدرجة لم يرغبوا معها في الرحيل عن مصر (وهو ما سيأتي فيما بعد تفصيله).
لكن ها هو يخاطبهم الآن في هذا الموقف وعن قرب يعلن شريعته وشروطه.
إن الوصايا العشر التي هى مقدمة الوصايا وصلبها المختصر والشامل تشمل واجبات الإنسان نحو الله في المقام الأول ونحو اخوته من بني الإنسان في المقام التالي وهى مبنية على مبدأ المحبة لله أولا ثم لبني الإنسان:
(تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك), (وتحب لأخيك كنفسك).
يتبع تسليم الوصايا
د. سامي الإمام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق