الأربعاء، 16 مارس 2016

فلسطين عربيّة إسلامية ولا حق للصهاينة فيها (1. على المستوى الديني)



الرب يصف اليهود في التوراة بأنهم أضل من الثيران والحمير؛ فورد: 
أن (الثور يعرف قانيه, والحمار يعرف صاحبه, أما شعب إسرائيل فلا يعرف، وشعبي لا يدرك. ويل للأُمة الخاطئة، الشعب المثقل بالإثم، ذرية مرتكبي الشر، أبناء الفساد. لقد تركوا الرب واستهانوا بقُدوس إسرائيل وداروا على أعقابهم. على أي موضع أضربكم بعد؟ لماذا تواظبون على التمرد؟ إن الرأس بجملته سقيم والقلب بكامله مريض)!

كان رضا الله عن بني إسرائيل منذ أن عصوه بصناعة العجل في سيناء وعبادته, مرهونًا بمدي طاعتهم لأوامره والسير على منهاجه الذي شرعه لهم. وكان الاستقرار في الأرض التي وعد الله آباءهم (إبراهيم, وإسحاق, ويعقوب), بحسب التوراة, مرهونًا كذلك بطاعتهم أياه وعدم مخالفة أوأمره ووصاياه وبُعدهم عن الشرك بالله وعبادة الأوثان, واقتراف الآثام. 
لكن بني إسرائيل لم يكونوا يومًا حافظين العهد مقيمين شرع الله سائرين على منهاجه. وسوف نذكر بعض الأمثلة من التوراة لعصيان بني إسرائيل :
• تذمَّر بنو إسرائيل على موسى وهارون، عليهما السلام, في صحراء سيناء, وقالوا لهما: "
(ليت الرب أماتنا في أرض مصر، فهناك كُنا نجلس حول قدور اللحم نأْكل حتى الشّبع. وها أنتما قد أخرجتمانا إلى هذه الصحراء لتميتا كل هذه الجماعة جوعًا). !
فلما سمع الرب تذمرهم قال لموسى:
سمعت تذمّر بني إسرائيل، فقل لهم : في المساء تأكلون لحمًا، وفي الصباح تشبعون خبزًا، فتعلمون أنني أنا الرب إلهكم).
وكما نرى فإن الرب قد استجاب لطلبهم وأنزل عليهم الطعام الذي يفضلونه وكانوا يأكلونه في مصر. ومع ذلك؟
• تذمّروا وفكروا في رجم موسى, عليه السلام, وقالوا له: "
لماذا أخرجتنا من مصر لتميتنا وأولادنا ومواشينا عطشًا؟ 
فصرخ موسى إلى الرب: ماذا أصنع بهذا الشعب؟ إنهم يكادون يرجمونني!؟. 
• ولما طالت إقامة موسى على الجبل، اجتمعوا حول هارون، وقالوا له: "
(هيا، اصنع لنا إلهًا يتقدّمنا في مسيرنا، لأننا لا ندري ماذا أصاب هذا الرجل موسى الذي أخرجنا من ديار مصر. فلما صنع هارون عجلا. حينئذ قالوا: هذه آلهتك ياإسرائيل التي أخرجتك من ديار مصر"). 
فعلم الرب بما فعل بنو إسرائيل وأمر موسى, قائلا: "
(قم وانزل فإن الشعب الذي قَد أخرجته من ديار مصر، قد فسد. إذ انحرفوا سريعًا عن الطّريق الذي أمرتهم به، فصاغوا لهم عجلا وعبدوه وذبحوا له الذّبائح هاتفين: هذا هو إلهك ياإسرائيل الذي أخرجك من ديار مصر).
وقال الرب لموسى: لقد تأمّلت في هذا الشعب، وإذا به شعب عنيد مُتصلّب القلب. والآن دعني وغضبي المحتدم فأَفنيهم، ثم أَجعلك أنت شعبًا عظيمًا". 
وعلى الرغم من ذلك ابتهل موسى إلى الرب ... فترأف الرب ولم يوقع بشعبه العقاب الذي توعّد به. 
• وعن غضب موسى وتكسِّيره الألواح جاء: "
(وما إن اقترب موسى من المُخيم وشاهد العجل والرقص حتى احتدم غضبه وألقى باللوحين من يده وكسرهما عند سفح الجبل. ثم أخذ العجل الذهبي وحرَّقَه بالنار وطحنه حتى صار ناعمًا، وذَرَّاه على وجه الماء وأرغمهم على الشرب منه". 
ويمكننا ذكر نماذج عدة من معاصي بني إسرائيل عبر الزمان؛ منذ زمن موسى عليه السلام (حوالي 1350 ق.م) وحتى يوئيل آخر آنبياء بني إسرائيل (450 ق.م), بل حتى إلى زمن تدمير مل بقى من الهيكل الثاني وطردهم من فلسطين تمامًا على يد القائد الروماني هدريانوس سنة 136م. 
وما يعنينا من ذلك هو أنهم دأبوا على ارتكاب المعاصي واقتراف الآثام ومخالفة أوامر الرب بإصرار وهو ما يفهم من العبارة التي جاءت على لسان الرب نفسه : "
(لقد تأمّلت في هذا الشعب، وإذا به شعب عنيد متصلّب القلب". 
• وجاء كلام الرب عن تمرّد الإسرائيليين ووصفه لهم بأنهم أضلّ من الثيران والحمير:
( الرب يتكلم: ربيت أبناء وأنشأْتهم ولكنهم تمرّدوا علي. الثّور يعرف قانيه، والحمارُ معلف صاحبه، أما إسرائيل فلا يعرف، وشعبي لا يدرك. ويل للأُمة الخاطئة، الشعب المثقل بالإثم، ذرية مرتكبي الشر، أبناء الفساد. لقد تركوا الرب واستهانوا بقُدوس إسرائيل وداروا على أعقابهم. على أي موضع أضربكم بعد؟ لماذا تواظبون على التمرد؟ إن الرأس بجملته سقيم والقلب بكامله مريض).
البعد الغائب: حتميّة العقاب بالقتل والشتات في أنحاء الأرض (في التوراة)
***********************************************
كان العقاب الذي قرره الخالق سبحانه وتعالى في حقهم جراء المعصية ومخالفة الأوامر والتجبر والاستعلاء في الأرض, هو ما قرره الرب في الآيات/أو الفقرات التالية: "
(لأن أحكامي رفضوها وفرائضي لم يسلكوا فيها .. من أجل أنكم لم تسلكوا في فرائضي ولم تعملوا حسب أحكامي .. من أجل أنك (الضمير يعود على جماعة بني إسرائيل) نجست مقدسي بكل مكرهاتك, وبكل أرجاسك فأنا أيضًا أجزّ ولا تُشفق عيني وأنا أيضًا لا أعفو, ثلث يموت بالوباء, وبالجوع يفنون, وثلث يسقط بالسيف, وثلث أذريه في كل ريح وأستل سيفًا وراءهم. 
ويهمنا في هذه الآيات الجزء الأخير فيها الذي هو نوع العقاب وطبيعته, نقرأه معًا ثانيًا, فنجد :
• ثلث يموت بالوباء وبالجوع يفنون. 
• وثلث يسقط بالسيف.
• وثلث أذريه في كل ريح وأستل سيفًا وراءهم.
. فالناظر إلى هذه الآية يدرك بلا عناء أن ما تبقى من الإسرائيليين وهم الثلث الأخير فيها هم؛ "وثلث أذريه في كل ريح وأستلّ سيفًا وراءهم!"
ومعنى أذرّيه في كل ريح هو شتاتهم في أنحاء الأرض, وكلمة "كل ريح" في النصوص القديمة تعني في جميع اتجاهات الأرض؛ الشمال والجنوب والشرق والغرب. 
نفهم من آية التوراة إذن أن الله حكم عليهم جزاء لعصيانهم ومخالفتهم أوامره ونواهيه, وارتدادهم لعبادة الأوثان, واقتراف الآثام, حكم عليهم بثلاثة قضاءات:
الأول : ثلث يموت بالوباء والجوع, 
الثاني: ثلث يقضى بحد السيف. 
الثالث: الثلث المتبقي يذرَّى ويشتّت في أنحاء الأرض. 
بالإضافة إلى استلال سيف وراء هذا الثلث الأخير, الذي كُتب عليه الشتات, وهذا هو التعبير الذي استخدمه الرب للإشارة إلى المذابح والقتل بالحرق والاضطهادات التي تعرض لها اليهود عبر الزمان في منفاهم؛ بالمذابح في روسيا سنة 1881م حين اتهموا بتدبير مقتل القيصر, وبالتشريد والطرد والقتتل في اسبانيا والبرتغال في العصور الوسطى, وبالحرق والقتل على يد النازي في القرن العشرين حين اصطدمت عقيدة شعب الله المختار بنزعة تفوق العرق الآري/الجرماني/النازي بحسب الرؤية النيتشوية, فكانت الغلبة للألمان بما عرف عنهم من صرامة وتفوق فكري وصناعي. 
نزل حكم الله هذا فيهم على لسان النبي "حزقيال", وكان ذلك في حدود القرن السادس ق.م, وهو القرن الذي بدأ فيه تنفيذ العقاب على يد الاستيلاء على يهودا والقدس على يد البابليين, وتدمير الهيكل ووقوع السبي, وبعد ذلك احتلال فلسطين على يد اليونانيين, ثم الرومان. إلى أن حدث لهم الشتات المذكور حين طردهم الحاكم الروماني "هادريان" من القدس ومن جميع أنحاء فلسطين عام 136م, فكان هذا هو الشتات الأكبر.
تصديق القرآن الكريم في عقابهم :
********************** 
ورد تصديق القرآن الكريم للفقرة التوراتية: "وثلث أذريه في كل ريح" في الآيات السابقة, وهو الثلث المتبقي بعد الإفناء بالوباء والجوع والسيف, وهو المقصود بالشتات وتفريقهم في أنحاء الأرض, وهو قول الله تعالى:
(وقطعناهم في الأرض أممًا منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون). سورة الأعراف/الآية 168. 
وعن استمرار غضب الله عليهم على طول الزمان, وإرسال الله أو تسليطه من يعذبهم إلى يوم القيامة وتصديقًا لآية التوراة : "أستل سيفًا وراءهم" وكذلك : "لأنكم قد أضرمتم نارًا بغضبي تتقد إلى الأبد". وهذا هو ما يصدقه قول ربنا جلّ وعلا في قرآنه الكريم :
(وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور). سورة الأعراف./ الآية 167
وذلك بسبب عصيانهم ومخالفتهم أوامر الله وشرعه واحتيالهم على المحارم.
ومع ذلك يستمر اختبار بني إسرائيل عبر الزمان, والفرصة متاحة أمامهم للتوبة والعودة إلى الطريق المستقيم, مع الشتات, وهو ما يفهم من عبارة الآية الكريمة: (وقطعناهم .. وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون). سورة الأعراف/الآية 168. 
إذن مادام الله كتب عليهم الجزاء بالشتات وعدم المكوث في الأرض التي بحسب نص التوراة كان وعدًا لآبائهم (إبراهيم, وإسحاق, ويعقوب عليهم جميعًا السلام) وليس للإسرائيليين الحاليين, فلا يحق لهؤلاء الصهاينة ادعاء ملكية أرض فلسطين. لأن الوعد بالأرض كان مشروطًا كما ذكرنا سابقًا وكذلك التفضيل كان مشروطًا وبنو إسرائيل لم يحافظوا على أي من الوعدين فوجب بموجب شروط العقد أن تنتهي آثاره فالأنبياء أرسلوا مبشرين ومنذرين؛ مبشرين المؤمنين الصالحين بالثواب والعاصين الطالحين بالعقاب!
أسئلة جديرة بالتأمل!
***************
• أين كان اليهود عبر حوالي 1800 عام, هى الحقبة الزمنية الواقعة بين عام 136م حين طردهم الحاكم الروماني "هادريان" من فلسطين, وعام 1948م عام احتلال فلسطين, وكانوا عبر هذه الحقبة الطويلة – بل من قبل ذلك بكثير؛ منذ احتلال خليفة موسى عليه السلام؛ "يوشع بن نون" لمدينة أريحا في بدايات عام 1300 ق.م – في كرّ وفرّ مع الكنعانيين/الفلسطيين. ولم يستقر لهم مقام أبدًا؟ وتصف التوراة نفسها دخول كنعان بالاحتلال! 
• لماذا لم يطالب اليهود عبر هذه السنين الطويلة بوطن لهم في فلسطين؟ في حين تؤكد المصادر التاريخية زيارة اليهود من بلاد الشتات لفلسطين, خاصة للقدس حفاظًا على شعائر الدين اليهودي والعودة من حيث جاءوا !
• لماذا اعترض كبار الشخصيات اليهودية؛ أمثال: اينشتاين, ويهودا ماجينس, وليبوڤيتش, ومارتن بوبر, وغيرهم على فكرة "الوطن اليهودي", على الرغم من المذابح التي تعرضوا لها في شرق العالم وغربه, 
باستثناء الحقبة التي عاشوا فيها في كنف الدولة الإسلامية في الأندلس وهى الحقبة التي يصفها اليهود أنفسهم بالعصر الذهبي؟ ووصفوا قيام دولة لليهود بأشدّ الأخطار على اليهود وعلى الديانة اليهودية نفسها ؟
والعقاب الذي حكم به اهة على بني إسرائيل هو الشتات والحياة في جماعات لا دولة لها كما يؤمن بذلك معظم اليهود المقيمين خارج الكيان الصهيوني والذي أشار إليه بعض كبار الشخصيات اليهودية كما سنوضح في المنشور التالي:
فلسطين عربية إسلامية ولا حق للصهاينة فيها (2. على المستوى السياسي)
************************************************
لن أضيّع وقتًا كبيرًا, على الرغم من أهمية الموضوع وحساسيته وشائكيته, في تقديم بعض نماذج تؤيد ما ذهبنا إليه, بعيدًا عن محور الدين. فحين تقع جريمة ما فإننا نلجأ للوصول إلى الحقيقة إلى عناصر أساسية أوليس كذلك؟ أهم هذه العناصر هى: جسم الجريمة, ومسرحها, وآثارها, وشهودها, ومستنداتها, وخلفياتها, وخلفيات المدعين, وغير ذلك من عناصر الكشف. 
ففي ساحة الأقصى ومسجدها المبارك, وكل فلسطين, فإننا سنحاول استجلاء بعض العناصر التي تبدو في رأي مهمة جدًا لما تقدمه من معلومات ستفيد في تكوين تصور لدى القاريء عن حقيقة النزاع الذي خلقه الصهاينة بدافع القوى الاستعمارية في القرن الماضي والقرن السابق عليه, لعوامل عدّة أهمها التخلص من اليهود وإبعادهم عن القارة الأوربية في المقام الأول وعلى حساب أي كان فهذا غير مهم في المسألة . .
1. الأثار والرحالة والحفريات 
الاستشهاد بما تُرك من آثار عينيّة في مسرح النزاع, والاطلاع على مشاهدات الرحالة عبر التاريخ, من أولئك الرحالة "بوردكس" (333م), جدير بالذكر أن هذا قبل ظهور الإسلام, والمؤرخ "ثيدورش" (1170م), والتركي "ناصر خسرو" (1407م), و"على الحارث", و"شمس الدين الأسيوطي" (1470م), و"فلكس فابري" (1480م), و"باركلي" (1850م), و"ولسون" (1866م), و"ورن" (1867م), و"شيك" (1887م), و"ابن الفقيه" (1903م), و"هولس" (1934م), و"باجتي" (1959م), وعالمي الآثار الإسرائيليين المعاصرين "آلن مازار" و"يورام سفريرس", وغيرهم من الرحالة والمؤرخين.
من أهم المصادر القيمة في هذا السند : د.إبراهيم الفني، وطاهر النمري، المسجد الاقصي والصخرة المشرفة، التاريخ- العمارة –الانفاق- الحفريات- الخطط الصهيونية، دار الشروق للنشر والتوزيع، الطبعة العربية الاولي، الإصدار الاول،2001، الأردن.
يضاف إلى ذلك نتائج نشاط علماء الآثار وخاصة ما أطلق عليه في حقبة الاحتلال الانجليزي لفلسطين "صندوق اكتشاف فلسطين" الذي تأسس في لندن عام 1865 برعاية الملكة "فكتوريا" ورئيس أساقفة "كانتربري", تحت ستار التسمية "دراسة التاريخ الطبيعي لفلسطين وآثارها وعادات سكانها وتقاليدهم", وكذلك الحفريات التي تمت تحت المسجد الأقصى في أعقاب الاحتلال الإسرائيلي للقدس عام 1967 وحتى الآن.
جميع ذلك لم يقدِّم ما يفيد عن وجود أي أثر يهودي في منطقة الحرم القدسي, وهى لبّ الخلاف, بما فيهم عالمي الآثار الإسرائيليين السابق ذكرهما.
2. آراء كبار الشخصيات اليهودية في العالم :
قراءة آراء كبار الشخصيات اليهودية الذين رفضوا فكرة الدولة اليهودية, تعليقًا على جهود الصهيونية بزعامة "تيورور هرتسل", التي بدأت بالمؤتمر الأول للصهيونية عام 1897 في بازل بسويسرا, لاحتلال فلسطين باستخدام الدين اليهودي كغطاء لتمرير جريمة سياسية, من أمثال: 
* مارتن بوبر (فيلسوف يهودي شهير), يقول (في عام 1950):
"إن المشاعر التي انتابتني حينما انضممت إلى الحركة الصهيونية قبل ستين عامًا هى نفسها التي أشعر بها الآن.. كنت أتمنى ألا تسلك تلك القومية (يقصد اليهودية) الطرق نفسها التي سارت فيه القوميات الأخرى – والتي تبدأ بآمال عريضة – ثم تتدهور لتصبح أنانية مقدسة ..وعندما عدنا إلى فلسطين كان السؤال الملح هو :
"هل تريد أن تأتي إلى فلسطين كصديق, أم كأخ , أم كعضو في جماعة شعوب الشرق الأوسط, أم كممثل للاستعمار والامبريالية؟
* ألبرت أينشتاين, عالم الذرة اليهودي الشهير وصاحب نظرية النسبية حيث يقول (في عام 1935):
"في رأي أنه من المنطقي أن نصل إلى اتفاق مع العرب لبناء أساس حياة مشتركة سليمة أفضل من أن ننشيء دولة يهودية ..إن إحساسي باليهودية يتعارض مع فكرة إقامة دولة يهودية ذات حدود وجيش ومشروع سلطة دينية مهما كانت تلك الفكرة بسيطة. إنني أشعر بتخوف من الخسائر الداخلية التي ستعاني منها اليهودية بسبب تنمية مشاعر القومية المركّزة في صفوفنا".
* يهودا ماجينس, رئيس الجامعة العبرية بالقدس يقول في خطابه بمناسبة بدء الدراسة بها عام 1946:
"صوت اليهود الجديد يتحدث بلسان البنادق..تلك هى التوراة الجديدة, لقد ارتبط العالم بجنون القوة المادية, ولكن السماء لن تحمينا من أن ترتبط اليهودية وشعب إسرائيل بذلك الجنون, إننا لا نستطيع أن نوقع عقدًا مع 
مجتمع أصبحت فيه القومية عقيدة مفروضة..وفي ضوء رؤيتنا العالمية لتاريخ المصير اليهودي, ولأننا قلقون على الوضع الأمني لليهود في مناطق أخرى من العالم, فإننا لا نستطيع أن ننضم إلى الاتجاه السياسي الذي يسيطر على البرنامج الصهيوني الحالي, ولن نؤيده. إننا نعتقد أن القومية اليهودية تعمل على خلق الفوضى بين شركائنا فيما يخص وضعهم ودورهم في المجتمع وتحرف من دورهم التاريخي: وهو الحياة داخل مجتمع ديني في أي مكان يتواجدون فيه".
* رجاء جارودي, المفكر والفيلسوف, الذي كان في بداية حياته يهوديًّا، ثم أصبح بروتوستانتيًّا, وأخيرًا اعتنق الإسلام عام م1982: 
"بالنسبة لي شخصيًا فإنني لم انتبه إلا مؤخرًا للتعارض الراديكالي بين الصهيونية واليهودية, والتناقض الأساسي داخل الصهيونية: فقد نشأت القوميات في أوربا في القرن التاسع عشر واعتنقها "تيودور هرتسل", ولايجاد مبرر قوي لها احتاجت تلك العقيدة السياسية التي أطلقها العلمانيون أمثال هرتسل نفسه, وبن جوريون وجولدا مئير وكل المؤسسين للصهيونية, إلى استعادة النصوص التوراتية لأرض الميعاد, لم يكن من الممكن إذن أن يتطوروا إلا بمساعدة أكثر العبارات تطرفًا في التوراة من أجل إقناع العالم أن أرضًا مغتصبة هى أرض الميعاد!, إنهم يطالبون بملكية تلك الأرض التي يزعمون أن الله – الذي لا يؤمنون به – منحهم إياها. وبالنسبة لي فلم أتمكن من فهم ذلك التناقض إلا بعد أن تعاملت مع نتائجه الإجرامية منذ 1933 ومن خلال قرائتي للكتاب المقدس دخلت إلى العائلة الإبراهيمية العالمية الكبرى ولم اتخل عنها منذ ذلك الوقت. فقد تعلمت من تضحية إبراهيم أن القيم الصغيرة التي نتبانها ومنطقنا المحدود لا يستوعب كل تلك القيم النهائية والإلهية التي تتجاوزنا. لقد تعلمت من نصوص سفر الخروج ما أطلق عليه فيما بعد "لاهوت التحرير", بالنسبة إلى كل ما له علاقة بعمليات القمع والاستبداد. وتعلمت من سفر "يشوع"أن الرجل الذي يسكن فيه الله هو رجل لا يقهر وهو قادر حسب النص الديني – أن يوقف حركة الشمس أو أن يدمر الشر بين البشر, وذلك رغم أن النص كتب باللغة البدائية لذلك العهد, لأن الإله لا يتحدث إلى الإنسان إلا من خلال الرموز والإنسان لا يتحدث عن الله إلا بالتعبيرات المجازية. ومن خلال الإيمان العميق بذلك وخلال وجودي في معسكرات الاعتقال مع "برنار لوكاش" مؤسس منظمة ليكا (التي أصبحت فيما بعد ليكرا), قمنا بتنظيم حلقات دراسية سريّة طوال الليل لدراسة أنبياء إسرائيل. وبعد فترة بدأت أدرك قيام الصهيونية بتحويل الأساطير الكبرى إلى تاريخ غير صحيح بهدف تبريرسياسة قومية عنصرية للتوسع الاستعماري. فلقد تحول العهد العظيم الذي قطعه إبراهيم لتحقيق الاتحاد بين الله والإنسان, وبين "كل عائلات الأرض" كما يقول الكتاب المقدس, إلى مجرد "عهد بأرض"! وذلك حسب الطقوس القبائلية السائدة لدى كل آلهة كنعان في ذلك الزمان! 
وتحولت المعجزة الكبرى للخروج, النموذج الأول لكل حركات التحرر العالمي, إلى مجرد معجزة على قوة "رب الجيوش"! ورب الانتقام! الذي يدعو إلى ذبح الشعوب الأصلية رجالا ونساء وشيوخًا وأطفالا, بل وحتى الحيوانات !
ويستطرد قائلا: عندما كنت أستمع إلى البرنامج الديني اليهودي الذي يذاع في التليفزيون الفرنسي كل صباح, والذي تذاع فيه أحاديث عن الصفات الأخلاقية والروحية ليشوع (ذكرنا أن يشوع هو خليفة موسى, وهو الذي تنسب له التوراة فتح أريحا قديمًا والقضاء على كل من فيها بحد السيف)!, أجد نفسي مضطرًا لأن استخلص أن تشويه الرموز في النصوص الدينية يؤدي إلى الجريمة. ويجب أن نقول لهذا النوع من المنشقين, ما قاله "جان جاك روسو" في روايته "إميلي" :
"إلهكم ليس إلهي, فمن يختار شعبًا واحدًا من أجل تدمير كل الشعوب الأخرى فهو ليس إله البشرية كلها"
* س. و. بارون, يقول في كتابه "كتاب تاريخ إسرائيل" : 
لم يكن لليهود دولة قائمة إلا لفترات قصيرة نسبيًا وقد تحررت الأمة اليهودية تدريجيًا من فكرة وجود الدولة والأرض .. وهذا الشعب الذي كان في عهد موسى لا يملك دولة ولا أرضًا فقد كان حينذاك أسعد حالا".
* أستير بنباسا, كاتبة وباحثة يهودية شهيرة تعيش في فرنسا وجهت نداء من أجل "طريق يهودي ثالث"، و"صوت يهودي مختلف"، مناشدة من ورائه "البحث عن إسرائيل أخرى" و"الخروج من حتمية دعم يهود الشتات لإسرائيل بشكل مطلق وبلا شروط", من خلال كتابها الجديد "معنى أن تكون يهوديًا بعد غزة" والذي صدر بباريس نهاية شهر سبتمبر 2009.
وغير ذلك كثير من الآراء التي ترى في إسرائيل الخطر المحدق باليهود واليهودية برمتها.
3. دول كانت مرشحة للوطن اليهودي!
من الثابت تاريخيًا أن فلسطين لم تكن هى المكان الوحيد المرشح كوطن قومي لليهود فقد كانت هناك بدائل عدة لذلك منها, العراق, وجانبي نهر الأردن, وليبيا, والأرجنتين, واستراليا, وكان الاقتراح الأكثر جدية هو إقامة حكم ذاتي يهودي في أوغندا, وقد أعلن ذلك وزير المستعمرات البريطاني في أبريل 1903، بعد مذبحة "كشينيڤ" التي تعرض لها اليهود في تلك المدينة (ذكرت قصيدة المذبحة للشاعر اليهودي الكبير حاييم نحمان بياليك – في المنشور المتعلق بالمستوى الديني)، والتي كانت ذروة مطاردة اليهود في الإمبراطورية الروسية آنذاك، مما أدى إلى هجرة أعداد كبيرة من يهود شرقي أوروبا إلى غربي أوروبا وأمريكا والشرق الأوسط. وكان من جراء ذلك أن أرسل المؤتمر الصهيوني العالمي في جلسته السادسة بعثة إلى أوغندا لبحث الاقتراح، أما في الجلسة السابعة (1907) فرفضها لأسباب وطنية وتاريخية ومشيرا إلى التقرير المخيب الذي عرضته البعثة. كانت فلسطين وقتها تحت السيطرة العثمانية، وبشكل أوسع، عندما آلت السلطة للاحتلال البريطاني.
وهذا يؤكد بما لا يدع مجالا للشك في استخدام اليهود المشاعر الدينية لليهود في دفعهم لتأييد فكرة الدولة اليهودية في فلسطين.
4. مؤلفات ضد الصهيونية
كثير من المؤلفات التي تؤكد تعارض الصهيونية مع الدين اليهودي, مثال:
* وصمة العار الصهيونية .. من مصادر الصهيونية وفسادها في العالم, بقلم: لوسيان كارفوديماس, 1972.
* اليهودية عدوّ الصهيونية, إيمانويل ليڤين, 1968.
* مقالات في مجلة الأزمنة الحديثة لـ جون بول سارتر لعدد من الكتاب اليهود, بعنوان " إسرائيل الثانية", ترجمة فؤاد حداد, 1981.
* المشكلة السفاردية, بقلم شموئيل تريفانو.
* سقط الحساب, آرييه إلياڤ.
* الفكر الحديث للقومية اليهودية, جواب سيفرادي.
* المنفى في العودة, شالوم كوهين.
* أحمد محمد فضل, إسرائيل ومصير الإنسان المعاصر.
ولمزيد من المعلومات عن حقيقة المؤامرة الأوربية في استخدام اليهود لاحتلال فلسطين فليقرأ كتاب الكاتب الفرنسي "جاك سوستيل" المعنون بـ "مسيرة إسرائيل الطويلة"! وكتاب "تيودور هرتزل" مؤسس الصهيونية "الدولة اليهودية".
وهذه مجرد نماذج من مئات الكتب والمقالات تتناول موضوع استخدام الدين في السياسة وما ينتظر من زرع إسرائيل في فلسطين بدعوى "أرض الميعاد", من أخطار لا تحمد عقباها, خاصة أن المحيط العربي المحمّل بالمشاعر الدينية الصادقة, ومهما بلغت درجة تخبطه وتخلفه, في نظر اليهود والغرب, لابد أنه سيبلغ درجة يصعب معها إعادة عجلة استعادة حقوقه في فلسطين إلى الوراء. 
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية/كلية اللغات والترجمة/جامعة الأزهر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق