"معاداة السامية" هو مصطلح حديث, لمضمون قديم, يطلق على ما كان يعرف قبل ذلك بـ "كراهية اليهود". المعنى اللغوي للمصطلح هو "ضد الساميين", أي كراهية كل من ينتمي إلى العِرق السامي بعامة؛ العرب واليهود.
وجاءت تسميّة الساميّ من (سام) بن نوح. ويدعي اليهود أن المصطلح يستخدم للتعبير عن كراهيّة الآخرين لليهود, فقط, دون أي شعب آخر.
ترجع معاداة السامية لأسباب عدّة؛ دينية, واقتصادية اجتماعية, وثقافية, وعرقية.
يمكن, من الناحية التاريخية, تقسيم "معاداة السامية" إلى قسمين:
"معاداة السامية" التقليدية, "معاداة السامية" الحديثة.
وتعدّ الأخيرة طبقة جديدة أضيفت للأولى. تشير استطلاعات الرأي الحديثة سنة 2014 إلى أن واحدًا من كل 4 على مستوى العالم يعتنق أفكارًا ضد السامية أولها مقولة "اليهود ضالعون في جميع الحروب على مستوى العالم".
ظهر مصطلح "معاداة السامية" أول ما ظهر في ألمانيا سنة 1822, مكونًا من كلمتين؛ الأولى Anti كلمة لاتينية بمعنى (ضدّ), والثانية Semitizm بمعنى (ساميَّة) نسبة إلى سام, ابن نوح, أبو الساميين.
استخدم المفكر والفيلسوف الإنجليزي "توماس كارليل" سنة 1851, مصطلح (أعمال شغب ضد الساميّة) على شغب ضد اليهود. شاع استخدام المصطلح في وسائل النشر الألمانية سنة 1857, وفي سنة 1879 استخدمه الصحافي الألماني "فلهلم مار" كلازمة في كلامه ومن ها نسب إليه المصطلح خطأ.
لكن مار أكد أن المصطلح يعبر عن كراهية فكرية ضد اليهود, وأسبابها غير دينية بل عرقية علمانية!. واستخدم المصطلح بداية من القرن العشرين للتعبير عن كل أنواع الكراهية ضد اليهود عبر التاريخ .
يرى مفكرون كثر, من بينهم الكاتب الإسباني (جوستافو فردنيك), أن هذه التسمية خاطئة ويجب أن يطلق على ظاهرة كراهية اليهود (يودوفوبيا, أو جودوفوبيا, أو يهودوفوبيا), لأن معاداة الساميّة تضم في طياتها اليهود وغير اليهود أو اليهود والعرب في معناها العام.
ويمكننا بسهولة العثور, في كتاب "العهد القديم", على جذور لكراهية اليهود لكنها لم تكن تبلورت وشاعت بعد شتات اليهود في أنحاء الأرض كعقاب من الله على معصيتهم لأوامره, وكانت لا تزال على مستوى إقليمي, بمملكة فارس, على سبيل المثال تلك العبارة التي يسرّ بها هامان لأحشويروش:
(فَقَالَ هَامَانُ لِلْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ: «هَنَاكَ شَعْبٌ مَا مُتَشَتِّتٌ وَمُتَفَرِّقٌ بَيْنَ الشُّعُوبِ فِي كُلِّ أَرْجَاءِ مَمْلَكَتِكَ، تُغَايِرُ شَرَائِعُهُمْ شَرَائِعَ جَمِيعِ الأُمَمِ، وَهُمْ لاَ يُنَفِّذُونَ سُنَنَ الْمَلِكِ. فَلاَ يَجْدُرُ بِالْمَلِكِ إِغْفَالُ أَمْرِهِمْ.) سفر إستير 3 : 8
ومن بين ما يوصف بالأدب الوثني, في اليهودية, وما تنظر إليه ضمن ما يعرف بـ "معاداة الساميّة", أن أصل اليهود , في فلسطين, ما جاء في حكاية مصرية – يونانية قديمة بديلة عن سيرة خروج بني إسرائيل من مصر؛ تقول الحكاية او القصة: إن وباء قاتلا حلّ بمصر قديمًا طُرد في أعقابه جميع الأجانب على أرض مصر, بمن فيهم اليهود الذين كانوا يشكلون أغلبية الغرباء خرجوا بقيادة موسى, عليه السلام, إلى أرض خربة وخالية من الناس, تسمى "يهودا"!
ونلاحظ هنا استخدام المصطلح "معاداة السامية" لترسيخ وجود اليهود في فلسطين قديمًا!! وهو من توظيف المصطلح, بأكاذيب مغلفة بادعاء قصة ملفقة من أساسها! لخدمة الصهيونية وأهدافها.
ويعدّ بعض من يعتبرون الهكسوس أسلافًا لليهود الذين استُعبدوا في مصر قديمًا من المعادين للسامية, حيث ينسب إليهم غزو مصر وتجبرهم على المصريين ما أدّى إلى طردهم فوجدوا ملجأ لهم في "يهودا" !!
(يتبع)
د. سامي الإمام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق