الأربعاء، 31 أكتوبر 2018

معجزة تفجّر الماء من صخرة وعقاب موسى عليه السلام! #פלא_המים_שיצאו_מהסלע_ועונשו_של_מושה_עליו_השלום

ماتت "مريم" الأخت الكبرى لموسى وهارون, التي تتبعت مهده/تابوته الصغير حين وضعته أمه "يوكابد", في النهر بين الحلفاء لترى أين سيكون مستقرّه في دائرة ضيعة آل فرعون! الكائنة على ضفاف النهر.

ماتت مريم في موضع بصحراء سيناء, يسمى "قادش" أثناء رحلة التيه. وكان لمريم عليها السلام كرامات, لأنّها تعدّ نبيَّة في اليهودية, منها أن صخرة كانت ترافقها أينما ذهبت يخرج منها الماء الذي يحتاجه بنو إسرائيل في تجوالهم بالصحراء؛ إذا ساروا كانت كتلة من الصخر تتدحرج مرافقتهم في الطريق وإذا حلّوا تتحول إلى بئر ماء!. 
توقف تدفق الماء من هذه الصخرة المعجزة بعد موت مريم مباشرة, وكان ذلك سببًا في تمرّد بني إسرائيل على موسى وهارون وخصامهما. نقرأ عن ذلك:
(وإِذ لم يَتوافَر ماء للشّعب اجتمعوا عَلى موسى وهرون، وخاصَمُوا موسى قائلِين لَه: لَيْتنا هلكْنا كإخوتِنا الذين أهْلكَهم الرب. لماذا قُدتُما شعب الرب إلى هذه الصّحراء، لكي نموت فيها نحن ومواشينَا؟ لماذا أخرجْتُمانا من مصر لتَأتِيَا بنا إلى هذا المكان القاحِل، حيث لا زرعَ فيه ولا تِين ولا كَرْم ولا رُمَّان ولاَ ماء للِشرْب؟)
وتقرّ التوراة بأن بني إسرائيل تمتعوا بحياة رغيدة في مصر وشبعوا من الطعام اللذيذ الذي كانوا يحبونه (هناك كُنا نجلس "بنو إسرائيل" حول قدور اللحم نأْكل حتى الشّبع).
عندئذ توجّه موسى وهارون إلى مكان خيمة الاجتماع (حيث كان الرب يتراءى لهما ويخاطبهما), وسجدا للرب وطلبا منه أن يستجيب لمطلب الجماعة, فأمر الرب بقوله:
«خُذِ الْعَصَا، وَاجْمَعِ الشَّعْبَ أَنْتَ وَأَخُوكَ هَرُونُ وَأْمُرَا الصَّخْرَةَ عَلَى مَشْهَدٍ مِنْهُمْ أَنْ تُعْطِيَ مَاءَهَا، فَتُخْرِجَ لَهُمْ مَاءً مِنَ الصَّخْرَةِ فَيَشْرَبَ الشَّعْبُ وَمَوَاشِيهِمْ». فَأَطَاعَ مُوسَى وَأَخَذَ الْعَصَا مِنْ أَمَامِ الرَّبِّ، وَجَمَعَ مُوسَى وَهَرُونُ الشَّعْبَ عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَقَالاَ لَهُمْ:
«اسْمَعُوا أَيُّهَا الْمُتَمَرِّدُونَ، أَعَلَيْنَا أَنْ نُخْرِجَ لَكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ مَاءً؟» وَرَفَعَ مُوسَى يَدَهُ وَضَرَبَ الصَّخْرَةَ بِعَصَاهُ مَرَّتَيْنِ، فَتَفَجَّرَ مَاءٌ غَزِيرٌ، فَشَرِبَتِ الْجَمَاعَةُ وَمَوَاشِيهَا.
لكن القاريء لنص الآيات يجد أن موسى وهارون عليها السلام لم ينفذا أمر الرب كما طلب منهما, فقد كان طُلب منهما سويًا أن يُكلما الصخرةَ أمام الجماعة (وَأْمُرَا الصَّخْرَةَ عَلَى مَشْهَدٍ مِنْهُمْ), وهوما لم يحدث! بل خاطب موسى الجماعة بلغة قاسيَّة حادة, حيث قال: 
(اسْمَعُوا أَيُّهَا الْمُتَمَرِّدُونَ، أَعَلَيْنَا أَنْ نُخْرِجَ لَكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ مَاءً؟). 
ورفع يده بعد ذلك وضرب الصخرة بالعصا مرتين فتفجر الماء وشربت الجماعة ومواشيهم أيضًا. 
وكانت مخالفة موسى وهارون أمر الرب سببًا في عقابهما بحرمانهما من قيادة الجماعة إلى الأرض التي قيل إن الرب وهبها لهم. نقرا النص:
فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى وَهَرُونَ: 
«مِنْ حَيْثُ أَنَّكُمَا لَمْ تُؤْمِنَا بِي حَتَّى تُقَدِّسَانِي عَلَى مَرْأى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَإِنَّكُمَا لَنْ تُدْخِلاَ هَذَا الشَّعْبَ الأَرْضَ الَّتِي وَهَبْتُهَا لَهُمْ». 
ولذلك سميت حادثة العطش, وتفجر الماء من الصخرة وما وقع من أحداث بـ "ماء الخصومة"!!
لأن الإسرائيليين خاصموا الرب, وخاصما النبيين, حين ماتت أختهما مريم وكفّ الماء عن التدفّق من الصخرة المعجزة, آنئذ, أما الرب فتقدّس أمامهم وأظهر قدرته على فعل أي شيء؛ فهذه معجزة الصخرة التي أخرج الله منها الماء وهى في الوقت نفسه عكس معجزة الماء الذي جعلها الله طريقًا يابسًا عبروا عليه ونجوا من فرعون وجنوده. وهى معجزة العصا نفسها التي كانت وسيلة تحويل الماء/البحر إلى يابسة وتحويل اليابسة /الصخرة إلى بحر من الماء.
لكن لماذا عوقب موسى وهارون من الرب كما ذكرنا؟
جاء بالتفاسير أن موسى عليه السلام أخطأ واستعمل عصا أخيه هارون في تلك المعجزة, ومعروف أن هارون كانت له عصا خاصة به غير تلك التي كانت لموسى, ولهذه العصا قصة لمعجزة أخرى؛ حين أزهرت وأظهرت براعم خضراء وهى عصا جافة, دون عصي بقية الأسباط, كدليل على اختيار سبط لاوي/لفي الذي ينحدر منه هارون, من بين الأسباط لتولي مهمة الكهانة وخدمة مقدسات الرب, وكانت موضوعة داخل تابوت الرب كتذكرة بتلك المعجزة. ولم يستعمل عصاه هو, بالإضافة إلى عدم انصياعه لطلب الرب بالحديث إلى الصخرة أمام أعين بني إسرائيل ليتقدَّس الرب على مرآى منه - لذلك عوقب!؟
فالله سبحانه وتعالى خصّ بني إسرائيل بكثير من المعجزات التي حدثت أمام أعينهم ومع ذلك لا يزالون إلى اليوم يعصون الله في كل ما أمرهم به تقريبًا. 
(يتبع)
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية
كلية اللغات والترجمة/جامعة الأزهر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق