القبالاه وأسرارها الخطيرة
في اليهودية . . أهى حقيقة أم خيال؟
..........................................................................................
הקבלה וסודותיה החמורים ביהדות
. . אמת או דמיון ?
هل بعض الموضات كتهدل البنطال عند الشباب, ووضع رموز
وشارات كالخيط الأحمر يُلفّ على المعصم وغير ذلك لدى الشباب العربي, هل هو من أسس القبالاه
؟
وهو ما بدأته المغنية "مادونا", و"ماريا
كاري"؟
وهل القبالاه هى مذهب فكري أو ديني ؟
أرجو أن يتسع صدر القاريء
الكريم وان يتسلح بالصبر لقراءة هذا الموضوع الشائك, لما يشكله من اهميّة بالنسبة للمصريين
في المقام الأول.
صدر كتاب بعنوان "صوت
ينادي" لـ "رفائيل بار شيم" عن أسرار الغيب, وعلوم الـ "زوهار"
و الـ "قبّالاه", في اليهودية. فما هو الزوهار؟ وما هى القبّالاه ؟ وماذا
تشكل أهميتهما في اليهودية حتى تتم الدعوة لتعلمهما ؟ وعلاقتهما بالحكمة, والفهم, والمعرفة؟
فالـ "زوهار"
هو كتاب أساسي لنصوص القبالاه, يعود تاريخ ظهوره إلى القرن الثالث عشر الميلادي. والاسم
"زوهار" , في العبرية, يعني: البريق, الإشراق, السطوع, الضياء, الوهج,
...الخ.
تنسب المصادر الأرثوذكسية
الكتاب إلى رابي "شمعون بار يوحاي", وهو أحد معلمي "المِشْنَا",
وزملائه, من القرن الثاني الميلادي. وتذكر المصادر أن "موشيه دي ليون" هو
من عثر على الـ "زوهار" في القرن الثالث عشر الميلادي. وتذكر أقوال متفرقة
أن دي ليون هو المؤلف الحقيقي لكتاب الزوهار. إذن من هذا التضارب لا نعرف بالضبط مصدر
الـ "زوهار" !
ويدور جلّ كتاب الزوهار
حول تفاسير وشروح عن ماهية الإله, وكيفية ظهوره لمخلوقاته, وأسرار الصفات الإلهيه,
والروح وطبيعتها, ومآل الصالحين والطالحين, ومسألة الخلاص الذي ينتظره اليهود. ويحتل
كتاب "الزوهار" عند بعض اليهود مكانة أسمى من مكانة التلمود.
يعتمد "بار يوحاي"
في حديثه عن ماهية الإله على آية النبي "حزقيال" (نبي المنفي حيث أُسِر مع
المسبيين سنة 586 ق.م وسيق إلى بابل) التي تصف "مركبة الرب" :
"وفوق القبة البللورية
التي على رؤوسها شبه عرش كمنظر حجر العقيق الأزرق, وعلى شبه العرش شبه كمنظر إنسان
عليه من فوق".
وفي جزء بعنوان "مجلس
بيت المسكن" يتحدث رابي بار يوحاي مع ثلاثة من تلاميذة عن أسرار الصلاة بناء على
الآيات التي تورد تفاصيل صناعة المسكن "خيمة الاجتماع".
كما يتناول بار يوحاي في
حديثة القصور السبعة في الجنة, المحجوزة للصديقين , وطبقات جهنم السبعة التي تنتظر
الأشرار.
وأورد الكتاب سيرة بعض الشخصيات
التي تتمتع بقدرات خاصة, مثل راب "يبَّا سبَّا" الصدِّيق الخفي, و"هاينوكا"
العجيب ابن راب "هامنونا" الذي يمكنه منذ نعومة أظفاره الكشف عن أسرار التوراة
ومكنوزاتها. وقصة لقاء بار يوحاي ورفاقه في جنة عدن براب "متيڤتا", وهو رئيس
المجمع العلوي الذي تحدث معهم عن شئون العالم الآتي وعالم الروح.
ويورد كتاب الزوهار وصف
للحظات الأخيرة من حياة رابي "شمعون بار يوحاي"و بينما كان يسرّ لتلاميذه
بعض الأسرار التي عجز عن البوح بها من قبل بسبب رهبة قداستها, وينتهي أجله حين نطقه
لكلمة "حياة".
وكما هو واضح من موضوعات
كتاب "الزوهار" يتبين لنا أنه يناقش مسائل غيبية, وهذه الغيبيات مما لم يرد
في نصوص التوراة المعروفة. في مسائل مثل الجنة, والنار, والروح, والبعث, والنشور, والحساب.
وكلها قضايا لم يرد شيئ عنها صراحة في التوراة. وربما لهذا السبب تحاول بعض المدونات
المتأخرة تعويض هذا النقص في نصوص التوراة التي بين أيدينا.
أما القبالاه, فهى كلمة
عبرية أيضًا تعني: (التلقي, والاستلام), وأصبحت تطلق على التصوف اليهودي وهو تفسير
التوراة بالمعاني الباطنية للنصوص وليس بظاهرها.
ظهرت "القبالاه"
في إسبانيا وجنوب فرنسا بين القرنين الثاني عشر والخامس عشر الميلاديين, وتابعت مسيرتها
في مدينة "صفد" في القرن السادس عشر. تسمى القبالاه أيضًا "قواعد الغيبيات"
لأنها مبنية على التمييز بين الظاهر, الظاهر في العالم وفي التوراة, وبين الباطن فيهما.
فللتوراة معانٍ ظاهرة يستطيع كل "إسرائيلي" أن يفسرها ويفهمها عن طريق العقل
والتراث اليهودي. بينما هناك معاني باطنة, هي المعاني السرية أو الغامضة للعالم والتوراة,
وهذه هى أسرار التوراة التي لا تتاح إلا لقلة قليلة من العارفين بالأسرار.
وتهتم القبالاه أو القبَّالة,
أو الكبالا بماهية الإله, وخلق العالم, والثواب والعقاب, والمنفى, والخلاص. ويحظى هذا
القسم الأخير, المنفى والخلاص, بمكانة خاصة في القبالاه التي تطورت مفاهيمها في صفد
في القرن السادس عشر.
ومن الموضوعات المركزية
في القبالة العلاقة المتبادلة بين أعمال الإنسان في الدنيا وبين العوالم العلوية –
الآلهة. فطبقًا للقبالاه فإن بقاء العالم مرتبط بالـ "فيض" الإلهي الصادر
من العوالم العلوية إلى عالمنا الأرضي. وهذا الفيض مرتبط بأعمال الإنسان؛ الخير والشر.
وكان لأفكار المعارضين للنمط
التقليدي لتفسير التوراة, الذين أدخلوا المنهج الفلسفي في الكتابات الدينية اليهودية
وطريقة تفسير النصوص - أكبر الأثر في تمهيد الطريق لظهور حركة "القبّالاه"
للبحث عن وسيلة دون الفلسفة لمعرفة ماهية الرب والعالم.
ومن فكر القباليين أن الرب
كما كان يشتمل على الذكر والأنثى !, فإنه أيضًا كان يشتمل على الخير والشر! وتخلص من
الشر بخلق العالم, وأصبح الشر بعد خلق العالم في الناحية السفلى, ويقابله في الناحية
العليا عالم الخير. ويسيطر الشيطان على الناحية السفلى.
وقد كان لانتشار الفكر الفلسفي
في كتابات علماء اليهودية أثره البالغ في العقائد, وقد تعارض هذا الفكر أحيانًا مع
ما ورد في "التناخ/كتاب العهد القديم" والتلمود. كما قامت حملات ضد أفكار
هؤلاء الذين صبغوا الفكر الديني اليهودي بالفلسفة, ووصل الأمر إلى أن بعض رجال الدين
اليهودي حرّموا قراءة هذه الكتابات واعتبروا أن بعض ما جاء فيها هو نوع من الزندقة
والكفر بالـ "التناخ" والتلمود.
(يتبع)
د. سامي الإمام
أستاذ الديانة اليهودية/جامعة
الزهر.
ملحوظة: بالصورة رسم تخيلي عن علوم الخيال في إشارة إلى مركبة النبي "حزقيال" التي كانت "مركبة الإله" ! وكما هو مدوِّن فغنها تتميز بالبعد العاشر وهو تقدم لم تصل البشرية إليه بعد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق