الاثنين، 11 فبراير 2019

حرب آخر الأيام/يوم الحساب/نهاية العالم (في الفكر اليهودي) (2)

*****************************************************
سأتناول في هذا المنشور جزءًا من نبوءات آخر الأيام, في الرؤى اليهودية, مسترشدًا بكلام الحاخام "زامير كوهين", الذي ينتمي لطائفة الحريديم "المتّقون", وهو مهتم بِحَثّ اليهود على التوبة, وله مؤلفات توراتية, وصاحب جمعية "الحوار" المعنية بالحوار من أجل تحسين صورة اليهودية, ورئيس مدرسة "هيكل مئير", ومؤلف كتب في الشريعة والفكر اليهودي, والتفسير المقرائي (التوراتي). ومن بينها مجموعة مؤلفات "الثورة". 

سيكون الكلام خليطًا بين كلامي وكلام الحاخام زامير!
نحن نعيش اليوم وكل إنسان منّا يتابع ما يحدث في إسرائيل وما حولها وما يحدث في العالم كله, ويقف مندهشًا من معدل الأحداث فيما يخصّ شعب إسرائيل, وخاصة ما يتعلق بتسارع وتيرة الدخول في الإسلام, ففي أوربا هناك دولا معدل تنامي المسلمين فيهم, أعلى من معدل تنامي السكان المحليين, فمقابل كل نصراني يولد هناك عدد من المسلمين, وفي أماكن أخرى من العالم, وهو ما يعني أنه خلال عدة عقود ستكون الأغلبية في هذه الدول مسلمين, وعلى ذلك سيكون الحكم كثمرة ناضجة بيد الإسلام. ولن نتكلم عن الجهاد الإسلامي, فهل كان أحد يحلم منذ عشرات السنين فقط أن يترأس الولايات المتحدة رئيسًا باسم حسين! الذي في زلة لسان أمام وسائل الإسلام قال إنهم تحدثوا معه عن ديانته الإسلامية فبادره المحاور بقوله: الإسلامية؟ ومعروف أنه نصراني, وعلى الفور أصلح مقولته بأنه على الديانة النصرانية لكن هناك قاعدة كان قالها فرويد, وكان من كبار علماء النفس أن زلة اللسان بشكل عام تبين ما في دخيلة الإنسان, وليس ذلك من قبيل الصدفة, وهو على أية حال مسلم ولد في إندونيسيا وتربى هناك. وعامة نرى في العالم جنس معادي للإسرائيليين فهناك من أبحر إلى غزّة وصنع ثورة ضد إسرائيل (ربما قصد أردوجان) الى الدرجة التي لم نعد نعرف معها هل العلاقة بين اسرائيل ودول العالم ستعود إلى ما كانت عليه, ولا نتحدث عن الثورة في تركيا ضد إسرائيل فتركيا التي كانت منذ عدة سنوات صديقة لآسرائيل انقلبت فجأة لتصبح ضد السامية بل وتقود خطًا معاديًا لإسرائيل في أنحاء العالم. 
ومما نعرف عن نبوءات آخر الأيام التي في حوزتنا (اليهود) فمكتوب أن تركيا ستنضم إلى الجناح المعادي لإسرائيل, وهو أمر كان متوقعًا من قبل وهذا ليس كلامنا, هو ما يتحقق بمرور الزمن كما سنرى في هذه المحاضرة. 
لكن السؤال هو أننا حين ننظر من منظار التاريخ على ما يحدث, فعلى مدى ألفي عام في المنفى منذ خرجنا إلى المنفي بعد خراب الهيكل الثاني على أيدي روما (136م), وحيث تحولت روما إلى النصرانية بل مركز النصرانية في العالم وبوحي بابا روما كانت هناك أعمال عنف ضد الشعب الإسرائيلي, الحملات الصليبية, حرب الاسترداد (إسبانيا) والإبادة الجماعية؛ البوجروميم (مذابح روسيا), وفرية الدم (في أماكن عدّة, وهى عبارة عن اتهام اليهود بخلط فطيرة عيد الفصح بدم بشري من شخص غير يهودي!). 
ظهر الإسلام بعد النصرانية بحوالي 500 عام ومنذ 1500 سنة مرت منذ ظهور الإسلام مَنْ كان عدونا ومَنْ كانت علاقته طيبة معنا من المسلمين والنصارى؟ 
النصارى هم من قاموا بمذابح ضد شعب إسرائيل في حين عشنا مع المسلمين حياة طيبة, فالحقبة الطيبة في إسبانيا سميت "العصر الذهبي لليهودية" هى الحقبة التي كان المسلمون يحكمون إسبانيا. ولما ظهرت حرب الاسترداد في اسبانيا بعد الاحتلال على يد النصارى حينها بدأ الطرد من اسبانيا وكل الكوارث وأيضا كان للمسلمين كوارث لكنها لم تكن بالحجم الذي كان من قِبَل النصارى وفي المجمل فقد عشنا حياة طيبة منسجمين مع المسلمين. 
(قبل 60 عامًا تقريبا صعد شعب إسرائيل مرة أخرى إلى أرض إسرائيل لإقامة دولة لكن الأمور انقلبت رأسًا على عقب, من كانوا أعداء لشعب إسرائيل عادوا إلى حالة هدوء, بينما أولئك الأصدقاء الذين تعايشنا معهم في هدوء واستقرار وعلاقات طيبة حوالي 1500 سنة تحولو ليصبحوا أشدّ عداء لشعب إسرائيل؛ يبحثون عن السبل التي بها يضرّون بنا, الجهاد الإسلامي, العمليات الإرهابية, الإرهابون, ويؤلبون العالم كله ضد إسرائيل, ويشوهون صورتها ويتحرشون بها بشتى السبل والوسائل) 
الكلام لزامير كوهين. 
والسؤال هو من وجهة نظر مترفعة وروحانية : 
ما الذي يختفي خلف هذه الأمور ولماذا بالذات تنقلب كفّة الأحداث ضدنا؟ وكما هو معروف فالأحداث حولنا لها عدة أسباب ولكننا نعرف أن لكل ما يجري على الأرض جذور روحانية (باطنية) وحتى اليوم فإن كل إنسان ينظر إلى الأمور بعين الفاحص ويكون عنده أساس للايمان بداخله حين نسأله لماذا خرب بيت المقدس الثاني؟ فالناس ستجيب بشكل عام بسبب الكراهية غير المبررة ولن يقول أحد لكي تُحتل أورشليم (أورشليم: اسم عربي لمن لا يعرفون, ويمكن مراجعة منشوري عن هذا الاسم الذي يدعي الإسرائيليون أنه عبري!), ومن الطبيعي ان يبحث الإنسان عن أسباب مادية وراء كل حدث. 
حين نرى صورة عالمية ضد اسرائيل وأن ينقلب الأعداء أصدقاء والأصدقاء أعداء خاصة إذا كنّا عدنا إلى الارض فإن هذا الأمر يتطلب فهمًا وتفهمًا؛ 
فباستعراض عام للتاريخ وبمرور آلاف السنين, منذ الخروج من مصر(حوالي 1430 ق.م), وبعد أن أقام شعب اسرائيل مملكة وأصبح شعبا وله حكم وأرض (يشير زامير إلى حقبة المملكة في عصر سليمان قديمًا) كان أربعة منافي؛ 
المنفى الأول: هو منفي بابل: بعد أن انتهى الملك (سليمان) من بناء البيت الأول وأقام حكمه, استمر البيت (ليس حكم سليمان فقط), 410 سنين جاء نبوخذ نصر, ملك بابل, إلى إسرائيل واحتل أورشليم وأحرق بيت المقدس (586 ق.م) وخرجنا الى المنفى لمدة 70 سنة, بمرور ال 70 سنة تدهورت بابل وأصبحت فارس هى الإمبراطورية الكبرى في العالم, منذ ذلك الحين. 
والمنفى الثاني:هو منفى فارس: في حدود سنة 480 ق.م, وقعت المعجزة الكبرى؛ معجزة (البوريم) (والبوريم اسم عيد قومي يهودي), لمردخاي واستير, حين أراد هامان (وزير فارسي قديمًا) أن يدبّر مذبحة لقتل كل اليهود من الأطفال إلى الشيوخ في يوم واحد (لاحظ فكرة قتل الحاكم لليهود!). لقد كان ضد السامية بكل معاني الكلمة (مصطلح حديث يزجّ به زامير ليصف أحداثًا من أكثر من ألفي عام.) وكان الملك صرح له بفعل ذلك, حيث كان هامان نائبًا للملك, صرح له بقتل اليهود في كل مكان. طلب مردخاي من استير (راجع سفر إستير) أن تصنع شيئًا لانقاذ اليهود, فقالت له: إني خائفة من الدخول قال لها: لابد أن تدخلي فقالت إنها مستعدة لتعريض حياتها للخطر بشرط أن يجمع كل اليهود في شوشان ( مدينة فارسية قديمًا, وربما كانت العاصمة في ذاك والوقت) وأن يصوموا نهارًا وليلا لمدة ثلاثة أيام, وأضافت (إستير): وأنا وبناتي سنصنع ذلك أيضًا. وكانت صلاة وتوبة وصيام وطلب الشعب من الرب أن يتقبلها منهم لأن هذا موقف خوف كبير (مصطلح عقدي), في إشارة إلى أن هامان قرر قتل جميع اليهود. وحين ارتفعت معنويات شعب إسرائيل روحيًا انقلبت الأمور, فدخل هامان السجن وسميت هذه الحقبة في التاريخ المنفي الثاني (أو منفى فارس, الذي كان بعد السبي البابلي), الحقبة التي أمر فيها هامان بقتل جميع اليهود, سميت "منفي فارس". 
المنفى الثالث : رجع شعب إسرائيل من المنفي وبنى بيت المقدس الثاني عندئذ أنهارت فارس وصعدت اليونان على مسرح التاريخ برئاسة الاسكندر المقدوني. وعندما مات الاسكندر انقسمت مملكته إلى 4 ممالك وبمرور الزمن أصدر انتيوخوس (323 – 262 ق.م) قرارات شديدة وصعبة على أرض اسرائيل (كنعان) بشأن حرية اليهود, منها عدم مراعاة أحكام السبت (في اليهودية), وعدم تعلّم التوراة وإخضاعهم للثقافة اليونانية الوثنية. كان من عرفوا بالمكابيين مجموعة من شباب المستعمرات تجمعوا وكونوا كتلة يهودية اهتمت بالأمر وتمكنوا من طرد اليونانيين. ومعع ذلك سميت هذه الحقبة بالمنفى الثالث لليهود على الرغم من أنهم كانوا على أرضهم؛ كنعان (بحسب زعمهم!). 
وهذه رؤية يهودية (في مفهوم المنفى) ربما لأنهم لم يكونوا مستقلين بل كانوا خاضعين لسلطان اليونانيين, وحتى ذلك الوقت لم يصلوا الى الراحة والميراث, كان طرد اليونانيين من كنعان في منتصف تاريخ البيت الثاني وفي نهاية هذه الحقبة أصبحت روما هى الامبراطورية العظمى وصعد تيتوس إلى أورشليم وأحرق بيت المقدس (تسمية عبرية للهيكل إلى جوار بيت الرب), حوالي سنة 70 ميلادية.
المنفى الرابع: طرد اليهود (من 70م أو 136م إلى 1948م/إعلان الدولة), لمدة حوالي 2000 سنة. وهذه هى المنافي الأربعة. 
نحن شهود الآن على ثورة فبدلا من روما النصرانية التي استمرت آلاف السنين تشكل من يضر باسرائيل ظهر الاسلام الذي يتربص بشعب اسرائيل, والمهم هو ان هذا السيناريو كان متوقعا من قبل وكان أحد كبار المقوبليم (نسبة إى القبَّالا/علم اباطن) المسمى رابي حاييم فيطال المشهور من تلاميذ مدرسة تسيفات (صفد), "نهار حو", له تعليق على ما جاء المزامير ؟ كتب ما يلي:
(لولا الرب الذي يقف الى جوارنا وبكون الاسرائيليين مروا بمناف أربعة, ومع ذلك يبقى منفي خامس وهو أخر المنافي وسيكون أصعب مما مرّ جميعهم وهو "منفى إسماعيل" (يقصد بإسماعيل, عليه السلام, ذريته المسلمين), الذي أطلق عليه إنسان وحشي! (في التوراة), وهو لا يشبه المخلوقات؟ (هناك نبوءة لاربعة مخلوقات في سفر دانيال/الاصحاح 7) وقيل عن اسماعيل إنه وحشي لكن له صورة إنسان, لماذا؟ لانه ابن ابراهام وتجب له أحقية الأبوّة كما رأينا أن له حقّ الختان؟ أيضًا! لهذه الأسباب عُدّ إنسانا. ولذلك أيضا, كما قال الحكماء, سمي (ישמעאל /يِشْمَاعْئيل), بصيغة زمن المستقبل (في العبرية) وليس (שמעאל/شَمَاعْئيل) بصيغة زمن الماضي, في إشارة إلى أن الكلام عن زمن يأتي مستقبلا وأحداث تأتي مستقبلا. ولأن الإسرائيليين سيصرخون صرخات عالية في ومن منفاهم (في إشارة إلى أن زمن عداء المسلمين للإسرائيليين هو بمثابة المنفى الخامس!), عندئذ سيسمع الرب ويستجيب. أي أن هذا هو ما ينتظر اسرائيل لاثارتهم ونحن نستغيث بالرب وهو سيستجيب! وهذا هو سبب لماذا حينما صعدنا الى اسرائيل انقلبت الأمور؟).
يتبع للأهمية
د. سامي الإمام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق