يحلّ الفصح في ليلة النصف من شهر "نيسان" وهو استهلال لعيد الفطير, والفصح ذكرى خروج اليهود من مصر وخلاصهم من استعباد فرعون. ومن أهم ما يميز هذا الاحتفال تذكّر قصة خروج بني إسرائيل في ذلك الزمان ومحاولة معايشة الظروف التي صاحبت خروجهم. يعدّ عيد الفصح لذلك عيدًا للحريّة والخلاص, والميلاد الجديد سواء للفرد اليهودي أو لليهود بعامة.
وترتبط عقيدة يهودية المرء بتنفيذه وصايا عيد الفصح وإقامتها على الوجه الذي حدده الحاخامون. كما يمثل عيدّا للوحدة اليهودية ولترسيخ ذلك تمنح أهمية قصوى لتجمع الأسرة اليهودية على مائدة الفصح. وتحكى "حكايات الفصح" وهى مقتطفات من التفاسير, ومزامير الشكر, وأقوال الحكماء, والصلوات, والأشعار, التي تقال في الاحتفال بليلة أول أيام عيد "الفصح". تُحكى في البيوت, أثناء التجمع حول "وجبة الفصح". كما تُذكر الضربات العشر, التي أنزلها الرب بالمصريين في زمن موسى عليه السلام, في ليلة اليوم الأول للاحتفال بعيد الفصح التي تعرف بـ "ليل هسّيدر" تذكرة بتلك الأحداث. ويجب تجهيز أدوات مائدة الفصح إن لم تكن جديدة فيجب غسلها بماء مغلي وتجليتها حتى تصبح برّاقة كالجديدة. وكذلك تنظف الأفران التي ستعد فيها فطائر الفصح.
وهناك ثلاثة أمور يجب الأهتمام بها في عيد الفصح تتعلق بالخمير؛ فحص الخمير, وعزله, والتخلُّص منه!
أولا: فحص الخمير : ويتم, في الرابع عشر من شهر "نيسان" بالبحث عن الخمير وتعيين أماكنه والعثور عليه.
ثانيًا : عزل الخمير : ويتم بالنظر إلى الخمير كـ "تراب الأرض".
ثالثًا : التخلص من الخمير : ويتم , في صبيحة اليوم التالي عن طريق التخلص منه بإفساده أو إحراقه.
وهذه الأمور الثلاثة من اجتهاد الحكماء, تنفيذا لما جاء بالتوراة عن الخبز المختمر والخمير في هذه المناسبة :
(سبعة أيام تأكلون فيها خبزًا فطيرًا وَلا تحتفظون في بيوتكم بشيء مختمر أو بخمير) (الخروج 13 : 7).
لذلك تولى عناية كبيرة بصناعة الفطير غير المخمر ومن هنا حرص الحاخامات باصطحاب تلاميذ المدارس الدينية إلى مخابز المستوطنات ذات الطابع الديني المتشدد لمتابعة عملية صناعة الفطائر بدون خمير والوقوف على مراحل صناعتها المختلفة.
وإذا لم يرغب اليهودي في إهدار الخمير الذي في حوزته يمكنه بيعه للأجنبي, الذي لا يسري عليه هذا التحريم. وكان البيع في بادئ الأمر يتم بشروطه التامة لكن مع تفاقم مشكلة الخمير هذه أضيفت بنود تسمح بالبيع الشكلي فقط واسترداد المبيع صبيحة اليوم التالي. وقد أثار هذا السلوك جدلا واسعًا في الأوساط الدينية لكنه مع ذلك منتشر ومعمول به .
ويحرم استخدام الخمير حتى ما يُنسيى في الأماكن التي بحوزة اليهودي فلا يجوز استخدامه بعد مرور الفصح ويحرم حرمة أبدية. ولا ينسحب هذا الحكم على الخمير ذاته فقط بل كل ما دخل في صناعته خمير, أو شيئًا مخمرًا؛ وإن كان طعامًا أو شرابًا أو عطرًا أو غير ذلك من استخدامات الإنسان.
أما العيد فيبدأ الاحتفال به عقب انتهاء عيدالفصح مباشرة؛ أي في اليوم الخامس عشر من الشهر الأول للسنة العبرية, حسب التقويم القديم, أبيب "نيسان" ويستمر حتى اليوم الحادي والعشرين؛ لأن مدته سبعة أيام.
ويقوم المزارعون, في هذا العيد, بتقديم حزمة من محاصيل الأرض تسمى"عومر" قربانًا للرب. أما بالنسبة لعامة الناس, الذين يمارسون أعمالاً أخرى, فعليهم تناول أقراص الفطير التي يراعى أن تخبز على عجل, وبدون خمير. والمقصود من ذلك, كما ذكرنا, تذكّر ظروف الخروج من مصر, وحياة الصحراء؛ حيث يقال إن بني إسرائيل الذين خرجوا من مصر مع موسى, زمن اضطهاد فرعون لهم, تناولوا الخبز بدون خمير حيث لم يسعفهم الوقت لتخمير العجين.
و "حول هَمٌّوعِيد" هى الفترة الواقعة بين اليوم الأول للعيد, واليوم الأخير, وهى خمسة أيام. تعدذ غير مقدسة لذلك سميت حول هاموعيد "الأيام غير المقدّسة" في العيد. جدير بالذكر أن اليومين الأول والأخير يطلق على كل منهما "يوم طوڤ: يوم طيب", تجب فيهما قراءة التوراة, وصلاة إضافية.
أما أيام "حول هاموعيد" الخمسة, وكما قلنا هى الوقعة بين اليوم الأول لعيد "الفصح", واليوم الأخير لعيد "الفطير" فمن الواجبات الدينية فيه الترفيه عن النفس, بالخروج إلى الحدائق والمنتزهات, وتناول الطعام والشراب في الهواء الطلق, وارتداء الثياب الجديدة, تنفيذًا لوصية دينية هى: "وسررت بعيدك".
ولايجوز الحزن في هذه الفترة, أو تقديم التعازي, وهناك من يمتنع عن قص الشعر, أوحلق اللحية. والسائد في إسرائيل حاليًا هو عدم وضع شال الصلاة, الـ "طَلِّيت", الذي هو من الأوامر واجبة التنفيذ, في صلاة "شحريت" كما ذكرنا سابقًا. ويمنع العمل بشكل عام في تلك الفترة, مثل التجارة, والزراعة, وغير ذلك, ويباح فقط ممارسة الأعمال الخاصة بالطعام وإعداده, والأمور الضرورية؛ كالنظافة, وإذا كانت الأعمال تخدم شئون العيد. كما يجوز العمل لدى الآخرين إذا كان العائد سوف يستخدم في إشاعة البهجة في العيد, أو إذا كان لحفظ النفس من الهلاك.
وهناك صلاة هى عبارة عن أشعار دينية لنزول الطلّ, في صلاة إضافية في اليوم الأول من عيد الفصح. وصلاة أخرى للترحّم على الأموات في التوقيت نفسه.
و "خمر التذكار" هى أربع كئوس فرض وجوبها الحكماء على كل يهودي, رجلاً كان أم امرأة, في ليلة اليوم الأول من عيد الفصح. وحتى لو كان اليهودي مريضًا ولا يمكنه تناول الخمر فلا مناص من الخمر.
......................................................................................
مما جاء في قضية قتل غير اليهود واستنزاف دمائهم في عيد الفصح, لعمل فطائر ممزوجة بدم الضحايا وتناولها بفرح في هذا العيد :
"إن من حكمة الدين وتوصياته قتل الأجانب الذين لا فرق بينهم وبين الحيوانات، وهذا القتل يجب أن يتم بطريقة شرعية، والذين لا يؤمنون بتعاليم الدين اليهودي وشريعة اليهود يجب تقديمهم قرابين إلى إلهنا العظيم".!!
وورد في التلمود: عندنا مناسبتان دمويتان ترضيان إلهنا يهوه؛ إحداهما عيد الفطائر الممزوجة بالدماء البشرية، الأخرى مراسم ختان أطفالنا.!!
وجاء في سفر أشعيا, ما يعدّ إشارة إلى هذا القتل :
"أما أنتم فتقدموا هنا بابي الساحرة نسل الفاسق والزانية بمن تسخرون. و على من تغفرون الفم وتدلعون اللسان، أنتم أولاد المعصية نسل الكذب المتوقد في الأصنام تحت كل شجرة خضراء القاتلون الأولاد في الأودية وتحت شقوق المعاقل".
ومن أشهر جرائم اليهود في هذه عبر التاريخ نذكر:
الآب "توما" بدمشق, سنة 1840, والطفل "هنري عبد النور" ابن ال 6 سنوات, بدمشق أيضًا, التاريخ غير موثق, والفتاة المسيحية "هزوزا", 18 عامًا, من بولندا, سنة 1899,والفتاة "كاسبار" من مدينة ديربورن بالمانيا, سنة 1932, والشاب "ونتر" 19 سنة, في غرب روسيا, سنة 1900, والغلام "جوثنسكي" من كييف ببروسيا, سنة 1911. وغير ذلك.
لكن هذه العقيدة اختفت بعد افتضاح امرهم وبعد أن جلبت عليهم المصائب بالذبح والقتل كما حدث في روسيا وفي ألمانيا..
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق