الاسم زمري بن سالوا هو أحد مسميات شلوموئيل تصوريشادي, رئيس سبط شمعون, أثناء رحلة بني إسرائيل في سنين التيه الأربعين. وجاء بالتلمود أن هذا الشخص كان له خمسة أسماء هى: زمري, وبن سالوا, وشموئيل, وابن الكنعانيّة, وشلموئيل بن تصوري شدي.
وقعت تلك القصة في حياة النبي موسى, في آخر سنة من سنين التيه بسبب عبادة العجل الذهب, التي كان بسببها أن كتب عليهم التيه أربعين سنة.
أمّا الجريمة الجديدة التي اقترفها الشعب؛ نعم كل الشعب كما تقول التوراة (سفر العدد/الإصحاح 25), هى الزنا وعبادة الأوثان, في تفاصيل القصة ان النساء الموآبيات – يبدو أنهن كنّ جميلات لدرجة أن أبناء الشعب المختار لم يستطيعوا مقاومة إغراء جمالهنّ! فكنّ يُقدمنّ ذبائح ويدعين رجال الشعب المختار للزنى في بلدة تسمّى (شطِّيم). ليس هذا وحسب بل كانوا يأكلون من تلك الذبائح, وهو أمر محظور في اليهودية!, ويسجدون لآلهة تلك البلدة الوثن (بعل فاعور).
اشتدّ غضب الرب, الذي ما كادت فترة عقوبة عبادة العجل تنتهي حتى وجد شعبه المختار! يعود للمعاصي بمجرد انتهاء مدّة العقوبة ويرتكب جرمًا آخر بل ثلاثة جرائم في وقت واحد؛ الأكل من طعام محرّم والزنا وعبادة وثن!!!
أهذا هو (شعب الله المختار) الذي اختاره الرب من بين شعوب الأرض؟ لماذا اختاره إذن؟ وما الذي يتميز به بعد كل تلك النعم والمعجزات التي قدمت لهم على سائر الناس؟ يرتكبون الفواحش ويرتدّون عن الدين ويعبدون الأصنام؟ هل تغيَّر الشعب؟ هل فهم رسالة التيه؟
هل أدركوا أن الله يمنحهم الفرصة تلو الأخرى لكنهم ماضون في ارتكاب المعاصي والاستهزاء بأوامر الرب وعدم طاعته, حتى الآنكما يتضح بجلاء من سلوكهم وتبنّيهم لأشد ما يغضب الرب!!
تقول القصة إن "زمري" هذا طلب من موسى عليه السلام أن يزني بامرأة موآبية بل طلب أن يتيح للشعب كله الزنا مع الموآبيات/المديانيات, وكان ذلك على مرآى من بني إسرائيل, ثم انتهز فرصة انشغال موسى عند باب خيمة الاجتماع (مكان العبادة المقدّس في فترة التيه), وأتى بامرأة مديانية – اسمها كُزبى بنت صور –أمام الإسرائيليين وكرر كلامه الذي كان قاله امام موسى ثم أخذها وانطلق إلى خيمته وأغلقها عليه وواقعها مواقعة زنا!
بلغ الأمر موسى عليه السلام وحينها نزل أمر الله له بالحكم فيهم:
«خُذْ جَمِيعَ قَادَةِ عَبَدَةِ الْبَعْلِ وَاصْلِبْهُمْ، وَعَلِّقْهُمْ تَحْتَ وَطْأَةِ حَرَارَةِ الشَّمْسِ أَمَامَ الرَّبِّ، فَتَرْتَدَّ شِدَّةُ غَضَبِهِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ». فَقَالَ مُوسَى لِقُضَاةِ إِسْرَائِيلَ: «اقْتُلُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ قَوْمِكُمْ مِنَ الْمُتَعَلِّقِينَ بِعِبَادَةِ بَعْلِ فَغُورَ».
وكان رجل إسرائيلي يدعى فينحاس لم يعجبه سلوك هذا الفاسق إذ نقرأ:
فَلَمَا رَأَى فِينْحَاسُ بْنُ أَلِعَازَارَ بْنِ هَرُونَ ذَلِكَ، هَبَّ مِنْ بَيْنِ الْجَمَاعَةِ، وَتَنَاوَلَ رُمْحاً بِيَدِهِ، وَتَبِعَ الإِسْرَائِيلِيَّ إِلَى الْخَيْمَةِ حَيْثُ طَعَنَهُمَا. فَاخْتَرَقَ الرُّمْحُ الرَّجُلَ الإِسْرَائِيلِيَّ وَبَطْنَ الْمَرأَةِ، فَكَفَّ الْوَبَأُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَكَانَ عَدَدُ الَّذِينَ مَاتُوا بِالْوَبَإِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفاً.
لكننا نعرف من بقية الفقرة التوراتية أن الذين ماتوا بالحكم الإلهي بلغوا 24 ألفًا ماتوا بالوباء - فهل هؤلاء ماتوا كعقوبة عليهم لارتكابهم فعل الرجل الفاسق هذا نفسه؟ فاستحقوا الموت؟
قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى, مخبرًا عن فعل فينحاس:
(إِنَّ فِينْحَاسَ بْنَ أَلِعَازَارَ بْنِ هَرُونَ الْكَاهِنِ قَدْ رَدَّ غَضَبِي عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِذْ غَارَ غَيْرَتِي فِي وَسْطِهِمْ، فَلَمْ أَفْنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِغَيْرَتِي).
وهذه العبارة التي يعبّر فيه الرب عن رضاه عن فعل فينحاس بل وأن فعله جاء متوافًا مع إرادة الرب وأنه ردّ غضبه على الشعب, وأيضًا – بحسب فهمنا – أن عدد المرتدّين إلى عبادة الأوثان من بني إسرائيل, ومرتكبي جريمة الزنا, كان كبيرًا جدًا لكن غيرة رجل واحد وسلوكه تجاه المعصية جعلت الرب يحجم عن قرار إفنائه بني إسرائيل – شعبه المختار – العاصين!!
وعن تلك القصة جاء بالتلمود البابلي, مسيخت/باب سنهدرين, أن كثيرًا من أعضاء قبيلة شمعون التي كان ينتمي إليها زمري مرتكب الخطيئة أتوا إليه بصفته كان أحد رؤساء السبط, وطلبوا منه أن يقوم بعمل شيء ينقذهم من حكم الموت الذي تقرر بحقّهم, لكن زمري رفض وأصرّ على فعله مدعيًا ان خطيئة الزنا بغير يهودية لا تستوجب عقوبة الموت! وضرب لهم مثلا على حجته أن موسى, النبي, تزوج من ابنة يترو, كاهن مديان!.
وأصرّ زمري على ارتكاب جريمته بالزنا مع كُزبى؛ ابنة ملك مديان. والاعلان عن ذلك. ولما أتى زمري إلى كُزبى طالبًا منها الزنا قالت له إنه لما كانت بنت ملك فلم يسمح لها أبوها بمواقعة أي شخص غير كبير القوم؛ موسى نفسه؟ فال لها زمري إنه هو أهم من موسى ومكانته أرفع منه حيث إن موسى من القبيلة الثالثة من حيث الترتيب والأهمية, قبيلة لاوي, في حين أنه هو رئيس قبيلة شمعون التي تحتل المكانة الثانية بين الأسباط!
وافقت كزبى على ارتكاب الزنا مع زمري بعد سماعها كلامه, أخذها زمري إلى حيث موسى وسأله : هل هى مباحة له, ذاكرًا أنها بالضبط كزوجة موسى, صفورا, التي كانت مديانية أيضًا؟ ولما رأى الشعب تعنت زمري في طلبه انخرطوا في بكاء مرّ!
لكن إسرائيليًا يدعى فينحاس فهم أن الشريعة هى أن من يتزوج آرامية فإن الغيورين يقتلونه"!
وعلى ذلك انطلق ممسكًا برمحه ولما دخل عليهما الخباء وجده يعتليها فقذف الرمح عليهما فاخترق جسدهما؛ زمري وكزبى معًا!
وتقول روايات أن فينحاس رفعهما بالرمح سويًا وخرج بهما قتيلان على رمحه إلى بني إسرائيل!
..................
كنت ذكرت أن زمري بن سالوا يشتهر في المصادر العربية باسم (زمري بن شالوم)! وها انا ذكرت قصته كاملة في التوراة وبعض ملامحها في التلمود وعلى المريدين المقارنة بين سيرته في المصادر اليهودية والمصادر الإسلامية يمكنهم المقارنة باالاستعانة بما ذكرت وجعلت المعلومات في الجانب اليهودي يسيرة باللغة العربية.
بالتوفيق
د. سامي الإمام
وقعت تلك القصة في حياة النبي موسى, في آخر سنة من سنين التيه بسبب عبادة العجل الذهب, التي كان بسببها أن كتب عليهم التيه أربعين سنة.
أمّا الجريمة الجديدة التي اقترفها الشعب؛ نعم كل الشعب كما تقول التوراة (سفر العدد/الإصحاح 25), هى الزنا وعبادة الأوثان, في تفاصيل القصة ان النساء الموآبيات – يبدو أنهن كنّ جميلات لدرجة أن أبناء الشعب المختار لم يستطيعوا مقاومة إغراء جمالهنّ! فكنّ يُقدمنّ ذبائح ويدعين رجال الشعب المختار للزنى في بلدة تسمّى (شطِّيم). ليس هذا وحسب بل كانوا يأكلون من تلك الذبائح, وهو أمر محظور في اليهودية!, ويسجدون لآلهة تلك البلدة الوثن (بعل فاعور).
اشتدّ غضب الرب, الذي ما كادت فترة عقوبة عبادة العجل تنتهي حتى وجد شعبه المختار! يعود للمعاصي بمجرد انتهاء مدّة العقوبة ويرتكب جرمًا آخر بل ثلاثة جرائم في وقت واحد؛ الأكل من طعام محرّم والزنا وعبادة وثن!!!
أهذا هو (شعب الله المختار) الذي اختاره الرب من بين شعوب الأرض؟ لماذا اختاره إذن؟ وما الذي يتميز به بعد كل تلك النعم والمعجزات التي قدمت لهم على سائر الناس؟ يرتكبون الفواحش ويرتدّون عن الدين ويعبدون الأصنام؟ هل تغيَّر الشعب؟ هل فهم رسالة التيه؟
هل أدركوا أن الله يمنحهم الفرصة تلو الأخرى لكنهم ماضون في ارتكاب المعاصي والاستهزاء بأوامر الرب وعدم طاعته, حتى الآنكما يتضح بجلاء من سلوكهم وتبنّيهم لأشد ما يغضب الرب!!
تقول القصة إن "زمري" هذا طلب من موسى عليه السلام أن يزني بامرأة موآبية بل طلب أن يتيح للشعب كله الزنا مع الموآبيات/المديانيات, وكان ذلك على مرآى من بني إسرائيل, ثم انتهز فرصة انشغال موسى عند باب خيمة الاجتماع (مكان العبادة المقدّس في فترة التيه), وأتى بامرأة مديانية – اسمها كُزبى بنت صور –أمام الإسرائيليين وكرر كلامه الذي كان قاله امام موسى ثم أخذها وانطلق إلى خيمته وأغلقها عليه وواقعها مواقعة زنا!
بلغ الأمر موسى عليه السلام وحينها نزل أمر الله له بالحكم فيهم:
«خُذْ جَمِيعَ قَادَةِ عَبَدَةِ الْبَعْلِ وَاصْلِبْهُمْ، وَعَلِّقْهُمْ تَحْتَ وَطْأَةِ حَرَارَةِ الشَّمْسِ أَمَامَ الرَّبِّ، فَتَرْتَدَّ شِدَّةُ غَضَبِهِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ». فَقَالَ مُوسَى لِقُضَاةِ إِسْرَائِيلَ: «اقْتُلُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ قَوْمِكُمْ مِنَ الْمُتَعَلِّقِينَ بِعِبَادَةِ بَعْلِ فَغُورَ».
وكان رجل إسرائيلي يدعى فينحاس لم يعجبه سلوك هذا الفاسق إذ نقرأ:
فَلَمَا رَأَى فِينْحَاسُ بْنُ أَلِعَازَارَ بْنِ هَرُونَ ذَلِكَ، هَبَّ مِنْ بَيْنِ الْجَمَاعَةِ، وَتَنَاوَلَ رُمْحاً بِيَدِهِ، وَتَبِعَ الإِسْرَائِيلِيَّ إِلَى الْخَيْمَةِ حَيْثُ طَعَنَهُمَا. فَاخْتَرَقَ الرُّمْحُ الرَّجُلَ الإِسْرَائِيلِيَّ وَبَطْنَ الْمَرأَةِ، فَكَفَّ الْوَبَأُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَكَانَ عَدَدُ الَّذِينَ مَاتُوا بِالْوَبَإِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفاً.
لكننا نعرف من بقية الفقرة التوراتية أن الذين ماتوا بالحكم الإلهي بلغوا 24 ألفًا ماتوا بالوباء - فهل هؤلاء ماتوا كعقوبة عليهم لارتكابهم فعل الرجل الفاسق هذا نفسه؟ فاستحقوا الموت؟
قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى, مخبرًا عن فعل فينحاس:
(إِنَّ فِينْحَاسَ بْنَ أَلِعَازَارَ بْنِ هَرُونَ الْكَاهِنِ قَدْ رَدَّ غَضَبِي عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِذْ غَارَ غَيْرَتِي فِي وَسْطِهِمْ، فَلَمْ أَفْنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِغَيْرَتِي).
وهذه العبارة التي يعبّر فيه الرب عن رضاه عن فعل فينحاس بل وأن فعله جاء متوافًا مع إرادة الرب وأنه ردّ غضبه على الشعب, وأيضًا – بحسب فهمنا – أن عدد المرتدّين إلى عبادة الأوثان من بني إسرائيل, ومرتكبي جريمة الزنا, كان كبيرًا جدًا لكن غيرة رجل واحد وسلوكه تجاه المعصية جعلت الرب يحجم عن قرار إفنائه بني إسرائيل – شعبه المختار – العاصين!!
وعن تلك القصة جاء بالتلمود البابلي, مسيخت/باب سنهدرين, أن كثيرًا من أعضاء قبيلة شمعون التي كان ينتمي إليها زمري مرتكب الخطيئة أتوا إليه بصفته كان أحد رؤساء السبط, وطلبوا منه أن يقوم بعمل شيء ينقذهم من حكم الموت الذي تقرر بحقّهم, لكن زمري رفض وأصرّ على فعله مدعيًا ان خطيئة الزنا بغير يهودية لا تستوجب عقوبة الموت! وضرب لهم مثلا على حجته أن موسى, النبي, تزوج من ابنة يترو, كاهن مديان!.
وأصرّ زمري على ارتكاب جريمته بالزنا مع كُزبى؛ ابنة ملك مديان. والاعلان عن ذلك. ولما أتى زمري إلى كُزبى طالبًا منها الزنا قالت له إنه لما كانت بنت ملك فلم يسمح لها أبوها بمواقعة أي شخص غير كبير القوم؛ موسى نفسه؟ فال لها زمري إنه هو أهم من موسى ومكانته أرفع منه حيث إن موسى من القبيلة الثالثة من حيث الترتيب والأهمية, قبيلة لاوي, في حين أنه هو رئيس قبيلة شمعون التي تحتل المكانة الثانية بين الأسباط!
وافقت كزبى على ارتكاب الزنا مع زمري بعد سماعها كلامه, أخذها زمري إلى حيث موسى وسأله : هل هى مباحة له, ذاكرًا أنها بالضبط كزوجة موسى, صفورا, التي كانت مديانية أيضًا؟ ولما رأى الشعب تعنت زمري في طلبه انخرطوا في بكاء مرّ!
لكن إسرائيليًا يدعى فينحاس فهم أن الشريعة هى أن من يتزوج آرامية فإن الغيورين يقتلونه"!
وعلى ذلك انطلق ممسكًا برمحه ولما دخل عليهما الخباء وجده يعتليها فقذف الرمح عليهما فاخترق جسدهما؛ زمري وكزبى معًا!
وتقول روايات أن فينحاس رفعهما بالرمح سويًا وخرج بهما قتيلان على رمحه إلى بني إسرائيل!
..................
كنت ذكرت أن زمري بن سالوا يشتهر في المصادر العربية باسم (زمري بن شالوم)! وها انا ذكرت قصته كاملة في التوراة وبعض ملامحها في التلمود وعلى المريدين المقارنة بين سيرته في المصادر اليهودية والمصادر الإسلامية يمكنهم المقارنة باالاستعانة بما ذكرت وجعلت المعلومات في الجانب اليهودي يسيرة باللغة العربية.
بالتوفيق
د. سامي الإمام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق