الحريديم هم اليهود الذين يمثّلون التيار المتشدد / الأورثودوكسي (أي: الطريق السوي), الذي يتميز بالتمسك بشدة بقواعد الشريعة اليهودية, والمحافظة على الأصول الدينية والثقافية اليهودية. ومن أقوال زعيمهم (موشيه هيرش 1839م) : إن الجديد محرم بنص التوراة". ويتمثلون بعبارة تلمودية تقول : إذا أصبح سلوك اليهودي هدفًا للهجوم, فإنه يحرم عليه أن يغير حتى لون الخيط الذي يشدّ به حذاءه".
تبلغ نسبة الحرديم 8% من مجموع السكان في إسرائيل, بينما تبلغ نسبة العلمانيين 44%, والتقليديين, 39%, والمتدينين 9%. هذا التيار المتشدد لا يخدم في الجيش الإسرائيلي لأسباب عقدية. ويتميز هذا القطاع الأصولي بنسبة مرتفعة من البطالة, كما يفضلون العيش في أماكن معينة, ويمنحون أصواتهم في الانتخابات إلى حزبين فقط, هما "يهدوت هتوراة" و"شاس" وهما حزبان دينيان متطرفان.
وللحريديم اتجاهات ثقافية خاصة بهم لا تقف عند الاختلافات العقدية فقط بل تتعداها إلى أنماط ثقافية مغايرة لبقية طوائف الإسرائيليين. وقد بدأت هذه الطائفة انتهاج نمط سلوكي منغلق على الذات اعتبارًا من القرن الثامن عشر, وتحولت إلى عنصر بارز معارض للتحديث والإصلاح بحجة أن "الابتداع محظور من التوراة".
ومما يميز الحريديم تشددهم الزائد في تطبيق وصايا الشريعة, واتخاذهم زيًا خاصًا بهم, ومظهرًا خاصًا, خاصة طريقة حلاقة شعر الرأس, فلا يحلقون عارضي اللحى, وسلوكًا خاصًا يُمنع فيه الاختلاط ويتمسك بالفصل بين النساء والرجال في جميع الأماكن, ويحظر نشر صور للمراة في وسائل الإعلام, ويبدون تمسكًا مبالغًا فيه بخصوص الحلال والحرام من الأطعمة, لدرجة أنهم يُنصِّبون مراقبين تابعين للطائفة لمتابعة تنفيذ الشروط الشرعية الدقيقة في مسألة المأكل والمشرب, وحتى لهم أطباء, ومقاولون, ومحامون, يتعهدون مطالب الطائفة.
كما يولي, هذا القطاع المتشدد, اهتمامًا بالغًا بمراعاة قداسة السبت والأعياد المقدسة والاحتفالات الدينية والطقوس وزيارة المعابد وغير ذلك من أمور الديانة اليهودية.
وعلى الرغم من أن الحريديم لا يخدمون في الجيش الاسرائيلي إلا أنهم يتدربون ويدربون أبناءهم على حمل السلاح والتصويب لقتل ألفلسطينيين الذي يقتربون من المستوطنات الخاصة بهم.
وتعكس المواجهات المستمرة بين اليهود المتشددين, أو الأصوليين (حريديم) في القدس الغربية وبين الشّرطة الإسرائيلية، عمق الصراع العلماني - الديني في الدولة العبرية، والتي يحاول أقطابها «إخفاءه» وعدم الخوض فيه تفادياً لتأجيجه، مع إدراكهم أنه سينفجر يوماً، خصوصاً ان التوقعات تشير الى ان الشباب العلمانيين في إسرائيل (دون الثامنة عشرة) المكلفين عبء الخدمة العسكرية سيصبحون أقلية بعد عقدين من الزمن، «ما سيغير وجه إسرائيل في شكل دراماتيكي»، علماً بأن «الحريديم» معفون من الخدمة ويتلقون مخصصات حكومية في مقابل الالتحاق بمدارس دينية.
جدير بالذكر أن خلافات حادة بين أعضاء الائتلاف الحاكم بعد إثارة موضوع تجنيد المتدينين اليهود وعرب 48. وهو ما قد يؤدي إلى تصدع حكومة الائتلاف هذه.
د. سامي الإمام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق