تمتليء صفحات "العهد القديم" بسيرة عيسى, عليه السلام, ومن المفسرين اليهود من يحرف المعاني في سبيل الإنكار, ومنهم منصفون, يشيرون إلى النص الأصلي. من ذلك ما جاء عن ميلاده, عليه السلام :"ثم عاد الرب يخاطب آحاز ثانية قائلا: اطلب علامة من الرب إلهك، سواء في عمق الهاوية أو في ارتفاع أَعلى السماوات. فأَجاب آحاز: لن أَطْلُب ولن أُجرب الرب. حينئذ قال إشعيا: اسمعوا يابيت داود: أَما كفاكم أَنكم أضْجرتم النّاس حتى تضجروا إلهي أيضًا؟ ولكن السيد نفسه يعطيكم آية: ها الْعذْراء تحبل وتلد ابنًا، وتدعو اسمه عمّانوئِيل) أشعيا 7 : 10 - 14
والدليل على النبوءة بالمسيح, عيسى عليه السلام, في الآيات هو : هاهى العذراء تحبل وتلد ابنًا, وتدعو اسمه عمانوئيل.
فكلمة (عذراء), موجودة في النص العبري لنسخ التناخ/التوراة, لكن بمعنى فتاة/صبيَّة (عَالْمَاه : עלמה), لكن في الترجمة السبعينية, تأتي بالمعنى الأصلي, على حدّ تعبير الباحث "ليئور هلفرين"؛ عذراء (بِتُولاه : בתולה), والشيء نفسه في ترجمة يوناثان.
يقول الباحث "ليئور هلفرين" وهو يهودي معتدل, وغير متشدد, أو كاره للمسيح, عليه السلام :
"إن الله الذي خلق آدم من تراب الأرض لقادر تمامًا على أن يجعل فتاة لديها مقومات إنجاب البنين, تنجب المسيح بمعجزة (يقصد دونما يمسّها بشر).
ويرى "هلفرين" أن المسيح يجب أن يكون خاليًا من كل خطيئة, كحمل وديع, على حدّ تعبيره. وإذا كان ولد بطريقة عادية كانت الخطيئة ستكون كامنة فيه ولم يكن, حينئذ, قادر على أن يكون مسيح إسرائيل, لأن المسيح يجب أن يكون مقدسًا, لكن قدر الإنسان أن يكون سيئًا/شريرًا منذ نعومة أظفاره. فالله استأصل الشرّ الذي لم يدرك حياة المسيح عن هذه الطريق, فالمسيح جاء من الله المقدس عبر العذراء التي اسمها مريم وهى يهودية من سبط يهودا ومن عائلة داود.
انتهى كلام الباحث, وهذه هى وجهة نظره التي يدحض بها رأي أخرين ينكرون انتساب عيسى للملك داود عليهما السلام.
ويؤكد الباحث بذلك على أن عيسى عليه السلام يعود لسبط يهودا, الذي منه الملك داود, وذلك عن طريق أمه مريم التي تنتسب لهذا السبط.
و"هلفرين" إذ يفعل ذلك إنما يتبنى فكرًا جديدًا تحت عنوان "حركة التحرر من الدين" وهو يقصد بالتحرر ليس التحول عن يهوديته ولكن تفسير النصوص بعيدًا عن العنصرية العقدية التي يراها غير منصفة, والتي طعنت في عرض مريم, عليها السلام, واتهمتها بالزنى (حاشا لله). وهو يتبنى هذه الحركة في مواجهة العلمانية الشديدة التي تجتاح المجتمع الإسرائيلي الآن والتي تتبنى فكرة عدم وجود إله بالمرة, وبعض هذا التيار المنحرف يعتنق, حتى فكرة (موت الإله), وهو تيار جارف يزلزل حياة الإسرائيليين فضلا عن اليهودية كلها. وهذا في مؤلف حديث للبروفيسور الإسرائيلي "يعقوب ملكين".
د. سامي الإمام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق