تذكر المصادر العبرية أن
اليهود تمتعوا في بابل بحياة كريمة وتمتعوا بحكم ذاتي في شئون الحياة الاجتماعية. وورد
أنهم في بداية القرن الأول الميلادي كانت لهم مملكة في "نِهَارْدِعَه", وكان
ذلك دافعًا لازدهار الحياة الفكرية وتطور التعليم الديني التوراتي. وفي حقبة الأمورائيم/مفسروا
التلمود (منذ انتهاء المشنا في القرن الثالث وحتى انتهاء القرن السادس الميلادي), تم
تدوين أحد أهم النتاجات الأساسية في اليهودية – التلمود البابلي, الذي يلخص حوارات
في الأمور الدينية والدنيوية تمت في مدارس بابل الكبرى: مدرسة "سورا", ومدرسة
"فومْبِيدِيثَا", ومدرسة "نِهَارْدِعَه".
يذكر – بحسب المصادر العبرية
- أن أحد أهم عوامل استقرار الطائفة اليهودية في بابل, هو أن الأقليم حكم منذ القرن
الثالث فما بعده بواسطة الإمبراطورية الساسانية الفارسية, التي تصدت لغزوات البيزنطيين
والعرب, ومنحت حكمًا ذاتيًا لليهود أثناء حكمها, وبذلك توفر جوًا آمنًا ليهود إسرائيل
الذين كانوا مطاردين خاصة بعد أن أصدرت السلطات البيزنطية أمرًا بإغلاق السَنْهِدْرِين
(محكمة الأحبار العليا) سنة 363م, الأمر الذي أدى إلى فرار كثير من اليهود إلى خارج
فلسطين.
وحتى بعد انتهاء تدوين التلمود
استمر تطور الدراسات التوراتية في بابل بفضل السبورائيم (المفسرون), وفي أعقابهم الجاءونيم
(علماء في شئون الدين), الذين أخرجوا وطوروا صورًا جديدة للأدب التشريعي المسماة بأدب
الاستفسار/السؤال والجواب, الذي كان معبِرًا عن مراكز توراتية في أماكن أخرى, كإسبانيا.
كان رئيس الطائفة اليهودية في بابل الذي مثّل اليهود لدى السلطات الفارسية كان معروفًا
باسم "رأس الجالوت", أي رئيس الجالية اليهودية في بابل.
(يتبع)
د. سامي الإمام
أستاذ اللديانة اليهودية/كلية
اللغات والترجمة/جامعة الأزهر.
ملحوظة: بالصورة صفحة من
صفحات التلمود ويبدو في وسط الصفحة النص الأساسي, وحوله شروح وتفاسير الحكماء المعلمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق