الجمعة، 28 أبريل 2017

في واحة الجمعة - قصة الملك الذي كان راعيًا!

أقرأها كلما قابلت متكبرًا في الحياة! أو من ارتقى منصبًا عاليًا, ونسي ماضيه!
"المال زائل . . والسلطان زائل . . والوجوه سيتقاتل عليها الدود!"

يحكى أن راعيًا للغنم, فقيرًا معدمًا, آل إليه الحكم في مملكة من الممالك, وكان منشغلا بأمور رعيته حريصًا على إقامة العدل بينهم, الضعيف عنده قوي بسلطان الملك, يأخذ حقه من القوي, والقوي عنده ضعيف بسلطان الملك يؤخذ الحق منه, وأصبحت الحياة في مملكته مضرب المثل بين الممالك المجاورة. كان الملك الراعي يخلو إلى نفسه كل يوم لمدة ساعة يصعد فيها إلى عليّة (حُجَيرة صغيرة بالسطح) بقصره, ثم ينزل لمتابعة أمور مملكته. وكان عمال القصر وموظفوه يتعجبون من سلوك الملك هذا, ولم يجرؤ أحد على اقتحام عليته, طيلة سني حكمه, ليطلع على ما بها. ولما مات الملك أراد العمال والموظفون أن يعرفوا ما بداخل حجيرة الملك فلما هموا بذلك أشار أحدهم عليهم بأن يستأذنوا ابنه في ذلك, فقال لهم : 
هيا نصعد سويًا لنرى ما بالعليَّة, ولماذا كان الملك يختلي بنفسه فيها.
صعدوا إلى عليّة قصر الملك وفتح ابنه الباب وإذا بالعليّة خالية إلا من شيئين : عصا, وأسمال بالية!
فسألوا الابن : ما هذا ؟
قال لهم : الحقيقة أن أبي كان أسرّ إلىّ بما كان يصنعه في هذه العليّة كل يوم حين يختلي بنفسه فيها. لقد احتفظ أبي بعصا الرعي التي كان يستعملها لغنمه, وكذا أسماله التي كان يرتديها أثناء رعي الغنم, وكان يقضي ساعته اليومية يتذكر ماضيه كي لا ينسى أنه في الأصل راعي غنم وكي لا يستدرجه رغد العيش في قصره إلى سلوك وتصرفات تسيء إلى أصله الذي جعله يشعر ببسطاء الناس, ويحكم بينهم بالعدل الذي هو أساس الملك. 
وجدير بالتذكير قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم, في وصف الدنيا بما فيها, خاصة دعاوى الجاهلية والعصبية القبليَّة :
"دعوها فإنها مُنْتِنَةُ".
فالمال زائل..... 
والسلطان زائل......
والوجوه سيتقاتل عليها الدود ......
فهل نُعمل العقل ؟؟ 
قصة الملك كنت قرأتها منذ سنوات عدة فأرجو ألا أكون نسيت شيئًا من تفاصيلها, وحسبنا المضمون الذي نحتاج إليه اليوم أشدّ الاحتياج.
سامي الإمام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق