أعتذر مقدمًا على طول هذا المنشور, ومع ذلك سيجد القاريء له, وخاصة القارئة إفادة في كل كلمة وكل حرف فيه. واقترح نسخه في ملف وورد لتكبير خطه وقراءته دون عناء أو مشقَّة . .
"كل فتاة لا تلتزم بالتوراة تستحق البصاق, حتى لو كان عمرها سبع سنوات"!
هذا ما قاله سائق حافلة "حريدي" حين بصق على طفلة وهى في طريقها للمدرسة بحجة ارتدائها زيًا مخالفًا لقواعد الاحتشام اليهودية.
وأصبح من المألوف أن كثيرات من النساء المتدينات يخشين السير في الأحياء المخصصة للحريديم!؛ لأنهن سيتعرضن للإهانة والبصق، حتى وهنّ يلبسن زيًا محتشمًا.
كما تجوب, في هذه الأحياء مجموعات تسمى "فِرَق المحافظة على العفاف والاحتشام" التي تتلقى أوامرها من حاخامات متشددين مباشرة، وتقوم هذه الفرق بمطاردة النساء، وقد تصل بهن الدرجة إلى اقتحام البيوت عليهن بحجة الإخلال باحكام الاحتشام!،
ليس هذا وحسب بل تقذع هذه المجموعات المتحرِّشة النساء بألفاظ وتهم قاسية مثل: يا فاجرة! يا ساقطة! اي وقاحة تلك !
وأحيانًا تتدخل الشرطة الإسرائيلية للقبض على حاخام حين يتجرأ ويعتدي على إحدى الفتيات أو النساء بغاز حارق للوجه عندما تعترض على أمره ولم تقم بتنفيذه!
ومن هنا كان الصراع بين الأيديولوجيات الصهيونية والدينية, أو الطلائعيّة والحريدية, بمعنى آخر! فالصهيونية تمثل التيار العلماني في المجتمع الإسرائيلي بينما الحريدية (الأرثوذكسية) تمثل التيار الديني الأصولي المتشدد. وتقع بين هذه التصنيفات تيارات وسط قليلة تجد لها موطيء قدم بالكاد.
وقد غزا الحريديم المستوطنات وفرضوا فكرهم على كل مجتمعها وهو الأمر الذي دفع بنسبة كبيرة من سكان المستوطنات (الصهاينة العلمانيون) للهجرة إلى أماكن أخرى داخل حدود الدولة, بعيدًا عن الحريديم الذين يناصبونهم العداء السافر, ويشاكسون في أمور كثيرة قد تتطور إلى اشتباكات في حالات معينة خاصة بين الشباب من الطرفين ,وهو ما يجعل الحكومات في مأذق وعر من الصراع الناشب بين فئات المجتمع.
وهذا هو ما يدفع بالحكومة الحالية للبحث عن أماكن بديلة في النقب, حتى لو كان على حساب بدو النقب الفلسطينيين!!
وأكثر فئة تعاني في جماعات الحريديم النساء, فالنساء بوجه عام في الشريعة اليهودية، لسن مستضعفات يأتين في مرتبة بعد الذكور وحسب، بل ينظر إليهن كمدنَّسات مدنِّسات، يجلبن الإثم للمتدينين، كما لا يملكن حق الطلاق، ولا يُحسبن ضمن نصاب الصلاة (10 أشخاص هو نصاب إقامة صلاة الجماعة في اليهودية)، ولا يُسمح لهنّ كثير من الحريديم بتعلم التوراة أو التلمود!، ولا يُعتدّ بشهادتهن في المحاكم الدينية، ولا يُسمح لهنّ بالتوشّح بشال الصلاة (الطلِّيت) أوالتفلِّين.
ومن غريب الأحكام التي تحطّ من قيمة المرأة في اليهودية وقدرها, وتجعلها في مرتبة أدنى من الرجل ما يلي:
" إذا سقط رجلٌ وامرأة في النهر أو البحر، فالمُنقذ يجب أن يبدأ أولا بالرجل لأنه هو الذي يحي وصايا الشريعة, أمّا المرأة فمخلوقة للبيت وحسب"ّ!
"على المرأة الحائض أن تحصل على رخصة طهارة شهرية من الحاخام المسئول عن حمامات التطهّر (مِقڤِيــه)!
"صوت المرأة عورة حتى لو كانت تردد أدعيّة بعد الصلاة" !
"تحرِّم بعض تيارات الحريديم اتباع المرأة للجنازات حتى لو كان أحد أقربائها, بحجة أن الشياطين تبتهج حين تسير النساء في الجنازات"!
"ويحظر على المرأة حتى أن تؤبن أبيها أو أمها أو أخيها أو زوجها أو ابنهارفكلام المرأة ينجس الميت"!
وأي مخالفة لقرارات الحاخامات من أي فتاة أو امرأة تجعل الحاجام يصدر أمرًا فوريًا بطردها من المكان سواءً أكان مقبرة أم معبدًا !!
"ولا يجب الغسل على المرأة الحائض بعد انقطاع الدم, فقط بل يجب الغسل أيضًا على كل من مسّ الحائض أو حتى ثيابها, أو شيئًا جلست عليه"!
و"إذا وضعت الحائض نقوًدا بفيها ثم نزلت وغطست فإنها تطهُر من نجاستها كحائض لكنها تظل نجسة من جراء ريقها، وإذا وضعت شعرها بفيها أو ضمت يدها أو عضت شفتيها، فكأنها لم تغطس".
و"ذُكر أن زوج المرأة الحائض يحظر عليه دخول المعبد بسبب تنجسه بدنس التراب الذي تسير عليه زوجته:!
والبعض يحظر على الواعظ أداء الخطبة ما دامت زوجته أو أحد محارمه التي تعيش معه في ذات المسكن حائضًا !!
وهذا الجزء التالي كنت نشرته مرات عدّة قبل ذلك لكن لا بأس من إعادة نشره مجددًا لما يتضمنه من رؤية محزنة لمكانة المرأة اليهودية:
• من الأفضل أن يُحرق كلام التوراة بدلا من تعليمه للمرأة.
• كل من يعلّم ابنته التوراة يعلمها تفاهات.
• أربعة يفوز بها (الزوج من الزوجة) : كسب يدها (أجر عملها) وما تعثر عليه (إن عثرت على مال) وجميع ما تدره ممتلكاتها من أموال في حياتها فهو له, وإذا ماتت يرثها وهو مقدم على جميع الوارثين.
• يشين المرأة كثرة خروجها, ويجب على الزوج أن يمنعها من فعل ذلك, ولا يسمح لها بالخروج إلا مرة أو مرتين في الشهر شريطة أن تكون هناك ضرورة لذلك.
• تقوم المرأة بخمسة أعمال لزوجها: الغزل, وغسل وجهه ويديه ورجليه, وصب الخمر له, وترتيب فراشه, وتمكينه من مضاجعتها (في أي وقت شاء).بالإضافة إلى ستة أعمال أخرى بعض النساء يقمن بها وبعضهن لا يقمن بها: الطحن, والخَبز, والطبخ, والغَسل, والإرضاع, وتقديم التبن للبهائم.
• كل وصيّة واجبة على المرأة, واجبة على العبد, وكل وصيّة غير واجبة على المرأة لا تجب على العبد.
• طاعة الزوج مقدمة على أداء الفروض, يقول الراب "دفيد أبو درهم : إن المرأة مستعبدة لزوجها لتلبية احتياجاته, وإذا كان لديها ضرورة مٌلّحَة لأداء فرض ديني ما, يجوز للزوج, أثناء تأديتها لهذا الفرض, أن يأمرها بعمل ما وعليها الانصياع لأوامره. وينظر إلى ذلك على أنه تخفيف من المشرع مراعاة لسلامة العلاقة الزوجية).
• يقول الرجل فيه دعائه : "مبارك أنت يا رب لأنك لم تخلقني وثناً ولا امرأة، ولا جوي (غير يهودي)", في حين تقول المرأة : "مبارك أنت يا رب الذي خلقتني بحسب مشيئتك".
وغير ذلك كثير ممّا يجعل المرأة أقل شانًا من الرجل, كما يفاقم إحساسها بالدونيّة في المجتمع, من ذلك:
• عدم جواز شهادة المرأة في المحاكم,.
• يقول الفقيه اليهودي "يوسف كارو" عن المرأة :
( يجب الحذر بألا يمرّ رجل بين امرأتين, ولا بين كلبين, ولا بين خنزيرين, وكذلك لا يسمح الرجال بمرور امرأة, أو كلب, أو خنزير بينهم).
• كل امرأة تمتنع عن أي عمل من الأعمال الواجبة عليها تجاه زوجها تُجبر على الفعل حتى ولو بالسوط, أو بمنع الطعام عنها وتجويعها.!!
• إذا مرّت الحائض بين رجلين, وكانت في بداية الحيض, فإن مرورها يسبب موت أحد الرجلين, وإذا كانت في نهايته فإن شجارًا سوف يحدث بينهما.
• ترى بعض الفتاوى النادرة في التلمود أن المرأة التي يحكم عليها بعقوبة الموت, تنفذ العقوبة حتى لو كانت في حملها وحتى لو قبل موعد الميلاد بأيام عدة, ومعنى ذلك موت الجنين أيضًا.
• لشال الصلاة الذي يفرض ارتدائه على الرجل فقط, في طهارته أحكام خاصة أهمها ألا تلمسه النساء, وإذا لمسته المرأة لابد أن يبدل بآخر جديد.
...........................................................................
كل هذا العصف بكرامة المرأة ومكانتها في اليهودية, كان أحد الأسباب القويّة التي تجعل النساء اليهوديات يدخلن في الدين الإسلامي؛ فهناك ما لا يقل عن مئة حالة دخول للإسلام كل عام, معظمها لنساء. وهو ما يقلق الدولة الصهيونية ويجعل وزارة الداخلية الإسرائيلية تصدر منشورات دورية عنوانها "لتبق يهديًا" تحاول فيها الحدّ من تزايد هذه الهجرة عن اليهودية إلى الإسلام الحنيف.
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية
كلية اللغات والترجمة
جامعة الأزهـــر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق