رافقت عملية الفصل والتمييز, بحسب التوراة, بشكل واضح جلي, تاريخ الجماعة
اليهودية, فإبراهيم عليه السلام, يقوم بأول حلقات هذه السلسلة, بإيعاز من
سارة زوجته, حين قام بالانصياع لأمرها
بطرد هاجر, عليها السلام, التي توصف في نصوص التوراة بجارية سارة, لما ولدت
له الابن الأكبر؛ إسماعيل, حين كانت سارة عاقرًا, كما تذكر التوراة. نتابع
ذلك في نصوص التوراة :
جدير بالذكر أننا سنقابل شخص إبراهيم, عليه السلام, في العبرية, باسمين آخرين؛ هما : أبرام, وأبراهام بالإضافة إلى إبراهيم, ومعنى الاسم في صيغِهِ الثلاث هو (الأب الكبير/الأب العالي/الجد الأكبر). أما سارة فيرد ذكرها باسمين : الأول ساراي, والثاني : ساره, والذي يعني : أميرة.
وأمّا هاجر, التي يعني أسمها في العبرية المنعزلة/الفريدة, وهى نفسها "قطّورة", التي ذُكرت كزوج إبراهيم, في سفر التكوين أيضًا. وإن كان هناك رأي يقول إن قطّورة غير هاجر.
وأمّا إسماعيل في العبرية فهو (يِشْمَع إيل) معناه يَسْمَع الله/مُطِيع الله/مُلَّبِي نداء الله, إن كانت التسميّة تعود عليه هو نفسه, وهى التسميّة التي تؤيد استسلامه لأمر الذبح على يد أبيه عليهما السلام. وهناك تفسير آخر للاسم إن كان معناه يعود إلى دعاء أبيه, إبراهيم, الذي كان يتضرع إلى الله بأن يرزقه الولد! فجاءت التسمية على لسان الملاك (يسمع الله), أي: الله يسمع دعاءك ونداءك. والمعنى يسمع الله أيضًا, إن كانت التسمية تعود على الأم, أي أن الله يسمع اشتياق الأم هاجر إلى ميلاده والاطمئنان عليه, بعد طردها من بيت زوجها انصياعًا لأمر زوجه سارة.
وإسماعيل هو أول من ذُكر في سفر التكوين بالتوراة, كالابن الأكبر لإبراهيم من هاجر, ولا تعترف اليهودية بنبوَّته!!
تحكي التوراة أن سارة زوج إبراهيم عليه السلام ظلّت عاقرًا حوالي عشر سنين, في كنعان (فلسطين), الأمر الذي جعلها تمنح جاريتها المصرية هاجر ليدخل عليها لعلها تُرزق منه بولد تتبناه لإعتقادها بأن الله حرمها من نعمة الحمل, وكان إبراهيم حينئذ في السادسة والثمانين من العمر, فحملت هاجر منه.
وتستطرد التوراة في الحكاية فتورد أن هاجر لما حملت بدأت بإهانة سارة ومعايرتها بأنها عاقر, فطردتها سارة من البيت, نقرأ في ذلك:
(فعاشر إبراهيم هاجر فحملت منه. ولما أدركت أنها حامل هانت مولاتها في عينيها، فقالت ساراي لأبرام: ليقع ظلمي عليك، فأنا قد زوجتك من جاريتي وحين أدر كت أنها حامل هنت في عينيها. ليقض الرب بيني وبينك. فأجابها أبرام: ها هي جاريتك تحت تصرفك، فافعلي بها ما يحلو لك. فأذلّتها ساراي حتى هربت منها).
نعرف من هذا النصّ أن إبراهيم عليه السلام أسلم الأمر كله لزوجه سارة حين قال لها "هى جاريتك تحت تصرفك, فافعلي بها ما يحلو لك"!! فكانت النتيجة أنها أذلتها وأمرت بطردها!
هربت هاجر إلى الصحراء, وهناك ظهر لها ملاك الرب وأمرها بالرجوع إلى بيت إبراهيم, وبشرها بأن ذريتها ستكون عظيمة لا يحصى عددها. ولم يقف حديث الملاك عند هذا الحدّ لكن ذكر أمورًا أخرى بالنسبة للمولود القادم؛ فنقرأ :
(لأكثرن نسلك فلا يعود يحصى" وأكمل قائلا: " هوذا أنت حامل، وستلدين ابنًا تدعينه إِسماعيل لأن الرب قد سمع صوت شقائك. وإِنه يكون إِنسانًا وحشيًا، يده على كل واحد، ويد كل واحد عليه، وأمام جميع إِخوته يسكن).
رضيت هاجر عليها السلام بقدرها وعادت إلى بيت إبراهيم ومعها ابنها الذي أسمته إسماعيل. وبعد أن بلغ إسماعيل الرابعة عشرة من عمره، حملت سارة "باسحق" ولد إبراهيم. وعند بلوغ إسماعيل سن السادسة عشرة أغضَبَ سارة، كما أساء معاملة إسحاق – بحسب التوراة - فطلبت من إبراهيم أن يطرد هاجر وإبنها. وقالت لإبراهيم:
"اطرد هذه الجارية وابنها، فإن ابن الجارية لن يرِث مع ابني إسحق"!
وعلى الرغم من أن إبراهيم لم يكن مرتاحًا لمسألة طرد هاجر وإسماعيل، لكنه انصاع إلى أمر امرأته بعدما وعده الله بأنه سيعتني بأبنه إسماعيل ويجعل له نسلاً كما لاسحق:
"لا يسوء في نفسك أمر الصبيِ أو أمر جاريتك، واسمع لكلام سارة في كل ما تشير به عليك لأنه بإسحق يدعى لك نسل. وسأقيم من ابن الجارية أمَة أيضًا لأنه من ذرِيتك"
ذهب هاجر وإسماعيل إلى برية بئر سبع، وعندها مرت هاجر وابنها بفترة عصيبة، فسمعت صوتا من السماء يقول: " فسمع الله صوت الغلام.ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها ما لك يا هاجر.لا تخافي لان الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو. قومي احملي الغلام وشدي يدك به.لاني ساجعله أمّة عظيمة."
وبذلك سكن هاجر وإسماعيل في صحراء فاران وبرَع إسماعيل باستخدام القوس ورمي النبال. اتخَذَت لهٌ أمه زوجةً. لكن "عهد الرب مع إسحاق" !
وهنا حلقة أخرى من حلقات التمييز والفصل فتذكر التوراة لإبراهيم:
(فقال الله بل سارة امرأتك تلد لك ابنا وتدعو اسمه إسحق. وأقيم عهدي معه عهدًا أبديا لنسله من بعده. وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه. هأنا أباركه وأثمره وأكثره كثيرًا جدًا. اثني عشر رئيسًا يلد وأجعله أمة كبيرة. ولكن عهدي أقيمه مع إسحق الذي تلده لك سارة في هذا الوقت في السنة الآتية ).
فعلى الرغم من أن الرب وعد بالبركة لإسماعيل وبتكثير نسله إلا أن عهده مع إسحاق!
أسباط إسماعيل الاثني عشر:
وأبناء إسماعيل اثنا عشر هم : نَبَايُوت، وقِيدَار وأَدَبْئِيل ومِبْسَامُ، ومِشْمَاع وَدُومَة ومَسَّا، وحَدَار وتَيْما ويَطُور ونافِيش وقِدمة ) وكان لإسماعيل ابنة واحدة اسمها بَسْمَة/بَسْمَا.
جدير بالذكر هنا أن أبناء إسرائيل/يعقوب اثنا عشر هم : رأوبين, وشمعون, وليڤي, ويهودا, وزبولون, ويسّاكر, وجاد, وأشير, ويوسف, وبنيامين, ودان, ونفتالي. وكان له بنتًا واحدة هى دينة/دينا.
وظهر الأخوان معًا في دفن ابيهما إبراهيم (فدفنه ابْنَاهُ إِسحاقُ وإسماعيل في مغارة الْمكفيلَة). !
وكان السياق الأوفق بحسب السنّ يجب أن يكون : فدفنه ابْنَاهُ إسماعيل وإسحاق" باعتبار أن إسماعيل هو الأكبر سنًا. لكنها حلقة جديدة أيضًا من حلقات التمييز والفصل!!
ومغارة المكفيلة هى الموجودة الآن في مسجد الخليل بمدينة الخليل بالضفة الغربية الفلسطينية, وكان إبراهيم عليه السلام اشتراها من رجل يدعى"صوعر" في الزمن القديم حيث كان غريبًا عن المكان!
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية
جدير بالذكر أننا سنقابل شخص إبراهيم, عليه السلام, في العبرية, باسمين آخرين؛ هما : أبرام, وأبراهام بالإضافة إلى إبراهيم, ومعنى الاسم في صيغِهِ الثلاث هو (الأب الكبير/الأب العالي/الجد الأكبر). أما سارة فيرد ذكرها باسمين : الأول ساراي, والثاني : ساره, والذي يعني : أميرة.
وأمّا هاجر, التي يعني أسمها في العبرية المنعزلة/الفريدة, وهى نفسها "قطّورة", التي ذُكرت كزوج إبراهيم, في سفر التكوين أيضًا. وإن كان هناك رأي يقول إن قطّورة غير هاجر.
وأمّا إسماعيل في العبرية فهو (يِشْمَع إيل) معناه يَسْمَع الله/مُطِيع الله/مُلَّبِي نداء الله, إن كانت التسميّة تعود عليه هو نفسه, وهى التسميّة التي تؤيد استسلامه لأمر الذبح على يد أبيه عليهما السلام. وهناك تفسير آخر للاسم إن كان معناه يعود إلى دعاء أبيه, إبراهيم, الذي كان يتضرع إلى الله بأن يرزقه الولد! فجاءت التسمية على لسان الملاك (يسمع الله), أي: الله يسمع دعاءك ونداءك. والمعنى يسمع الله أيضًا, إن كانت التسمية تعود على الأم, أي أن الله يسمع اشتياق الأم هاجر إلى ميلاده والاطمئنان عليه, بعد طردها من بيت زوجها انصياعًا لأمر زوجه سارة.
وإسماعيل هو أول من ذُكر في سفر التكوين بالتوراة, كالابن الأكبر لإبراهيم من هاجر, ولا تعترف اليهودية بنبوَّته!!
تحكي التوراة أن سارة زوج إبراهيم عليه السلام ظلّت عاقرًا حوالي عشر سنين, في كنعان (فلسطين), الأمر الذي جعلها تمنح جاريتها المصرية هاجر ليدخل عليها لعلها تُرزق منه بولد تتبناه لإعتقادها بأن الله حرمها من نعمة الحمل, وكان إبراهيم حينئذ في السادسة والثمانين من العمر, فحملت هاجر منه.
وتستطرد التوراة في الحكاية فتورد أن هاجر لما حملت بدأت بإهانة سارة ومعايرتها بأنها عاقر, فطردتها سارة من البيت, نقرأ في ذلك:
(فعاشر إبراهيم هاجر فحملت منه. ولما أدركت أنها حامل هانت مولاتها في عينيها، فقالت ساراي لأبرام: ليقع ظلمي عليك، فأنا قد زوجتك من جاريتي وحين أدر كت أنها حامل هنت في عينيها. ليقض الرب بيني وبينك. فأجابها أبرام: ها هي جاريتك تحت تصرفك، فافعلي بها ما يحلو لك. فأذلّتها ساراي حتى هربت منها).
نعرف من هذا النصّ أن إبراهيم عليه السلام أسلم الأمر كله لزوجه سارة حين قال لها "هى جاريتك تحت تصرفك, فافعلي بها ما يحلو لك"!! فكانت النتيجة أنها أذلتها وأمرت بطردها!
هربت هاجر إلى الصحراء, وهناك ظهر لها ملاك الرب وأمرها بالرجوع إلى بيت إبراهيم, وبشرها بأن ذريتها ستكون عظيمة لا يحصى عددها. ولم يقف حديث الملاك عند هذا الحدّ لكن ذكر أمورًا أخرى بالنسبة للمولود القادم؛ فنقرأ :
(لأكثرن نسلك فلا يعود يحصى" وأكمل قائلا: " هوذا أنت حامل، وستلدين ابنًا تدعينه إِسماعيل لأن الرب قد سمع صوت شقائك. وإِنه يكون إِنسانًا وحشيًا، يده على كل واحد، ويد كل واحد عليه، وأمام جميع إِخوته يسكن).
رضيت هاجر عليها السلام بقدرها وعادت إلى بيت إبراهيم ومعها ابنها الذي أسمته إسماعيل. وبعد أن بلغ إسماعيل الرابعة عشرة من عمره، حملت سارة "باسحق" ولد إبراهيم. وعند بلوغ إسماعيل سن السادسة عشرة أغضَبَ سارة، كما أساء معاملة إسحاق – بحسب التوراة - فطلبت من إبراهيم أن يطرد هاجر وإبنها. وقالت لإبراهيم:
"اطرد هذه الجارية وابنها، فإن ابن الجارية لن يرِث مع ابني إسحق"!
وعلى الرغم من أن إبراهيم لم يكن مرتاحًا لمسألة طرد هاجر وإسماعيل، لكنه انصاع إلى أمر امرأته بعدما وعده الله بأنه سيعتني بأبنه إسماعيل ويجعل له نسلاً كما لاسحق:
"لا يسوء في نفسك أمر الصبيِ أو أمر جاريتك، واسمع لكلام سارة في كل ما تشير به عليك لأنه بإسحق يدعى لك نسل. وسأقيم من ابن الجارية أمَة أيضًا لأنه من ذرِيتك"
ذهب هاجر وإسماعيل إلى برية بئر سبع، وعندها مرت هاجر وابنها بفترة عصيبة، فسمعت صوتا من السماء يقول: " فسمع الله صوت الغلام.ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها ما لك يا هاجر.لا تخافي لان الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو. قومي احملي الغلام وشدي يدك به.لاني ساجعله أمّة عظيمة."
وبذلك سكن هاجر وإسماعيل في صحراء فاران وبرَع إسماعيل باستخدام القوس ورمي النبال. اتخَذَت لهٌ أمه زوجةً. لكن "عهد الرب مع إسحاق" !
وهنا حلقة أخرى من حلقات التمييز والفصل فتذكر التوراة لإبراهيم:
(فقال الله بل سارة امرأتك تلد لك ابنا وتدعو اسمه إسحق. وأقيم عهدي معه عهدًا أبديا لنسله من بعده. وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه. هأنا أباركه وأثمره وأكثره كثيرًا جدًا. اثني عشر رئيسًا يلد وأجعله أمة كبيرة. ولكن عهدي أقيمه مع إسحق الذي تلده لك سارة في هذا الوقت في السنة الآتية ).
فعلى الرغم من أن الرب وعد بالبركة لإسماعيل وبتكثير نسله إلا أن عهده مع إسحاق!
أسباط إسماعيل الاثني عشر:
وأبناء إسماعيل اثنا عشر هم : نَبَايُوت، وقِيدَار وأَدَبْئِيل ومِبْسَامُ، ومِشْمَاع وَدُومَة ومَسَّا، وحَدَار وتَيْما ويَطُور ونافِيش وقِدمة ) وكان لإسماعيل ابنة واحدة اسمها بَسْمَة/بَسْمَا.
جدير بالذكر هنا أن أبناء إسرائيل/يعقوب اثنا عشر هم : رأوبين, وشمعون, وليڤي, ويهودا, وزبولون, ويسّاكر, وجاد, وأشير, ويوسف, وبنيامين, ودان, ونفتالي. وكان له بنتًا واحدة هى دينة/دينا.
وظهر الأخوان معًا في دفن ابيهما إبراهيم (فدفنه ابْنَاهُ إِسحاقُ وإسماعيل في مغارة الْمكفيلَة). !
وكان السياق الأوفق بحسب السنّ يجب أن يكون : فدفنه ابْنَاهُ إسماعيل وإسحاق" باعتبار أن إسماعيل هو الأكبر سنًا. لكنها حلقة جديدة أيضًا من حلقات التمييز والفصل!!
ومغارة المكفيلة هى الموجودة الآن في مسجد الخليل بمدينة الخليل بالضفة الغربية الفلسطينية, وكان إبراهيم عليه السلام اشتراها من رجل يدعى"صوعر" في الزمن القديم حيث كان غريبًا عن المكان!
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق