نزولا على رغبة عدد من أصدقاء الصفحة أعيد نشر هذه القصة الجديرة بالتدبّر والدراسة, خاصة لدى المهتمين بدراسات مقارنة !
"إلياهو والربِّي يهوشوَّع بن ليفي"
אליהו ורבי יהושוע בן לוי
هذا عنوان قصة ترد في التراث اليهودي تشبه الى حد كبير قصة موسى عليه السلام مع الرجل الصالح (الخضر) .. الواردة بالقرآن الكريم.
"إلياهو", هو أحد الأنبياء الذين ورد ذكرهم في سفر الملوك الثاني بكتاب "العهد القديم", يسمى باليونانيّة "إلياس" ويعتقد أنه هو المذكور في القرآن الكريم في الآية : "وإن إلياس لمن المرسلين" سورة الصافات/الآية 123. .
كان ظهوره في القرن التاسع قبل الميلاد, في عهد ملك عبري يسمى "آخاب" كانت زوجه ملكة شريرة تسمى "إيزابيل", وكانت المملكة العبرية منقسمة آنذاك إلى مملكة إسرائيل في الشمال, وعاصمتها السامرة (شومرون), ومملكة يهودا في الجنوب وعاصمتها أورشليم.
ونلاحظ أن العلاقة, بين الروايتين؛ اليهودية والإسلامية, متوازية, من حيث إن البطلين هما نبيّ ورجل صالح, في كل منهما؛ فإلياهو نبيّ في اليهودية أما الحاخام أو الرابِّي يهوشوَّع بن ليفي فهو يمثل دور الرجل الصالح ؛ الخضر, في قصة (موسى والرجل الصالح/أو الخضر), بصرف النظر عمّن التابع ومن المتبوع في الروايتين.
تروي قصة التراث اليهودي كيف ذهب رابِّي/حاخام يسمى "يِهُوشوَّع بن ليفي" في رحلة مع النبيّ إلِياهو, وكما في حالة العبد الصالح, أو الخضر, في القرآن الكريم, يقوم إلِياهو باشتراط الشرط نفسه, الذي اشترطه العبد الصالح على موسى, عليه السلام؛ وهو عدم سؤاله عمَّا يحدث أثناء هذه الرحلة. ثم يقوم إلِياهو بعمل أشياء شنيعة وغير مقبولة ظاهريًا فيؤثر هذا في الحاخام بنفس الطريقة التي تأثر بها موسى.
فمن بين الكثير والمختلف من التعاليم التي قدّمها النبيّ إلِياهو إلى أصحابه, ضمن تعاليم إثبات عدالة الله في إدارة شئون الكون, ترد القصة التالية :
في إحدى المرات, أتاح النبيّ إلياهو لصاحبه؛ الرَبِّي يهوشوَّع بن ليفي فرصة تنفيذ أي رغبة يتمناها، وكل ما طلبه الرَابِّي هو أن يسمح له بمرافقة النبيّ إلِياهو في جولاته في أرجاء العالم. كان إلِياهو مستعدًا لتنفيذ هذه الرغبات, لكنه وضع شرطًا واحداً فقط, هو أن على الرابّي, مهما رأى من غرابة في تصرفات إلِياهو, ألا يسأل عن أي تفسير لها. فإن سأل لماذا؟, فإنهما سيفترقان.
انطلق إلِياهو والرابِّي سويًا, وتجولا حتى وصلا إلى منزل رجل فقير, لم يكن يمتلك من حطام الدنيا إلا بقرة. كان الرجل وزوجته طيبا القلب جدًا واستقبلا الزائرَين بترحيب بالغ ودعيا الغريبين إلى منزلهما وقدما لهما طعامًا وشرابًا من أفضل ما عندهما وأعدا أريكة مريحة لإكرامهما. وفي اليوم التالي, حينما استعد إلِياهو والرَبِّي للاستمرار في ترحالهما، صلّى إلِياهو لكي تموت بقرة مضيفهما. وقبل أن يغادرا المنزل نفقت البقرة!
صُدم الرَبِّي يهوشوَّع من سوء الحظ الذي وقع على هذه العائلة الطيبة, وكاد أن يفقد صوابه. ففكر: "أهذا جزاء رجل فقير على كل ما قدمه لنا؟" ولم يستطع الامتناع عن سؤال النبيِّ إلِياهو. ولكن إلِياهو ذكّره بالشرط المفروض والمتفق عليه في بداية رحلتهما, فاستمرا بالرحلة من دون أن يخف فضول الرابِّي.
في تلك الليلة وصلا إلى منزل رجل ثري لم يقدم لهما واجب الضيافة, ومع أنهما مرا تلك الليلة تحت سقف بيته فإنه لم يقدم لهما طعامًا أوشرابًا!. كان ذلك الرجل الثري راغبًا في ترميم حائط كان آيلا للسقوط. ولكنه لم يعد مضطرًا لبذل أي مجهود لإعادة بنائه, وذلك لأنه حينما غادر إلِياهو المنزل صلّى لكي يعتدل الجدار من ذاته, فاعتدل الحائط فجأة. دُهِش الرابِّي من تصرف إيلِياهو، ولكنه ولاءً للوعد الذي قطعه, كبت السؤال الذي كان على طرف لسانه.
وهكذا استمرا في ترحالهما, حتى وصلا إلى كنيس مُزَّين كانت مقاعده مصنوعة من ذهب وفضة, لكن المتعبّدين فيه لم يكونوا على نفس مستوى بنايتهم, وذلك لأنه حينما وصل الأمر إلى مسألة الإيفاء باحتياج الزائرين؛ ابني السبيل المرهَقَين, أجاب أحد الموجودين في الكنيس : " ليس هنالك قطرة ماء أو كسرة خبز, ويستطيع الغريب أن يبيت في الكنيس إن جلبت له هاتان المادّتان". وفي الصباح الباكِر حينما كانا على وشك المغادرة تمنّى إلِياهو لهؤلاء الذين كانوا موجودين في الكنيس ساعة دخولهما إليه, أن يرفعهم الله ليصبحوا كلهم "رؤوسًا" (من علية القوم). ومرة ثانية اضطر الرَبِّي يهوشوَّع أن يتشبث بأقصى قدر من كبح النفْس، وألا يطرح السؤال الذي يجول بذهنه!
في البلدة التالية, استُقبلا بودٍ كبير, وضُيّفا بكرم زائد بكل ما اشتهى بدناهما المتعبان. إلا أن إلِياهو لم يمنح هؤلاء المضيفين اللطفاء رغبته في أن يرزقهم الله غير (رأس) واحد فقط. هنا لم يستطع الربِّي أن يتمالك نفسه أكثر من ذلك, وطلب تفسيرًا لتصرفات إلِياهو الغريبة!.
رأى النبيّ إلياهو أن يوضح أسباب تصرّفاته التي بدت شاذة أمام الرابي يهوشوَّع قبل أن يفترقا عن بعضهما. وقال :
" لقد قتلت بقرة الرجل الفقير لأني علمت أنه قد قُدّر في السماء موت زوجته في اليوم نفسه، فصلّيت إلى الله لكي يقبل أن يفقد الرجل مِلْكًا له (البقرة) عِوَضًا عن زوجة الرجل الفقير. أما بالنسبة للرجل الغني, فقد كان هنالك كنز مخبّأ تحت الحائط الآيل للسقوط, و لو أنه بناه (بنفسه) فإنه سيجد الذهب, ولهذا أقمت الحائط بأعجوبة لحرمان الرجل البخيل من هذه اللقية الثمينة. وتمنيت أن يمتلك القوم غير المضيافين المجتمعين في الكنيس رؤوسًا عديدة, لأن الدمار مقدّر سلفًا على أي موضع ذي رؤساء عديدين بسبب تعدد النصائح والخلافات. ولقاطني آخر محل في رحلتنا, تمنيت "رأسًا واحدًا" لأنه إن قاد شخص واحد بلدة فسيحالفها النجاح في كل ما تقوم به. لهذا فاعلم! أنك إن رأيت شخصًا أثيمًا تزدهر أعماله, فإن هذا ليس لمصلحته دائمًا, وإن عانى رجل صالح من الحاجة والضيق, فلا تعتقد أن الله غير عادل ".
مع هذه الكلمات افترق النبيّ إلِياهو والرابّي يهوشوَّع عن بعضهما, وراح كل منهما إلى حال سبيله.
"إلياهو والربِّي يهوشوَّع بن ليفي"
אליהו ורבי יהושוע בן לוי
هذا عنوان قصة ترد في التراث اليهودي تشبه الى حد كبير قصة موسى عليه السلام مع الرجل الصالح (الخضر) .. الواردة بالقرآن الكريم.
"إلياهو", هو أحد الأنبياء الذين ورد ذكرهم في سفر الملوك الثاني بكتاب "العهد القديم", يسمى باليونانيّة "إلياس" ويعتقد أنه هو المذكور في القرآن الكريم في الآية : "وإن إلياس لمن المرسلين" سورة الصافات/الآية 123. .
كان ظهوره في القرن التاسع قبل الميلاد, في عهد ملك عبري يسمى "آخاب" كانت زوجه ملكة شريرة تسمى "إيزابيل", وكانت المملكة العبرية منقسمة آنذاك إلى مملكة إسرائيل في الشمال, وعاصمتها السامرة (شومرون), ومملكة يهودا في الجنوب وعاصمتها أورشليم.
ونلاحظ أن العلاقة, بين الروايتين؛ اليهودية والإسلامية, متوازية, من حيث إن البطلين هما نبيّ ورجل صالح, في كل منهما؛ فإلياهو نبيّ في اليهودية أما الحاخام أو الرابِّي يهوشوَّع بن ليفي فهو يمثل دور الرجل الصالح ؛ الخضر, في قصة (موسى والرجل الصالح/أو الخضر), بصرف النظر عمّن التابع ومن المتبوع في الروايتين.
تروي قصة التراث اليهودي كيف ذهب رابِّي/حاخام يسمى "يِهُوشوَّع بن ليفي" في رحلة مع النبيّ إلِياهو, وكما في حالة العبد الصالح, أو الخضر, في القرآن الكريم, يقوم إلِياهو باشتراط الشرط نفسه, الذي اشترطه العبد الصالح على موسى, عليه السلام؛ وهو عدم سؤاله عمَّا يحدث أثناء هذه الرحلة. ثم يقوم إلِياهو بعمل أشياء شنيعة وغير مقبولة ظاهريًا فيؤثر هذا في الحاخام بنفس الطريقة التي تأثر بها موسى.
فمن بين الكثير والمختلف من التعاليم التي قدّمها النبيّ إلِياهو إلى أصحابه, ضمن تعاليم إثبات عدالة الله في إدارة شئون الكون, ترد القصة التالية :
في إحدى المرات, أتاح النبيّ إلياهو لصاحبه؛ الرَبِّي يهوشوَّع بن ليفي فرصة تنفيذ أي رغبة يتمناها، وكل ما طلبه الرَابِّي هو أن يسمح له بمرافقة النبيّ إلِياهو في جولاته في أرجاء العالم. كان إلِياهو مستعدًا لتنفيذ هذه الرغبات, لكنه وضع شرطًا واحداً فقط, هو أن على الرابّي, مهما رأى من غرابة في تصرفات إلِياهو, ألا يسأل عن أي تفسير لها. فإن سأل لماذا؟, فإنهما سيفترقان.
انطلق إلِياهو والرابِّي سويًا, وتجولا حتى وصلا إلى منزل رجل فقير, لم يكن يمتلك من حطام الدنيا إلا بقرة. كان الرجل وزوجته طيبا القلب جدًا واستقبلا الزائرَين بترحيب بالغ ودعيا الغريبين إلى منزلهما وقدما لهما طعامًا وشرابًا من أفضل ما عندهما وأعدا أريكة مريحة لإكرامهما. وفي اليوم التالي, حينما استعد إلِياهو والرَبِّي للاستمرار في ترحالهما، صلّى إلِياهو لكي تموت بقرة مضيفهما. وقبل أن يغادرا المنزل نفقت البقرة!
صُدم الرَبِّي يهوشوَّع من سوء الحظ الذي وقع على هذه العائلة الطيبة, وكاد أن يفقد صوابه. ففكر: "أهذا جزاء رجل فقير على كل ما قدمه لنا؟" ولم يستطع الامتناع عن سؤال النبيِّ إلِياهو. ولكن إلِياهو ذكّره بالشرط المفروض والمتفق عليه في بداية رحلتهما, فاستمرا بالرحلة من دون أن يخف فضول الرابِّي.
في تلك الليلة وصلا إلى منزل رجل ثري لم يقدم لهما واجب الضيافة, ومع أنهما مرا تلك الليلة تحت سقف بيته فإنه لم يقدم لهما طعامًا أوشرابًا!. كان ذلك الرجل الثري راغبًا في ترميم حائط كان آيلا للسقوط. ولكنه لم يعد مضطرًا لبذل أي مجهود لإعادة بنائه, وذلك لأنه حينما غادر إلِياهو المنزل صلّى لكي يعتدل الجدار من ذاته, فاعتدل الحائط فجأة. دُهِش الرابِّي من تصرف إيلِياهو، ولكنه ولاءً للوعد الذي قطعه, كبت السؤال الذي كان على طرف لسانه.
وهكذا استمرا في ترحالهما, حتى وصلا إلى كنيس مُزَّين كانت مقاعده مصنوعة من ذهب وفضة, لكن المتعبّدين فيه لم يكونوا على نفس مستوى بنايتهم, وذلك لأنه حينما وصل الأمر إلى مسألة الإيفاء باحتياج الزائرين؛ ابني السبيل المرهَقَين, أجاب أحد الموجودين في الكنيس : " ليس هنالك قطرة ماء أو كسرة خبز, ويستطيع الغريب أن يبيت في الكنيس إن جلبت له هاتان المادّتان". وفي الصباح الباكِر حينما كانا على وشك المغادرة تمنّى إلِياهو لهؤلاء الذين كانوا موجودين في الكنيس ساعة دخولهما إليه, أن يرفعهم الله ليصبحوا كلهم "رؤوسًا" (من علية القوم). ومرة ثانية اضطر الرَبِّي يهوشوَّع أن يتشبث بأقصى قدر من كبح النفْس، وألا يطرح السؤال الذي يجول بذهنه!
في البلدة التالية, استُقبلا بودٍ كبير, وضُيّفا بكرم زائد بكل ما اشتهى بدناهما المتعبان. إلا أن إلِياهو لم يمنح هؤلاء المضيفين اللطفاء رغبته في أن يرزقهم الله غير (رأس) واحد فقط. هنا لم يستطع الربِّي أن يتمالك نفسه أكثر من ذلك, وطلب تفسيرًا لتصرفات إلِياهو الغريبة!.
رأى النبيّ إلياهو أن يوضح أسباب تصرّفاته التي بدت شاذة أمام الرابي يهوشوَّع قبل أن يفترقا عن بعضهما. وقال :
" لقد قتلت بقرة الرجل الفقير لأني علمت أنه قد قُدّر في السماء موت زوجته في اليوم نفسه، فصلّيت إلى الله لكي يقبل أن يفقد الرجل مِلْكًا له (البقرة) عِوَضًا عن زوجة الرجل الفقير. أما بالنسبة للرجل الغني, فقد كان هنالك كنز مخبّأ تحت الحائط الآيل للسقوط, و لو أنه بناه (بنفسه) فإنه سيجد الذهب, ولهذا أقمت الحائط بأعجوبة لحرمان الرجل البخيل من هذه اللقية الثمينة. وتمنيت أن يمتلك القوم غير المضيافين المجتمعين في الكنيس رؤوسًا عديدة, لأن الدمار مقدّر سلفًا على أي موضع ذي رؤساء عديدين بسبب تعدد النصائح والخلافات. ولقاطني آخر محل في رحلتنا, تمنيت "رأسًا واحدًا" لأنه إن قاد شخص واحد بلدة فسيحالفها النجاح في كل ما تقوم به. لهذا فاعلم! أنك إن رأيت شخصًا أثيمًا تزدهر أعماله, فإن هذا ليس لمصلحته دائمًا, وإن عانى رجل صالح من الحاجة والضيق, فلا تعتقد أن الله غير عادل ".
مع هذه الكلمات افترق النبيّ إلِياهو والرابّي يهوشوَّع عن بعضهما, وراح كل منهما إلى حال سبيله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق