******************************************************
"قَمْصَا وبَر قَمْصَا", أو كامزا وبار كامزا, هى قصة مشهورة وقعت أحداثها في سنة 60م في زمن حكم قيصر روما "نيرون". تتناول خلافًا داخليًا وقع بين اليهود في أورشليم تلعب الإهانة فيه دورًا هدامًا.
يعلق رابي إلعازار عليها بقوله: "تعال وأنظر ما هي تبعات الإهانة, التي جعلت الرب يساعد بار كامزا في تدمير الهيكل".
يتحدث الأحبار عن الإنسان كشريك للرب عن طريق أفعاله الأخلاقية؛ فهم يقولون على سبيل المثال :
"كل من يتحمل الإهانة بدون أن يرد عليها يكون في هذه الحالة شريكًا للرب في عمل الخلق"!
لقد نادت اليهودية بفكرة كرامة الإنسان. وكنتيجة لذلك جعلت أهمية كبرى لاحترام الإنسان لشرف أخيه الإنسان. وشدد الأحبار على هذه النقطة بتشبيهات قويّة, فقيل :
"حينما تهين إنسانًا زميلا (المقصود يهودي مثله), تذكر أنك تهين إنسانًا خلقه الرب على صورته".
ويعبر حاخام آخر عن الفكرة نفسها قائلا :
"إن صفع زميل يهودي في وجهه يساوي صفع وجه الشيخناه, أو الحضور الإلهي (له منشور مستقل).
القصّة :
*****
تدور أحداث القصة حول أحد أغنياء اليهود بمدينة أورشليم قديمًا حين أعدّ مأدبة لأصحابه, وأرسل خادمه لدعوة صديق له اسمه (قَمْصَا/كامزا), لكن الخادم أخطأ ودعا شخصًا آخر يسمى (بَر قَمْصَا/بر كامزا), وكان ممّن يكرههم ذلك الرجل الغني.
كان طبيعيًا أن "بر قَمْصَا" لم يكن يفهم لماذا دُعي إلى هذه المأدبة, لأنه لم يكن يعلم أيضًا بالخطأ الذي وقع فيه الخادم, وعلى ذلك تجهّز وتوجه إلى مكان الاحتفال, اعتقادًا منه أن المضيف قرر أن ينهي هذه الخصومة التي كانت بينهما ويقضي على العداوة والبغضاء التي نالت من علاقتهما القديمة.
لكن وجود بَر قَمصا أغضب صاحب المأدبة, بل تعدى الأمر إلى أنه طالب بر قمصا بالانصراف!
لكن بر قمصا, الذي تفاجأ بهذا الموقف طلب من المضيف بما أنه وصل إلى مكان المأدبة, أن يدعه يكمل حضور الحفل, وعرض عليه أن يدفع له تكاليف نصيبه منه, غير إن صاحب المأدبة رفض طلب بر قمصا. بل أكثر من ذلك عرض بر قمصا على المضيف أن يدفع له مقابل نصف وجبة إضافة إلى عرضه السابق, لكن المضيف أصرّ على طلبه.
تأكد بر قمصا أن مضيفه متمسك بصرفه وعدم السماح له بمواصلة فقرات المأدبة, وعرض عليه أن يدفع له كل تكاليف المأدبة حتى لا يُطرد شاعرًا بالإهانة الشديدة!
ومع ذلك رفض صاحب المأدبة السماح له بالحضور ولم يكن لديه أي قدر ولو ضئيل من الاستعداد أن يواصل بر قمصا حضورهذه المأدبة.
في نهاية الأمر, أمسك صاحب المأدبة بر قمصا أمام أعين الحضور وطرده من الحفل موجهًا له إهانة بالغة.
لم يقبل بر قمصا هذه الإهانة وهذا الاحتقار, وزاد من شدة غضبه أن كان من بين حضور المأدبة "حكماء إسرائيل" ولم يحاولوا إثناء صاحب المأدبة عن طرده بهذه الطريقة!
فكر بر قمصا في الانتقام من الجميع وقرر أن يشي بهم لدى القيصر الروماني وأبلغه ان اليهود يدبرون له مؤامرة!
ولكي يقنعه بذلك اقترح عليه أن يقدم قربانًا إليهم لتقديمه على مذبح الهيكل, وهم – هكذا أوعز إليه – سيمتنعون عن قبوله هذا القربان بسبب تكبّرهم وكراهيتهم للأغيار!!
أخذ القيصر عجلا واقتاده إلى هناك, إلى حيث اليهود, وفي الطريق إلى أورشليم غافل بر قمصا القيصر وأحدث عيبًا بسيطًا في العجل لعلمه أن العجل سيصبح بهذا العيب – طبقًا لشريعة التوراة – مرفوضًا للقربان, وبالتالي لن يقبله اليهود لتقديمه قربانًا على المذبح. وهو ما حدث بالفعل.
ورُفض قبول قربان القيصر الأمر الذي شكل أمامه دليلا كافيًا بأن اليهود يدبرون مؤامرة وتمردًا هناك, ودفعت به في نهاية الأمر إلى أن يجرد حملة ضد أورشليم ويدمرها بالكامل بما في ذلك الهيكل الذي يشكل مركز اليهودية وكنزها الثمين!!
د. سامي الإمام
"قَمْصَا وبَر قَمْصَا", أو كامزا وبار كامزا, هى قصة مشهورة وقعت أحداثها في سنة 60م في زمن حكم قيصر روما "نيرون". تتناول خلافًا داخليًا وقع بين اليهود في أورشليم تلعب الإهانة فيه دورًا هدامًا.
يعلق رابي إلعازار عليها بقوله: "تعال وأنظر ما هي تبعات الإهانة, التي جعلت الرب يساعد بار كامزا في تدمير الهيكل".
يتحدث الأحبار عن الإنسان كشريك للرب عن طريق أفعاله الأخلاقية؛ فهم يقولون على سبيل المثال :
"كل من يتحمل الإهانة بدون أن يرد عليها يكون في هذه الحالة شريكًا للرب في عمل الخلق"!
لقد نادت اليهودية بفكرة كرامة الإنسان. وكنتيجة لذلك جعلت أهمية كبرى لاحترام الإنسان لشرف أخيه الإنسان. وشدد الأحبار على هذه النقطة بتشبيهات قويّة, فقيل :
"حينما تهين إنسانًا زميلا (المقصود يهودي مثله), تذكر أنك تهين إنسانًا خلقه الرب على صورته".
ويعبر حاخام آخر عن الفكرة نفسها قائلا :
"إن صفع زميل يهودي في وجهه يساوي صفع وجه الشيخناه, أو الحضور الإلهي (له منشور مستقل).
القصّة :
*****
تدور أحداث القصة حول أحد أغنياء اليهود بمدينة أورشليم قديمًا حين أعدّ مأدبة لأصحابه, وأرسل خادمه لدعوة صديق له اسمه (قَمْصَا/كامزا), لكن الخادم أخطأ ودعا شخصًا آخر يسمى (بَر قَمْصَا/بر كامزا), وكان ممّن يكرههم ذلك الرجل الغني.
كان طبيعيًا أن "بر قَمْصَا" لم يكن يفهم لماذا دُعي إلى هذه المأدبة, لأنه لم يكن يعلم أيضًا بالخطأ الذي وقع فيه الخادم, وعلى ذلك تجهّز وتوجه إلى مكان الاحتفال, اعتقادًا منه أن المضيف قرر أن ينهي هذه الخصومة التي كانت بينهما ويقضي على العداوة والبغضاء التي نالت من علاقتهما القديمة.
لكن وجود بَر قَمصا أغضب صاحب المأدبة, بل تعدى الأمر إلى أنه طالب بر قمصا بالانصراف!
لكن بر قمصا, الذي تفاجأ بهذا الموقف طلب من المضيف بما أنه وصل إلى مكان المأدبة, أن يدعه يكمل حضور الحفل, وعرض عليه أن يدفع له تكاليف نصيبه منه, غير إن صاحب المأدبة رفض طلب بر قمصا. بل أكثر من ذلك عرض بر قمصا على المضيف أن يدفع له مقابل نصف وجبة إضافة إلى عرضه السابق, لكن المضيف أصرّ على طلبه.
تأكد بر قمصا أن مضيفه متمسك بصرفه وعدم السماح له بمواصلة فقرات المأدبة, وعرض عليه أن يدفع له كل تكاليف المأدبة حتى لا يُطرد شاعرًا بالإهانة الشديدة!
ومع ذلك رفض صاحب المأدبة السماح له بالحضور ولم يكن لديه أي قدر ولو ضئيل من الاستعداد أن يواصل بر قمصا حضورهذه المأدبة.
في نهاية الأمر, أمسك صاحب المأدبة بر قمصا أمام أعين الحضور وطرده من الحفل موجهًا له إهانة بالغة.
لم يقبل بر قمصا هذه الإهانة وهذا الاحتقار, وزاد من شدة غضبه أن كان من بين حضور المأدبة "حكماء إسرائيل" ولم يحاولوا إثناء صاحب المأدبة عن طرده بهذه الطريقة!
فكر بر قمصا في الانتقام من الجميع وقرر أن يشي بهم لدى القيصر الروماني وأبلغه ان اليهود يدبرون له مؤامرة!
ولكي يقنعه بذلك اقترح عليه أن يقدم قربانًا إليهم لتقديمه على مذبح الهيكل, وهم – هكذا أوعز إليه – سيمتنعون عن قبوله هذا القربان بسبب تكبّرهم وكراهيتهم للأغيار!!
أخذ القيصر عجلا واقتاده إلى هناك, إلى حيث اليهود, وفي الطريق إلى أورشليم غافل بر قمصا القيصر وأحدث عيبًا بسيطًا في العجل لعلمه أن العجل سيصبح بهذا العيب – طبقًا لشريعة التوراة – مرفوضًا للقربان, وبالتالي لن يقبله اليهود لتقديمه قربانًا على المذبح. وهو ما حدث بالفعل.
ورُفض قبول قربان القيصر الأمر الذي شكل أمامه دليلا كافيًا بأن اليهود يدبرون مؤامرة وتمردًا هناك, ودفعت به في نهاية الأمر إلى أن يجرد حملة ضد أورشليم ويدمرها بالكامل بما في ذلك الهيكل الذي يشكل مركز اليهودية وكنزها الثمين!!
د. سامي الإمام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق