*****************************************
يصور الرب فريقي بني إسرائيل وانقسامهم إلى طائعين لقدر السبي والشتات, وهؤلاء سيعتني بهم الرب, وعاصين لم يستسلموا لقدر السبي, وهؤلاء سيوقعهم في الضيق والعذاب, في رؤيا سلّتي التّين الجيد والرديء للنبي إرميا, التالية :
"أراني الرب في رؤيا سلّتي تين موضوعتين أمام هيكل الرب. وكان في إحدى السّلّتين تين جيد كالتين الباكوري، وفي الأُخرى تين رديء تعاف النفس أكله من فرط رداءته.
فقال لي الرب: ماذا ترى يا إرميا؟
فأَجبت: تينًا: الجيّد منه يمتاز بجودته، والرّديء منه تعافه النفس لفرط رداءته».
فقال الرب لي : هذا ما يعلنه الرب إله إسرائيل: سأعتني بالمسبيّين من يهوذا الذين أجليتهم لخيرهم عن هذا الموضع إلى أرض الكلدانيّين، كمثل هذا التين الجيد. وسأَرعاهم بعينيّ لخيرهم، وأَردّهم إلى هذه الأَرض، وأبنيهم ولا أهدمهم، وأغرسهم ولا أستأْصلهم. وأهبهم قلبًا ليعرفوا أني أنا الرب، فيكونوا لي شعبًا وأكون لهم إلهًا، لأنهم يرجعون إلىّ من كل قلوبهم.
أما ملك يهوذا وعظماؤه وسائر أهل أُورشليم الذين مكثوا في هذه الأَرض والّذين نزحوا إلى ديار مصر، فإني أَجعلهم مثْل هذا التين الرّديء الذي تعاف النفس أكله لفرط رداءته. وأُوقعهم في الضيق والشّر في جميع ممالك الأَرض، وأَجعلهم عارًا وعبرة وأُحدوثة ولعنة في جميع الأَماكن التي أُجليهم إليها. وأُعرضهم للسّيف والجوع والوباء".
يتضح هنا بجلاء أن كثيرًا أو بعضًا من اليهود نزحوا من يهودا إلى مصر, أرض العبودية! (أي لم ينصاعوا لقدر السبي إلى بابل) وهم الذين أخبر الرب عنهم في الآيات السابقة أنه سيجعلهم مثل التين الرديء, وسيوقعهم في الضيق ويعرضهم للقتل والجوع والمرض!
بل أكثر من هذا ينبه الرب بني إسرائيل على ضرورة الاندماج في بلاد الشتات والمحافظة على سلامها, وعلى إقامة الشريعة وتنفيذ الوصايا, وطاعة الرب, فنقرأ :
"هذا ما يعلنه الرب القدير إله إسرائيل لكل المسبيين الذين أجليتهم من أُورشليم إلى بابل. ابنوا بيوتًا وأقيموا فيها. اغرسوا بساتين وكلوا من نتاجها. تزوجوا وأَنجبوا بنين وبنات، واتخذُوا نساءً لأَبنائكم وزوجوا بناتكم، وليلدن أَبناء وبنات. وتكاثروا هناك، ولا تتناقصوا، والتمسوا سلام المدينة التي سبيتكم إليها، وصلوا من أجلها إلى الرب لأَن سلامكم يتوقف على سلامها... لأني عرفت ما رسمته لكم. إنها خطط سلام لا شرٍ لأَمنحكم مستقبلا ورجاءً. فتدعونني وتقبلون، وتصلون إلي فأستجيب لكم، وتلتمسونني فتجدونني إذ تطلبونني بكل قلوبكم. وحين تجدونني أردّ سبيكم، وأجمعكم من بين جميع الأُمم ومن جميع الأماكن التي شتتكم إليها" .سفر إرميا 29 : 4 – 14
والمتتبع لسيرة اليهود وتاريخهم يجد سلوكهم عكس ما أمرهم به الله تمامًا فكانوا يخونون البلاد التي سكنوا فيها عبر التاريخ, ويحتقرون أصحابها, بل يعدونهم كفارًا تارة, وحيوانات تارة أخرى.
ولننظر ماذا فعلوا مع سيدنا محمد صلى الله عليه في المدينة ..
أما عن نص القرآن الكريم :
"ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم" سورة المائدة/الآية 21
فكان وعدًا مشروطًا بالطاعة والإيمان بشريعة موسى والسير عليها وعدم الحيد عن الوصايا وهو ما لم يتم.
وقد بدأوا العصيان والتمرد على أوامر الرب التي جاءت على لسان موسى حين أمرهم بدخول الأرض المباركة "فلسطين" وقتال العماليق فرفضوا بعد جدال عقيم مع موسى وانتهوا إلى ما سجله "القرآن الكريم" :
"وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ، يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ، قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ، قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ، قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ، قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ " سورة المائدة/الآية 20 - 26
فما كان من موسى عليه السلام إلا ترك هذه الجماعة التي اتعبته وسخرت منه وعصت أمر الله إلا أن طلب من رب العالمين ان يفرق بينه وأخوه والقوم الفاسقين.
وبذلك وبما وقع بعد ذلك من إفساد منهم أيضًا بعد دخول فلسطين على يد "يوشع بن نون", وتأسيس المملكة, ثم انقسامها إلى مملكتين شمالية, وجنوبية, وتقاتل اليهود بعضهم ببعض, وعودتهم لعبادة الأوثان, واقتراف الآثام, وغير ذلك من المعاصي, نقضوا عهد الله, فكتب الله عليهم السبي والشتات بعيدًا عن الأرض التي كان وعد بها آباءهم, وكان الأمر الإلهي التالي, في القرآن الكريم:
"ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون" سورة الأنبياء/الآية 105
فالمقصود بالزبور هنا هو التوراة والإنجيل, والذكر هو اللوح المحفوظ, ذكره الطحاوي, في "مشكل الآثار", وعن ابن عباس المقصود بالأرض هنا الأرض المقدسة. وانتقل ميراث الأرض المباركة؛ بعد ذلك لعباد الله الصالحين, وهم المسلمون المؤمنون, وهم المقصودون بميراث الأرض المباركة في الآية الكريمة.
كيفية الإعادة:
جاء في سفر "إرميا" وعد بإعادة بني إسرائيل, أو اليهود من المنافي المختلفة وبلاد الشتات التي أجلاهم إليها في أنحاء الدنيا والطريق التي حددها الرب لذلك, فنقرأ:
«ها أيام مقبلة لا يقال فيها بعد: حي هو الرب الذي أخرج شعب إسرائيل من مصر، إنما يقال : حي هو الرب الذي أَخرج شعب إسرائيل من بلاد الشمال ومن سائر الأَراضي التي سباهم إليها. لأَني سأُرجعهم ثانية إلى أرضهم التي وهبتها لآبائهم" إرميا 16 : 14 – 15
فبلاد الشمال الوارد ذكرها في الآيات السابقة هى دول أوربا المختلفة, والتعبير ببلاد الشمال يتضمن أيضًا يهود روسيا, أما يهود أمريكا فيتضمنهم التعبير بـ "ومن سائر الأَراضي التي سباهم إليها".
والآيات تبدأ بالتذكير بمعجزة إخراج بني إسرائيل من مصر, على يد موسى, عليه السلام, فالمعنى المراد إذن من الآيات هو:
سوف يأتي زمان, والوصف لحدث في المستقبل, تقولون فيه, يا بني إسرائيل:
"حي هو الرب الذي أَخرج شعب إسرائيل من بلاد الشمال ومن سائر الأَراضي التي سباهم إليها"
في إشارة إلى أن عودة بني إسرائيل إلى فلسطين, على حدّ نصوص التوراة, ستكون على يد الرب, وليست بمبادرة منهم, كما فعلت الصهيونية وبدأت مبكرًا رحلة العودة هذه بالتحالف مع قوى الاستعمار وعلى رأسهم انجلترا التي كانت تحتل فلسطين قبل صدور "إعلان بلفور", الذي كرس مقولة :
من لا يملك (الإنجليز) أعطى من لا يستحق (الصهاينة).
وهذا الفهم للنصوص هو ما جعلهم, منذ زمن بعيد, ينتظرون المسيح اليهودي المسمى في تراثهم الديني "المسيح المُخَلِّص". الذي ينتظره المؤمنون به والمعارضون للفكر الصهيوني الذي عجل بالمعجزة قبل أن يأتي نبيُّها.
وهذا الأمر الإلهي هو أيضًا الذي أوجد جماعة حراس المدينة "ناطوري كارتا" الذين يختلفون في تفكيرهم ومعتقداتهم مع الفكر الصهيوني الذي دفع باليهود لاحتلال فلسطين, مبكرًا, وهو ما يطلق عليه في التراث الديني اليهودي "التعجيل بالنهاية ".
وجماعة "ناطوري كارتا" يتعاطفون مع الفلسطينيين ضد الاحتلال وسلطاته.
د. سامي الإمام
يصور الرب فريقي بني إسرائيل وانقسامهم إلى طائعين لقدر السبي والشتات, وهؤلاء سيعتني بهم الرب, وعاصين لم يستسلموا لقدر السبي, وهؤلاء سيوقعهم في الضيق والعذاب, في رؤيا سلّتي التّين الجيد والرديء للنبي إرميا, التالية :
"أراني الرب في رؤيا سلّتي تين موضوعتين أمام هيكل الرب. وكان في إحدى السّلّتين تين جيد كالتين الباكوري، وفي الأُخرى تين رديء تعاف النفس أكله من فرط رداءته.
فقال لي الرب: ماذا ترى يا إرميا؟
فأَجبت: تينًا: الجيّد منه يمتاز بجودته، والرّديء منه تعافه النفس لفرط رداءته».
فقال الرب لي : هذا ما يعلنه الرب إله إسرائيل: سأعتني بالمسبيّين من يهوذا الذين أجليتهم لخيرهم عن هذا الموضع إلى أرض الكلدانيّين، كمثل هذا التين الجيد. وسأَرعاهم بعينيّ لخيرهم، وأَردّهم إلى هذه الأَرض، وأبنيهم ولا أهدمهم، وأغرسهم ولا أستأْصلهم. وأهبهم قلبًا ليعرفوا أني أنا الرب، فيكونوا لي شعبًا وأكون لهم إلهًا، لأنهم يرجعون إلىّ من كل قلوبهم.
أما ملك يهوذا وعظماؤه وسائر أهل أُورشليم الذين مكثوا في هذه الأَرض والّذين نزحوا إلى ديار مصر، فإني أَجعلهم مثْل هذا التين الرّديء الذي تعاف النفس أكله لفرط رداءته. وأُوقعهم في الضيق والشّر في جميع ممالك الأَرض، وأَجعلهم عارًا وعبرة وأُحدوثة ولعنة في جميع الأَماكن التي أُجليهم إليها. وأُعرضهم للسّيف والجوع والوباء".
يتضح هنا بجلاء أن كثيرًا أو بعضًا من اليهود نزحوا من يهودا إلى مصر, أرض العبودية! (أي لم ينصاعوا لقدر السبي إلى بابل) وهم الذين أخبر الرب عنهم في الآيات السابقة أنه سيجعلهم مثل التين الرديء, وسيوقعهم في الضيق ويعرضهم للقتل والجوع والمرض!
بل أكثر من هذا ينبه الرب بني إسرائيل على ضرورة الاندماج في بلاد الشتات والمحافظة على سلامها, وعلى إقامة الشريعة وتنفيذ الوصايا, وطاعة الرب, فنقرأ :
"هذا ما يعلنه الرب القدير إله إسرائيل لكل المسبيين الذين أجليتهم من أُورشليم إلى بابل. ابنوا بيوتًا وأقيموا فيها. اغرسوا بساتين وكلوا من نتاجها. تزوجوا وأَنجبوا بنين وبنات، واتخذُوا نساءً لأَبنائكم وزوجوا بناتكم، وليلدن أَبناء وبنات. وتكاثروا هناك، ولا تتناقصوا، والتمسوا سلام المدينة التي سبيتكم إليها، وصلوا من أجلها إلى الرب لأَن سلامكم يتوقف على سلامها... لأني عرفت ما رسمته لكم. إنها خطط سلام لا شرٍ لأَمنحكم مستقبلا ورجاءً. فتدعونني وتقبلون، وتصلون إلي فأستجيب لكم، وتلتمسونني فتجدونني إذ تطلبونني بكل قلوبكم. وحين تجدونني أردّ سبيكم، وأجمعكم من بين جميع الأُمم ومن جميع الأماكن التي شتتكم إليها" .سفر إرميا 29 : 4 – 14
والمتتبع لسيرة اليهود وتاريخهم يجد سلوكهم عكس ما أمرهم به الله تمامًا فكانوا يخونون البلاد التي سكنوا فيها عبر التاريخ, ويحتقرون أصحابها, بل يعدونهم كفارًا تارة, وحيوانات تارة أخرى.
ولننظر ماذا فعلوا مع سيدنا محمد صلى الله عليه في المدينة ..
أما عن نص القرآن الكريم :
"ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم" سورة المائدة/الآية 21
فكان وعدًا مشروطًا بالطاعة والإيمان بشريعة موسى والسير عليها وعدم الحيد عن الوصايا وهو ما لم يتم.
وقد بدأوا العصيان والتمرد على أوامر الرب التي جاءت على لسان موسى حين أمرهم بدخول الأرض المباركة "فلسطين" وقتال العماليق فرفضوا بعد جدال عقيم مع موسى وانتهوا إلى ما سجله "القرآن الكريم" :
"وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ، يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ، قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ، قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ، قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ، قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ " سورة المائدة/الآية 20 - 26
فما كان من موسى عليه السلام إلا ترك هذه الجماعة التي اتعبته وسخرت منه وعصت أمر الله إلا أن طلب من رب العالمين ان يفرق بينه وأخوه والقوم الفاسقين.
وبذلك وبما وقع بعد ذلك من إفساد منهم أيضًا بعد دخول فلسطين على يد "يوشع بن نون", وتأسيس المملكة, ثم انقسامها إلى مملكتين شمالية, وجنوبية, وتقاتل اليهود بعضهم ببعض, وعودتهم لعبادة الأوثان, واقتراف الآثام, وغير ذلك من المعاصي, نقضوا عهد الله, فكتب الله عليهم السبي والشتات بعيدًا عن الأرض التي كان وعد بها آباءهم, وكان الأمر الإلهي التالي, في القرآن الكريم:
"ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون" سورة الأنبياء/الآية 105
فالمقصود بالزبور هنا هو التوراة والإنجيل, والذكر هو اللوح المحفوظ, ذكره الطحاوي, في "مشكل الآثار", وعن ابن عباس المقصود بالأرض هنا الأرض المقدسة. وانتقل ميراث الأرض المباركة؛ بعد ذلك لعباد الله الصالحين, وهم المسلمون المؤمنون, وهم المقصودون بميراث الأرض المباركة في الآية الكريمة.
كيفية الإعادة:
جاء في سفر "إرميا" وعد بإعادة بني إسرائيل, أو اليهود من المنافي المختلفة وبلاد الشتات التي أجلاهم إليها في أنحاء الدنيا والطريق التي حددها الرب لذلك, فنقرأ:
«ها أيام مقبلة لا يقال فيها بعد: حي هو الرب الذي أخرج شعب إسرائيل من مصر، إنما يقال : حي هو الرب الذي أَخرج شعب إسرائيل من بلاد الشمال ومن سائر الأَراضي التي سباهم إليها. لأَني سأُرجعهم ثانية إلى أرضهم التي وهبتها لآبائهم" إرميا 16 : 14 – 15
فبلاد الشمال الوارد ذكرها في الآيات السابقة هى دول أوربا المختلفة, والتعبير ببلاد الشمال يتضمن أيضًا يهود روسيا, أما يهود أمريكا فيتضمنهم التعبير بـ "ومن سائر الأَراضي التي سباهم إليها".
والآيات تبدأ بالتذكير بمعجزة إخراج بني إسرائيل من مصر, على يد موسى, عليه السلام, فالمعنى المراد إذن من الآيات هو:
سوف يأتي زمان, والوصف لحدث في المستقبل, تقولون فيه, يا بني إسرائيل:
"حي هو الرب الذي أَخرج شعب إسرائيل من بلاد الشمال ومن سائر الأَراضي التي سباهم إليها"
في إشارة إلى أن عودة بني إسرائيل إلى فلسطين, على حدّ نصوص التوراة, ستكون على يد الرب, وليست بمبادرة منهم, كما فعلت الصهيونية وبدأت مبكرًا رحلة العودة هذه بالتحالف مع قوى الاستعمار وعلى رأسهم انجلترا التي كانت تحتل فلسطين قبل صدور "إعلان بلفور", الذي كرس مقولة :
من لا يملك (الإنجليز) أعطى من لا يستحق (الصهاينة).
وهذا الفهم للنصوص هو ما جعلهم, منذ زمن بعيد, ينتظرون المسيح اليهودي المسمى في تراثهم الديني "المسيح المُخَلِّص". الذي ينتظره المؤمنون به والمعارضون للفكر الصهيوني الذي عجل بالمعجزة قبل أن يأتي نبيُّها.
وهذا الأمر الإلهي هو أيضًا الذي أوجد جماعة حراس المدينة "ناطوري كارتا" الذين يختلفون في تفكيرهم ومعتقداتهم مع الفكر الصهيوني الذي دفع باليهود لاحتلال فلسطين, مبكرًا, وهو ما يطلق عليه في التراث الديني اليهودي "التعجيل بالنهاية ".
وجماعة "ناطوري كارتا" يتعاطفون مع الفلسطينيين ضد الاحتلال وسلطاته.
د. سامي الإمام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق