لا تطبخ جديًا بلبن أُمه !
*******************
לא תבשל גדִי בחלב אמו :
ورد تحريم الجمع بين اللحم واللبن, في التوراة, أكثر من مرة:
(لا تَطبخ جديًا بلبن أُمِّه), (لا تطبخوا جدياً بلبن أمّه) (الخروج والتثنية).
وقد وسّعت قواعد التشريع اليهودي, بشكل عام, عبر الأجيال, والتيارات في هذا التحريم. فأوجب التشريع لدى طائفة "الربانيين" ضرورة الفصل بين اللحوم بعامة ومنتجات الحليب بعامة أيضًا, ويشمل ذلك الطبخ, والأكل, والتخزين, ومن ذلك أيضًا ضرورة عمل فاصل زمني بين تناول اللحم وتناول اللبن. وحتى استخدام أواني مشتركة للطعام. ويؤكد ذلك العثور على أواني نحاسية, من القرن الثامن عشر, عليها عبارات بارزة بعضها يحمل كلمة اللحم "باسار:בשר" والبعض الآخر يحمل كلمة اللبن "حلاڤ:חלב".
ولا يقتصر التحريم, بحسب النص, على طبخ لحم الجدي بلبن أمه فقط, بل يشمل مطلق اللحم, ومطلق اللبن. كما اتحد الحكماء على إدراج لحوم جميع الحيوانات والبهائم والطيور ضمن هذا التحريم. وتشذّ طائفة "القرائين" حيث تتقيد بحرفية النص ولا يحرمون إلا طبخ لحم الجدي بلبن أمه.
وكان "التنائيم" يتوسّعون في هذا الحظر, كما قيل, أكثر مما ورد في التوراة فكانوا لا يضعون اللحم والجبن على مائدة واحدة.
ويبدو أن هذا التحريم لم يكن موجودًا في الزمن القديم, كما يستدل على ذلك من القصة الواردة في سفر التكوين التي تحكي عن أن إبراهيم قدم للملائكة, التي زارته, اللحم مع اللبن :
(ثم أخذ زبداً ولبناً والعجل الذي طبخه، ومدّها أمامهم، وبقي واقفاً في خدمتهِم تحت الشجرة وهم يأكلون) (التكوين 18 : 8).
ولم تذكر التوراة أو المشنا سببًا لهذا التحريم. وكذا لم يتطرق مفسرو التوراة والوصايا, ابتداءً من "فيلون السكندري" مرورًا بمفسري العصر الوسيط, وحتى علماء العصر الحديث, لم يتطرقوا إلى سبب هذا الحظر.
يذهب البعض, ومنهم العلامة والفيلسوف اليهودي "موسى بن ميمون" إلى أن سبب التحريم ربما يرجع إلى أن طبخ الجدي بلبن الأم عادة كانت شائعة لدى الوثنيين في محيط "إسرائيل" قديمًا ولذلك جاء التشريع بمخالفة تلك العادة.
وقد توسّع الحكماء في حظر الأكل (لكن ليس على حظر الطبخ والتمتع به), وينطبق التحريم على لحوم الحيوانات والطيور, ولكن ليس على الأسماك أو الجراد. وهناك تحريم لكثير من صور الجمع بين الصنفين.
وقد قدّم الحكماء تفسيرات عدّة للحكم المستنتج من مجرد نص التوراة " لا تطبخ جديًا بلبن أمه", والتفاسير الشائعة التي تحظر كل انواع اللحوم مع اللبن. فهناك من يرى أن كلمة "الجدي" في العبارة هى فقط رمز للحم, في حين يرى آخرون أن المقصود هو الولد فقط أي ولد الحيوان فلا يطبخ مع حليب أمه, وليس القصد هنا على التعميم!
جدير بالذكر هنا أن يهود إثيوبيا يحافظون على هذا الحظر لكنهم لم يعدّوا لحم الطيور ضمن هذا الحظر فيطبقونه على لحوم البهائم والحيوانات فقط, والتعليل في ذلك أن الطيور ليس لها حليب!
ويفسّر القراءون وهم طائفة تشبه المعتزلة بل تأثرت بفكرهم, ونشأت عليه, أن المقصود بالحظر هو عدم طبخ الحيوان في حليب أمه بسبب ان الحليب هو طعامه, اي طعام الصغير. فلا يجوز حرمانه من لبن أمه وأخذه للذبح للطعام في وقت رضاعته. ولذلك فإن اليهود القرائين اذا انتهت فترة رضاعة وليد أي حيوان فإنهم لا يعيرون هذا الحظر انتباها.
يتبع في منشور آخر
د. سامي الإمام
*******************
לא תבשל גדִי בחלב אמו :
ورد تحريم الجمع بين اللحم واللبن, في التوراة, أكثر من مرة:
(لا تَطبخ جديًا بلبن أُمِّه), (لا تطبخوا جدياً بلبن أمّه) (الخروج والتثنية).
وقد وسّعت قواعد التشريع اليهودي, بشكل عام, عبر الأجيال, والتيارات في هذا التحريم. فأوجب التشريع لدى طائفة "الربانيين" ضرورة الفصل بين اللحوم بعامة ومنتجات الحليب بعامة أيضًا, ويشمل ذلك الطبخ, والأكل, والتخزين, ومن ذلك أيضًا ضرورة عمل فاصل زمني بين تناول اللحم وتناول اللبن. وحتى استخدام أواني مشتركة للطعام. ويؤكد ذلك العثور على أواني نحاسية, من القرن الثامن عشر, عليها عبارات بارزة بعضها يحمل كلمة اللحم "باسار:בשר" والبعض الآخر يحمل كلمة اللبن "حلاڤ:חלב".
ولا يقتصر التحريم, بحسب النص, على طبخ لحم الجدي بلبن أمه فقط, بل يشمل مطلق اللحم, ومطلق اللبن. كما اتحد الحكماء على إدراج لحوم جميع الحيوانات والبهائم والطيور ضمن هذا التحريم. وتشذّ طائفة "القرائين" حيث تتقيد بحرفية النص ولا يحرمون إلا طبخ لحم الجدي بلبن أمه.
وكان "التنائيم" يتوسّعون في هذا الحظر, كما قيل, أكثر مما ورد في التوراة فكانوا لا يضعون اللحم والجبن على مائدة واحدة.
ويبدو أن هذا التحريم لم يكن موجودًا في الزمن القديم, كما يستدل على ذلك من القصة الواردة في سفر التكوين التي تحكي عن أن إبراهيم قدم للملائكة, التي زارته, اللحم مع اللبن :
(ثم أخذ زبداً ولبناً والعجل الذي طبخه، ومدّها أمامهم، وبقي واقفاً في خدمتهِم تحت الشجرة وهم يأكلون) (التكوين 18 : 8).
ولم تذكر التوراة أو المشنا سببًا لهذا التحريم. وكذا لم يتطرق مفسرو التوراة والوصايا, ابتداءً من "فيلون السكندري" مرورًا بمفسري العصر الوسيط, وحتى علماء العصر الحديث, لم يتطرقوا إلى سبب هذا الحظر.
يذهب البعض, ومنهم العلامة والفيلسوف اليهودي "موسى بن ميمون" إلى أن سبب التحريم ربما يرجع إلى أن طبخ الجدي بلبن الأم عادة كانت شائعة لدى الوثنيين في محيط "إسرائيل" قديمًا ولذلك جاء التشريع بمخالفة تلك العادة.
وقد توسّع الحكماء في حظر الأكل (لكن ليس على حظر الطبخ والتمتع به), وينطبق التحريم على لحوم الحيوانات والطيور, ولكن ليس على الأسماك أو الجراد. وهناك تحريم لكثير من صور الجمع بين الصنفين.
وقد قدّم الحكماء تفسيرات عدّة للحكم المستنتج من مجرد نص التوراة " لا تطبخ جديًا بلبن أمه", والتفاسير الشائعة التي تحظر كل انواع اللحوم مع اللبن. فهناك من يرى أن كلمة "الجدي" في العبارة هى فقط رمز للحم, في حين يرى آخرون أن المقصود هو الولد فقط أي ولد الحيوان فلا يطبخ مع حليب أمه, وليس القصد هنا على التعميم!
جدير بالذكر هنا أن يهود إثيوبيا يحافظون على هذا الحظر لكنهم لم يعدّوا لحم الطيور ضمن هذا الحظر فيطبقونه على لحوم البهائم والحيوانات فقط, والتعليل في ذلك أن الطيور ليس لها حليب!
ويفسّر القراءون وهم طائفة تشبه المعتزلة بل تأثرت بفكرهم, ونشأت عليه, أن المقصود بالحظر هو عدم طبخ الحيوان في حليب أمه بسبب ان الحليب هو طعامه, اي طعام الصغير. فلا يجوز حرمانه من لبن أمه وأخذه للذبح للطعام في وقت رضاعته. ولذلك فإن اليهود القرائين اذا انتهت فترة رضاعة وليد أي حيوان فإنهم لا يعيرون هذا الحظر انتباها.
يتبع في منشور آخر
د. سامي الإمام

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق