يحلّ الفصح في ليلة النصف من شهر "نيسان" وهو استهلال لعيد الفطير, والفصح ذكرى خروج اليهود من مصر وخلاصهم من استعباد فرعون. من أهم ما يميز هذا الاحتفال تذكّر قصة خروج بني إسرائيل في ذلك الزمان ومحاولة معايشة الظروف التي صاحبت خروجهم. وهناك ثلاثة أمور يجب الأهتمام بها في عيد الفصح تتعلق بالخمير :
• فحص الخمير : ويتم, في الرابع عشر من شهر "نيسان" بالبحث عن الخمير وتعيين أماكنه والعثور عليه.
• عزل الخمير : ويتم بالنظر إلى الخمير كـ "تراب الأرض".
• التخلص من الخمير : ويتم في صبيحة اليوم التالي عن طريق التخلص منه بإفساده أو إحراقه.
وهذه الأمور الثلاثة من اجتهاد الحكماء, تنفيذا لما جاء بالتوراة عن الخبز المختمر والخمير في هذه المناسبة :
(سبعة أيام تأكلون فيها خبزًا فطيرًا وَلا تحتفظون في بيوتكم بشيء مختمر أو بخمير).
وإذا لم يرغب اليهودي في إهدار الخمير الذي في حوزته يمكنه بيعه للأجنبي, الذي لا يسري عليه هذا التحريم. وكان البيع في بادئ الأمر يتم بشروطه التامة لكن مع تفاقم مشكلة الخمير هذه أضيفت بنود تسمح بالبيع الشكلي فقط واسترداد المبيع صبيحة اليوم التالي. وقد أثار هذا السلوك جدلا واسعًا في الأوساط الدينية لكنه مع ذلك منتشر ومعمول به .
أما العيد فيبدأ الاحتفال به عقب انتهاء عيدالفصح مباشرة؛ أي في اليوم الخامس عشر من الشهر الأول للسنة العبرية, حسب التقويم القديم, أبيب "نيسان" ويستمر حتى اليوم الحادي والعشرين؛ لأن مدته سبعة أيام.
يقدم المزارعون, في هذا العيد, حزمة من محاصيل الأرض تسمى"عومر" قربانًا للرب.
أما بالنسبة لعامة الناس, الذين يمارسون أعمالاً أخرى, فعليهم تناول أقراص الفطير التي يراعى أن تخبز على عجل, وبدون خمير. والمقصود من ذلك تذكّر ظروف الخروج من مصر, وحياة الصحراء؛ حيث يقال: إن بني إسرائيل الذين خرجوا من مصر مع موسى, في زمن اضطهاد فرعون لهم, تناولوا الخبز بدون خمير حيث لم يسعفهم الوقت لتخمير العجين.
حول هّمٌّوعِيد . . ما هو ؟
و"الفصح" و"الفطير" عيدان متصلان, والمقصود بـ "حول هَمٌّوعِيد" هى الفترة الواقعة بين اليوم الأول للعيد, واليوم الأخير, وهى خمسة أيام. جدير بالذكر أن اليومين الأول والأخير يطلق على كل منهما "يوم طوڤ: يوم طيب", تجب فيهما قراءة التوراة, وصلاة إضافية.
أما أيام "حول هاموعيد" الخمسة, وكما قلنا هى الوقعة بين اليوم الأول لعيد "الفصح", واليوم الأخير لعيد "الفطير" فمن الواجبات الدينية فيه الترفيه عن النفس, بالخروج إلى الحدائق والمنتزهات, وتناول الطعام والشراب في الهواء الطلق, وارتداء الثياب الجديدة, تنفيذًا لوصية دينية هى: "وسررت بعيدك".
ولايجوز الحزن في هذه الفترة, أو تقديم التعازي, وهناك من يمتنع عن قص الشعر, أوحلق اللحية. والسائد في إسرائيل حاليًا هو عدم وضع شال الصلاة, الـ "طَلِّيت", الذي هو من الأوامر واجبة التنفيذ, في صلاة "شحريت" كما ذكرنا سابقًا. ويمنع العمل بشكل عام في تلك الفترة, مثل التجارة, والزراعة, وغير ذلك, ويباح فقط ممارسة الأعمال الخاصة بالطعام وإعداده, والأمور الضرورية؛ كالنظافة, وإذا كانت الأعمال تخدم شئون العيد. كما يجوز العمل لدى الآخرين إذا كان العائد سوف يستخدم في إشاعة البهجة في العيد, أو إذا كان لحفظ النفس من الهلاك.
خمر التذكار . . وصيَّة واجبة في الفصح !
أما "خمر التذكار" فهى أربع كئوس فرض وجوبها الحكماء على كل يهودي, رجلاً كان أم امرأة, في ليلة اليوم الأول من عيد الفصح. وحتى لو كان اليهودي مريضًا ولا يمكنه تناول الخمر فلا مناص من الخمر.
أما الأطفال فيتم تدريبهم على تناول الخمر منذ نعومة أظفارهم. ومن واجبات المرأة في بيت زوجها, صب الخمر له. ويجب على النذير الامتناع عن الخمر, ولذلك هناك طائفة تسمى "الركابيون" وهم عائلات تنتمي إلى "بني ركاب" تمتنع عن شرب الخمر بناء على وصية لأبيهم.
وارتبط بغمرة السعادة ونشوة معاقرة الخمر ارتكاب الفواحش والزنا, واقتراف الآثام والمنكرات, وهو ماعبر عنه الأنبياء, ففي سفر "عاموس" :
(يرقدون إلى جوار المذبح فوق ثياب مرهونة، ويشربون في هيكل إلههم خمر المغرمين).
(ويعاشر الرجل وابنه امرأة واحدة، فيتدنس بذلك اسمي المقدّس).
وجاء في سفر أشعيا, عن قتل الأطفال :
"أما أنتم فتقدموا هنا بابي الساحرة نسل الفاسق والزانية بمن تسخرون. و على من تغفرون الفم وتدلعون اللسان، أنتم أولاد المعصية نسل الكذب المتوقد في الأصنام تحت كل شجرة خضراء القاتلون الأولاد في الأودية وتحت شقوق المعاقل".
وجاء بالتلمود:
"إن من حكمة الدين وتوصياته قتل الأجانب الذين لا فرق بينهم وبين الحيوانات، وهذا القتل يجب أن يتم بطريقة شرعية، والذين لا يؤمنون بتعاليم الدين اليهودي وشريعة اليهود يجب تقديمهم قرابين إلى إلهنا العظيم". وورد في التلمود: عندنا مناسبتان دمويتان ترضيان إلهنا يهوه؛ إحداهما عيد الفطائر الممزوجة بالدماء البشرية، الأخرى مراسيم ختان أطفالنا.
وتشير المصادر أن هذه العادة الشنيعة اختفت من سلوكيات اليهود بعد افتضاح أمرهم في عدد كثير من دول العالم وتسبب في حدوث مذابح ضدهم في بلدان عدة. آخرها ما حدث بروسيا.
ونقرأ – في ذلك – أبيات للشاعر اليهودي العملاق "حاييم نحمان بيالق" حيث يصف انحراف اليهود عن طريق الرب وسيرهم في طريق المعاصي, وكان من نتيجة ذلك تلك المذبحة الرهيبة :
قال لهم الله "سبحوا باسم الله"
ومن رحمته هربوا, وليس لهم ملجأ سواه.
هربوا من رحمة الله يَجْرون مثل الهوام
فماتوا ميتة الكلاب بين الأنام !
هكذا وصف الشاعر اليهودي "حاييم نَحْمَان بياليك" اليهود الذين ماتوا, واليهوديات اللائي اغتصبن في مذبحة "كشنيف" بروسيا, في بدايات القرن قبل الماضي. وكان سبب المذبحة قتل شاب مسيحي واستخدام دمه في عمل فطائر الفصح, ومن الواضح أن الشاعر ينتقد انحرافهم طريق الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق