الجمعة، 25 ديسمبر 2015

فلسطين عربية إسلامية ولا حق للصهاينة فيها (2. على المستوى السياسي) ‫#‏פלסטין_ערבית_אסלמית_ואין_זכות_לציונים_בה_‬(2על_המישור_המדיני)

لن أضيّع وقتًا كبيرًا, على الرغم من أهمية الموضوع وحساسيته وشائكيته, في تقديم بعض نماذج تؤيد ما ذهبنا إليه, بعيدًا عن محور الدين. فحين تقع جريمة ما فإننا نلجأ للوصول إلى الحقيقة إلى عناصر أساسية أوليس كذلك؟ أهم هذه العناصر هى: جسم الجريمة, ومسرحها, وآثارها, وشهودها, ومستنداتها, وخلفياتها, وخلفيات المدعين, وغير ذلك من عناصر الكشف. ففي ساحة الأقصى ومسجدها المبارك, وكل فلسطين, فإننا سنحاول استجلاء بعض العناصر التي تبدو في رأي مهمة جدًا لما تقدمه من معلومات ستفيد في تكوين تصور لدى القاريء عن حقيقة النزاع الذي خلقه الصهاينة بدافع القوى الاستعمارية في القرن الماضي والقرن السابق عليه, لعوامل عدّة أهمها التخلص من اليهود وإبعادهم عن القارة الأوربية في المقام الأول وعلى حساب أي كان فهذا غير مهم في المسألة . .
1. الأثار والرحالة والحفريات
الاستشهاد بما تُرك من آثار عينيّة في مسرح النزاع, والاطلاع على مشاهدات الرحالة عبر التاريخ, من أولئك الرحالة "بوردكس" (333م), جدير بالذكر أن هذا قبل ظهور الإسلام, والمؤرخ "ثيدورش" (1170م), والتركي "ناصر خسرو" (1407م), و"على الحارث", و"شمس الدين الأسيوطي" (1470م), و"فلكس فابري" (1480م), و"باركلي" (1850م), و"ولسون" (1866م), و"ورن" (1867م), و"شيك" (1887م), و"ابن الفقيه" (1903م), و"هولس" (1934م), و"باجتي" (1959م), وعالمي الآثار الإسرائيليين المعاصرين "آلن مازار" و"يورام سفريرس", وغيرهم من الرحالة والمؤرخين.
من أهم المصادر القيمة في هذا السند : د.إبراهيم الفني، وطاهر النمري، المسجد الاقصي والصخرة المشرفة، التاريخ- العمارة –الانفاق- الحفريات- الخطط الصهيونية، دار الشروق للنشر والتوزيع، الطبعة العربية الاولي، الإصدار الاول،2001، الأردن.

يضاف إلى ذلك نتائج نشاط علماء الآثار وخاصة ما أطلق عليه في حقبة الاحتلال الانجليزي لفلسطين "صندوق اكتشاف فلسطين" الذي تأسس في لندن عام 1865 برعاية الملكة "فكتوريا" ورئيس أساقفة "كانتربري", تحت ستار التسمية "دراسة التاريخ الطبيعي لفلسطين وآثارها وعادات سكانها وتقاليدهم", وكذلك الحفريات التي تمت تحت المسجد الأقصى في أعقاب الاحتلال الإسرائيلي للقدس عام 1967 وحتى الآن.

جميع ذلك لم يقدِّم ما يفيد عن وجود أي أثر يهودي في منطقة الحرم القدسي, وهى لبّ الخلاف, بما فيهم عالمي الآثار الإسرائيليين السابق ذكرهما.

2. آراء كبار الشخصيات اليهودية في العالم :
قراءة آراء كبار الشخصيات اليهودية الذين رفضوا فكرة الدولة اليهودية, تعليقًا على جهود الصهيونية بزعامة "تيورور هرتسل", التي بدأت بالمؤتمر الأول للصهيونية عام 1897 في بازل بسويسرا, لاحتلال فلسطين باستخدام الدين اليهودي كغطاء لتمرير جريمة سياسية, من أمثال:
* مارتن بوبر (فيلسوف يهودي شهير), يقول (في عام 1950):
"إن المشاعر التي انتابتني حينما انضممت إلى الحركة الصهيونية قبل ستين عامًا هى نفسها التي أشعر بها الآن.. كنت أتمنى ألا تسلك تلك القومية (يقصد اليهودية) الطرق نفسها التي سارت فيه القوميات الأخرى – والتي تبدأ بآمال عريضة – ثم تتدهور لتصبح أنانية مقدسة ..وعندما عدنا إلى فلسطين كان السؤال الملح هو :
"هل تريد أن تأتي إلى فلسطين كصديق, أم كأخ , أم كعضو في جماعة شعوب الشرق الأوسط, أم كممثل للاستعمار والامبريالية؟
* ألبرت أينشتاين, عالم الذرة اليهودي الشهير وصاحب نظرية النسبية حيث يقول (في عام 1935):
"في رأي أنه من المنطقي أن نصل إلى اتفاق مع العرب لبناء أساس حياة مشتركة سليمة أفضل من أن ننشيء دولة يهودية ..إن إحساسي باليهودية يتعارض مع فكرة إقامة دولة يهودية ذات حدود وجيش ومشروع سلطة دينية مهما كانت تلك الفكرة بسيطة. إنني أشعر بتخوف من الخسائر الداخلية التي ستعاني منها اليهودية بسبب تنمية مشاعر القومية المركّزة في صفوفنا".
* يهودا ماجينس, رئيس الجامعة العبرية بالقدس يقول في خطابه بمناسبة بدء الدراسة بها عام 1946:
"صوت اليهود الجديد يتحدث بلسان البنادق..تلك هى التوراة الجديدة, لقد ارتبط العالم بجنون القوة المادية, ولكن السماء لن تحمينا من أن ترتبط اليهودية وشعب إسرائيل بذلك الجنون, إننا لا نستطيع أن نوقع عقدًا مع
مجتمع أصبحت فيه القومية عقيدة مفروضة..وفي ضوء رؤيتنا العالمية لتاريخ المصير اليهودي, ولأننا قلقون على الوضع الأمني لليهود في مناطق أخرى من العالم, فإننا لا نستطيع أن ننضم إلى الاتجاه السياسي الذي يسيطر على البرنامج الصهيوني الحالي, ولن نؤيده. إننا نعتقد أن القومية اليهودية تعمل على خلق الفوضى بين شركائنا فيما يخص وضعهم ودورهم في المجتمع وتحرف من دورهم التاريخي: وهو الحياة داخل مجتمع ديني في أي مكان يتواجدون فيه".
* رجاء جارودي, المفكر والفيلسوف, الذي كان في بداية حياته يهوديًّا، ثم أصبح بروتوستانتيًّا, وأخيرًا اعتنق الإسلام عام م1982:
"بالنسبة لي شخصيًا فإنني لم انتبه إلا مؤخرًا للتعارض الراديكالي بين الصهيونية واليهودية, والتناقض الأساسي داخل الصهيونية: فقد نشأت القوميات في أوربا في القرن التاسع عشر واعتنقها "تيودور هرتسل", ولايجاد مبرر قوي لها احتاجت تلك العقيدة السياسية التي أطلقها العلمانيون أمثال هرتسل نفسه, وبن جوريون وجولدا مئير وكل المؤسسين للصهيونية, إلى استعادة النصوص التوراتية لأرض الميعاد, لم يكن من الممكن إذن أن يتطوروا إلا بمساعدة أكثر العبارات تطرفًا في التوراة من أجل إقناع العالم أن أرضًا مغتصبة هى أرض الميعاد!, إنهم يطالبون بملكية تلك الأرض التي يزعمون أن الله – الذي لا يؤمنون به – منحهم إياها. وبالنسبة لي فلم أتمكن من فهم ذلك التناقض إلا بعد أن تعاملت مع نتائجه الإجرامية منذ 1933 ومن خلال قرائتي للكتاب المقدس دخلت إلى العائلة الإبراهيمية العالمية الكبرى ولم اتخل عنها منذ ذلك الوقت. فقد تعلمت من تضحية إبراهيم أن القيم الصغيرة التي نتبانها ومنطقنا المحدود لا يستوعب كل تلك القيم النهائية والإلهية التي تتجاوزنا. لقد تعلمت من نصوص سفر الخروج ما أطلق عليه فيما بعد "لاهوت التحرير", بالنسبة إلى كل ما له علاقة بعمليات القمع والاستبداد. وتعلمت من سفر "يشوع"أن الرجل الذي يسكن فيه الله هو رجل لا يقهر وهو قادر حسب النص الديني – أن يوقف حركة الشمس أو أن يدمر الشر بين البشر, وذلك رغم أن النص كتب باللغة البدائية لذلك العهد, لأن الإله لا يتحدث إلى الإنسان إلا من خلال الرموز والإنسان لا يتحدث عن الله إلا بالتعبيرات المجازية. ومن خلال الإيمان العميق بذلك وخلال وجودي في معسكرات الاعتقال مع "برنار لوكاش" مؤسس منظمة ليكا (التي أصبحت فيما بعد ليكرا), قمنا بتنظيم حلقات دراسية سريّة طوال الليل لدراسة أنبياء إسرائيل. وبعد فترة بدأت أدرك قيام الصهيونية بتحويل الأساطير الكبرى إلى تاريخ غير صحيح بهدف تبريرسياسة قومية عنصرية للتوسع الاستعماري. فلقد تحول العهد العظيم الذي قطعه إبراهيم لتحقيق الاتحاد بين الله والإنسان, وبين "كل عائلات الأرض" كما يقول الكتاب المقدس, إلى مجرد "عهد بأرض"! وذلك حسب الطقوس القبائلية السائدة لدى كل آلهة كنعان في ذلك الزمان!
وتحولت المعجزة الكبرى للخروج, النموذج الأول لكل حركات التحرر العالمي, إلى مجرد معجزة على قوة "رب الجيوش"! ورب الانتقام! الذي يدعو إلى ذبح الشعوب الأصلية رجالا ونساء وشيوخًا وأطفالا, بل وحتى الحيوانات !
ويستطرد قائلا: عندما كنت أستمع إلى البرنامج الديني اليهودي الذي يذاع في التليفزيون الفرنسي كل صباح, والذي تذاع فيه أحاديث عن الصفات الأخلاقية والروحية ليشوع (ذكرنا أن يشوع هو خليفة موسى, وهو الذي تنسب له التوراة فتح أريحا قديمًا والقضاء على كل من فيها بحد السيف)!, أجد نفسي مضطرًا لأن استخلص أن تشويه الرموز في النصوص الدينية يؤدي إلى الجريمة. ويجب أن نقول لهذا النوع من المنشقين, ما قاله "جان جاك روسو" في روايته "إميلي" :
"إلهكم ليس إلهي, فمن يختار شعبًا واحدًا من أجل تدمير كل الشعوب الأخرى فهو ليس إله البشرية كلها"

* س. و. بارون, يقول في كتابه "كتاب تاريخ إسرائيل" :
لم يكن لليهود دولة قائمة إلا لفترات قصيرة نسبيًا وقد تحررت الأمة اليهودية تدريجيًا من فكرة وجود الدولة والأرض .. وهذا الشعب الذي كان في عهد موسى لا يملك دولة ولا أرضًا فقد كان حينذاك أسعد حالا".

* أستير بنباسا, كاتبة وباحثة يهودية شهيرة تعيش في فرنسا وجهت نداء من أجل "طريق يهودي ثالث"، و"صوت يهودي مختلف"، مناشدة من ورائه "البحث عن إسرائيل أخرى" و"الخروج من حتمية دعم يهود الشتات لإسرائيل بشكل مطلق وبلا شروط", من خلال كتابها الجديد "معنى أن تكون يهوديًا بعد غزة" والذي صدر بباريس نهاية شهر سبتمبر 2009.
وغير ذلك كثير من الآراء التي ترى في إسرائيل الخطر المحدق باليهود واليهودية برمتها.

3. دول كانت مرشحة للوطن اليهودي
من الثابت تاريخيًا أن فلسطين لم تكن هى المكان الوحيد المرشح كوطن قومي لليهود فقد كانت هناك بدائل عدة لذلك منها, العراق, وجانبي نهر الأردن, وليبيا, والأرجنتين, واستراليا, وكان الاقتراح الأكثر جدية هو إقامة حكم ذاتي يهودي في أوغندا, وقد أعلن ذلك وزير المستعمرات البريطاني في أبريل 1903، بعد مذبحة "كشينيڤ" التي تعرض لها اليهود في تلك المدينة (ذكرت قصيدة المذبحة للشاعر اليهودي الكبير حاييم نحمان بياليك – في المنشور المتعلق بالمستوى الديني)، والتي كانت ذروة مطاردة اليهود في الإمبراطورية الروسية آنذاك، مما أدى إلى هجرة أعداد كبيرة من يهود شرقي أوروبا إلى غربي أوروبا وأمريكا والشرق الأوسط. وكان من جراء ذلك أن أرسل المؤتمر الصهيوني العالمي في جلسته السادسة بعثة إلى أوغندا لبحث الاقتراح، أما في الجلسة السابعة (1907) فرفضها لأسباب وطنية وتاريخية ومشيرا إلى التقرير المخيب الذي عرضته البعثة. كانت فلسطين وقتها تحت السيطرة العثمانية، وبشكل أوسع، عندما آلت السلطة للاحتلال البريطاني.
وهذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك في استخدام اليهود المشاعر الدينية لليهود في دفعهم لتأييد فكرة الدولة اليهودية في فلسطين.
4. مؤلفات ضد الصهيونية
كثير من المؤلفات التي تؤكد تعارض الصهيونية مع الدين اليهودي, مثال:
* وصمة العار الصهيونية .. من مصادر الصهيونية وفسادها في العالم, بقلم: لوسيان كارفوديماس, 1972.
* اليهودية عدوّ الصهيونية, إيمانويل ليڤين, 1968.
* مقالات في مجلة الأزمنة الحديثة لـ جون بول سارتر لعدد من الكتاب اليهود, بعنوان " إسرائيل الثانية", ترجمة فؤاد حداد, 1981.
* المشكلة السفاردية, بقلم شموئيل تريفانو.
* سقط الحساب, آرييه إلياڤ.
* الفكر الحديث للقومية اليهودية, جواب سيفرادي.
* المنفى في العودة, شالوم كوهين.
* أحمد محمد فضل, إسرائيل ومصير الإنسان المعاصر.
ولمزيد من المعلومات عن حقيقة المؤامرة الأوربية في استخدام اليهود لاحتلال فلسطين فليقرأ كتاب الكاتب الفرنسي "جاك سوستيل" المعنون بـ "مسيرة إسرائيل الطويلة"! وكتاب "تيودور هرتزل" مؤسس الصهيونية "الدولة اليهودية".
وهذه مجرد نماذج من مئات الكتب والمقالات تتناول موضوع استخدام الدين في السياسة وما ينتظر من زرع إسرائيل في فلسطين بدعوى "أرض الميعاد", من أخطار لا تحمد عقباها, خاصة أن المحيط العربي المحمّل بالمشاعر الدينية الصادقة, ومهما بلغت درجة تخبطه وتخلفه, في نظر اليهود والغرب, لابد أنه سيبلغ درجة يصعب معها إعادة عجلة استعادة حقوقه في فلسطين إلى الوراء.
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية/كلية اللغات والترجمة/جامعة الأزهر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق