السبت، 26 أبريل 2014

عن موسى في مصـــر על מושה במצרים


تنطوي قصة موسى وبني إسرائيل كما وردت بالتوراة على أمور عدة تحتاج إلى توضيح, سنحاول عرضها واقتراح ما يمكن أن نعدّه توضيحًا مقبولا, بالنسبة لبعض الجوانب فيها!
1. الاسم "موسى" :

تحكي التوراة, في سفر الخروج, أن ابنة فرعون هى التي أسمته "موسى" بعد أن كبر!, لأنها (اخرجته) من النهر, أو الغدير:
"ولمَا كبُر الولد، ردَته إلى ابنة فرعون فَتَبَنَّته ودعته موسى قائلة: «إني انْتَشلتُهُ من الماء». سفر الخروج" 2 : 10
وهذا النص يتسم بالغموض, والتسمية أيضًا :
الأول : ماهى السنّ التي رُدّ موسى فيها إلى ابنة فرعون؟ فعبارة (لمّا كبر الولد) تقبل أكثر من احتمال!

الثاني : أنه ليس من المعقول الافتراض أن ابنة فرعون كانت تجيد العبرية, ذلك لأن العبرية كانت هى لغة العبيد (بنو إسرائيل) على افتراض أنهم كانوا, جميعًا, عبيدًا كما تقول التوراة!, وكانوا من ناحية أخرى أعداء لفرعون والمصريين, فهل ستسمي هذا الطفل, الذي يتضح من ملابسات إلقائه في النهر أنه عبراني, باسم من أسماء الأعداء؟
الثالث : طبقًا للحدث كان المفترض أن يكون الاسم في صيغة اسم مفعول, في اللغة العبرية, وليس صيغة اسم فاعل كما هى الصيغة الحالية, لأنه أنتُشِلَ من الماء, فهو مُنْتَشَل وبالعبرية (ماشُوي).
ولذلك حاول مفسرون كُثر ابتداء من فيلون السكندري, ويوسف بن متتياهو (في القرن الأول الميلادي), أيجاد تعليل لاسم "موسى" في مفردات اللغة المصرية القديمة, وكان العنصر المشترك في تفسيريهما هو العثور على المصطلحات المصريّة الفرعونية القديمة:
"مو" بمعني "ماء".
و"مس" بمعنى "طفل/ولد/ابن".
وعلى ذلك يكون معنى الاسم بعد تغير طفيف في النطق هو "موسى" بناء على هذه النظرية, "ابن الماء", أو "ابن النهر", أو "ابن الغدير".
لأنه كان مجهول النسب حين عثر عليه في سفط طاف على سطح الماء!
وهناك تعليل آخر للاسم وهو أن المصريين القدماء كانوا يسمون المولود بأسماء الآلهة التي يتوافق يوم ميلاد المولود معهم, وبذلك يكون "رع وُلِد" أو بالمصرية القديمة "رَع مُس", وكانت السابقة تحذف في الغالب فيكون ما تبقى من "رَع مُس" بعد حذف السابقة "رَع", الدالة على الإله رع هو الاسم "مُس" والتي تعني "الابن" أو "الولد" والتي تحولت إلى "موسى", بمعنى "ابن الملك" لأنه تربى في بيت فرعون!.
ولهذا التعليل تتخذ أغلب الأسماء المصرية القديمة التي تنتهي بالمقطع "مُس" : تحوتمُس/تحوتموس, أحمُس/أحموس, وغيرهما.
2. تأثر موسى بأخناتون
تذكر المصادر أن موسى تربى في مدارس كهنوتية فرعونيّة, وتأثر بالفرعون اخناتون الذي تنسب إليه فكرة التوحيد في مصر, بصرف النظر عن طبيعة الإله! لكن الفكرة العليا هى أن للكون إلهًا واحدًا ولا يجوز أن يكونا إلهين اثنين!
3. الختان عادة مصرية معروفة, فهل أجري لموسى؟ وهل كان على اعتبار أنه عادة مصرية, أم باعتبار أنه فرض ديني يهودي؟ وكيف تم في ظروف موسى هذه الصعبة؟ ومن المعروف أن الختان لابد أن يتم للطفل اليهودي في اليوم الثامن من ميلاده, حتى لو مات فإنه يُختن ميتًا ليدفن مختونًا! لأنها علامة للعهد!
تذكر التفاسير أن موسى, عليه السلام, بالإضافة إلى كونه أكبر أنبياء بني إسرائيل, لما كانت ظروف ميلاده صعبة وكان حكم فرعون بقتل البكور من الذكور والإناث أيضًا, من البشر والحيوانات أيضًا, الصغير والكبير, باستثناء "ابنة فرعون" التي كانت بكرًا لأمها وكانت أنقذت موسى عليه السلام. لكل ذلك ولد موسى مختونًا نظرًا لتلك الظروف, وهو أمر وارد ويحدث لبعض الذكور من عامة الناس إلى يومنا هذا ومعروف طبيًا.
4. هل كان تقتيل فرعون لأطفال بني إسرائيل لمجرد إشباع رغبة لديه في سفك الدماء؟
بالإضافة إلى ما ذكر من أسباب للتقتيل فإن هناك من يرى أن تغلغل عبادة الإله "بعل" الكنعاني الأصل, في مصر وبناء مقدس له في "منف" كان يقتضي تقديم قرابين بشرية, وبالطبع لم تكن تلك القرابين من المصريين لأن ذلك لم يكن من السهل فرضه على المصريين وكان من شأنه قيام ثورة ضده, فكان الحل في أبناء بني إسرائيل! والمقصود أن فرعون لم يكن ليفعل ذلك بالمصريين, ويؤكد ذلك تصرف الفرعون "خوفو" في قصته مع الساحر والمعروفة بـ "خوفو والساحر جيدي", أو "بردية وستكار" وفيها لم يوافق الساحر على قطع رأس سجين كان قد حكم عليه بالإعدام, بحسب اقتراح خوفو, أي وليس مجرد فرد من الشعب, وعرض على خوفو أن يستعيض عن ذلك بإعادة رأس حيوان إلى جسده بعد قطعها وفصلها عن جسده.
نخلص من ذلك أن تقتيل الأطفال لم يكن لمجرد القتل والانتقام من بني إسرائيل فقط بل كان جزءًا من عبادة الإله "بعل" الكنعاني التي تقتضي ذلك.
ويدل على ذلك أيضًا ذكر التوراة بأن القابلات المصريات لم تكن تنفّذن أوامر فرعون بالقتل!

د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق