هدف الاحتلال : قهر وذل
"إذلال الشعب وحرمان أبنائه من نور التعليم"؛ حيث تتعم
د قوات الاحتلال دائما ممارسة كل ما تستطيع من مظاهر الذل والتنكيل بالشعب الفلسطيني, ولم يسلم الطالب الفلسطيني بالطبع من هذه الممارسات كونه جزء من هذا الشعب المناضل.
فقد تعرض الطالب في غزة في جميع مراحله المختلفة إلى كثير من الاعتداءات والانتهاكات ليس أولها مداهمة المدارس وملاحقة الطلاب وضرب المعلمين واعتقالهم أمام أعين طلابهم, مروراً بتداعيات الانتفاضة الثانية "انتفاضة الأقصى" والحواجز التي أقامتها جنود الاحتلال لكي تمزق أوصال القطاع إلى أقسام تسيطر على حدودها عبر المعابر والحواجز العسكرية بالإضافة إلى إغلاق المعابر الحدودية وحرمان الطلبة من فرصة الالتحاق بالجامعات العربية والأجنبية لنيل شهادات البكالوريوس والدراسات العليا, وليس آخرها قصف 67 مدرسة في الحرب الأخيرة على غزة بالإضافة إلى الجامعة الإسلامية إحدى أكبر الجامعات الفلسطينية, وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها الجامعات الفلسطينية للقصف.
معاناة المعبر ... أهو مفتوح أم مغلق ..؟!
الحواجز أو المعابر، كلها كلمات لذلك المكان الذي يشهد على عنجهية وجبروت الاحتلال، لما يمارسه من إذلال وتحقير وتهميش لشعب بأكمله لا لشيء سوى أنه يريد العيش وبكرامة.
عاش الشعب الفلسطيني في غزة تحت وطأة الحواجز ما يقارب الخمس سنوات منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 وحتى جلاء الصهاينة عن القطاع عام 2005 , كان فيها هاجس الحاجز هو الشغل الشاغل لسكان المنطقة الجنوبية من قطاع غزة خصوصا الطلاب الذين كانوا ملتحقين بالكليات والجامعات في مدينة غزة.
فقد قامت قوات الاحتلال بفصل محافظة غزة عن وسطها بإغلاقها مفترق الشهداء، و الطريق الساحلي جنوب المدينة، إلى جانب إغلاقها لحاجزي المطاحن و أبو هولي على طريق صلاح الدين، شمال مدينة خان يونس، واللذين يفصلان جنوب القطاع عن وسطه وشماله.
عانى الطلاب في هذه الفترة الكثير الكثير, ما بين انتظار بالساعات على الحاجز وتضييع للأوقات وضياع للمحاضرات وعدم انتظام في الدراسة ناهيك عن التفتيش والاعتقالات والتعرض لإطلاق النار وأخيرا الحرب النفسية, فهذه الأوضاع تؤثر بطبيعة الحال على السلوك الطبيعي للإنسان ، فيصبح السلوك رهناً بظروف الإغلاق، حيث تتأكد لدى الإنسان حالة من الكسل والإحباط واللامبالاة أحياناً، بينما ترسخ في عقله فكرة عدم القدرة على التنقّل أو الإنتاج، أو ممارسة الحياة الاجتماعية الطبيعية، وكل هذا يخلق معيقات أمام التنمية وإحداث التطوير. فكان على الطلاب إما أن يستسلموا لهذه المعيقات أو أن يتجاهلوها حتى يستطيعوا الاستمرار في بناء مستقبلهم .
صور من المعاناة على لسان أبطالها:
• يقول أحد الطلاب عن تجربته: كان ذلك كابوسًا لا ينسى عندما أجبره جنود الاحتلال على حاجز أبو "هولي" أن يخلع ملابسه وأن يمشي خطوة كل خمس دقائق ليقطع مسافة مائتين وخمسين مترًا. وبعدها قرر ألا يعود لمدينة خان يونس إلا بعد أن ينهي الفصل الدراسي.
وكان هذا حال الكثير من الطلاب والطالبات الذين اضطروا لاستئجار شقق سكنية بغزة لكي يرحموا أنفسهم قليلا من جحيم الحاجز "حاجزي أبو "هولي" و"المطاحن", فأصبحوا في غربة عن أهلهم رغم أنهم لا يبعدون عنهم سوى مسافة ساعة إلا ربع بالسيارة - أو أكثر قليلا! وكانوا لا يرونهم إلا في الإجازة الأسبوعية, هذا في حال كان الحاجز مفتوحًا, فأحيانا كثيرة كان يمتد إغلاق الحاجز إلى شهور!, وكم من ليلةٍ اضطروا فيها للمبيت على الحاجز حتى لا يذهب دورهم فلعل الحظ يحالفهم ويكونوا أول الداخلين عندما يفتح الحاجز, وكم من مرة اضطروا فيها للسير على أقدامهم وهم يحملون حقائبهم وأمتعتهم لعدة كيلومترات لكي يستطيعوا الوصول إلى جامعتهم بعدما جرّفت الجنود الطرقات وأقامت الحواجز الطارئة على الطريق ما بين غزة والوسطى, والذي غالبا ما يكون تحت النيران الإسرائيلية التي تطلقها الدبابات المتمركزة على الحاجز الإسرائيلي, وكم من عيدٍ مرّ عليهم وهم بعيدون عن أهلهم بسبب "الحاجز"..
• يبدأ يومنا بخبر استشهاد أطفال في غزة نتيجة قصف إسرائيلي لكننا لا نجد الوقت كي نبكيهم فهناك شهداء في جنين أو طولكرم لم يستطع ذويهم أن يحصلوا على جثثهم حتى يدفنوها أو اجتياحات في مناطق رفح أو ببساطة عمليات اعتقال لخمسين أو ستين ممن لا تتعدى أعمارهم عن 16 عاما تسميهم إسرائيل "مطلوبين". والحمد لله ينتهي يومنا بخبر إغلاق أو طوق أمني مما يعني "بهدلة! " على حواجز جديدة وتوتة توتة تبدأ الحدوتة.
• حواجز، جوازات سفر، نقاط تفتيش، وأمور أكثر تعقيدًا.. المشكلة أن الاحتلال يحاول أن يتحكم حتى في رغيف الخبز حتى في نسمة الهواء الملوثة بأزيز الطائرات، فالحواجز بمعناها الإنساني كما أراه محاولة من الاحتلال لأن يمنعنا من تحقيق أحلامنا وطموحاتنا. عن تجربتي الشخصية، كنت ادرس في جامعة الأزهر في غزة في فترة الانتفاضة، ولكن بسبب صعوبة الحواجز اضطررت أن انسحب من الجامعة وادرس في جامعة قريبة في مدينتي رفح، لأنني لست على استعداد لأن اعبر حاجز أبو هولي الساعة الرابعة عصرا، وتكون المحاضرات قد انتهت لتوها أو لأنني ولسوء طالعي نسيت يوما داخل هويتي نقودا تتعدى الخمسين دولار لأفاجأ بعد التفتيش أن الجندي الإسرائيلي قد أخذها ولم يستبق لي شيئا... من أجمل ما قال محمود درويش:
أقرأوا القصيدة :
كل قلوب الناس جنسيتي فلتسقطوا عني جواز السفر،
منقول من مواقع ومنتديات عدة ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق