الاثنين، 2 مارس 2015

المسيح الدجَّال:

 المصطلح:
شاع استخدام مصطلح (المسيح الدجَّال) عند الحديث عن الدجَّال. وورد أن صفة المسيح تطلق على الصدِّيق وعلى المُضلّ الكذاب؛ فالمسيح عيسى بن مريم عليه السلام هو مسيح الصدق والهُدى, أما المسيح الدجّال فهو إنسان سيفتن الناس ويضلّهم بما يُعطاه من آيات, كإنزال المطر, وإحياء النبات, والإنسان وغير ذلك من خوارق. ولهذا قيل إن الله خلق المسيحَين أحدهما ضد الآخر!.


وأود بداية أن أقدم شرحًا يسيرًا يجلي معنى كلمة (مسيح), وسأبدأ بمعناها في اليهودية بصفتها أقدم من الإسلام, فالكلمة تعني, في مصطلحات الديانة اليهودية, الممسوح بخليط من زيوت الزيتون وبعض الأعشاب العطرة الأخرى, التي تكوِّن خليطًا يسمى "دُهْن المِسْحَة", الذي كان يجهَّز لمسح أجسام الشخصيات المهمة كالأنبياء, والملوك؛ كما حدث مع النبي أشعيا, والملكين, داود وسليمان.
أما في التراث الإسلامي فيقال إن تسمية "المسيح" ترجع لسببين؛ الأول: أن إحدى عينيه ممسوحة, على اختلاف في الروايات هل الممسوحة هى عينه اليمنى أم اليسرى! وهناك رواية تقول إن كلتا عينيه بهما عيب.
والثاني: أنه يمسح الأرض في أربعين يومًا. فورد أنه يسير في الأرض ويدخل كل بلادها وقراها إلا مكّة, والمدينة, وقيل لا يدخل أيضًا مسجدي الطور, والأقصى.
والقول بأن عينيه أو إحداهما ممسوحة هو الراجح, في التراث الإسلامي.

وأمّا تسميّة ا"الدجّال" فهى في العربية من الفعل "دَجَلَ", وهو الخلط والتلبيس, يُقال: دجل إذا لبَّس وموَّه, والدجّال المُمَوِّه الكذَّاب.
وأصبحت كلمة الدجّال علمًا على المسيح الأعور الكذاب, وسُمي "دجّال" لأنه يغطي على الناس والخَلْق كفره بكذبه.
صفات الدجَّال:
أما عن صفاته فهى كثيرة يهمنا منها أنه ممسوح العين, مكتوب بين عينيه (كافر) وقيل يقرأها كل مسلم سواء أكان يجيد القراءة والكتابة أم لا, ولا يقرأها الكافر حتى إن كان متعلمًا عارفًا القراءة والكتابة! . وجاء أنه لا يلد, بل يكون عقيمًا.

أين يخرج الدجّال؟ ومتى؟ وكم يمكث في الأرض؟
جاء في حديثي أبي بكر الصدِّيق, وفاطمة بنت قيس, أنه يخرج من أرض بالمشرق يقال لها خُراسان (بإيران الآن), وجاء في حديث أنس رضي الله عنه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يخرج الدجّال من يهودية أصفبهان (أو أصفهان بإيران الآن), معه سبعون ألفًا من اليهود عليهم التيجان.
ماهى مهمة الدجَّال؟
يخرج المسيح الدجّال على الناس ليفتنهم عن عبادة رب العالمين إلى الوثنية, وعبادة الشيطان, وفي تحذير رسول الله صلى الله تعالى منه يقول: إن الله ليس بأعور. في إشارة إلى أن الدجّال سيكون أعور.
أما متى يخرج فهناك ما يشير إلى أنه ينتظر الإذن بالخروج؛ حيث يقول:
" وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ"!
وأما عن مُكثه في الأرض فقيل:
وَإِنَّهُ يَلْبَثُ فِيكُمْ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا" وفيها تفصيل كثير.

بعض فتنه:
• جاء أن رجلا من خيار الناس يخرج إلى الدجال ويقول له:
" أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَهُ .
فَيَقُولُ الدَّجَّالُ (للناس): أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ فِي الأَمْرِ؟
فَيَقُولُونَ: لا.
فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ!
فَيَقُولُ (الرجل): وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي الْيَوْمَ!
فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلا يُسَلَّطُ عَلَيْهِ" (يُحال دون ذلك).

• وقوله لأَعْرَابِيٍّ: أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ لَكَ أَبَاكَ وَأُمَّكَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَبُّكَ ؟
فَيَقُولُ الأعرابي: نَعَمْ .
فَيَتَمَثَّلُ لَهُ شَيْطَانَانِ فِي صُورَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ.
فَيَقُولانِ: يَا بُنَيَّ اتَّبِعْهُ فَإِنَّهُ رَبُّكَ "!

• وجاء أن شابًا مؤمنًا أخذه جيش الدجّال فلما رأى الدجال,
قال الشاب: "أيها الناس هذا هو الدجال الذي ذكره رسول الله"
فيسمع الدجّال كلامه, فيغضب ويأمر بأن يؤخذ الشاب ويُشجّ. فيأخذه أتباعه ويوسعوه ضربًا على ظهره وبطنه,
ثم يُسأله الدجّال: أوما تؤمن بي؟
يقول الشاب المؤمن: أنت المسيح الدجّال.
فيأمر الدجّال أتباعه فينشروا الشاب بالمنشار من مفرق رأسه إلى مفرق ما بين رجليه, فيُوسع بين نصفيه ويمشي الدجال بين النصفين!
ثم يقول الدجال له: قُم! وفي رواية : انظروا إلى عبدي فإني أبعثه الآن! ثم يزعم أن له ربًا غيري!
فيبعثه الله ويستوي قائمًا.
فيقول الدجّال: أتؤمن بي؟
فيقول الشاب: ما ازددت فيك إلا بصيرة. ويردف : يا أيها الناس إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس"
فيأخذه الدجال ليذبحه فيُجعل ما بين رقبته وترقوته نحاسًا فلا يستطيع إليه سبيلا.

وفتنة الدجّال هى أعظم فتنة يتعرض لها الناس منذ خلق آدم إلى أن تقوم الساعة.
وممّا جاء عنه في المسيحية ما ورد في رؤيا يوحنا:
"إن كان أحد يسجد للوحش ولصورته ويقبل سمته على جبهته أو على يده. فهو أيضًا سيشرب من خمر غضب الله المصبوب صرفًا في كأس غضبه" رؤيا يوحنا 14: 9 - 12
وفي هذه الآية تحذير من قبول الدجَّال واتباعه؛ فعبارة "ويقبل سَمتَه على جبهته" إشارة إلى كلمة (كافر) الموسوم بها على جبهته. ومن يسير وراءه عليه أن ينتظر غضب الله, وفي عبارة "المصبوب صرفًا" كناية عن شدّة غضب الله على من يقبله ويتبعه.

نهاية الدجّال:
ورد أن هلاك الدجال سيكون على يد "عيسى بن مريم, عليه السلام, استنادًا على أحاديث صحيحة منها:
: " يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أُمَّتِي فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ .. " فذكر الحديث، وفيه : " فَيَبْعَثُ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ "
وينهزم أتباعه وأكثرهم اليهود, حين فيتبعهم المؤمنون فيقتلونهم حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود! - لأن أغلب أتباعه من اليهود.
(يتبع)
د. سامي الإمام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق